فتن أهل الإنقاذ بمصطلح ( إعادة صياغة) و أسرفوا و أفحشوا في تنزيل هذا المصطلح على كل مناحي الحياة السودانية كأنما يعتقدون أنهم أوصياء الله على هذا الشعب المغلوب الذي لا يعيبه شيء سوى حكامه!!!
نقول جربت الإنقاذ تبديل كل شيء _و المفارقة _ الرجوع لذات الشيء!! فكلنا نذكر تغييرهم لموعد الشهادة السودانية بتأخيرها إلي يونيو و ما صاحب ذلك من سلبيات أعادتهم للتاريخ السابق الذي لم يكن اعتباطيا , بل راعى جغرافية السودان و ليس جغرافية الخرطوم مطبخ قرارات السودان الكارثيّ!!! فصدموا بالخريف الذي يبدأ أوائل مايو في كثير من أنحاء السودان!!!
لكن هناك الكثير من مصائب إعادة صياغتنا تنتظر ظرف أو شخص يصوبها فتعود المسائل سيرتها الأولى . و من هذه المسائل و التي اعتقد أنها من الخطورة بمكان تحويل توقيت الموازنة من يونيو إلي يناير . و هاكم و جهة نظري:
أولا : يناير يبعد كثيرا عن موعد الزراعة بشقيها المطري و المروي إذ تكون الموازنة في أخريات أيامها فلا يمكن التعاطي السلس مع المتغيرات التي غالبا ما تصاحب الزراعة من آفات كما شهدنا في هجوم الجراد في العام المنصرم . فضلا عن أن حساب التكلفة الكلية للعملية الزراعية في كل مراحلها تكون في التوقيت القديم للموازنات أدق.
ثانيا : توقيت الموازنة القديم يواطيء تاريخ عودة المغتربين و هم مصدر كبير للعملات الصعبة ويمكن استثمار هذه العودة السنوية في عدة نواحي:
1. يمكن للشركات أن تطرح أسهمها و تزيد رساميلها في هذا التوقيت المناسب بشكل كبير . إذ إن ذلك التوقيت يكون ادخار المغترب و المهاجر في أفضل مناسيبه. فبدل تمليك أصول شركاتنا للأجانب من خلال الخصخصة في أيام فقر السودان الكالحة يمكن فتح المجال للمغترب و أيضا ذويه بتسليفهم أيام طرح الأسهم أو الشهادات الصكوك الخ... و نحن نشهد في الخليج كيف أن الاكتتاب في تأسيس أو في زيادة الرساميل يُوقف على سكان البلد و بذلك تتم محاربة الفقر بشكل عملي و ليس بطريقة المزايدات و التهريج التي نعالجه بها. أضف إلي ذلك توطين رأس المال الوطني و تنميته كصمام أمان في عالم يموج بالخصومات و المؤامرات.
2. يمكن أن يستفاد من هذا المال في التشجيع على إدخال سلع رأسمالية بدلا من إغراق البلد و إهدار العملات الصعبة في مشتريات الهدايا التي لا تغني احد و لا تبقي علي مدخرات المغتربين. و ذلك إذا خصصت الموازنة مشروعات تمويل مشتركة بين الدولة و المغتربين في الصناعات و الزراعة.
3. يمكن كذلك للدولة أن تخفف من الضغط علي الاحتياطي النقدي من العملات الصعبة بطرح فرص استيراد مدخلات و أدوية الخ.. متزامنة مع عودة المغتربين السودانيين و فائدة الجانبين واضحة بدلا أن تترك تلك المدخرات في بنوك تلك البلدان تستثمرها دون ادني مصلحة للمغترب السودان. لذا يجب النظر لتك الأموال على أنها ثروة وطنية يجب أن تعود لمكانها الطبيعي.
4. و من كل ما تقدم و بالاستثمار الأمثل لهذا المورد أيضا نكون قد خاطبنا بشكل عملي مسالة عودة الكوادر السودانية و ذلك بتوفير حياة تغري على العودة و ليس بالشكل العاطفي الذي نسمعه الآن و أيضا ليس بالتصور الفطير الذي يبنى على إعفاءات هنا و هناك بل لابد من انقلاب في هذا المفهوم.
5. يجب أيضا الوضع في الاعتبار فئات المغتربين الصغرى و المتوسطة الدخول في عين الاعتبار , إذ هي أغلبية في مجموعها فيمكن تجزئة الأسهم و الصكوك و الشهادات الحكومية. إذ ليس كل من اغترب كما تتصوره الدولة أو حتى ذويه محمل حرير و بئر نفط . فبتجزئة المساهمات يكسب الطرفان : الدولة أو الشركة تكسب رسم الإصدار + المساهمة و المغترب يكسب توجيه دخله .
و بعد ما أثار شجوني خبر اقتصادي : يقول الخبر إن شركة كويتية عرضت مبلغ مليار لشراء 61% من أسهم سوداتل. فكم تخطط لأن تربح؟ و هل يعلم المخططون و المشرعون إن الاتصالات هي القطاع الحاسم في مفاوضات الانضمام للتجارة العالمية فإذا أحرقت هذا الكرت كيف ستقاوم الجشع العالمي و شروطه المدمرة.
قلبي على مواطني و موطني!!