أقرت الحكومة السودانية بالمحاولة الانقلابية التي قام بها عشرة عسكريين بقيادة غقيد يوم الاحد الماضي . وأكد الزهاوي ابراهيم مالك وزير الاعلام السوداني الناطق الرسمي باسم الحكومة في مؤتمر صحفي بمجلس الوزراء امس ان المحاولة قام بها عشرة من الضباط علي رأسهم عقيد والبقية من رتب أقل ، مؤكدا ان المتهمين تم اعتقالهم جميعا وانه تم حتي الان اعتقال عشرة من الشعبيين وسيقدمون لمحاكمة بعد التحقيق الكامل معهم .
أكد الزهاوي ان الحكومة كانت علي علم بهذا الانقلاب منذ عام 2002م وأن الاجهزة الامنية والعسكرية كانت تتابع هذه التحركات منذ ذلك التاريخ لكنها لم تهتم للامر ولم تقم بكشفه لثقتها بأن لن يجد أذنا صاغية وان المحاولة كانت فقيرة ومحدودة ، مضيفا ان الحكومة اعتمت فقط عندما دخل في طور التخريب لبعض المنشآت أبرزها مصفاة البترول بالجيلي ومحطات كهرباء قري ، واوضح الزهاوي ان الهدف الاساسي من هذه المحاولة كان القصد منه عرقلة عملية السلام بنيفاشا واستباقها ، مشيرا الي ان اطلاق سراح بعض القيادات الشعبية كان سببا في ان تدخل هذه العملية في طورها الاخير .
وصف الزهاوي العملية التخريبية بأنها بائسة هدفت لشغل الشعب عن قضية السلام وما يحدث فيها وجعلها تنتظر جهات اخري تبعد عما سار عليه الشعب السوداني قادة وشعبا للوصول للسلام .
وأكد الزهاوي ابراهيم مالك ان اعتقال د/ حسن الترابي زعيم المؤتمر الشعبي جاء نتيجة للبيان التحريضي الذي اصدره الترابي في التاسع والعشرين من مارس وبث فيه الروح العنصرية والجهوية بصورة واضحة . وردا علي سؤال عن هوية العسكريين العشرة وعما اذا كانوا من ابناء دارفور ، اجاب الزهاوي بأنهم في نهاية الامر سودانييون وان الحكومة لا تريد تصنيفا للسودانيين ، ونقي الوزير السوداني في رده علي اسئلة الصحفيين ان تكون هناك أيد أجنبية لها ضلع فيما حدث قائلا حتي الان لا يمكنني القول بأن هؤلاء لهم صلة بجهات خارجية . وقال ان الدولة لا تفكر حاليا في تجميد المؤتمر الشعبي وانه اذا ثبت خلال التحقيقات انها استراتيجية متكاملة لحزب ما فهذا مجال آخر .
من جهة اخري جدد وزير الاعلام السوداني رفض الحكومة التام لتدويل قضية دارفور مبديا قبولها فقط بمراقبة الاتحاد الافريقي ووساطة دولة تشاد ، محملا مسئولية ما يجري في دارفور للمؤتمر الشعبي مؤكدا انه حال دون الوصول لسلام في دارفور . ثم تحدث وزير الاعلام السوداني عن مباحثات انجمينا وموقف الحكومة منها وقال ان الحكومة كانت لديها رؤية واضحة في اكثر من مجال بأنها لا تريد تدويل هذه القضية لان هناك عناصر كثيرة جدا تعمل علي تدويل هذه القضية وسعت اليها ، فروجر ونتر نائب مدير المعونة الامريكي معروف بعدائه للسودان وهو من الذين تبنوا هذه القضية بصورة واضحة وكان يريد تدويلها وكان يتخذ مما تمخض عن مفاوضات السلام في الجنوب انموذجا يمكن ان يتم العمل به في دارفور ثم ينقل بعد ذلك علي حسب مزاجهم الي الشرق! او الشمال او اية بقعة اخري من بقاع السودان . هذا العمل بالنسبة لنا مرفوض وعندما اعلن المؤتمر الجامع لمناقشة قضايا دارفور كان في وجهة نظر الرئيس السوداني والحكومة كلها بأن ذلك هو الطريق الامثل لمعالجة قضايانا ، ونحن نقول بأن هناك كثيرا من المناطق المشابهة و نعتقد بأن كل منطقة في السودان قد دفعت نصيبا كبيرا جدا من هذه الحرب التي دامت لخمسة عقود ، والحديث القائل بأن الذي يحمل البندقية لا يجد امامه الا البندقية .
وقال الزهاوي الان نحاول اقناع الذين يحملون السلاح بأن هذا المؤتمر الجامع يمكن ان يجدوا فيه انفسهم واذا كانت لديهم اي مطالب او ضمانات لتأمين وصولهم وحضورهم لهذا المؤتمر فاننا نقبل ولكن لا نقبل تدويل القضية وكما نقبل بان يكون هناك تمثيل للاتحاد الافريقي في مراقبة هذه العملية فهذا شئ ممكن ان نقبل به وان يكوت لتشاد دور بأن تكون مراقبا أو ميسرا اما حضور اشخاص مثل روجر ونتر وغير هفهذا الامر بالنسبة لنا مرفوض لانه تدويل واضح .
