وتصاعدت وتيرة التقدم فى العلاقات السودانية الفرنسية منذ الاجتماع الثنائي الذى جمع الرئيس عمر البشير مع نظيره الفرنسي جاك شيراك العام الماضى بباريس ثم اجتماعهما على هامش القمة الافريقية الفرنسية التى استضافتها مؤخرا الكاميرون . وجاء التقدم الكبير فى علاقات البلدين بعد الزيارة الناجحة التى قام بها قبل اكثر من عام وزير التعاون الدولى الفرنسى واخيرا زيارة وزير التجارة فى حكومة شيراك على رأس وفد كبير من المسئولين الفرنسيين ورجال المال والاعمال الى الخرطوم الشهر الماضى . وقال وزير الخارجية السودانى د/ مصطفى اسماعيل ان دوفيلبان سيجرى خلال زيارته مباحثات حول الاوضاع فى السودان والعلاقات الثنائية والتطورات الافريقية معتبرا ان الزيارة ستتيح لنظيره الفرنسى الوقوف عن قرب على التطورات السياسية والاقتصادية فى السودان. و! اضاف اسماعيل ان بلاده تسعى للحصول على صفة مراقب فى منظمة الفرانكفونية ويعول على فرنسا بوزنها الكبير لقبوله فى المنظمة .
وذكرت مصادر سودانية ان زيارة دوفليبان تاتى لتفعيل تفاهمات سابقة بين البلدين وتعاون كبير سينطلق مستقبلا واخر بدأ بالفعل فى مجالات انتاج الكهرباء وصناعة السيارات وتعدين الذهب واستخراج النفط. واضافت المصادر ان تطور علاقات بلادها بفرنسا يعد امرا مهما انطلاقا من مكانتها الدولية وتاثير نفوذها فى دول الجوار الافريقى للسودان. ويرى المراقبون ان زيارة دوفيلبان تكتسب ابعاداً اهم بكثير من مجرد اقتصارها فى دفع العلاقات الثنائية ويشددوا على انها تدشين حقيقى لانهاء الحصار المضروب على السودان باعتبار ان زيارة مسئول اوروبي بمستواه لا تتم لبلد عليه تحفظات وموضوع تحت مجهر المراقبة الدولية لسياساته وسلوكياته فضلا عن كونها تأتى مع وضع اللمسات الاخيرة لسلام السودان .
ويعتقد المراقبون ان الزيارة تعنى ان هناك استعدادا فرنسيا كاملا للمساهمة الفاعلة فى دعم السلام وبناء ما دمرتة الحرب الاهلية الطويلة فى الجنوب بجانب لعب دور فى معالجة التمرد الجديد فى دارفور بفضل العلاقات القوية بين فرنسا وتشاد التى تلعب دورا رئسيا فى الوساطة بين الحكومة و المتمردين . والاهم من ذلك كله بالنسبة لزيارة دوفيلبان ان الولايات المتحدة الراعي الاول لعملية السلام فى السودان تبدو حتى الآن مرحبة بالمساهمة الفرنسية بيد ان محللين سودانيين لا يستبعدون ان تنشأ حساسيات بين البلدين بشأن السودان فى المستقبل لكنهم مع ذلك يجزمون بان بلادهم لن تتضرر من هذه الحساسيات اذا نشأت . ومهما يكن من امر فان العلاقات السودانية ظلت تاريخيا تحافظ على مؤشر توازنها وظلت الخرطوم ولا تزال تراهن على باريس فى ابعاد اي نكبات قد تواجهها فى علاقاتها الدولية. ويبدو ان الرهان ال! ذى كان لافتا عندما سلمت حكومة البشير وهى فى قمة حصارها الدولى لفرنسا الارهابى كارلوس كان موفقا وقاد اخيرا الى اهتمام فرنسى غير مسبوق حيث توالت مواقف الاخيرة الدولية الايجابية تجاه السودان خاصة فى جانب علاقاته مع صندوق النقد الدولى و جدولة ديونة كما ان باريس لعبت دورا مؤثرا فى تفعيل الحوار السودانى الاوروبي وتطبيع علاقات الخرطوم مع دول الاتحاد. وتأتي زيارة دوفيلبان عقب زيارة مماثلة الي تشاد ما يعكس رغبة فرنسية في لعب دور في البحث عن حلول لمأساة دارفور وهي أربع ولايات سودانية متاخمة مع الحدود التشادية من جهة وفي مواجهات محادثات السلام السودانية التي استؤنفت في نيفاشا الكينة من جهة ثانية .