يتسْاءل الناس الان لماذا يا تري تأخر تشكيل الحكومة الجديدة لمدة أسبوعيين من الوقت المحدد لذلك ؟؟ وبعد اتضاح رؤية الانقاذ بأنها سوف تشارك في حكومة السلام الجديدة بلاعيبها القدامي والذين حفظنا سيرتهم عن ظهر قلب لمدة خمسة عشر عاما من مسيرة الفساد والاستبداد التي طحنتنا بها الانقاذ ، ولا أمل يلوم في الافق بتغيير تلك الوجوه المفعمة بالرياء والنفاق ، والسبب في تأخر تشكيل هذه الحكومة هو الاشتجار حول من الذي سيشغل وزارة الطاقة والتعدين ؟؟ ، حاول حزب المؤتمر الوطني أن يضحي ببعض الوزرات مثل التربية والزراعة والطيران والصحة والتعليم العالي ويهبها عن طيب خاطر للحركة الشعبية ، ولكن هذا السم المدسوس في العسل لن تتذوقه الحركة الشعبية وهي تنظر الي وزارة الطاقة تبيض ذهبا في سلة حزب المؤتمر الوطني ، وساستها بالتأكيد لن يوافقوا علي استلام دور خربة وحطام خلفه وزراء أحزاب التوالي الكثر علي هذه الوزرات الخدمية ، هذه الوزرات كانت تعطي لرموز أحزاب لا يتجاوز عدد جماهيرها في الشارع السوداني الالف شخص فكيف تقبل بها الحركة الشعبية ذات المكانة الجماهيرية وحاملة السلاح من أجل تحقيق حلم السودان الجديد ، وهناك فرق كبير بين حزب الدكتور حسين أبو صالح أو حزب الامة القيادة الجماعية أو حزب الامة الاصلاح والتجديد وتنظيم الحركة الشعبية ذات الرسالة النضالية الضاربة في جذور التاريخ السوداني ، أحزاب التوالي أو أحزاب ( الفكة ) كما يطلق عليها تهكما في الشارع السياسي هي كيانات صنعها حزب المؤتمر الوطني في اطار سياسة ( فرق تسد ) من أجل تمزيق الاحزاب الكبيرة ، وكلنا تابعنا خبر انتقال الدكتور عصام أحمد البشير من حزب الاخوان المسلمين الي حزب المؤتمر الوطني الحاكم ، ولن يكون د.عصام هو الحالة الاخيرة في سلسة النقليات وبعد ايام سوف يلحق به الكثيرون ، ولن يقتصر هذا التحول الغير مبرر فقط علي ابناء الشمال أو الغرب فهناك ايضا جنوبيون أجادوا لعبة الدخول والخروج من الحزب الحاكم أكثر من مرة مثل انجلوا بيدا وألدو اجود دينق وغيرهم ، فالسياسة في السودان أصبحت أشبه بالموسم الكروي حيث تلجأ ادارات الاندية الي سياسة ( فك التسجيلات ) من أجل ضم لاعبين جدد في فرقها المنافسة ، وكما افسدت هذه السياسة لعبة الكرة في السودان وحولتها الي تنافس حاد وبورصة تحدد في الخفاء اسعار اللاعبين من غير قياس كفاءاتهم ولياقتهم البدنية فان هذه السياسة ايضا سوف تلعب دورا كبيرا في تمزيق السودان والممزق أصلا بسبب الاحن والحروب وتحوله الي ما يشبه صحن الثريد الذي تتخطفه الايادي الجائعة ، والتهافت أصبح علي المصالح الشخصية والتي تعتبر الان المحرك الاساسي لدوافع الرموز السياسة وهي تتحول من ملعب الي آخر بحيث يستطيعون ركل كرة اثناء غفلة الحارس لتدخل في شباك جيوبهم العريضة ، ومن الملاحظ الان تراجع شعارات التنمية والاصلاح السياسي في برامج الاحزاب السياسية وحتي شعار ( القرآن دستور العالم ) اختفي من الاسواق وحلت مكانه الشعارات الوردية والاحلام الكاذبة مثل تحسين الخدمات وتوفير العلاج وفتح السودان للمستثمرين العرب ، اصبح اللهث وراء المادة وتحقيق المصلحة الشخصية هو الهم الوحيد للنخب الحاكمة ، ووزير مثل مصطفي عثمان لم تقنعه مدة عقد ونصف وهو في الاستوزار بل تجده يلمع نفسه من جديد في وسائل الاعلام للعودة مرة أخري للوزارة التي بناها بسواعده ويصعب عليه تركها كغنيمة للحركة الشعبية ، واثناء توليه هذا المنصب خلال هذه المدة لا يسأله أحد من أعضاء حزبه كيف اتت هذه القوي الدولية من شرطة وجيش ومراقبين الي السودان ؟؟ ولا يسأله أحد ماذا فعل من أجل وقف السيف المسلط علي رموز النظام وهو القرار 1593 والصادر من مجلس الامن ؟؟ كل التفكير أصبح أن يعود لنا الوزير اسماعيل في منصبه ولا أحد يسأله عن سيل الاخطاء االتي قزم بها مكانة السودان بين دول العالم ، السودان الان متهم بممارسة الرق والاغتصاب الجماعي والابادة الجماعية والقتل العشوائي واعدام القصر ولم تبقي موبقة في الارض والا أتهم بها السودان ، وحتي حركة طالبان ودولة ايران لم تحظيان بهذا الكم الهائل من التهم والادانات .
