النادي الصحفي
بون
القضايا:
1- عملية السلام السودانية الحالية.
2- قضايا لا تقبل التقسيم:
v السلام
v الحرية
v الديمقراطية
v القسمة العادلة للسلطة والثروة
3- تطورات النزاعات المسلحة في المناطق الأخرى من السودان.
4- دور الوسطاء.
السلام في الجنوب
لقد ظل السعي لإحلال السلام في الجنوب متصلا من قبل الحكومات المتعاقبة منذ اندلاع النزاع قبل أشهر من استقلال السودان ولكن لم يتم التوصل إلي سلام شامل ودائم بل وأمتدت الحرب لتشمل مناطق أخري من البلاد.
وخلال فترة الحكم الحالية بدا السعي للسلام منذ يوليو 1989 حيث عقدت محادثات مع الحركة الشعبية لتحرير السودان (الفصيل الرئيسي والفصائل الأخري) في أماكن مختلفة حول العالم من بينها أديس أبابا 1989, فرانكفورت 1991, أبوجا 1992-1993, كمبالا 1993 ومن ثم تحت رعاية منظمة الإيقاد فيما عرف بمبادرة الإيقاد والتي بدأت في سبتمبر 1993.
وفي إبريل 1997 تم توقيع إتفاقية الخرطوم للسلام بين الحكومة وفصائل من الحركة الشعبية يقودها الدكتور رياك مشار. وفي تلك الإتفاقية تم الإتفاق علي حق تقرير المصير لجنوب السودان بالإضافة إلي عدد من البنود المتعلقة بالقضايا السياسية والإقتصادية والإجتماعية وقسمة السلطة والثروة. ولقد شكل السلوك السلبي تجاه الإتفاقية والجنوب عامة إضافة لإنعدام الإلتزام بتطبيقها جزءاً من القضايا الكبيرة التي أدت إلي مفارقتنا للحكومة والإنشقاق مع الحزب الحاكم.
وفي ديسمبر 1999 أعلن رئيس الجمهورية بصورة غير دستورية حالة الطوارئ التي حل بموجبها الجهاز التشريعي, المجلس الوطني, وكذلك المجالس التشريعية الولائية وتم إعفاء الولاة المنتخبون وإبدالهم بأخريين معينين في خرق فاضح لدستور 1998 والمرسوم الدستوري الرابع عشر (تطبيق إتفاقية السلام 1997). وبالتالي تم خرق الإتفاقية ومنح مزيد من المصداقية للمقولة التاريخية حول"الخرق المتواصل للعهود تجاه الجنوب من قبل الحكومات في الشمال". وهكذا أصبحت هذه المحطة معلماً بارزاً في سجل هذه الحكومة من حيث المصداقية وكنتيجة لهذه الأحداث فقد عاد غالب الموقعين علي الإتفاقية إلي الأحراش وتوحدوا من جديد مع الفصيل الرئيسي للحركة الشعبية.
ومن المدهش أن غالب فريق التفاوض الحكومي الحالي في كينيا هم ذات المجموعة الذين كانوا سلبيين للغاية تجاه الحل السلمي للنزاع و يعملون لتقويض الإتفاقية وإي محاولات لتطبيقها وهذا يشرح تشككنا ليس فقط عما تنتج عنه هذه المفاوضات بل وإي تطبيق مستقبلي كذلك.
كون هذه المفاوضات تدور بين الحكومة والحكة الشعبية مع إستبعاد القوي السياسية السودانية الأخري يعطي مزيداً من الوزن للشكوك حول إستمرار السلام بالبلاد. وليس سراً أن غالب وفد التفاوض الحكومي من أجهزة أمن الدولة ولذلك التعامل مع المسألة يتم النظر إليها كمشكلة أمنية بينما تتمتع القضايا الحقيقية بأولوية أقل.
وأخطر قصور في المسألة كلها أن الشعب السوداني لا يعلم إلا القليل حول هذه المحادثات مما تورده أجهزة الإعلام المحلية التي تتعرض للرقابة والضغط الكثيف من الأجهزة الأمنية ولذلك تم إيقاف ومصادرة وتهديد عدد من الصحف المستقلة مثل الوطن والخرطوم مونيتر وألوان بسبب محاولاتهم في نشر الآراء المستقلة أو حتي الوثائق الخاصة بالتفاوض. بل حتى موقع الأخبار اليومي, سودانايل والذي يحرر من الخرطوم لم يسلم من التهديد.
إننا لا نود أن نقوض مسيرة السلام بإلقاء الضوء علي هذا القصور وبالفعل إذا ما تم تحقيق سلام دائم فسينال ترحيباً قوياً.