واوضح الزهاوي ان وفد الحومة عندما وجد هؤلاء في الجلسة الاولي للتفاوض في تشاد رفض المشاركة في الجلسة باعتبار انه اذا شارك في الجلسة رغم انها افتتاحية فهذا يعني القبول بالتدويل وهو ما يمكن ان يجر الي مزالق كثيرة ، وقال ان الحكومة نقلت وجهة نظرها الي الرئيس التشادي حول وساطته وقلنا نحن نقبل يوساطة تشاد والاتحاد الافريقي واية مساعدان في هذا الامر يمكن ان نجلس ونستمع ونناقش مختلف القضايا في حالة عدم وجود هذه العناصر صاحبة المواقف العدائية الواضحة من السودان .
من جانبه اعرب د/ ابراهيم احمد عمر الامين العام لحزب المؤتمر الوطني الحاكم في ان تفضي جولة المفاوضات الحالية بين الحكومة وحركة تحرير دارفور بتشاد الي سلام اكيد يجنب المنطقة ويلات الحرب والاقتتال رافضا اي محاولات لتدويل القضية واخراجها من حيز المحلية داعيا الي ان يكون الحل سودانيا سودانيا وان تتم معالجة القضية في هذا الاطار .
وقال د/ عمر في تصريحات صحفية ان المراقبين الدوليين في دارفور اتوا لاهتمامهم بمسارات الاغاثة مشيرا الي انهم في المؤتمر الوطني لا يرفضون ذلك انما يرفضون ان يتمدد هذا النشاط الي حقول اخري . وحول سير الاحداث علي صعيد المفاوضات بنيفاشا اوضح د/ عمر ان لقاء من المؤمل ان يكون عقد مساء امس يضم طه وجارانج لمناقشة قضايا السلطة التي يستمر التفاوض حولها . وكشف د/ عمر عن انعقاد مؤتمر شوري المؤتمر الوطني في الثاني من ابريل الجاري لمناقشة اوراق حول السلام واداء المؤتمرالوطني في الفترة السابقة .
وكان مجلس الوزراء قد عقد امس جلسة استثنائية طارئة برئاسة الرئيس السوداني عمر البشير استمع خلالها لتنوير من بكري حسن صالح وزير الدفاع السوداني الذي قدم تنويرا حول ملابسات المحاولة الانقلابية كشف فيه عن ضلوع عشرة من ضباط القوات المسلحة برئاسة عقيد بسلاح الطيران وافاد بان خطة عملهم الفعلية بدأت في منتصف عام 2003م بمشاركة عدد من المدنيينوبمساندة ودعم حزب المؤتمر الشعبي مشيرا الي ان المجموعة هدفت الي تنفيذ مخططها خلال الايام الماضية لاستباق عملية التوقيع علي اتفاقية السلام من خلال القيام بإحداث عمليات تخريبية في عدد من المنشآت الاستراتيجية والخدمية , وقال بيان من مجلس الوزراء ان المتهمين من العسكريين والمدنيين سيقدمون الي محاكمة عادلة بعد اجراء المزيد من التحريات والتحقيقات .
وكشف عبد الرحيم محمد حسين وزير الداخلية السوداني عن تقديم د/ حسن الترابي الامين العام لحزب المؤتمر الشعبي الي المحاكمة بتهمة العمل علي خلق فتنة واثارة النعرات وزعزعة الامن والاستقرار ، ووصف الاحداث الاخيرة التي أدت الي اعتقال عدد من القيادات السياسية وضباط الجيش بأنها محدودة ولا تؤثر علي الاستقرار في السودان ونفي في الوقت نفسه بشدة ما تردد حول استبعاد ابناء جهات معينة من الجيش والقوات النظامية .
وقال وزير الداخلية السوداني ان الترابي حاول القيام بأعمال تخريبية قبل توقيع اتفاق سلام لخلق واقع جديد يضمن وجوده ، واضاف ان التحقيقات التي جرت حتي الان تشير الي تورط الترابي تحت تهم زعزعة الامن والاستقرار واثارة النعرات وخلق فتنة في السودان ، مؤكدا ان الاتجاه السائد الان هو تقديمه الي محاكمة . وشدد الوزير علي ان الحكومة لن تسمح بأي عمل يمس امن واستقرار السودان مناية جهة كانت وقال ان اعتقال عدد من قيادات المؤتمر الشعبي وضباط الجيش عملية محدودة لا تؤثر غبي استقرار السودان .
وردا علي سؤال حول ما نشر عن ابعاد ابناء جهات معينة من الجيش والقوات النظامية ، نفي الوزير بشدة مؤكدا انه لم يتم أي استبعاد علي اساس عرقي وقال ان الضباط الذين تم القبض عليهم عددهم محدود للغاية من التابعين للمؤتمر الشعبي وشدد الوزير علي قومية الجيش والقوات النظامية .
