تحليلات اخبارية من السودان
أراء و مقالات
ترحب سودانيزاونلاين بجميع الاراء الحرة و المقالات لنشرها فى هذه الصفحة.ويمكنك لزوارنا الكرام ارسالها الى [email protected] كما نرجو ذكر الاسم الحقيقى و الكامل و مكان الاقامة مدة بقاء المقال فى هذه الصفحة 10 اعوام

هل أثمرت هجرة رموز التجمع الوطني الي أرض الانقاذ ؟؟ بقلم سارة عيسي

سودانيزاونلاين.كوم
sudaneseonline.com
14/12/2005 7:32 ص

بدأت هجرة رموز التجمع الوطني الديمقراطي الي الخارج بعد نشوب ما يعرف اليوم بثورة الانقاذ الوطني في عام 1989 ، وكانت لهذه الهجرة ما يبررها علي الارض أنذاك ، فقد حلت الجمعية التأسيسية وحظر النشاط النقابي وصودرت دور الاحزاب ، وبعدها شرع النظام في تطبيق سياسة التمكين فأحال الالاف الي الصالح العام ، ووسط هذا السعير من المظالم أصبحت الحياة في السودان مستحيلة ، فبدأت الهجرة الي خارج السودان وواكبها تكوين التجمع الوطني الديمقراطي ، كان جسم التجمع متماسكا وقويا وأستفاد كثيرا من رصيد الحركة الشعبية النضالي ، وكانت هناك عوامل أخري أسهمت في تقوية ذراع التجمع الوطني ومن بينها موقف النظام من حرب الخليج مما تسبب لاحقا في عزلته من المحيط العربي ، وضاق طوق العزلة حول عنق النظام عندما أعلن الدكتور الترابي مشروعه الحضاري لتقفز الاحلام من فوق الواقع المعقول الي عالم الخيال فأقحمت السودان في أتون الارهاب ودعم الاصولية العالمية ، كاد التجمع الوطني أن ينجح في معركته ضد النظام بعد انعقاد مؤتمر أسمرا للقضايا المصيرية في عام 1995 ، فتطور العمل النضالي وأنتقل الي مرحلة حمل السلاح فسقطت بعض المواقع في أيدي قوات التجمع ، فشعر النظام بالذعر ودق نحاس الحرب بقوة وعرف أنه لا يواجه مجرد ثلة ( سكاري ) في شارع الهرم كما كان يصف رموز التجمع في اعلامه ، ولكن النضال المسلح يحتاج الي نفس طويل وثبات دائم ، وليس كل الناس علي طول قامة قرنق في الصبر علي الحرب وتقلبات الاصدقاء ، بدأ الوهن ينخر في جسد التجمع وعادت اليه حمي التمزق التي اضاعت تجربة الديمقراطية الثالثة ، واصبحت صحف النظام تتحدث عن عودة طوعية لبعض قيادات التجمع التي كانت تعيش في المنفي ونسجت حولها الاساطير والقصص ، كانت هناك عروض سرية استخدمها النظام من أجل اغراء البعض بالعودة ، شعر النظام وقتها بأن في استطاعته استغلال مكامن الضعف في بعض الشخصيات التي فقدت مراكزها بسبب انقلاب يونيو المشؤوم ، ولم يخب ظن النظام كثيرا فتم اصطياد اللواء الهادي البشري والذي كان يشغل منصبا أمنيا حساسا أيام الديمقراطية الثالثة ، ويقال أنه كان محسوبا علي تيار حزب الامة ، وفي رواية أخري اشيع أنه كان متواطئا منذ البداية مع الطغمة الانقلابية .
عاد اللواء الهادي البشري الي الخرطوم وكان في استقباله الاستاذ/مهدي ابراهيم ، عقد اللواء البشري مؤتمرا صحافيا في أرض المطار علي طريقة الشاهد السوري ( هسام هسام ) وأطلع الصحفيين علي خطط اسرائيلية وأمريكية مطولة ترمي الي الاستيلاء علي السودان وتمزيق وحدته ، وهو عاد الي السودان بسبب صحوة الضمير الوطني ليقف مع أهل السودان في خندق واحد ضد الامبريالية والصهيونية ، صفق أهل الانقاذ طويلا للهادي البشري وتمت مكافأته بوزارة المواصلات ، ولم نعرف