تحليلات اخبارية من السودان
أراء و مقالات
ترحب سودانيزاونلاين بجميع الاراء الحرة و المقالات لنشرها فى هذه الصفحة.ويمكنك لزوارنا الكرام ارسالها الى [email protected] كما نرجو ذكر الاسم الحقيقى و الكامل و مكان الاقامة مدة بقاء المقال فى هذه الصفحة 10 اعوام

قمة مكة» إصلاح من الداخل أم من الخارج؟ بقلم أبوبكر القاضي

سودانيزاونلاين.كوم
sudaneseonline.com
14/12/2005 3:59 م

أبوبكر القاضي ــــ «قمة مكة» إصلاح من الداخل أم من الخارج؟

رمزية (بلاغ مكة) لا تخفى على أحد من المسلمين كما لا تخفى على غير المسلمين في العالم الغربي المستهدف ايضا بهذه الرسالة‚ فالدعوة التي صدرت من مكة من قبل القادة (اولى الأمر) في العالم الاسلامي (قمة المؤتمر الاسلامي) الى (التسامح والاعتدال) هي رسالة جديدة للعالم الاسلامي بصورة عامة والى شعب المملكة العربية السعودية بصورة خاصة ولعل المملكة تعتبر الدولة الاولى التي عانت من التطرف الاسلامي والارهاب المتولد عنه حتى قبل أميركا والغرب‚ وقبل 11 سبتمبر وتفجيرات مدريد ولندن‚

لقد تم اختيار (مكة) مهد الرسالة ومقر ميلاد النبي الأمي سيد ولد آدم‚ ومهبط الوحي وقبلة المسلمين كل هذه المعاني والرموز كانت حاضرة بقوة‚‚ أكثر من هذا فإن القرآن الكريم المكي كله قرآن تسامح ودعوة بالتي هي احسن ولا إذن في مكة بالجهاد الذي يعني هنا الجهاد بالسيف‚

صدور الدعوة الى التسامح من مكة في هذه الاشهر الحرم كناية عن نقلة نوعية في الفكر الاسلامي‚‚ صادرة من (مكة) وليس من واشنطن أو لندن أو بروكسل‚‚ اما في يخص أميركا والغرب وكل الجهات التي تستقبل هذه الرسالة فإن الدعوة تأخذ مصداقية كبيرة عندما تصدر من (مكة)‚

لماذا نخاف «الإصلاح من الخارج»؟

حكامنا في العالم العربي يخافون من عبارة «الاصلاح من الخارج»‚‚ بل يرفضون «ظاهريا» هذه العبارة رفضا باتا‚‚ لأنها تعني ببساطة ان الاصلاح مفروض عليهم من أميركا‚‚ الأمر الذي ينطوي على إذلال لهم‚ ان حكامنا في العالم العربي بصورة خاصة والذين جاءوا للسلطة على ظهر دبابة‚‚ أو عبر صناديق الاقتراع في استفتاءات هي عين المهزلة وقد وصلت النسبة (100%) في عهد صدام حسين الذي يحاكم هذه الأيام في محاكمة هي عملية محاكمة للسلطان العربي كله ان حكامنا الذين فشلوا في التصالح مع شعوبهم لا يحتملون الاعتراف امام جماهيرهم بأنهم يقبلون الاصلاح من الخارج مع ان الشعوب تدرك تماما ان حكامهم أسود على شعوبهم ونعامات أمام أميركا!

بالنسبة لنا نحن المسلمين اصحاب الرسالة العالمية الخالدة‚‚ يجب علينا تشجيع العولمة‚‚ خاصة عولمة الفكر والثقافة‚‚ وذلك لقناعتنا بأن بضاعتنا هي الاولى في سوق الفكر والثقافة‚

الاستاذ المفكر العربي الفضل شلق يقول في الحوار الذي اجراه معه د‚ نادر سراج بمجلة حوار العرب العدد رقم 9/لسنة 2005 الذين يرفضون العولمة يفعلون ذلك بداعي خوفهم من التبعية لكنني اقول لهؤلاء ان العزلة عن العالم تزيدنا تبعية للآخر‚ لذا لا خيار لنا سوى الانخراط في هذا العالم كما هو لكي نخرج من الحال العبثية التي نحن فيها )‚ واستكمالا لرأيه هذا يقول المفكر الفضل شلق: « القول بـ (تجديد الثقافة العربية) من الداخل كلام خاطىء ولغو‚ لا بل هو عنصرية ايضا تنتهي بنا الى الانغلاق فالتجديد لا يأتي الا من الخارج والثقافة العربية في العصور العباسية لم تزدهر الا بفضل الروافد الخارجية»‚

هذا كلام لا يدعي قائله انه معصوم‚‚ وانما هو رأي وهذا الرأي في تقديري الشخصي فيه الكثير من المصداقية‚ فلنأخذ بثقافة حقوق الانسان‚‚ هذه الثقافة هي نتاج لتجربة بشرية‚‚ هي الحضارة الغربية‚‚ هذه الثقافة غير موجودة في واقعنا العربي (وان كنا نعتقد انها موجودة في مبادىء ديننا الاسلامي)‚‚ ما هي الاشكالية لو اننا استوردنا هذه الثقافة من أوروبا؟

اعتقد ان الحوار مغلوط من الاساس اعني يجب ان يكون الحوار‚‚ هل نقبل الاصلاح من الخارج بالقوة ام بالتي هي احسن؟ لو ان الحكومات العربية تخشى من الاصلاح على نموذج العراق (بالقوة)‚‚ فإن هذا التخوف يمكن ان يكون مفهوما لأنه ينطلق من غريزة حب البقاء‚ الاشكالية الكبرى هي ان حكوماتنا العربية لا تقدم على الاصلاح طواعية‚‚ بل تغلق الابواب امام دعاة الاصلاح سواء الذين يستندون الى مرجعيات محلية (من الداخل) أو الليبراليين واليسار‚

