تحليلات اخبارية من السودان
ترحب سودانيزاونلاين بجميع الاراء الحرة و المقالات لنشرها فى هذه الصفحة.ويمكنك لزوارنا الكرام ارسالها الى [email protected] كما نرجو ذكر الاسم الحقيقى و الكامل و مكان الاقامة مدة بقاء المقال فى هذه الصفحة 10 اعوام

برلمان بلامعارضة , جسد بلا مناعة( الايدز السياسي) بقلم الدكتور/عمر المؤيد / أديس أبابا /أثيوبيا

سودانيزاونلاين.كوم
sudaneseonline.com
9/9/2005 4:46 م

برلمان بلامعارضة , جسد بلا مناعة( الايدز السياسي)

يجد المتابع لاجراءات تشكيل حكومة الوحدة الوطنية في السودان الكثير من المفارقات التي تجعله يضع العديد من علامات الاستفهام حولها, فمعظم مايجري يعتبر مثيرا للدهشة والاستغراب بدءاً من تسمية الحكومة بحكومة وحدة وطنية, على الرغم من أن كل الاجراءات الجارية على الأرض تدلل على أن المؤتمر الوطني سيكون قادرا على تمرير مشاريع القرارات التي يراها مناسبة حتى في حال معارضة باقي الأطراف المشاركة وذلك نسبة لتمتعه بالأغلبية, والمعروف أن حكومة الوحدة الوطنية هي حكومة قائمة على التراضي والتوافق بين جميع أطرافها, فكيف يجوز تسمية الحكومة القادمة بحكومة وحدة وطنية؟ و أي حكومة وحدة وطنية تلك؟

هذا ما كان على صعيد السلطة التنفيذية في البلاد, أما على صعيد السلطة التشريعية فان أهم مايميز البرلمان القادم هو خلوه من معارضة, وهذه سابقة لم يسبقنا اليها كسودانيين أحد من العالمين. فتيار المعارضة الرئيسي الآن سيكون بقيادة حزب الأمة وهو خارج البرلمان , هذا في حال صدقت الأنباء التي تواترت عن موافقة الاتحاديين على الانضمام الى الحكومة.

ومنذ وصولها الى السلطة و الانقاذ تعمل بكل ماتملك الى احتكار السلطة وعدم اشراك الآخرين فيها غير أنه شيئا فشيئا بدأ تيار عريض داخل الانقاذ نفسها يدرك حجم الخطأ الذي وقعت فيه, فبدأت تفتح أبواب الحوار مواربة لعل وعسى أن ذلك قد يجذب بعض القوى السياسية, وبالفعل فقد نجحت بدايةً في جذب بعض الكوادر ذات الميول الاسلامية غير ذات الشعبية الكبيرة, من خلال ماعرف وقتها بالمؤتمر الوطني في شكله الأول أيام كان غازي صلاح الدين هو أمينه العام, في تلك الفترة أرادت الانقاذ أن تحتوي جميع التنظيمات السياسية في ذلك الوعاء الجامع على حد قولها , وتلى ذلك اجراء اتخابات صورية قاطعتها أغلبية أفراد الشعب الساحقة ,

ثم أتت مرحلة أحزاب البرنامج الوطني والتي لم تقدم ولم تؤخر, انشق الحزب الاتحادي الديمقراطي وانشق الأمة وعاد الديكتاتور النميري وأنشأ تحالف قوى الشعب العاملة, ودخلت تلك القوى في انتخابات وتحالفات ولكنها لم تفلح للأسف الشديد في التخفيف من حالة الاحتقان السياسي الذي عانت منه البلاد طويلا. وكان اخفاق القوى نتاج طبيعي اما لفقدانها للقاعدة الشعبية التي تضغط بها على الانقاذ واما لأن تلك عددا مقدرا منها كان في حد صنيعة من صنائع الانقاذ.