وفي الانقاذ موديل 2005 هناك من أعتبر نفسه هو وريث المنصب كما يفعل الدكتور عوض أحمد الجاز ، وقبل النظر في اعطاء حقيبة وزارة الطاقة والتعدين الي الحركة الشعبية صرح الدكتور عوض الجاز (( أن ذلك ممكن من غير تعديل الاتفاقيات الموقعة )) ، اذا فما المغزي من تداول الوزارة اذا كانت سياساتها محسومة مسبقا ، واذا أفترضنا أن نسبة الشراكة بين السودان والشركات صاحبة الامتياز كانت مجحفة في حق السودان فهل يسكت الوزير الجديد علي ذلك ؟؟ واذا افترضنا أن هناك شركة لهما خبرة طويلة وتنشر بياناتها المالية في الصحف وتقبل مساهمات السودانيين في اسهمها في البورصات العالمية و تقدمت هذه الشركة لمناقصة بغرض التنقيب بسعر وشروط أفضل من الشركات الحالية فهل يرفض الوزير الجديد هذا العرض تحت احترام الاتفاقيات القديمة ؟؟ والعلاقة مع شركات البترول هي علاقة اقتصادية بحتة وقابلة للبحث والتجديد من أجل الحفاظ علي عائد ثروتنا القومية من الاسترخاص والنهب ، والنفط السوداني والذي ياتي 95 % منه من أرض الجنوب ويمثل 70 % من موارد السودان الحالية لم ينعكس ايجابا علي حياة أهل كل السودان من الشمال الي الجنوب ومن الشرق الي الغرب ، و الكل الان مطحون بالغلاء والبؤس وعدم التنمية ، ومن المؤكد أن حزب المؤتمر الوطني وأقطابه قد استفادوا كثيرا من وضع عوض الجاز في هذه الوزارة الحساسة ، وعوائد البترول الضخمة استخدمت في الحرب وشن العدوان أكثر من استخدامها في التنمية وتوحيد الصف الوطني وتضميد الجراح ، فاذا كان أنبوب النفط خرج من بانتيو ومر بمدينة الابيض وسلك طريقه الي بورتسودان ولكن عوائده لا تعود بنفس الخط عند الرجعة لأن هناك من يقطع عليها الطريق ويحولها الي بنود صرف سرية لا تعلم بها الا دائرة ضيقة من رموز الحكم ، وهناك أتهام للحكومة السودانية بأنها تقايض البترول من أجل السلاح الصيني ولذلك تحرص الانقاذ بشدة علي الاحتفاظ بوزارة الطاقة حتي لا ينكشف هذا السر .
واذا ضحي أبناء السودان بالدماء من أجل السودان الموحد فمن باب أولي أن تضحي الانقاذ بالمناصب اذا كانت جادة في تحقيق السلام وان تجعل وزارة الطاقة من نصيب الحركة الشعبية ففي ذلك أكثر من فائدة و اولها تطبيق مبدأ الشفافية للاجابة عن هذا السؤال المقلق اين تذهب أموال النفط ؟؟ والفائدة الثانية هي دراسة الاتفاقيات الحالية والبحث عن شركات تنقيب جديدة تقر بمبدأ نشر القوائم المالية في أجهزة الاعلام ولها خبرة في تحسين البيئة وتطوير المناطق المحيطة بحقول البترول ، والفائدة الثالثة كسب ثقة أبناء الجنوب واشعارهم بقيمة المسؤولية وجعلهم يقبلون التحدي من أجل تحقيق الافضل للجميع .
سارة عيسي
[email protected]