تحليلات اخبارية من السودان
أراء و مقالات
ترحب سودانيزاونلاين بجميع الاراء الحرة و المقالات لنشرها فى هذه الصفحة.ويمكنك لزوارنا الكرام ارسالها الى [email protected] كما نرجو ذكر الاسم الحقيقى و الكامل و مكان الاقامة مدة بقاء المقال فى هذه الصفحة 10 اعوام

مـكـاسب النظـام العـالمي في مسـيرة السـلام السـودانية جـوهـر الأمـر بين السوق الوطنية والإمبريالية بقلم د.الحاج حمد محمد خير

سودانيزاونلاين.كوم
sudaneseonline.com
14/12/2005 11:00 م

بسم الله الرحمن الرحيم


مدخــــل:

بعيداً عن النظريات والايديولوجيات فان المخرج العملي لممارسة هذه النظريات والايديولوجيات هو دولة تمارس السيادة لصالح المنتجين في المجتمع ونظام اقتصادي سياسي يوسع العمل المنتج ويزيد من الخيارات امام الناس وفي ذلك يتعاون مع الجيران والمنطقة الإقليمية والدولية لتحقيق العمل المنتج لأفراد الشعب اغنياؤه وفقراءه وكل تنازل يقدم لأي منتج اجنبي يكون هدفه في التحليل النهائي تطوير قاعدة خلق فرص العمل في السوق المحلي وزيادة الخيارات امام افراد الشعب. وبالتالي فان أي تنازلات للسوق العالمي دون عائد وجدوي اقتصادية للمنتج والمستهلك الوطني يكون خصماً على مستقبل المنتجين والمستهلكين الوطنيين. ونحن في العالم الثالث لا ننفذ من اركان السموات والأرض إلا بسلطان والسلطان هو العلم فالحق في التنمية الذي يسندها القوة – وكنا نعتقد بان القوة هي الجيوش – ولكن يتضح يوماً بعد يوم انها تدرس موقف الفئات الإجتماعية من قضية الإنتاج ثم تتوحد مع القوى المماثلة لها في بلدان القوة الأكبر ومن ثم تستخدم هذا التحالف ليتقوى به اولئك في صراعاتهم مع قوى اخرى وتتحقق مشيئة الله في دفع الناس بعضهم بعضاً حتى لا تفسد الأرض.
وللإسهام في مسيرة السلام بأفق استراتيجي وطني كما شرحنا اعلاه فان هذه المساهمة تتوخى انجاز وطني في مقابل المنافسة الشريفة مع الإمبريالية لصالح السوق الوطني.