أختم هذه الجزئية بالقول ان الاصلاح يأتي عادة من الخارج‚‚ كان عبر رسل السماء وكتب السماء‚‚ ثم اصبح فكر التجديد و التغيير يأتي من الخارج عبر جيوش الفتح‚‚ واكبر مثال لذلك حملة نابليون لمصر‚ أو عبر رسل العقول ومثال ذلك العلماء الذين ترسلهم الدول للبلدان المستنيرة مثل الطهطاوي ومحمد عبده وطه حسين هؤلاء جلبوا الاصلاح من الخارج‚

ماذا تريد أميركا؟ وهل وفّى بلاغ مكة بالمطلوب؟

الولايات المتحدة لا تخفي نواياها تجاه انسان الشرق الاوسط (المسلم)‚‚ فهي تريد اعادة صياغة انسان الشرق الاوسط‚‚ انها تستهدف الافكار والعقول‚‚ ونسبة لأن اسم جورج بوش الابن يخيف الحكام العرب الذين يخشون ان يلقوا مصير صدام حسين‚‚ فإني سأستشهد باقوال السيناتور جون كيري الذي نافس بوش الابن على الرئاسة عام 2004 ولم يتمكن من الفوز على بوش رغم ثبوت عدم وجود اسلحة دمار شامل في العراق ورغم المقاومة العراقية التي قتلت الآلاف من الأميركيين المعلن عنهم‚‚ وما خفي اعظم‚‚ جون كيري قال امام مجلس العلاقات الخارجية في نيويورك في الاسبوع الماضي‚‚ ان الانتصار على الارهاب سيحتاج الى دمج الشرق الاوسط في الاقتصاد العالمي وبناء اقتصاديات متنوعة ومجتمعات مدنية وتحرير المنطقة من اعتمادها على النفط‚‚ وقال بالحرف: «يتعين ان نحرر انفسنا والشرق الاوسط من الاعتماد على البترول الذي يحبط كل قوة دافعة نحو التحديث في المنطقة بينما يعطي انظمتها الموارد لتتشبث بالسلطة‚ ان الحرب على الارهاب لا يمكن كسبها دون اعادة تشكيل ناجحة للشرق الاوسط الكبير وخصوصا قلبه العربي‚ اننا في حرب افكار وعقائد ولكنها في النهاية حرب يتعين ان نخوضها ونكسبها داخل العالم الاسلامي»‚

ما تريده أميركا هو إعادة فهم لمفهوم «البراء والولاء»

ان جوهر بلاغ مكة والخطة العشرية هو الدعوة للتسامح والاعتدال‚ والتسامح هو ان تقبل الآخر كما «هو»‚‚ والآخر ينقسم الى فئتين‚‚ الاولى هي: الاديان الأخرى‚ والثانية هي: الفرق والمذاهب الأخرى داخل حظيرة الاسلام‚ وقد تضمنت الخطة العشرية التي اجازها مؤتمر مكة نقاطا هامة نذكر منها الآتي:

- العمل على نشر الافكار الصحيحة عن الاسلام بصفته دين الوسطية والتسامح والاعتدال لتعزيز حصانة المسلم ضد التطرف والانغلاق وادانة التطرف في كل صوره واشكاله‚

- التأكيد على ان حوار الحضارات المبني على الاحترام والفهم المتبادلين والمساواة أمر ضروري للسلم العالمي والامن والتعايش السلمي‚

- وتشجيع الحوار بين الاديان والحرص على تدريس التربية والثقافة والحضارة الاسلامية وفقه الاختلاف وأدبه ودعوة الدول للتعاون فيما بينها لتطوير مناهج دراسية متوازنة تعزز قيم التسامح وحقوق الانسان والانفتاح والتفاهم مع الحضارات والاديان الأخرى وتنبذ الغلو والتطرف»‚

الفهم المتطرف (للبراء والولاء) يدعو الى عدم الاعتراف بالآخر غير المسلم‚‚ بل يدعو الى عدم مباركة العيد للمسيحيين في الكريسماس ورأس السنة الميلادية‚‚ ان هذا الفهم المتطرف للاسلام يسقط الفهم الاسلامي المتسامح الذي يدعو الى حسن معاملة غير المسلمين الذين لم يحاربوا المسلمين أو يخرجوهم من ديارهم حيث تدعو الآية الى (البر) بهؤلاء وهو أعلى درجات التسامح وحسن المعاملة كما يقول شيخنا يوسف القرضاوي‚ فالبر بغير المسلمين (غير المحاربين) كالبر بالوالدين‚

التكفير سببه استبداد حكامنا الذين يرفضون التعددية السياسية والفكرية والنقابية‚ نحمد الله ان الاصلاح من الخارج الذي فرضته أميركا يتوافق تماما مع قيم ديننا السمح‚



للمزيد من االمقالات

للمزيد من هذه الاخبار للمزيد من هذه البيانات و المنشورات
الأخبار المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع


| اغانى سودانية | آراء حرة و مقالات | ارشيف الاخبار لعام 2004 | المنبر العام| دليل الخريجين | | مكتبة الراحل على المك | مواضيع توثيقية و متميزة | أرشيف المنبر العام للنصف الاول من عام 2005

الصفحة الرئيسية| دليل الاحباب |English Forum| مكتبة الاستاذ محمود محمد طه | مكتبة الراحل المقيم الاستاذ الخاتم عدلان | مواقع سودانية| اخر الاخبار| مكتبة الراحل مصطفى سيد احمد


Copyright 2000-2006
Sudan IT Inc All rights reserved