من جانبه قال د/ قطبي المهدي مستشار الرئيس السوداني للشئون السياسية ان الحكومة تلقت معلومات لم تتضح ابعادها بعد محاولة من بعض العناصر لاحداث تغيير سياسي وقال ان الاجهزة الامنية اعتقلت بعض العناصر وهم مجتمعون وقال ان التحقيقات بدأت مع العناصر المتورطة في المحاولة الفاشلة .
من جهة اخري غادر السودان امس الاول موكيش كابيلا ممثل الامم المتحدة منهيا بذلك عمله في السودان بعد ان اصدر تصريحات تناول فيها احداث دارفور ، واصدر امس الاول خطابا يصف فيه الاحداث التي وقعت في دارفور بأن جزءا منها مسئولة عنه الحكومة وجزءا مسئولة عنه المجموعات التمردة . وقال نجيب الخير وزير الدولة بالخارجية في تصريحات صحفية امس ان خطاب كابيلا الذي تسلمته الخارجية اوضح فيه ان العمليات الدامية في دارفور قامت بها مجموعات خارجة عن القانون . واضاف الخير ان هذا ينفي بشكل اساسي التقارير التي اصدرها كابيلا خلال الاسبوعين الاخيرين . واكد الخير ان تقرير كابيلا المعنون باقليم دارفور واحداث العنف التي وقعت ضد المدنيين في الفترة من الاول وحتي التاسع والعشرين من مارس 2004م يتهم المتمردين الخارجين! عن القانون بتنفيذ الجزء الاكبر من هذه العمليات وعزا ذلك لانه ربما اراد به تصحيح ما ذهب اليه في تقاريره السابقة . واعتبرت الخارجية السودانية التقرير الاخير لكابيلا يوم 29 مارس في ختام عمله بمثابة تصحيح لتقارير كان يصدرها خلال الثلاثة اسابيع الاخيرة .
واضاف الخير ان العقد المبرم بين كابيلا والامم المتحدة قد انتهي وسيعود الي موقعه في وزارة التعاون التنموي البريطانية بعد انتهاء فترة انتدابه من وزارة التعاون للامم المتحدة وهي نفس المهمة التي كان يقوم بها في افغانستان في الماضي وسيعود كابيلا مجرد موظف بريطاني .. وحول مقاطعة وفد الحكومة لاجتماعات انجمينا بين الحكومة والمتمردين في دارفور اوضح الخير ان ما وجد في انجمينا غير متسق مع تصور الحكومة وهو العودة لاطار آبشي وفق الترتيبات التي تضعها القيادة التشادية .
وابان الخير ان الهدف من اجتماعات انجمينا هو حث الاطراف للعودة لاتفاق ابشي باعتبار ان التصعيد في دارفور جاء نتيجة لخروج هذه الاطراف ونكوصها عن الالتزام باتفاق ابشي مشيرا الي مساعي الحكومة لعودة الجميع الي اتفاق ابشي . واكد الخير ان الحكومة السودانية لا ترغب في خلق اطار جديد للاتفاقيات في دارفور ولا توسيع دائرة المشاركين في عملية التفاوض والعودة لاتفاق ابشي . واعرب الخير عن امله في ان تتمكن القيادة التشادية بالالتزامات التي دخلوا فيها باتفاق ابشي .
من جهة اخري أكد حزب الامة القومي ان قضية الوطن وصلت مرحلة خطيرة توجب الاسراع بتكوين الحكومة القومية المنتظرة والي حين ذلك التزام النهج القومي في تناول قضايا الوطن . واصدر الحزب بيانا امس حول التطورات الاخيرة بالسودان اعلن فيه ادانته المبدئية لأية تحركات انقلابية . ودعا البيان الي تبيان الحقائق للرأي العام السوداني ومحاكمة المتهمين بصورة عاجلة وعلنية وعادلة تمنحهم حق الدفاع عن انفسهم .
من جهة اخري قررت الهيئة القيادية للمؤتمر الشعبي في اجتماع عقدته امس العمل بكل الوسائل المشروعة لاطلاق سراح المعتقلين وعلي رأسهم د/ حسن الترابي ، اعلن ذلك محمد الحسن الامين الذي تحدث نيابة عن الهيئة القيادية للحزب وقال الامين ان الحزب سيواصل نشاطه وفق الخط المتاح دستوريا وانه لن يوقف عمله موضحا انه حزب يعمل علي اساس تطبيق الدين في الحياة والحريات وسيتخذ كل الوسائل المتاحة لتقديم دعوته وقال ان الهيئة القيادية اكدت نفي أية صلة للحزب بأية محاولة انقلابية وكان عدد من القيادات خاطبوا حشدا بالمركز العام للحزب بعدما سير شباب طلاب الحزب مسيرة الي منزل د/ حسن الترابي وقد طوقت الشرطة المنطقة المحيطة بالمنزل .