خلفية تاريخية:
الأجندة التاريخية للإستعمار جامدة والمتغير اساليب تنفيذ هذه الأجندة. لقد وضع المجتمع الصناعي المتخم بالانتاج البضائعي والجائع النهم الذي لا يشبع نصب عينيه الحصول على المواد الخام والاسواق وبأي ثمن فتعاقدت البلدان الصناعية منذ مؤتمر برلين على آليات لتسوية نزاعات الأنانية المغلقة القائمة على الحصول على أعلى معدلات الربح وتفننت في انتاج نظام عالمي قائم على الإعتراف بالقوة الغاشمة فقط وبدأت خطوات القانون الدولى مسارها في اطار تنظيم النهب الاستعماري حق المعاهدة اولاً تأتي شركات قابضة تؤسسها الحكومة وتدفع لها اموال مكتتبة ثم تشتري خدماتها بنسب حجم الاسواق التي تفتحها هذه القاعدة وهذه الشركات امتدت من اسيا شرقاً وحتى غرب افريقيا ومن الجزائر شمالاً وحتى استراليا مروراً بجنوب افريقيا اسست عملها على ما تعارفت عليه بانها رسالة ثلاثية الأبعاد تحمل كلماتها الحرف س الانجليزية في اولها (Three Cs) وهي بالعربية تكون (الحضارة + المسيحية والتجارة) واعتقد انها البديل السحري الذي ينتشل الإنسان في تلك البلدان الأسواق من الرق وتجارة الرقيق.
وتقوم هذه الشركات بشراء السيادة على الاراضي باتفاقيات مع شيوخ القبائل وحكام الامارات الافريقية مقابل الخمور والاسلحة الفاسدة والقديمة ومقابل القبول بالتجارة في المواد الأولية والغاء تجارة الرقيق. اي استبدال نوعية الاسترقاق من الاسترقاق المباشر الذي مارسته الشعوب الافريقية في علاقة الحاكم والمحكوم ومع جيرانها من المسلمين وغير المسلمين.
ان اسلوب الاستعمار غير المباشر عبر الشركات القابضة يحول قضايا المستعمرات لقضايا منافسة تجارية لاهبة تجعل الصراع بين هذه الشركات في مناطق نفوذها مشاكل سياسية داخل البلدان الاستعمارية نفسها فكم مرة سقطت حكومة بريطانية في اتون مثل هذا الصراع بين المحافظين واللبراليين. وكذلك تقوم حروب بين البلدان الاوربية تحت مظلة حماية المواطنين والشركات وعندها يتطلب الأمر ادماج معامل تدخل الدولة بجيوشها لحماية مناطق النفوذ ونتج عن ذلك - في خواتيم القرن التاسع عشر- مبدأ حق الفتح "وهو كان قد قنن ولم يستخدم على نطاق واسع ايضاً في مؤتمر برلين". وحق الفتح هذا فرض الوصول بالجيوش لمناطق اما استعصت على الشركات او كانت فيها المنافسة بين الشركات تؤثر على توازن القوى اما داخل البلد الإستعماري الواحد او البلدان الإستعمارية مع بعضها البعض وتمّيزت الفترة بين 1876 الى 1912م المعروفة بعصر التكالب على افريقيا بالإستخدام الواسع النطاق لحق الفتح ففي هذه الفترة اشتّدت المنافسة بين فرنسا وبريطانيا وايطاليا والمانيا وحتى بلجيكا في افريقيا وسيطر مشروعان كبيران في بريطانيا مشروع الكاب. الاسكندرية (شمال / جنوب) وفي فرنسا مشروع جيبوتي – السنغال (شرق / غرب). وبالتالي يتقاطع المشروعان في السودان.
في ظل هذا الجو الإستلابي والذي يشعر المرء بان بلادنا تحاصرها الذئاب لتفترسها كان يلحمها اكبر معامل لتسريع او ابطاء هذا الهجوم السيادة الوطنية هو تفكك القوى الوطنية او الوحدة الرائعة التي لحمها الفكر الفذ والممارسة الثورية الصارمة في النفس والرحمة والتكافل والإلفة بين القيادة التي صنعها الإمام المهدي وأضاعها الخليفة.
بدأت حملة كتشنر مباشرة بعد سقوط الخرطوم واستمرت هذه الحملة تتقدم وفق مسار وتداعيات احتياجات السياسة البريطانية التوسعية وصار مقتل غردون قميص عثمان الذي يحرك به دهاقنة السوق رغبات التوسع الاستعماري فما يسمى بالانسانيين (Humanitarians) ينفخون في الشعور "الانساني" بان غردون سقط وهو يكافح تجار الرقيق (في حين ان غردون نفسه من اكبر تجار الرقيق وفق ما ذكرته جمعية محاربة الرق وتجارة الرقيق) واما القوى التجارية فقط كانت تنظر للأمر من زاوية حماية المصالح البريطانية في مصر وحسم المنافسة مع فرنسا والمانيا وتأمين قناة السويس وجنوب البحر الأحمر. والبعد الثالث هو التنازلات الإستراتيجية لتعزيز علاقات الأطراف الإستعمارية فقد ظل كتشنر قابعاً في حلفا منتظراً تقدم الخط الحديدي ولكن فرضت مجريات الحرب الايطالية الاثيوبية ان تطلب ايطاليا من بريطانيا تحريك قواتها لداخل السودان لمنع أي تحالف محتمل بين اثيوبيا والسودان . تمزق الجبهة الداخلية هو الذي اكسب كتشنر الوقت ليحدد زمان ومكان المعركة تمزق الجبهة الداخلية وفقدان الثقة بين الحكومة وكافة الزاعمات الوطنية الأخرى اوصل الحكومة لدرجة من العزلة جعلت ان بعض كبار قادة الأنصار وخاصة الفئات التجارية صاحبة المصلحة في الإتجار مع مصر وعبر البحر الأحمر ان تتعامل مع مخابرات الجيش البريطاني في عمليات زعزعة الثقة في النفس الموجهة ضد الجهاز الحاكم واحساسه بفقدان الأمن فكان تهريب سلاطين والاب اهولدر من عمليات الحرب النفسية باننا نستطيع نصلك حتى في قلب امدرمان. ويقال ان الخليفة منذ هروب سلاطين اصبح يشك في الجميع وظل يردد انه لن يثق في احد بعد ..... الذي وثقنا فيه فقام بتهريب "الكافر عدو الله" الى اخر التفاصيل والأسماء التي اوردها سلاطين والاب اهولدر.