ويبدو أن كلا الطرفين المتفاوضين يدرك هذه المعوقات ولكن كلا الطرفين يلقي باعتماده علي الولايات المتحدة. فالحكومة تعتقد أنها أصلحت من موقفها لدي الولايات المتحدة خاصة في الحرب ضد الإرهاب رغم أن بعض الدوائر في الولايات تعلم أن عدد من أعضاء الحكومة ومفاوضيها قد تورطوا في أعمال إرهابية.
وهذا قد يوضح التهافت الحكومي علي الذهاب إلي واشنطن ليس فقط من أجل حفل التوقيع النهائي المتوقع ولكن كذلك من أجل الحصول علي الرضاء وإعادة تأهيل بعض المسؤولين المعينين : وقد ذكرت وسائل الإعلام والصحف في الخرطوم أن السلطات السودانية سلمت أكثر من 80 وثيقة سفر للسفارة الأمريكية بالخرطوم في تأكيد لتلك الرغبة الحميمة.
أما من ناحية الحركة الشعبية فلقد كان إنهيار اتفاقيتي الخرطوم وفشودة للسلام نعمة خفية. فالحركة من ناحية لم تكن طرفاً فيهما بل كانت تعادي الفصائل الموقعة عليهما ومن الناحية الأخرى فإن النكث بمواد الاتفاقيات من جانب واحد من قبل الحكومة كشف عدم مصداقيتها: ضف لذلك عودة كل من د/رياك مشار رئيس مجلس تنسيق الولايات الجنوبية و تعبان دينق الوالي السابق لولاية الوحدة الغنية بالنفط ود/ كستلو قرنق ود/ لام أكول لصفوف الحركة الشعبية. وبالطبع فإن مشار ورفاقه أمضوا قرابة الخمسة سنوات بين 1996 و2000 في الخرطوم تعرضوا خلالها لتجارب عريضة متعلقة بالسودان عامة والحكومة بصورة خاصة. وهذه كانت ميزة تفتقدها الحركة الشعبية بشدة ومع تغير الظروف هكذا اكتسبت الحركة كروت ثمينة جداً. وقد عينت الحركة الشعبية د/ رياك مشار لقيادة وفدها المفاوض في نيفاشا في رسالة واضحة لذات الحكومة التي نكثت عن إتفاقية الخروم للسلام بأننا قد توحدنا من جديد.
ولكن أسوأ رسالة تم إيصالها ليس فحسب للحركة الشعبية وحدها بل لكل مواطني الجنوب السوداني بمن فيهم أعضاء الحكومة الحالية أن هذه الحكومة لا تحترم إيما مجهود يتم بين السودانيين لوحدهم ورغم أن ذلك شئ مؤسف ولكنها الحقيقة. فكل من د/ مشار والموقعين الآخرين ونحن كنا نتحدث بفخر عن اتفاقيتي الخرطوم وفشودة للسلام كاتفاقيات تم التفاوض والتوقيع عليها بواسطة السودانيين علي أرض سودانية وسيتم احترامهما وإنفاذهما ولكنا ثبت خطائنا جميعاً. ولهذا تعتمد الحركة الشعبية علي العالم الخارجي وبالأخص الولايات المتحدة فالحكومة لا تؤمن بالحق بل بالقوة ولذلك أتفهم موقف الحركة الشعبية ولا ألومها عليه وهكذا فكلا الطرفين يلقي باعتماده علي الولايات المتحدة الأمريكية.
ويبدو أن الطرفين أحسا بفجوة بينهم وبين القوي السياسية الأخرى.
فالحركة الشعبية تضع في اعتبارها تجربة إتفاقية أديس أبابا عام 1972 والتي كان ينظر إليها بإعتبارها إتفاقاً ثنائياً بين حكومة الجنرال النميري ومقاتلي الأنانيا ولم يكن الشعب السوداني وقواه ومنظماته السياسية جزءاً منها. وفي النهاية نكث عنها ذات الرئيس الذي وقع عليها.
ومن أجل عدم تكرار التجربة هذه فإن الحركة الشعبية ظلت تحاول إشراك القوي والأحزاب السياسية الأخرى لضمان التأييد للإتفاقية المرتقبة وتأمينها من إي نكسة مستقبلية علي الأقل من جانب الحكومة.
وفي هذه الناحية فقد قامت الحركة الشعبية بالكثير من العمل السياسي التحتي مع كل القوي والمنظمات السياسية السودانية تقريباً منذ إعلان أسمرا مع التجمع الوطني الديمقراطي وإعلان القاهرة مع السيد الصادق المهدي والسيد محمد عثمان الميرغني وورقة العمل بين الحركة الشعبية لتحرير السودان والمؤتمر الشعبي حول قضايا السلام والتحول الديمقراطي الموقعة في لندن في الثالث من يونيو 2003.
