رد الناطق الرسمى باسم التجمع الوطنى الديمقراطى حاتم السر على بعنف شديد على وزير الخارجية السودانى مصطقى اسماعيل واصفا التصريحات الصحفية التى اطلقها بشان زيارة الميرغنى زعيم المعارضة السودانية الى الولايات المتحدة الامريكية بانها لا تنقصها المصداقية فحسب ،بل تفتقر الى الدبلوماسية واللباقة الكافية. جاء ذلك فى بيان صدر بتوقيع المتحدث الرسمى للتجمع نصه كالاتى :
يثير الدهشة التصريح الصحفي لوزير خارجية الخرطوم، مصطفى عثمان إسماعيل، الذي جاء فيه أن مسئولين في الإدارة الأمريكية استفسرهم الوزير أبلغوه بأن الإدارة استمعت فقط إلى إقتراح رئيس التجمع الوطني الوطني الديمقراطي مولانا السيد محمد عثمان الميرغني، بعقد مؤتمر جامع لكافة السودانيين، دون أن تتخّذ موقفاً منه بالترحيب أو الرفض. مثار الدهشة ليس فقط تحوّل الوزيرالانقاذى إلى متحدث باسم الإدارة الأمريكية بل ما يكشف عنه تصريحه من رفض متأصل لمساعى الوصول إلى سلام شامل حقيقي في السودان.
حنق وزير خارجية النظام على زيارة السيد الميرغني الرسمية للولايات المتحدة الامريكية ربما كان له ما يبرّره لو أن الزيارة جرت قبل سنوات، أي حين كانت الولايات المتحدة مثالاً للشيطان الأعظم لدى حكومة "الإنقاذ"، أمّا أن تجييء متأخرة، وبعد تحوّل الولايات المتحدة من الشيطان الأعظم إلى الحليف الأعظم المأمول فليس هنالك من مبرّر للحنق عليها سوى هاجس الخرطوم من أن تؤدي إلى تحوّل ديمقراطي يفضي إلى سلام شامل وراسخ في البلاد. ومن الواضح أن فطنة وزير الخارجية لا تستوعب ما حدا بالسيد الميرغني لإرجاء زيارته الرسمية للولايات المتحدة سنوات طويلة أمل خلالها في تجنيب البلاد مأزق تدويل مشكلاتها.
يأمل وزير خارجية النظام، ومن لف لفه في دوائر النظام، أن يتوقف الاهتمام الدولي بالشأن السوداني بالتوقيع على اتفاقيات مع الحركة الشعبية لتحرير السودان في نيفاشا، مع استمرار المجموعة الحاكمة في إحكام قبضتها على سائر البلاد بإنكار كامل لحقوق المواطنين الأساسية وحرياتهم. ذلك هو ما يفسّر الموقف المتعنّت من عقد مؤتمر جامع شامل لأهل السودان يدرك النظام أنه لا بد ينتهي إلى تفكيك دولة الحزب الواحد إلى دولة جميع السودانيين واستبدال أدوات القمع الراهنة بأخرى ديمقراطية يحكمها ويهديها الدستور الجديد والقوانين المنبثقة عنه .
يقول وزير الخارجية في تصريحه إن الإدارة الأمريكية أبلغت السيد الميرغني بأن فكرة المؤتمر الجامع أمر يخص السودانيين وأنها -أي الإدارة- لا دخل لها، ولا بد أن ما زعمه الوزير يعبّر عن هواه. وهو لم يمض أكثر ليقول ما إن كان الشأن السوداني برمته أمر لا يخص الإدارة الإمريكية أم أن بعضه يهمها والبعض الآخر لا.ان حديث وزير الخارجية لا تنقصه المصداقية فحسب ،بل يفتقر الى الدبلوماسية واللباقة الكافية.
ومع تقدير التجمع الوطني الديمقراطي للإهتمام الذي يوليه المجتمع الدولي -ومنه إهتمام الإدارة الأمريكية- للشأن السوداني، فهو يثق في أن المسألة برمتها هي في أيدي السودانيين، وأنهم دون غيرهم هم الأقدر على تسويتها رغب الوزير في إدراك ذلك أم لم يرغب. ولعلم السيد الوزير فقد تمت زيارة الزعيم الميرغنى للولايات المتحدة الامريكية فى توقيت بالغ الدلالة وفى مرحلة تاريخية هامةو كانت ناجحة بكل المقاييس وحققت النتائج المرجوة
وزير خارجية الخرطوم يضرب أخماساً في أسداس في محاولة استيعاب الموقف الأمريكي -الذي أصبح شغله الشاغل مؤخراً. فالوزير يعرب عن عدم أسفه على رحيل باول من الخارجية! ويتوقع أن يكون حظ نظامه أفضل مع خليفته كوندليزا رايس "لأنها أقرب للرئيس بوش"!!، وهو يقول "حكومته تشعر بالارتياح لإعادة انتخاب الرئيس بوش وسيطرة الجمهوريين على مجلسي النواب والشيوخ" ثم يضيف "من المبكر الجزم في ما إذا كانت الأغلبية الجمهورية ستكون منسجمة مع سياسات إدارة الرئيس بوش الواضحة مع السودان"! ولو كان الوزير حصيفاً لأقلع عن تحليلاته الخائبة والرهان على أن يعمل الرئيس بوش على تمكين حكومته في الشمال رغم أنف أهله. وهو لو كان حصيفاً لتعلّم من تجربة الحرب الأهلية في الجنوب أبلغ دروسها الا وهو أنه ما ضاع حق وراءه مطالب، وأن المجتمع الدولي قد وعى تماماً إلى حكمة عدم الانتظار إلى حين وقوع الكارثة. لن يعي الوزير أو نظامه هذا الأمر لأنهما ما يزالان مندهشان من سر الاهتمام الدولي بالأزمة في دارفور.
حاتم السر على
المتحدث الرسمى باسم التجمع الوطنى الديمقراطى
لندن – الخميس 6 ديسمبر 2004م