انشغال الخليفة وكافة التيارات السياسية داخل وخارج الدولة في مصالح ذاتية مغلقة منع القيادة من رؤية الإمكانات المتاحة. كان تقدم كتشنر وعلى مدى اكثر من سنتين وحين نقارن بين ما حل بجيش هكس باشا منذ ان وطئت اقدامه شرق السودان وحتى الإبادة الكاملة له في غابة شيكان نرى الفرق بين اسلوب قيادي عند الإمام المهدي حين اعتبر ان مسار الحملة يوفر له اكبر مساحة من الدعاية لتوحيد الجماهير عبر هذا الطريق من الشرق الى الغرب ان ابادة هكس هي التي اوصلت قوات المهدية لأعداد لم يسمع بها من قبل جمع المهدي حوله كل قادر على حمل السلاح او مسلحاً هذا التفكير القيادي في الوحدة الوطنية حول هدف وطني هو تدمير الغزاة والمحتلين هو الذي صنع نجاحاً داوياً ضد ايديولوجية الخلافة العثمانية التي تستعمر المسلمين وضد الاستقلال عن الخلافة وتحاول ان تجعل السودان ضمن ممتلكات الخديوية. هذا التفكير هو الذي صار مفارقة بين قيادة المهدي والخليفة والمتغير الوحيد هو اسلوب القيادة فنفس القادة الذين قادهم فكر المهدي ورؤاه الحميدة هم الذين شتتهم سياسات الخليفة وبدلاً من وحدة الارادة تجاه الوطن والعقيدة صارت العقيدة عبئاً على الوطن وصارت احدى ادوات التفرقة بين المسلمين.
ورغماً عن ذلك لم يفقد الرجال الأفذاذ رباطة جأشهم ولم يتهربوا او يدعوا المرض او التخزيل او كلما يشين المرء ذو العزة والانتماء ويمثل نكران الذات وتحدي الموت عند الاختيار بين الاستكانة والحياة.
ودخل رسل الحضارة والانسانية والتجارة والمسيحية وبعد ان فاقوا من نشوة الانتصار. وبدأت مرحلة من القطع لتاريخنا الوطني. لم يعد خريجي الخلاوي والسبابة وصغار المنتجين (الجلابة) والحرفين والجهادية هم طليعة المجتمع. بل فتحت المدارس المدنية والعسكرية وشقت السكك الحديدية واقيمت محطات الكهرباء ودخل العمال والموظفين في الدواوين دائرة الضوء الإجتماعي وصارت الفئات التجارية تابعة للفئات الحديثة المدنية والعسكرية والتي سرعان ما ادركت ان مصالحها في الدولة الجديدة التى اقامها الاستعمار وهي التي سترت هذا الجهاز العجيب – السلاح ذو الحدين الذين يمكن ان يتسع في رؤاه ليشمل مصالح الشعب السوداني (القاعدة العريضة للمجتمع وهي جماهير المزارعين والرعاه والعمال) ويمكن ان يضيق ليس فقط مصالح خريجي المدارس المدنية والعسكرية.
فجاء الاستقلال في يناير 56 وخرج الإنجليز كاحتلال ولكن تطورات الثروة المتخمة والتراكم للرأسمالي في داخل البلدان الرأسمالية نقل قيادة الدولة الرأسمالية من ايدي الفئات الصناعية الى الفئات المالية ولذا لم يكن لديها مانع في ان تنهي الاحتلال كوسيلة مباشرة لنهب الشعوب واستخدام الأموال في شكل قروض وهبات لضمان الاسواق فاضيف لحق الفتح وحق المعاهدة حق جديد اسمه حق الصرف.
اذن لم تتغير أهداف الإستعمار وانما تغيرت الوسائل – رغماً انه لم ينسى ماضيه الدموي وكثيراً ما يعود لهذا الماضي كما يحدث في العراق وافغانستان حالياً.
ولننظر لما حقق من مكاسب بحق الصرف في اتفاقيات السلام.
ففي زمن حق الصرف نستفيد من امثلة البلدان التي ساعدها النظام العالمي الجديد (ونعني به القوى العظمى والأمم المتحدة واذرعتها المالية والسياسية بعد الحرب الباردة) في تحقيق السلام بعد حروب اهلية هي اما اصلاً صنعها النظام العالمي القديم او اندلعت لأسباب اخرى ثم واصل النظام العالمي القديم (ونعني به الإتحاد السوفياتي والولايات المتحدة) تأجيجها من خلال استغلال طرفي الحرب لأغراض السوق في كلا طرفي الحرب الباردة.
الإجراءات الشكلية المعروفة لتفريغ الديمقراطية من محتواها:-
1- انتخابات تحت السيطرة.
2- تقييد حركة المعارضة السياسية.
3- حظر عمل المنظمات الحقوقية غير المدجنة بمال السلطة.
4- محاصرة وسائل التغيير السلمية الواقعة خارج الفضاء الحكومي.
5- القضاء التابع.
6- النقابات التابعة.

