الخرطوم القاهرة بليغ حسب الله، محمد وردي:
أبدى الأمين العام للأمم المتحدة كوفي أنان أمس قلقه العميق على الموقف في دارفور غرب السودان ودعا المجتمع الدولي للقيام بعمل سريع وحاسم لمنع مزيد من التدهور. وتزامنت تصريحات أنان مع بدء أول لقاء مباشر بين الحكومة السودانية ومتمردي دارفور في العاصمة التشادية انجمينا، وانتقادات من منظمات حقوقية للخرطوم بشأن ما يحدث في الاقليم وسط انباء عن قيام الجيش بعمليات قصف. من جهة أخرى دعت واشنطن الحكومة السودانية وحركة الجيش الشعبي بزعامة جون قرنق الى الاسراع بإبرام اتفاق في المفاوضات الجارية في ضاحية نيفاشا الكينية حيث توقعت حركة قرنق التوصل الى اتفاق حول تقاسم السلطة والمناطق الثلاث المتنازع عليها السبت المقبل كحد اقصى حسبما أكده المتحدث باسم الحركة ياسر عرمان ل”الخليج”.
وفي جنيف اعلن الامين العام للأمم المتحدة ان على المجموعة الدولية “ان تكون مستعدة للتحرك سريعاً، حتى بالوسائل العسكرية، في حال رفضت الخرطوم السماح بدخول المساعدة الانسانية الى دارفور.
واعرب انان أمام لجنة حقوق الانسان التابعة للأمم المتحدة في مناسبة الذكرى العاشرة للإبادة في رواندا عن “قلقه الشديد” حيال الوضع في دارفور.
وبعد ان ذكر بأن مسؤولا في الامم المتحدة تحدث عن “تطهير عرقي” في النزاع بين الحكومة السودانية ومتمردي دارفور، قال “لا يمكن للمجتمع الدولي ان يبقى مكتوف الايدي”. واضاف انان “لا بد من تمكين موظفي الوكالات الانسانية الدولية وخبراء حقوق الانسان من الوصول في اسرع وقت الى الضحايا” في المنطقة.
وقال “في حال رفض لهم ذلك، فإنه سيكون على المجتمع الدولي ان يكون مستعداً للتحرك بسرعة وبطريقة مناسبة”.
وفي العاصمة التشادية بدأت امس المفاوضات المباشرة بين وفدي حركة العدل والمساواة وحركة تحرير السودان من جهة ووفد الحكومة السودانية بعد تعنت طويل دام اكثر من اسبوع الى ان استجاب وفد الحكومة لشروط الحركتين المتمثلة في ان تكون المفاوضات مباشرة وبحضور ممثلي المجتمع الدولي. خلال فترة هذا الاسبوع تعامل وفد الحركتين تعاملا حضاريا مع تمنع وتعنت وفد الحكومة التي كانت رافضة للمفاوضات المباشرة والحضور الدولي الى ان استجابت لها.
وقالت مصادر متطابقة ان اعضاء الوفد الحكومي وممثلي المتمردين تبادلوا العناق والمصافحة بدعوة من الرئيس التشادي ادريس ديبي الذي يرأس الاجتماع.
وقال دبلوماسي في انجمينا ان “الامور تحلحلت.. والحاجز النفسي سقط، لقد دخلوا القاعة نفسها وتباحثوا”.
وقال المصدر انه تم تقديم وثيقة الى الجانبين لاعطاء رأيهم بصددها. وتتضمن الوثيقة مجريات لوقف اطلاق النار واقامة ممر لايصال المساعدات الانسانية من جهة، كما تتضمن من جهة ثانية الجانب السياسي للأزمة في دارفور حيث تدور مواجهات بين الجانبين.
ومع هذه المفاوضات قالت مصادر ان القوات الجوية السودانية قصفت منطقة العرايس شرق دارفور عشية المفاوضات ما اسفر عن مقتل ثلاثة اطفال وأمرأتين.