وقتها ما جري للواء الهادي البشري وآخر معلومة وردتني منه أنه أشهر سلاحه في وجه المحتجين عليه في الريف الشمالي ، بعد سنة من هذا الحدث شرعت جريدة ( أخبار اليوم) المقربة من رموز السلطة الحاكمة تكتب في صفحاتها الاولي عن عودة محتملة للشريف الزين العابدين الهندي ، وهذا الاخير أشتهر بتصريح لا زلت أذكره وهو يصف حكومة الصادق المهدي : (( علي الطلاق الحكومة دي الليلة دي لو شالا كلب ما في زول يقولو جر )) ،انقسمت مجموعة الهندي العائدة الي قسمين وعرفت بوفدي المقدمة والمؤخرة ، وسبب عودة الشريف الهندي الي السودان لا تختلف في كنهها عن سبب عودة اللواء الهادي البشري ، فالرواية متفق عليها ومكررة ، وهي رؤية الخطر المحدق بالسودان ، وقد عاد ايضا حتي يكون جزءا من البنيان المرصوص لمواجهة قوي البغي والعدوان والتي لا تضمر لأهل السودان سوي الشر والخراب ، عاد كل هولاء الي السودان وهم يحملون بين جوانحههم حجج واهية وغير مقنعة ونسوا أنهم خرجوا من السودان من أجل استعادة الحرية والديمقراطية ، والانكي من ذلك أن بعضهم شارك الانقاذ في السلطة وتقاسم معها أموال أمتنا المغلوب علي أمرها ، هذا هو قدر أهل السودان البائس عندما تطغي حاجة الفرد فوق حاجة الجماعة فعندها يتحول كل الشعب الي متسولين ويتحول بالمقابل كل من في السلطة الي سيد ومهراجا . والبرهان علي ذلك تصريح مولانا /محمد أحمد المرضي وزير العدل الحالي والخاص بأزمة دارفور لهيئة الاذاعة البريطانية (الثلاثاء 13/12/2005) لا يجعلك تحس بأن هذا الرجل يحمل روحا مغايرة لروح صقور رجالات الانقاذ ، بل صار جلادا أكثر منهم وهو يتحدث عن عدالة مزمعة في دارفور أجمع كل من راقبها بأنها مجرد سراب واضاعة للوقت ، بل أنه اصبح متشددا أكثر من سلفه محمد عثمان يسن وكأنه يريد أن يثبت للأنقاذ أنه أكثر جرأة منهم علي استرخاص دم أهل دارفور ، ومولانا المرضي يعتبر ايضا أحد العائدين الي جنة الانقاذ ولكنه أختار مواجهة خاسرة عندما رفض أن تتولي المحكمة الجنائية الدولية ملاحقة الجناة الذين أرتكبوا الفظائع في دارفور .ومولانا المرضي مجرد مثال واحد من ناس كثر ، فهناك ايضا جلال الدقير والسماني الوسيلة والزهاوي ابراهيم مالك وغيرهم من مناضلي الامس القريب والذين تحولوا بين عشية وضحاها الي ( تيوس مستعارة ) تمارس تبرير جرائم النظام.
كانت أحلام بعض العائدين الي السودان بعد أن قدمت لهم الانقاذ كروت الدعوة هي مواجهة النظام ومحاربته بالطرق الديمقراطية في الداخل ، وتعتبر هذه الفكرة صائبة اذا لم يلغ لسان صاحبها في مائدة الانقاذ ، وقد أكد ذلك السعي الدكتور المناضل فاروق أبو عيسي عندما عاد الي السودان وهو يتأبط ذراع الفريق/عبد الرحمن سعيد وهما ينزلان ببطء من سلم الطائرة ، لم يتم استقبال هذين السيدين بصورة تناسب مركزهما السابق ، فترك أمر استقبالهم للوزير سبدرات ، وفي أرض المطار وقعت طرفة جعلتني اشفق علي حالهم ، أستوعبت صالة كبار الزوار خمسة منهم فقط وطلب من العشرة الباقين الانتظار في الصالة العامة ، وتم حشر الجميع بعد ذلك في عربة ( 14 passengers Mini Buss) الامر الذي استدعي فكهم لمقاعد ( النص ) البغيضة ، ولم يأت هذا الترتيب مصادفة كما يبدو للمتابع لأن ورائه رسالة مهمة وقد وصلت الي اذان السامعين ، أرادت الانقاذ أن تبلغهم بأن ما نالوه هو اقصي ما في استطاعتها ، ولا يمكن أن تزيد عليه لأنها فقيرة ومعدمة من جانب و لأنهم تأخروا عن الميعاد المحدد من جانب آخر ، وقد نتج عن التأخير ضياع حقهم في الغنائم .