مغانم النظام العالمي في اتفاقية السلام تمكين برامج اعادة الهيكلة والخصخصة في الشمال والجنوب باساليب اقتصادية وعسكرية:
نعلم جميعاً القول المأثور بان مصائب قوم عند قوم فوائد وحول هذا المعتقد العام يتم نسج صيغ استلابية مهمتها استدامة مصالح السوق العالمي وقواه المتنافسة. فالتكالب على الأسواق خاصة في بلدان العالمين الثالث والرابع هي التي تعطي وحدة المنافسين والتي حالما تتناقض تلك المصالح يظهر المسروق. ونضرب مثلاً بحماية الاسواق فنظرياً وحرفياً فان مبدأ الحماية يتعارض مع مبدأ حرية الأسواق وننظر حولنا فنجد ان اكبر سوقين ظهرا في التاريخ حتى الآن هما السوق الاوربية والسوق الاميريكية تتعارك وتتفنن في اساليب الحماية لا للمنتجات التقنية العالية فحسب بل وحتى المنتجات الزراعية والمواد الخام مثل الفولاذ والصلب. ويكفي ان نشير هنا الى الولايات المتحدة رصدت مائة واثنين وثلاثين بليون (فقد ولى زمن المليون) لدعم المنتجات الزراعية وذلك في شكل اعفاءات ضرائبية ودعم لسوق الصادر وتذاكر غذائية في السوق الداخلي وتجميد الأزمات الوطنية في بلدان العالم الثالث لتكون كوارث انسانية يتم استلابها لصالح سوق الإغاثة.
وفي الوقت الذي تدعم هذه الحكومة المنتجات الزراعية ( وهي تمثل فقط 14% من الدخل القومي ويعمل بها فقط 3% من السكان) يمنع ذلك على السودان الذي يعمل اكثر من 70% من سكانه بالزراعة وتمثل المنتجات الزراعية اكثر من 60% من الصادارات. بل حتى لا يسمح للشعب السوداني بان يستمر في تناول الذرة الرفيعة – المنتج الزراعي الأول – والذي يمثل الغذاء الرئيسى لأكثر من 80% من الشعب. وابجديات السياسة الإقتصادية المنتمية للشعب (ولا نقول المنحازة) هي ان لم ندعم منتجي الذرة من الكساد والبوار وذلك بمنع استيراد الذرة ورفع اسعارها من خلال الدعم – مدركين لصعوبة المواصلات – حيث يسعى المنتج لسوق التصدير لانها اقل تكلفة واكبر عائد – في مناطق الندرة والشح – فالسودان لم يكن في يوم من الايام – حتى اشد سنوات القحط سواداً- ينتج اقل مما يكفي احتياجات مواطنيه من الذرة – ولكن لازالت هناك مشكلة توزيع حيث يكون الفائض في مناطق الانتاج هذا ما تسميه الامبريالية بشرها المعهود – النقص في الغذاء – وتتنافس البلدان الأوربية والولايات المتحدة في انتاج اكذوبة نقص الغذاء في السودان (راجع تقرير اليكس دى فال حول الأجندة العملية للإعاشة والإصلاح في شمال السودان على موقع المعونة الاميريكية- سبتمبر2005م) حيث من تسعة توصيات للمعونة اربعة تتعلق بنقص الغذاء في الفترة الانتقالية مما يعني ان المعونة الاميريكية – ستنفق كل ما اعتمدته للسلام (او جله) على هذا النوع من المساعدات وخاصة انها اصرت في اجتماع المانحين على ان تدير اموالها بنفسها. هذا ما يلى المال الامريكي المباشر.

