الفصل الخامس: الشمس تهمس بالشعاع
بدأت أعراض ال " هوم سيكـنس" تظهر علي الراوي، في صورة أحلام اليقظة، أخذ يتذكر
الأهل والصحاب والأيام والليالي، التي قضاها معهم في ارض الوطن، الذي اصبح
بينهما الآن فضاءات وبحور، مدن تسبح في النور وليالي سرمدية كما الدهور.
الفصل السادس: مدينة صغيرة علي الساحل
استلم الراوي العمل في فرع المدينة التي ترقد في حضن البحر، مدينة صغيرة، تسير
الحياة فيها بنمطية، وكذلك دوامات العمل- دوامة الدوامات- دوام صباحي ودوام
مسائي في تتابع، تباعد بينهم عطلة نهاية الأسبوع، حيث الاسترخاء ومواصلة
الدوامات من جديد.
الفصل السابع : وطن اخضر
يبعث الراوي رسالة إلى صديقة وزميل العمل السابق/ غابريل ماجوك، يحدثه فيها عن
المنطقة وعمله الجديد في الغربة، حيث يذكر أن الغربة: " تعطى الواحد فينا
الفرصة ليتأمل نفسه ويراها من بعيد.. فرصة للتفكير واستعادة الذكريات وأعادة
اكتشاف النفس.".
الفصل الثامن: مجتمع الرحلة
يتذكر الراوي رحلة الباص إلى الأبيض في الخريف، فيتنفس دعاش الوطن.. يا وطن مثل
عسل النحل، ريحك طيب،وطعمك عذب، وحلاوتك صادفة، بين الاوطان اخضر طويل وقيافه.
الفصل التاسع
عزيزتي سمراء
عزم "حمد النيل" علي الذهاب إلى أحد الأقطار المجاورة لقضاء الإجازة، للتغير أو
هروبا من التزامات زيارة الوطن التي كررها خلال السنوات السابقة، تحميل الشنط
الممتلئة بالهدايا والتجارة التي تنقصها الخبرة، تضيع أيام الإجازة بين
الخرطوم والأقاليم – بين المطار- الجمارك وإمانة شئون العاملين بالخارج. رغم
انه كشأننا جميعا نتوق إلى زيارة الأهل والأحباب، تلك اللحظات الحميمة التي
تفرحنا وتحزننا معا، تفرحنا بالقرب منها، وتحزننا بالبعد عنها. نصحته بان لا
يذهب إلى حيث عزم، بل يذهب إلى ارض الوطن، وان لا يرهق نفسه كما اعتاد بالهدايا
والأحـمال الثقال..
أن تكحيل عنينه برؤية الوطن وأهل الوطن ،هي اعظم هدية تقدمها له الإجازة ، أيضا
رؤيتهم له تمثل اغلي الهدايا.. ومن ثم الجود بالموجود. تزرع "حمد النيل" بأنه
فقط ذاهب من اجل الزيارة والمراجعات الطبية، كنت اعرف انه يعني ما يقول ،فكرة
الذهاب إلى غير ارض الوطن لــم تك تروقني، ففي الوطن كل ما نبحث عنه بعيدا..
قلت لحمد النيل أنت ذاهب إلى هناك لوحدك بالتالي لن تنزل في الشقق المفروشة،
أذن البديل هو الفندق.لذلك أتصور حدوث السيناريو التالي:
تتزامن الإجازة مع بداية الشتاء – موسم الزواج والأعراس في السودان، وبقدر ما
يكون شيق حضور تلك المناسبات بين الأهل والأحباب، مصحوبة بولائمها وحفلاتها
وطقوسها، سوف يكون هذا الوضع معكوسا وأنت هناك بعيدا عن ارض الوطن الغالي.أتصور
انك سوف تكون ضمن نزلاء فندق نسبه العرسان السودانيين فيه كبيرة، بالتالي سوف
تكون وجها لوجه ليس مع العرسان وحدهم ، بل سوف تكون قبل ذلك في مواجهه مع
البخور والعطور السودانية المميزة- التي قد تسلل إلى غرفة نومك..
ضحك واعتبر الموضوع نكته من زميل يعاني - الوحدة في الغربة. ذهب "حمد النيل"
في إجازته كما خطط لها، ودعته وتمنيت له إجازة ممتعة.
بعد أسبوع رن جرس التلفون باتصال خارجي، كان "حمد النيل" على الطرف الآخر من
الخط يطلب تحويل مبلغ إضافي لانه قرر أن يكمل باقي الإجازة في السودان.
السيناريو المفترض تحقق...سوف يوافيني بالتفاصيل عند العودة من ارض الوطن.
.. علمت عندما عاد "حمد النيل" من ارض الوطن،أن الفندق كان يعج بالعرسان
السودانيين القادمين لقضاء شهر العسل، وان الغرف الخاصة بالعرسان غير مفصول في
أجنحة خاصة كما يحدث في السودان، وان جدرانها لا تعزل رائحة البخور والعطور
السودانية ولا حتى الصوت بما يكفي!