وقالت متحدثة باسم لجنة الامم المتحدة العليا لحقوق الانسان ان المنظمة الدولية بدأت تحقيقاً بشأن الانتهاكات الحكومية في اقليم دارفور. من جهتها ادانت جماعات معنية بحقوق الانسان أمس الانباء التي افادت بوقوع عمليات اعتقالات في السودان متصلة بأحداث دارفور واتهمت الحكومة بإهمال الاقليم، في حين حذرت واشنطن من عمليات ابادة جماعية في غرب السودان حسب بيان اصدرته الخارجية الامريكية.
وحول مفاوضات نيفاشا الكينية، طلبت الولايات المتحدة أمس من الوفد الحكومي وحركة قرنق الاسراع في ابرام اتفاق سلام بحلول الاسبوع المقبل وقالت الخارجية ان وزيرها كولن باول اتصل شخصياً بنائب الرئيس السوداني علي عثمان طه وجون قرنق اللذين يقودان المفاوضات طالباً منهما التعجيل بتوقيع الاتفاق الذي قال الوسيط الكيني ان التوصل اليه بات قريباً.
وأعلن المتحدث الرسمي باسم الحركة الشعبية ياسر سعيد عرمان ل”الخليج” أن المفاوضات أحرزت بالفعل تقدما كبيرا في قضايا السلطة والمناطق الثلاث المهمشة، وقال إن الخلافات انحصرت في قضايا بعينها يجري العمل لحسمها الآن.
وأوضح عرمان في اتصال هاتفي مع “الخليج” أن القضايا المتبقية بعضها خاص بملف السلطة وأخرى حول مناطق جبال النوبة والنيل الأزرق وأحد العناصر المكونة لقضية قومية العاصمة الخرطوم التي تطالب حركته بإبعاد قوانين الشريعة الإسلامية عن الحكم فيها، وتوقع أن يتم التوقيع على اتفاق نهائي بين الطرفين حول السلطة والمناطق الثلاث في موعد أقصاه السبت المقبل.
وكشف دبلوماسي إفريقي قريب من المفاوضات كينيا ل “الخليج” تفاصيل القضايا التي لم تحسم بعد في المفاوضات، معتبرا أن ما تبقى عبارة عن قضايا غير شائكة يمكن حسمها بسهولة خلال ال48 ساعة المقبلة، مشيرا إلى أن مسألة التوقيع على اتفاق أصبحت مسألة وقت وجيز لا أكثر.
وقال المصدر الذي طلب عدم ذكر اسمه أن الخلافات في ملف السلطة انحصرت في مسألة النائب في رئاسة الجمهورية والقوانين التي يجب أن تسري في العاصمة القومية خلال الفترة الانتقالية، وأكد اتفاق الطرفين على استمرار الرئيس عمر البشير في منصبه الراهن إلى حين قيام الانتخابات.
وأوضح المصدر أن حركة قرنق لا تزال تتمسك بوجود نائب واحد للرئيس مع خيار واحد هو أنها يمكن أن تقبل بوجود نائب ثان منزوع الصلاحيات، بينما تصر الحكومة على وجود نائب ثان بصلاحيات يتفق عليها الطرفان.
وأعلن المصدر أن الطرفين توصلا إلى اتفاق كامل حول شكل حكومة الجنوب، وأعتبر ما تبقى في هذا الجانب هو عبارة عن خلافات صغيرة حول تمثيل حزب المؤتمر الوطني الحاكم والقوى الجنوبية الأخرى في هذه الحكومة.
وقال المصدر ان الطرفين أيضا توصلا إلى اتفاق بنسبة 70 % حول قضية الأجهزة الأمنية التي تطالب الحركة الشعبية بإعادة هيكلتها بشكل جديد، مشيرا إلى أن الخلافات حول هذه النقطة أصبحت محدودة حول شكلها وطريقة إدارتها، وشدد المصدر على أن الولايات المتحدة الأمريكية اسهمت في هذا الاختراق.