المغانم الاميريكية باساليب غير مباشرة:
المعروف هيمنة الولايات المتحدة على البنك الدولى وصندوق النقد الدولى ومنظمة التجارة العالمية بسبب هيمنتها على سوق الأوراق المالية بواسطة الوضع الفريد للدولار وحتى لا نغرق في التفاصيل فاننا نشير الى الوضع في شكل كبسولات حيث:
1- ثلثا الاحتياطات كافة في العالم في التبادل الرسمي موضوعة بالدولار.
2- اربعة اخماس التبادلات العالمية ونصف خبراء العالم متخصصون في الدولار.
3- كافة القروض التي يقدمها البنك الدولي والصندوق بالدولار.
4- النتيجة من اي دولار خارج الولايات المتحدة يعود اربعة سنتات يومياً لخزينة الاحتياطي الفيدرالى.
وتحت هذا الوضع الاستثنائى يتضح ان كافة الأموال التي خصصها اجتماع اوسلو للمناحين ستمر عبر المصالح السياسية للولايات المتحدة. وكما يقول السودانيين (احمد وحاج احمد) فان ما سمي بصناديق اطراف المنح المتعددة والتي سلمت للبنك الدولى ليديرها البنك الدولى (راجع مذكرة التفاهم حول الصناديق متعددة المانحين على موقع البنك الدولى بالانترنت) فهذه الصناديق وهي واحد للشمال او المناطق المتأثرة بالحرب في الشمال وعلى الأخص ابيي وجبال النوبة وجنوب النيل الازرق يجب علينا الان ان ننظر في الكيفية التي سيدير بها البنك الدولي هذه الصناديق وفق ما جاء في مذكرة التفاهم حيث المحصلة النهائية هي تكريس مبدأ الشمال والجنوب وفق مذكرة التثبت الاقتصادي واعادة الإعمار وهي صادرة عن البنك في 30/6/2003 (الفين وثلاثة للتأكيد حتى لا يعتقد القارئ ان هناك خطأ في الارقام). هذه المذكرة هي التقرير القطري للبنك وقد تم نقلها بحذافيرها مع اختلافات طفيفة هنا وهناك في وثيقة الـ JAM (فريق عمل التقييم المشترك). وهي تقييم يفترض ان يكون قامت به فرق مشتركة بين البنك الدولي وصندوق الأمم المتحدة للانماء وحكومة المؤتمر الوطني والحركة الشعبية.