*
كانت ل "ابو رامي" مدير الفرع ، شخصيه محبوبة من الجميع - الموظفين وأهل
المدينة، يعامل الكل باحترام أخوى ، انعكست هذه المعاملة إيجابا علي جو العمل،
رغم الضغط الشديد وكثرة الأعمال. كان يفرد مساحة للطلعات الخلوية والجلسات
لمجموعة الفرع والأصدقاء خلال الاستثنائي من عطل نهاية الأسبوع، كنا في هذه
الطلعات نحس بدفيء المودة، ونعرف بعض اكثر خارج جو العمل المعتاد.
ليلة ذبح التيس، كانت ليلة ليلاء، اتصل علينا زملاء من المدينة المجاورة،
واعلمونا بأنهم عزموا علي قضاء عطلة نهاية الأسبوع معنا ، وسوف يحضروا معهم
تيسين والطباخ، المطلوب منا اختيار المكان الناسب علي الساحل وتهيئته.
بعد نهاية الدوام، انقسمنا إلى مجموعتين: واحده تنتظر الضيوف القادمين وتحضر
معهم إلى المكان المحدد، والثانية تهيئ المكان الذي تم اختياره خلال النهار
علي بعد عشرون كيلو من المدينة وتنتظر الجميع هناك.
ضمت المجموعة الثانية: "أبو رامي" وصديقه "ابو محمد" وشخصى و"مسعود"، حملنا
معنا ضمن ما حملنا؛ المفارش ولوازم إشعال النار للشاي- الفحم والجراك لشيشة-
اكثر من ثلاثة كيلو لحم مجهز في أسياخ للشيه. استفسرنا "ابو رامي" لماذا اللحم
ونحن ننتظر ضيوف بصحبتهم تيسين للشوى..
قال: هذه "تصبيرة" تساعد علي الانتظار في هذا الجو البارد، والضيوف بيننا
وبينهم مشوار سفر طويل - وحيلك لما يصل المسافر..
كان "ابو رامي" محقا ، عندما أكلنا تلك الكمية من اللحوم المشوية، أربعتـنا،
أحسسنا بالدفء وسط البرد ، أحسسنا بمتعة الجلسة- شرب الشاي والتدخين أن كانت
للأخير متعه، كان اشبه بتدخين سجارة بعد الفطور في رمضان، ليلتها ولا الليل
ولا الساحل ولا الو نسه- والسوالف كانت كالتي كنا نعرف من قبل، اخذ الوقت يمر
ونحن في جلسة هانئة إلى منتصف الليل نترقب ظهور ضوء سيارات الضيوف، كنا نرى
فقط ضوء جيب حرس الحدود ومن بعيد من فوق الجبل وعلي الأرض يمارس أعمال الدورية.
قرابة الساعة الواحدة صباحا، وصل الركب الميمون، التيوس كانت معهم، ولــم يكن
معهم طباخ ولا حتى سكين للذبح، ذهبنا- أنا و"أبو رامي"- إلى البلد لإحضار
مستلزمات الذبح، عدنا وجدناهم من الجوع والبرد كادوا أن يأكلوا التيوس حيه،
الكل فعل كما كنا نفكر في البداية، من اجل التيسين لـم يتعشوا، وكان الغداء
أيضا خفيفا..
نحن بفعل "سندة" "أبو رامي" التي مثلت لنا الوجبة السريعة، بل الكاملة الدسم،
أصبحنا قائمين علي خدمتهم، ذبحوا أحد التيسين وسلخوه بشكل جماعي،أشبه بصيد
الكواسر..
كنا واقفين علي خدمتهم وشاهدين علي التهامهم له نصف استوى في احسن الأحوال.
*
التاريخ –
عزيزتي/ سمراء محمد زين
سلامي ليك
وشوقي ليك
وبعد،،
عزيزتي لدى كلام كتير داير اقوله،لكن عندما امسك القلم اتورط في من وين
ابدء.. واقول شنو، مهواصلو أنا متورط ومفتون فيك من زمان. قاعد استرجع اللحظات
القضيناها مع بعض كتير، مش مع الصور، وان كان البوم الصور بونس خلوتي دائما،
لاكين مع غير المصورة، ديك الساكنة هيناك في دهاليز الذاكرة.
بتذكر قعدتنا في الحافلة؛ في الكنبة الفي الصف الثاني من قدام، وكيف كنا بنجلس
عليها ونحن ماشين أو جاين راجعين من الشغل، بذكر كلامنا الدقاق وأمانينا، عند
شلال السبلوقه وشواطئ النيل. بذكرك كتير..كتير..
عزيزتي بعد انتهاء العام دا، حينتهى برضو العقد، المددناه لعامين، لو عملنا
كشف حساب بنلقى مااتفقنا عليهو قرب يتحقق، صحي انو ما أتتحقق ميه بالميه ، لكن
تحقق منو الشى الكتير.
حارجع إلى السودان بنهاية العقد، عشان اجهز البيت، ونعمل الزواج وارجع لوظيفتي
القديمة. أما موضوع المشروع الصغير دا هو الما بتحقق الآن..
لما نراجع ما خططنا ليهو نلقى إننا حققنا سبعين بالمئه منو.
أنا جاي بأذن الله ليك، يا وطن اخضر وغالي، ونيل طامح يلالي، فوقو الطير
والوزين..
تحياتي وأشواقي ليك وللجميـع.
المخلص: صالح حامدين
[email protected]