والمتمعن في كلام وراق يتوصل بيسر إلى أنه ليس تعليقاً ولا استنتاجاً، وإنما هو خطة عمل تنفذ في "الوقت المناسب". والخطة تتمثل في الخطوات التالية: قدح في الشرعية القائمة في الحزب الشيوعي + التدشين العملي لمركز قيادي بديل مواز ومعارض لقيادته الحالية + تصور نظري وبرنامجي مغاير.
و"القدح" يجري منذ مدة في أعمدة الصحف وعلى مواقع الإنترنت. يبقى السيناريو الذي يعد لتنفيذه الآن، وهو بروز مجموعة تعلن عن نفسها قيادة جديدة للحزب الشيوعي، بدعوى أن القيادة الحالية فشلت، سواء في عقد المؤتمر الخامس أو في أي مهام أخرى. وسيكون لهذه القيادة الجديدة بالطبع "تصور نظري وبرنامجي مغاير". مفهوم؟؟
قد يتطلب "الفهم" أن نتابع ما يجري الآن على الساحة السودانية. إن محاولة قسم الحزب الشيوعي وتنصيب "قيادة جديدة" له ليست فقط بسبب العداء التاريخي الخاص الذي تكنه له الجبهة، وإنما هو مخطط يشمل سائر الأحزاب السودانية. فقبل أيام انتهت الاجتماعات التي عقدتها الحركة الشعبية لتحرير السودان في رومبيك والتي هزمت فيها كوادر الحركة السياسية والعسكرية والشعبية المخطط الخبيث الذي رمى إلى شق صفوفها وتغيير قيادتها. وكما يقول ياسر عرمان فإن الحركة خرجت من الفخ الذي نصب لها. وغير خاف أن نظام الجبهة هو الذي نصب الفخ، رغم الإنكارات التي تتوالى من أركانه، وادعاءاتهم بأنهم يحبون الحركة حباً جماً ويريدون لها أن تكون شريكاً موحداً وقوياً! كما أنه لا يخفى أن النظام يتمنى ألا يجيء قرنق نائباً أول لرئيس الجمهورية، ويرغب أن يحل محله "أي قائد آخر غيره". وهذا كان أحد أهداف الفخ الذي نصب للحركة.
وفي الطريق مساع لانقسام جديد في حزب الأمة القومي، وهناك مساع مماثلة في الحزب الاتحادي الديمقراطي، وفي غيرهما. إن المؤتمر الوطني يخطط لأن يحيط نفسه بشراذم مبعثرة من العناصر المنقسمة على أحزابها، حتى يدخل بها نادي التعددية. وكأن التعددية مجرد مصطلح بلا معنى أو مفهوم بغير استحقاقات.
في إطار هذا المخطط يأتي الإعلان عن "قيادة جديدة" للحزب الشيوعي، قيادة لها "تصور نظري مغاير" و"برنامج مغاير"، وبعبارة أخرى قيادة تتراجع عن مواقف الحزب المعلومة ومستعدة للتفاهم مع الحكومة حسب شروطها ومقاصدها.
إنه مخطط سيهزمه الشيوعيون كما فعلوا مع مخططات سالفة، وكما فعلت الحركة في رومبيك.