الضعف الذاتي عامل آخر في صالح الإمبريالية:
هل كان مستوى الاداء المتقدم والمعلوماتية المنسجم مع اقصى درجات البحث العلمي المنسجم مع المصالح الوطنية الذي يمثله البنك الدولي وصندوق النقد الدولي لا يكفي ليعطي النظام العالمي كل ما يريده حتى نضيف له ان كان من جانب الحركة او الحكومة او منظمات المجتمع المدني اشخاص (الضعف الذاتي) لم يفكروا للحظة في ان عائد السلام لا يعني فقط وقف القتال بل يعني استدامة التنمية حتى لا ينتكس السلام. ففريق تحديد الاحتياجات الوطني في الشمال قد استخدم كطعم لصيد حكومة الجنوب – للانزلاق في نفس سياسات سوق الافقار التي مارستها حكومة 30 يونيو. فسياسات السوق المرهونة لصندوق النقد الدولى استخدمت اساليب برامج إعادة الهيكلة والتي حين يعتمدها الصندوق – عبر تفاوض- يتحمل عبء تغطية المظلة الإجتماعية كانت تلك هدية الإنقاذ للصندوق بان قام بالخصخصة وإعادة الهيكلة ودمجها مع مقتضيات الاحتياجات السياسية فادخل لأول مرة جهاز الدولة بشقيه المدني والعسكري في دائرة الولاء الكامل للسلطة السياسية كأساس لتصنيف المواطنة. وارتفع معدل الفقر من 25-30% في عام 1989م الى 85% في 1995م. واستمر نهج السياسة المالية الكلية المعادي لمعيشة الشعب بادخال اساليب المشاركة في التكلفة في التعليم والصحة والمياه. بل ان ولاية الخرطوم والتي يقيم بها 26% من سكان السودان ويمثل هؤلاء 70% من سكان الحضر في السودان وادخلت بدعة التمويل بالعجز مع رفع وتائر الضرائب مما فرض واقع استثمارات حكومية في الطرق – وهي لصالح قوى السوق والمظهر العام للتنمية الطفيلية – يقع عبء سدادها على المواطن في حين ان دخل الفرد لأغلبية سكان الولاية – تأتي من القطاع الهامشي وغير المنظم – وهو على مرّ التاريخ قطاع اعاشي وليس ادخاري – هذا كرّس اما التخلف الموروث بان يتدهور التعليم عامة وتعليم البنات خصوصاً – لان دفع الرسوم تجعل الأسر تفضل ان تعلم الاولاد وحتى بين الاولاد يتم انتقاء واحد او اثنين للمدرسة وهؤلاء عليهم بالاضافة للذهاب للمدرسة القيام باعمال هامشية. فخدمات المياه رغماً عن الضرائب العالية عليها (فقط مع مطلع هذا العام تم رفع فاتورة المياه بنسبة 50%) لم تقم الولاية بالخرطوم والحكومة الاتحادية بالاستثمار في الولاية فبقيت المياه من الماسورة الى داخل المنزل في 30-35% فقط من المنازل و65% يجلبون الماء بالبراميل ان 15 – 20% مما استثمرته الولاية في الطرق الداخلية (بالفساد الذي يزكم الأنوف) كان كافياً ان يأتي بعائد مالي باسعار ما قبل الزيادة الحالية ويحدث فائضاً يساعد في تنمية البنية التحتية. وتتميز الخرطوم عن كل المدن الافريقية (المحترمة) بغياب القطار والترام او مترو الأنفاق لأن مثل هذا التمويل طويل الأمد والضخم لا يمكن ان تقوم به ما يسمى بالصيغ الإسلامية فهذه الصيغ هي لصالح التجارة والقروض قصيرة الأجل ومضادة للبنية التحتية الحديثة والمتمثلة في الصناعة والمواصلات والكهرباء والمياه (القروض طويلة الأجل). اذن لدينا مافيا تجارية تعمل باهداف قصيرة الأمد وتعادي التنمية واستدامتها وللأسف باسم الإسلام والمسلمين. وهي تركيبة شاذة حتى بمقاييس التعامل الموضوعى مع البنك الدولي وصندوق النقد الدولى.
هذا القصور الفاضح في معارف وخبرات الكوادر بالإقتصاد السياسي لإقتصاديات السوق اي نقص وعيها لأي نوع من سياسات السوق يحتاج السودان في شماله وجنوبه وشرقه وغربه. كيف في العصر الذهبي لرأس المال المالي نقبل فقهاً لا يميز بين الربا (في القرون الوسطى) والربا في ظل رأس المال الإحتكاري. ان أي تلميذ درس في أي من الجامعات ذات المناهج العلمية المنضبطة يعلم ان النقود – منذ ادم سميث – هي نفسها سلعة ولديها مدخلات من الورق والأحبار والتصميم والماكينات ولديه شبكة توزيع وبالتالي هي الإستثمار الأول لأي دولة. واذا كانت هناك سلعة ذات عائد فهي الاوراق المالية وميزتها على اي سلعة اخرى هي –نقد بضاعة نقد- انها تعود بالكامل لصالح الدولة (أي المجتمع). فمعدل سعر الفائدة في اقتصاديات السوق الحرة هو المعيار في ابطاء او اسراع دورة رأس المال فكيف نقارن بينها وبين نظم المراباه التي منعها الدين وهي نظام الشيل مثلاً أي بضاعة نقد بضاعة. وهو الفائدة المركبة على اصل الدين عيناً وفي نفس الوقت استغلال حاجة الدائن عند تقييم منتوجه بابخس الاثمان او ادناها مقابل تعظيم العائد من الدين وللسخرية فان الدولة السودانية ظلت تدفع فوائد مركبة على اصل ديونها ويتطلب الامر للتوضيح التوسع في مسألة الغرب والديون الافريقية لنرى ان الدين الوطني البالغ 22 بليون دولار يتضح انه هائل اذا علمنا ان دخل الفرد في السودان 380 دولار في افريقيا (308) ويمثل الدين على الفرد حوالى 220 دولار مقابل (355 في افريقيا).
ويساعدنا البروفسير جافين كابس Gavin Capps من مدرسة لندن للاقتصاد London school of Economic في مقالته بعنوان " اعادة تصميم شرك الديون" ويذكر ان افريقيا جنوب الصحراء استلفت في 2001م 11.4 بليون وكان هذا ولايزال خصماً على الخدمات المختلفة وظلت اغلب البلدان الافريقية بما فيها السودان تدفع 33% من الناتج المحلي الإجمالى. ان أهم مكسب للغرب ومعلم بارز في مكاسب السلام التي جناها الغرب هو ان برامج إعادة الهيكلة التي يدفع فيها صندوق النقد الدولى IMF اموال طائلة جاءته مجاناً ولم يأت في اجتماع المانحين في اوسلو اي ذكر لإعفاء الديون سوى خديعة المنح والتي من المعروف انها تعود ادراجها في شكل سلع وخدمات ويكفي الإشارة الى ان برنامج الأمم المتحدة لدرء الكوارث في كل سنوات الحرب لم يستطع ان يوفر اكثر من 35 – 40% من المطلوبات السنوية ولم تخرج كل تلك الإموال البالغة اكثر من ثلاثة مليار دولار عبر عملية شريان الحياة من بضائع وايجار طائرات ورغماً عن الإدعاء بان العملية عملية انسانية بحته إلا أنها كانت تغطية لسوق السلع والخدمات وبقى جنوب السودان حيث صرفت اغلب تلك الخدمات – رغماً عن انها تمت تحت اسم الأمن الغذائي للمواطنين المتضررين بالحرب إلا أنها تركت جنوب السودان خراباً بلقعاً وجعلت من مواطن جنوب السودان رصيداً سهلاً لامراء الحرب في الجنوب والشمال. ويكفي ان نقول ان الغرب منذ عام 1989 عامة والولايات المتحدة خاصة لديهم القدرة والإمكانية لتحقيق مثل هذا السلام ولكن ضغط اللوبي الزراعي في السوق الاوربية والولايات المتحدة كان يعتبر مصائب شعب السودان في جنوبه وشماله فوائد له.
وبتطور انتاج البترول وجوع الإقتصاديات الغربية للطاقة البترولية جعلت جماعات الضغط من اهل قطاع الطاقة تكسب الجولة بمجئ بوش الإبن للسلطة. وهذه الفئات هدفها الإستراتيجي زيادة العرض من الطاقة في الاسواق وزيادة المخزون الاستراتيجي الدولي وكما قلنا حيثما كان هناك سوق لسلعة استراتيجية فان الفائدة اما مباشرة بتخفيف شراء "نهب" مباشر او اما ان الهيمنة على السوق تعطي ميزة استراتيجية يمكن مقايضتها في اماكن اخرى او مع سلع اخرى في العالم. وحتى لا يتم احساس اللوبي الزراعي بالفاجعة فان ازمة دارفور تمثل تعويضاً جزئياً للسوق المباشر للأغذية.