وبالنسبة للذين راهنوا علي الفوز بمقاعد النقابات المهنية فقد أعطاهم اتحاد المزارعين مثلا في السقوط ، فمثل هذا النوع من المعارك يصرف عليه حزب المؤتمر دم القلب من أموال السودان حتي يضفي جماهيرية علي تنظيمه ، ومن الممكن ان يفوز نقيب المحامين الحالي الاستاذ/ فتحي خليل بالتزكية التامة وينال مثل صدام حسين 99.99 صوتا من مجموع الناخبين ، وفي كل الحالين ليس هو بالخاسر لأن باستطاعته اللحاق بنصيبه في مراكز الدولة الاخري ، ولن يرضي بأقل من رتبة وزير في حالة تنحيته عن نقابة المحامين ، ولا أمل في هزيمة حزب المؤتمر الوطني في هذه الدوائر ، وذلك لسبب بسيط أن هذه النقابات بعد سياسة الفصل والصالح العام أصبحت جزءا اصيلا من دولة حزب المؤتمر الوطني ، والقائمين عليها طوال السنوات الماضية لا يقلون درجة عن الوزراء ، بل أن بعضهم شارك بصورة فاعلة في عمل الاجهزة الامنية ومارس كل الموبقات من وشاية وقتل وتعذيب ، ورؤية الاستاذ/فتحي خليل لأزمة دارفور لا تختلف عن رؤية الحكومة ، فهو يراها امتدادا للصراع العربي الاسرائيلي ولم أسمعه يوما واحدا يتحدث عن طبيعة الفظائع التي أرتكبت في هذا الاقليم ، ففي كل المقابلات يأتي مدافعا عن الحكومة ومهاجما للمنظمات الانسانية التي تدافع عن أهل هذا الاقليم .
ومن أراد المشاركة في هذه النقابات فليطالب أولا بعودة المفصولين من عملهم بسبب التطهير السياسي ، وأن تتم مراجعة القضاء ويعاد تكوينه علي اسس قومية ، وأن تفتح وسائل الاعلام أبوابها للجميع ، وأن تتاح حرية الفكر والكلمة والغاء الرقابة علي الصحف والمطبوعات ومنح المواطنين السودانيين حق التظاهر وعقد الندوات العامة ، وأن يتم الغاء تظام التزكية في التوظيف في دوائر الدولة والقطاع الخاص ، ومن أراد هزيمة المؤتمر الوطني فليهزمه بسلاح قضايا الشارع كما فعل الشهيد الدكتور جون قرنق ، وليس من المطلوب مجاراة حزب المؤتمر الوطني في التهافت علي السلطة والمناصب ، فقد بقي الاستاذ/فتحي خليل في سدة اتحاد المحامين لمدة تزيد عن عقد من الزمان ولن يضيره شيئا ان بقي عقد اخر أو عقدين ، فالعقبة الوحيدة التي تأخذ منه هذا المنصب هي اما الموت أو ذهاب الانقاذ ، فليترك أهل التجمع التهافت علي هذه النقابات فهي قد اصبحت جثة هامدة ولن تخدم غرضا .
سارة عيسي

للمزيد من االمقالات
للمزيد من هذه الاخبار للمزيد من هذه البيانات و المنشورات
الأخبار المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع


| اغانى سودانية | آراء حرة و مقالات | ارشيف الاخبار لعام 2004 | المنبر العام| دليل الخريجين | | مكتبة الراحل على المك | مواضيع توثيقية و متميزة | أرشيف المنبر العام للنصف الاول من عام 2005

الصفحة الرئيسية| دليل الاحباب |English Forum| مكتبة الاستاذ محمود محمد طه | مكتبة الراحل المقيم الاستاذ الخاتم عدلان | مواقع سودانية| اخر الاخبار| مكتبة الراحل مصطفى سيد احمد


Copyright 2000-2006
Sudan IT Inc All rights reserved