وقد توجت كل هذه الجهود بزيارة وفد الحركة الشعبية للخرطوم في ديسمبر الماضي واللقاءات التي عقدها مع الأحزاب السياسية والمنظمات والطلاب والشباب والنقابات والقطاعات الأخرى في خطوة منحتهم إمتيازاً علي الحكومة.
قد يختلف الناس في تحليلهم وتقييمهم للزيارة التاريخية للخرطوم ولكني أعتقد أن الإستقبال الحار والفرح الذي تلقوه كان إقتراعاً لصالح القضايا التي لا تقبل التقسيم وهي:
v السلام لكل السودانيين.
v الحرية (الدين, الأحزاب والإنتماء السياسي, الصحافة والإعلام, النقابات, الاقتصاد والمجتمع المدني إلخ) للجميع.
v الديمقراطية (إنتخابات حرة ونزيهة علي كل مستويات الحكم) للجميع.
v العدالة للجميع.
v القسمة العادلة للسلطة والثروة للجميع.
وقد كانت إقتراعاً كذلك لصالح الحركة الشعبية لإنحيازها لهذه القضايا وإقتراعاً ضد الحكومة لأنها تسعي لتقسيم هذه القضايا التي لا تقبل التقسيم وهي إيضاً إقتراع ضد النزاع المسلح في إي جزء من السودان.
خلاصة:
v سيتم توقيع الإتفاقية المرتقبة ولكن التطبيق يعتمد علي مصداقية الطرفين, ليس فقط تجاه بعضهم البعض, ولكن جاه القضايا المشار إليها أعلاه.
إيقاف النزاعات المسلحة في المناطق الأخرى من السودان
تتحدث الحكومة والعالم الخارجي حول النزاع المسلح في غرب السودان وبالتحديد دار فور. وأنا لا أود أن أتبع هذه الصورة النمطية لأنها من ناحية تخطئ الهدف ومن ناحية أخرى فإن الأحداث في دار فور ليست سوى قمة جبل الثلج. فبالنسبة لي "دار فور هي السودان والسودان هو دار فور" وبالتالي فمحاولة الحكومة لتحديد القضايا لتلك المنطقة من السودان فقط هي خلط بين الأخشاب والأشجار. هنالك العديد من الصراعات المكتومة في كل السودان سواء كان ذلك في الشرق و الغرب والجنوب والشمال وهي مسألة زمن قبل أن تقر الحكومة بذلك.
ومن ناحية شخصية وحزبية كذلك فنحن ضد النزاعات المسلحة وجهودنا مع آخرين في الحكومة لإنهاء الحرب في الجنوب تقف شاهدة علي ذلك. ولكننا ندرك تماماً لماذا يحمل الناس السلاح. والأمر مؤسف أنه في ذات الوقت الذي تتوق وتأمل القواعد للسلام نواجه بإعلانات غير مسؤولة عبر الإعلام الرسمي حول سحق التمرد ووصمهم بمجرد قطاع طرق ومجموعات نهب الذين يجب أن لا يلقوا مجرد الحقوق الأساسية للأسرى في تجاهل ونكران للمشكلة مما يزيدها إشتعالاً.
ولذلك فإنني أقترح علي الحكومة وكذلك الحركة الشعبية حينما يوقعن علي إتفاق السلام أن يتم توسيعه قياساً علي الإتفاق لينهى الحروب في مناطق النزاعات كافة سواء أن كانت صغيرة أو كبيرة.
ندائي للأطراف المشاركة في عملية السلام
لو أننا أكتشفنا من بعد عشرين عاماً من القتال أن السلام مفيد للجنوب والحرب ضارة فبالتاكيد لا نحتاج لعشرون سنة أخرى لإكتشاف أن السلام مفيد للمناطق الأخرى في السودان. إذا ما تم إكتشاف لقاح أو دواء لحل المشاكل في الجنوب لما لا نستخدمه للمناطق الأخرى من السودان من قبل أن تحمل السلاح دعكم من التي تقاتل حالياً.
ندائي للأطراف المتنازعة في مناطق النزاعات المسلحة
لأن النزاع في الجنوب مقبل علي نهايته, وآمل أن يكون عاجلاً غير آجل, فإني أناديكم بوقف القتال وبدء التفاوض.
وحينما أقول ذلك أود أن أكون واضحاً للجميع خاصة الحكومة: أنا لا أقف محايداً فأنا أؤيد القضية ولكنني أرفض الحل المسلح.