هل هناك تغيير في اجندة النظام العالمي؟؟
نعني المقارنة بين عصر التكالب على افريقيا وهو عصر الاستعمار المباشر بالاحتلال العسكري (حق الفتح) ثم اضافوا حق الاتفاقية اما الان اضافوا اسلوب هو حق الصرف على الفئات الحاكمة او التي ستحكم من طلائع طبقات المزارعين والرعاة (ممثلى الغالبية العظمى من الشعوب في العالم الثالث) وهم خريجي المدارس المدنية والعسكرية.

ما هي اخر المكاسب والبدع في اتفاقية سلام السودان للنظام الغربي العالمي؟
المعروف ان اللغة العربية هي وسيط التخاطب بين الشعوب السودانية وذلك لأسباب تاريخية. ومقاومة الاستعمار البريطاني في السودان للغة العربية كانت تحديداً لمنع نمو محيط لغوي يوحد الشعب السوداني او على الاقل يبطئ سياسة فرق تسد. والدراسات والبحوث التي اجراها خبراء بريطانيين لمحاولة وقف انتشار اللغة العربية تثير الاعجاب فحتى نهاية الاربعينات كانت الدراسات لكتابة احدى اللهجات المحلية في جبال النوبة لازالت تجري على قدم وساق وكتابة الكتاب المقدس كاداة لنشر المسيحية ولكن يتضح ان اي لغة جنوبية او شرقية او شمالية او غرباوية يعني ان المحيط نفسه لا يزيد ولذا حين ضايقت مراكز قوى الضغط الكنسي ( وهي احد اهم مفاتيح مغاليق الاسواق) لأن الكنيسة تحولت لكنيسة وطنية كاثوليكية او بروتستانية. وقد لاحظنا ذلك عندما اراد الحاكم العام الليبرالي العلماني السير ستيوارت سايمز ان يلغي قانون المناطق المقفولة كتب لحكومة جلالة الملكة قائلاً " لا ارى سبب لأن نغلق تلك المناطق ونتركها لايديولوجية الفلاح الايطالى".
اما في جبال النوبة في الاربعينات حين كتب نادل كتابه الممتاز (والوحيد الذي يعطي الخرطة الكاملة للمجموعات العرقية النوباوية) فقد ذكر ان الجهود استمرت لكتابة اللغة العربية باحرف لاتينية كتنازل للكنيسة حتى لا يحمل الحرف العربي الثقافة الدينية الاسلامية.
ومن قرأ الدراسات التوثيقية للرعيل الاول من خريجي المدارس المدنية يجدون ان الإنجليز حتى كانوا لا يسمحون للاولاد بالتخاطب بلغتهم اثناء اليوم الدراسي وخاصة في غردون فعبدالحليم على طه فصل من الدراسة لانه عندما سئل عن جنسه رفض ان يذكر قبيلته وقال انه سوداني.
وبعد الاستقلال كانت منح الحكومة البريطانية والمجلس الثقافي البريطاني والمركز الثقافي الامريكي تقدم الدعم لوزارة التربية والتعليم لدعم تدريس اللغة الانجليزية وتدفع اموالاً طائلة لنتعلم اللغة الانجليزية فكيف يتم المساواة بينها واللغة العربية مما يعني ان نصرف من المال العام بدلاً عن تطوير اللغات المحلية وخاصة في منهج المدارس الاولية – لأن الاموال اصلاً محدودة ولن تكفي اولويات اعادة الاعمار- مع ما شرحنا من مديونية ومن منح لن يأتي اكثر من 10% اصلاً وما يأتي فسيعود للبلدان المانحة.

ما هو دور الأمم المتحدة في لجم او تسريع هذه المكاسب او تفعيلها؟؟.
الاجابة تعتمد في المقام الاول على السلوك السيادي لمؤسسات الدولة فان تعاملت بالحزم وقواعد الشفافية فان المنظمة الدولية في التحليل النهائي هي مجموعة من الموظفين من المفترض انهم يؤدون وظيفتهم وفق تعاقد مهني فني وتعاقد سياسي دبلوماسي ولا ننسى ان هؤلاء الموظفين "الأميين" تختفي خلفهم مصالح بلدانهم وحالما يتضارب صنع القرار وتتفرق السبل بالمؤسسات الوطنية. يعمل هؤلاء الموظفين لصالح اسواق بلدانهم. وحتى اولئك الديوانيين الملتزمين بحرفية القانون الدولي حين يصبحوا حجر عثرة امام مصالح قوى السوق الفاعلة في قطر محدد يتم تغييرهم لصالح التوازن في قسمة الأسواق الدولية. فمثلاً السودان يقع في السوق الانجلوفونية فيتوقع ان تكون الكيكة الأممية تعبر عن ذلك. نلحظ ذلك بوضوح الآن في مسألة دارفور.