واليوم سنجد أن البرلمان الجديد بفرعيه نوابا ومجلس ولايات سيكون مكونا من المؤتمر الوطني وبعض القوى الشمالية من جانب ومن الحركة الشعبية وقوى الجنوب الأخرى من جانب والاتحادي الديمقراطي من جانب آخر ثالث وكل هذه الأجنحة مشاركة في الحكومة الجديدة(حكومة الوحدة الوطنية), فمن سيعارض داخل قبة البرلمان؟ مع العلم أن نصيب أكبر شريكين للحكومة وهما الاتحادي والحركة الشعبية معا ,سيكون أقل من نصيب المؤتمر الوطني وحده. ان البرلمان القادم سيسفح المجال واسعا أمام المؤتمر الوطني أو الجبهة الاسلامية لتطبيق سياساتها وتمرير مشاريع قرارتها حسب ما تقتضيه مصالحها الذاتية , وهذا في حد ذاته سيشكل نقطة ضعف مستقبلية للجبهة الاسلامية أو المؤتمر الوطني التي يتضح ومنذ الآن أن جيل الشباب المعاصر فيها والذي من المأمول له أن يصبح بعد حين في مواقع القيادة سيكون غير قادر على القيام بأعباء المسؤلية الملقاة على عاتقه وذلك بسبب عدم دخوله في مفاوضات أو سجالات سياسية مع قوى تنظيمية أخرى , فخلال مايقرب من عقد ونصف وجد هذا النشأ أن الأرض ممهدة له لتطبيق مايراه مناسبا.

وبصورة أكثر شمولية فان الحزب الذي ينتظم في صفوف العمل العام عليه ألا يعتاش ويقتات من ثدي الحكومة , وهذا ميزة يفتقدها المؤتمر الوطني الذي لايزال حزبا للسلطة , يستفيد من امكانياتها ويسافر بطائراتها و ويصرف من خزائنها دون حسيب أو رقيب.

علينا أن نكتفي بهذه القبسات والاضاءات لكي ندلل بذلك على أن الحياة السياسية السودانية في طريقها الى نفق طويل ممتد من العجز , عجز من هو مستطيع كما هو حال الاتحاديين الديمقراطيين , وعجز شريك لدود تقيده اتفاقيات و بروتكولات كما هي الحركة الشعبية , وعجز عاجز كما هو حال باقي الفئات الأخرى المشاركة في الحكومة الجديدة.

مع الأسف الشديد فان انتشار مرض نقص المناعة المكتسبة لم يقف فقط عند الانسان في السودان بل تعداه ليصل حتى الى ساحات السياسة, ان برلمانا غير قادر على انتقاد السلطة التنفيذية, هو برلمان منقوص الصلاحيات مصاب بنقص المناعة الذاتية, ونقص المناعة في حالة البرلمانات قد يعني بشكل أو بآخر الشرعية.

في عمر الشعوب وفي كتاب التاريخ فان فترة ستة أعوام هي لمحة بصر أو طرفة جفن ولكن عند الأطباء فان نفس الفترة تعتبر مثالية لحضانة فيروس الايدز ومن ثم بدأ ظهور أعراضه على المريض, آمل صادقا أن تعي السلطة وباقي الأحزاب تلك النقاط الهامة والتي قد تعني الكثير والكثير , خصوصا و أن الرهان الآن قد أضحى على كيان البلاد ووحدتها وليس على كرسي وزارة , ان أي نتيجة غير الوحدة بعد مرور هذه الأعوام الست قد تعني الدمار للجميع. حفظ الله السودان الغالي.

متعكم الله بالصحة

الدكتور/عمر المؤيد / أديس أبابا /أثيوبيا



للمزيد من االمقالات

للمزيد من هذه الاخبار للمزيد من هذه البيانات و المنشورات
الأخبار المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع


| اغانى سودانية | آراء حرة و مقالات | ارشيف الاخبار لعام 2004 | المنبر العام| دليل الخريجين | | مكتبة الراحل على المك | مواضيع توثيقية و متميزة | أرشيف المنبر العام للنصف الاول من عام 2005

الصفحة الرئيسية| دليل الاحباب |English Forum| مكتبة الاستاذ محمود محمد طه | مكتبة الراحل المقيم الاستاذ الخاتم عدلان | مواقع سودانية| اخر الاخبار| مكتبة الراحل مصطفى سيد احمد


Copyright 2000-2004
SudaneseOnline.Com All rights reserved