 |
 |
 |
 |
|
|
|
|
|
توفيق الحاج
في العام الماضي شدنا جدا المسلسل التلفزيوني المصري "الناس في كفر عسكر "
وشدتنا أكثر شخصية الفلاح العنيد"الحاج عبد القادر الذي جسدها باقتدار الفنان
صلاح السعدني الشقيق الاصغرللكاتب الساخر محمود السعدني..!!
وذلك في اطار درامي مستوحى من قضية العرب الاولى والاخيرة فلسطين..!!
لن اتعرض لهذا المسلسل قدحا أو مدحا وانما أعتذر للقراء عن استعارة عنوانه مع
بعض التصرف..
فالناس عندنا هنا في كفر غزة لايقل حالهم بؤسا وسوءا عن حال الناس في كفر عسكر
خاصة وأن العسكر الصهاينة لم يغادروا تماما كما يتهيأ لبعض قصيري النظر وانما
تواروا على قرفصاء وراء التخوم بانتظار أوامر الاقتحام والعودة الى العادة
القديمة في أي وقت ..!!
وهنا لايوجد بيننا قامة وطنية وشعبية في وزن وحجم "آباعبد القادر " وانما
مجموعة منتقاة من الآباء أشبه بورق الشدة عبيد لاى شيء الا القادر .. تسمع
سيمفونياتهم وترى افعالهم فتعجب لامورهم ويتبادر الى ذهنك المثل
الشهير.."الابرق نجس..والمطوق نجس "
والناس في غزة نوعان :
الفا..في غاية الدعة والغنى والنعومة –اللهم لا حسد -لهم مالهم من الارصدة
الخيالية في البنوك والابراج والشركات والنفوذ وهم في تحالف مصالح مستمر على
طريقة "خذ وهات "مع السلطة أيا كانت محلية ام احتلالية..!!
وبيتا أو جيمل.. غاية في الفقر الازلي والشقاء –اللهم لانكد –عليهم ماعليهم من
مشاكل العيش واستحقاقات الحياة التى لاتنفع مها قصيدة أو يلبيها مقال لخائب
مثلي..
وهم السواد الاعظم ينتظرون بصبر ايوب وبصلاة الاستسقاء ربما رذاذ آخر الشهر من
الشيكلات الهاربات على عجل من أيديهم لسداد الفواتير ودين الدكان وكأن الامر
ماكان ومنهم الموظفون في الارض ومدمنو البطالة والكوبونات وأسر الشهداء
والمعتقلين والاسر المستورة و..و..
والناس في كفر غزة..يكادون من فرط مابهم من اختبار الهي ينسون القدس والضفة فقد
تحرر شارع عمر المختار ورفرفت الاعلام على أنصار واحتلت التنظيمات المواقع
المشرفة علىالمستوطنات..وفي اعتقاد البعض ان هذا يكفي في الالفية الثالثة..!!
وهنا يكثر الوعظ والفتوى بين مدعي التقوى ممن يأكلون الجمل بالباطل نهارا جهارا
ويفتون في جواز الدخول بالقدم اليسرى..!!
ومن الناس في كفر غزة من يحمل على جاره بسيف غيره ومن يتاجر بالمحرمات مفتتحا
بسم الله ومن يلبس عمامة سيده ويؤدي الدور بخسة تبعث على الدهشة
ومن الناس هنا أيضا من لايزال يجتر أحلام الماضي في وطن عربي كبير ويتشبت
بعفاف زائف لعروبة أغتصبت مرارا على مائدة أولى لامر الممتدة من ضفاف الاندلس
الى تخوم شرم الشيخ..!!
ومنهم من أعتزل الرقص مبكرا ولجأ الى صومعة الذات ليتعفن بهدوء يليق بكرامة
انسان..!!
هذا هو الحال في كفر غزة..خليط من زنا القبائل بالعولمة
وصورةفنتازيةمن وحي سنغافورة اسس لها مفسدنا الكبير ..!!
كأنه جب يوسف تفتك به العتمة الا ان هناك بصيصا يتراءى في الافق ..تجمعه اللحظة
المستقبلية من لمعان عيون وابتسامات الاطفال المسرعين الى مدارسهم في الصباح
الباكر.