وأكد المصدر أن مساعد وزير الخارجية الأمريكي للشؤون الافريقية تشارلز سنايدر ظل مرابطاً طوال أمس في ضاحية نيفاشا، مشيرا إلى أن سنايدر عقد لقاءات مكثفة مع قطبي التفاوض نائب الرئيس السوداني علي عثمان محمد طه وزعيم المتمردين جون قرنق وحث الطرفين على ضرورة التوقيع على الاتفاق في أسرع وقت، وقال إن المسؤول الأمريكي نقل للطرفيين اهتمام الرئيس بوش الشخصي بالمفاوضات.
وزير الدفاع السوداني يكشف تفاصيل وملابسات المحاولة الانقلابية
الخرطوم فرح أمبدة:
كشف وزير الدفاع السوداني اللواء بكري حسن صالح معلومات جديدة حول المحاولة الانقلابية التي أعلنت مؤخراً واتهم بتدبيرها زعيم حزب المؤتمر الشعبي حسن الترابي، وقال إن الاجهزة الأمنية والاستخباراتية تمكنت من اجهاض ثلاث محاولات مماثلة خلال الأعوام الثلاثة الماضية غير أنها لم تر فائدة من الكشف عنها.
وشدد وزير الدفاع السوداني في تنوير قدمه للبرلمان أمس أن المحاولة الانقلابية التي حركتها بعض الجهات “في اشارة إلى حزب المؤتمر الشعبي بقيادة الترابي” كان تستهدف زعزعة الأمن والاستقرار في البلاد قبل أن تبدأ تحركها باتجاه إحداث تغيير في السلطة القائمة، مشيراً إلى أن الاجهزة المختصة تمكنت من السيطرة عليها بصورة كاملة في الوقت الراهن كما فعلت من قبل ثلاث مرات.
وقال صالح إن المعلومات المؤكدة التي توصلت إليها الأجهزة المختصة تشير إلى أن الهدف الرئيسي للتحرك هو بلبلة الأوضاع في العاصمة الخرطوم بتدمير بعض المنشآت الرئيسية وتنفيذ اغتيالات وسط القيادات السياسية والعسكرية، وتحريك الأوضاع داخل القيادة العامة في تزامن مع تحرك سياسي في الداخل والخارج.
وأكد صالح ان الضباط الذين خططوا وشاركوا في العمل التخريبي والقي القبض عليهم سيقدمون للمحاكمة وان الاجراءات الخاصة بمحاكمتهم شارفت على الانتهاء.
وفيما يتعلق بجهود السلام في اقليم دارفور قال الوزير السوداني إن الجيش الحكومي يسيطر حاليا على كافة الجبهات في المنطقة وتمكن من تدمير كافة المعسكرات التي كانت تنطلق منها هجمات القوات المتمردة.
المهدي: السودان يمر بمنعطف التدويل والتمزيق
الخرطوم “الخليج”: قال زعيم حزب الأمة المعارض في السودان الصادق المهدي ان بلاده تمر بمنعطف خطير محذراً من مخاطر التدويل والتمزيق والتفرقة على أسس عرقية وعصبيات، وأوضح أن الشباب هم ضحية الحكومات الديكتاتورية أو البطالة وغياب دور الدولة والرعاية الاجتماعية.
وأكد المهدي لدى مخاطبته ندوة طلابية في الخرطوم أول من أمس أن انتفاضة رجب/أبريل/نيسان هي وليدة نضالات شرائح متعددة من قوى جماهير الشعب السوداني. وقال ان ما يحدث الآن في اتفاقيات السلام به الكثير من الأخطاء التي تدخل السودان في متاهات التدويل، وأشار إلى ان المباحثات الجارية جعلت الحكومة تقدم تنازلات وطنية كبيرة.
واقترح المهدي قيام مجلس قومي يضم الحركة الشعبية، والحكومة، وكل القوى السياسية ويكون لهذا المجلس حق التصديق بالأغلبية في المسائل المتفق عليها وله حق الاحتكام في المختلف عليها.