خـاتمـة:
ان علينا نحن خريجي المدارس الذين نجلس على طاولة المفاوضات ونعطي كل هذه المكاسب للنظام العالمي. وللأسف على حساب 70% من سكان السودان العاملين بالزراعة ونفتح ثروات البلاد للنهب المنظم والعشوائي باسم الصيغ الإسلامية مما يسهم في فساد وافساد الـ30% الباقين من اهل السودان سكان الحضر. هل حقيقة اننا لا نخجل حين ندعي انناابناء هذا البلد وسلالة الذين شقوا وفلحوا الارض وبحثوا عن الكلا في الفلاوات والذين كدحوا في المدارس والجامعات ليتخرجوا ثم لا يجدوا الوظيفة اللائقة. ونملأ الارض ضجيجاً عن شعارات خاوية تملأ جيوب الاجانب وتزيد الفاقة والفقر المتفاقم منذ هزيمة كرري ويتم اعادة انتاجه واستدامته عبر اشكال متعددة كلها يقف ورائها خريجي المدارس المدنية والعسكرية. ما تقوله هذه السطور افصح عند المهاتما غاندي حيث استوعب ان الحداثة لا تكون بالارتماء في احضان قوى السوق الإستلابي العالمي بل بحفر محيط سيادي صلد لسوق وطني تتنافس فيه كافة القوى السياسية والإجتماعية وهي متأكدة ان اولوياتها السوق الوطني.

مقترحات:-
أولاً: حكومة المؤتمر الوطني والحركة الشعبية
1- لن يخدم الإستمرار في السلطة ان يستمر رفع وتائر التنسيق الأمني مع الولايات المتحدة لأن الأجهزة الأمريكية الأمنية تابعة للنظام السياسي ولذلك فان تأجير بيت خبرة واحد باختيار احادي لا يجدي في اخراج البلاد من دائرة العقوبات لأنها وضعت لتساعد الأجهزة الأمنية الأمريكي المرتبطة تجاه مكافحة الإرهاب. ولذا فان كلا المؤتمر الوطني والحركة الشعبية ترهن قرارها السياسي لأجهزتها الأمنية والتي وصلت في التنسيق مشربات عليا مع الأجهزة الأمريكية دون ان يصب ذلك في مصلحة احداث انفراجة في المعاملة السياسية مع النخبة السياسية في واشنطن.

ثانياً: الأحزاب السياسية في المعارضة:
تهدد البلاد اخطار التدخل الأجنبي واذا لم يدخل الجميع الأمة والتجمع والشعبي الحكومة فان الوضع سيكون لصالح قوى السوق العالمي كلياً ويكون الشركين في السلطة كما وضح حتى الان رهائن للأجهزة الأمنية الغربية لما يسمى بمكافحة الإرهاب ويدخل النظام الإقتصادي العالمي لإستلاب الموارد الوطنية. كما وضح من جندرة النظام العالمي بين الحكومة والبنك الدولي. كما تتأثر الفترة الإنتقالية بجمود الممارسة السياسية الإيجابية التي تحول المكاسب الدستورية المتمثلة في الباب الثاني من الدستور الإنتقالي الى فرضية عملية في احقاق الديمقراطية وتطوير عادة التداول السلمي للسلطة. ان مشاركة الأحزاب (الكداب سكوا لخشم بيت امو) ضرورية لضمان
1- اجراء انتخابات حرة ونزيهة
2- استعادة حقوق المفصولين والمشردين
3- حلحلة المشاكل التي نتجت عن شريعة الغاب التي اسميت زوراً وبهتاناً بالشريعة الإسلامية في الألفية الثالثة
4- ضمان استفتاء نزيهة ووطني
5- فتح افق الشراكة بين القطاع الخاص والحكومة ومنظمات المجتمع المدني وذلك بالتخلص من النهج الأحادي في الإقتصاد والبنوك والمسئولية الإجتماعية تجاه خطط وبرامج التنمية. وتفعيل مفوضيات حقوق الإنسانوالأرض والرقابة على أجهزة الصرف الدولية والقوات الدولية.
هكذا يكون الاتجاه الوطني في مواجهة الهجمة الشرسة على الموارد الوطنية من قيل نظام العولمة الذي تقوده الولايات المتحدة.

د.الحاج حمد محمد خير


للمزيد من االمقالات

للمزيد من هذه الاخبار للمزيد من هذه البيانات و المنشورات
الأخبار المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع


| اغانى سودانية | آراء حرة و مقالات | ارشيف الاخبار لعام 2004 | المنبر العام| دليل الخريجين | | مكتبة الراحل على المك | مواضيع توثيقية و متميزة | أرشيف المنبر العام للنصف الاول من عام 2005

الصفحة الرئيسية| دليل الاحباب |English Forum| مكتبة الاستاذ محمود محمد طه | مكتبة الراحل المقيم الاستاذ الخاتم عدلان | مواقع سودانية| اخر الاخبار| مكتبة الراحل مصطفى سيد احمد


Copyright 2000-2006
Sudan IT Inc All rights reserved