كل الاحصاءات الموثقة تؤكد أن الانقاذ أكثر النظم السودانية عنصرية وقبلية
إتخذت وجهة الشمال النيلي بصورة صارخة ومنتنة! مما ألب عليها الجهات والأعراق
المتمردة والمتململة سلفاً وأدي إلي تحول السجال السياسي من صراع أفكار إلي
مناطحات عرقية وجهوية!! ومن الطبيعي ان تنتفض الأطرف إنتصاراً لحقوق ضائعة
ورداً لمظالم واقعة وتوطيناً لثقافات مطرودة أو محبوسة ومن الطبيعي ان تطالب
الأطراف حقها في السلطة من مؤسسة الرئاسة إلي أصغر وظيفة وان تأخذ حقها في
الثروة إلي دائرة المليم ....الخ ولكن يجب ان تؤطر كل تلك الحقوق وكيفية البحث
عنها كواجب رسالي وإنساني لرد المظالم لا يقتصر شرف المرافعة عنه علي نفير عرقي
معين وإنما يجب أن يكون علي الشيوع مفتوحاً لكل الأحرار والثوار ومحبي
الانسانية إينما وجدوا حتي لو كانوا من بني جلدة الجناة!! إستحضرت هذه المقدمة
وأنا أطالع بين الفينة والأخري بعض الأقلام من أخواننا المهمشين علي الشبكة
العنكبوتية لا يدققون تصويب نيرانهم النقدية في خضم الحرب الاعلامية ضد نظام
الانقاذ العنصري بشهادة بني جلدتها قبل ضحاياها المجني عليهم!! لذلك نعتقد من
الحماقة تعميم تهمة السياسة العنصرية للنظام علي كل أفراد النيل الشمالي فهذا
التعميم قبل أن يكون فيه اجحاف سافر في حق كثير من الأحرار الشرفاء ينطوي علي
عمى الألوان السياسي الذي قد لا يؤدي إلي كسف وتحييد من يحارب بطرفها فحسب
وإنما يعمل علي انحياز الطاقة الجبارة لهؤلاء الشرفاء إلي جانب حمقى الانقاذ!!
وما نموذج منبر السلام العادل إلا رد فعل إضطراري لمثل هذه الدعوات التي تحارب
العنصرية الانقاذية بعنصرية مضادة مما قد يفقد الحركات الثورية بعدها الاخلاقي
الذي اكتسب شرعيته من وجاهة حيثياته المادية والمعنوية!! وأول من أدرك كنه هذا
البعد الرسالي الراحل جون قرنق ديمبيور فرغم الصبغة الجهوية والاقليمية لحركته
فإستطاع أن يستقطب أفراداً من العيار الثقافي الشاهق إلي جانبه مثل الدكتور
منصور خالد وياسر عرمان وغيرهم الكثيرين من نسل الأعراق النيلية!! فهل يا تري
أقنعهم بمنطق ان كل من يحمل الجينات الوراثية لشمال ووسط السودان عنصريون
وإستبداديون لمجرد ان عصابة الانقاذ تنتمي إليهم وتشكل نسبة واحدة من مليون
منهم!!؟ لذلك يجب ان تنصب سهام النقد علي السلوك وليس علي الاشخاص والأنساب فمن
يدري فرب عدو اليوم يصبح صديق الغد فقط إذا تخلى عن سلوكه المشين!! فما بالنا
أن نأخذ بجريرة أفراد عاقين قبائلاً بضخامة الشوايقة والجعليين والدناقلة!!؟
ونلفت نظر أخواننا المهمشين اذا كان يساورنا أبسط شك فيما يقوم به نظام الانقاذ
بأنه ينطلق من كرم وشهامة ونبل أهل الشمال لما قامت عليها الحركات المتمردة
لذلك نري من الحماقة تشريف الانقاذ بكل الرصيد الاخلاقي لابناء النيل الشمالي
الذين تجاوزوا بمراحل متقدمة النهج البدائي والجاهلي للانقاذ فأهل الشمال علي
هدي شاديهم مثل الطيور الما بتعرف ليها خرطة ولا في إيدا جواز سفر. فيجب ان لا
نعين عليهم الشيطان بتحميلهم جرائم الانقاذ التي حفرت لهم مصيدة منبر السلام
العنصري الذي لا يمتلك أي منطق تجنيدي يجتذب به أبناء النيل إلا ردود الفعل
العمياء لحمقى المهمشين من تصرفات وكتابات غير مسؤولة تصب دون إدراك في صالح
النظام المحتضر!! لذلك يجب ان يصبح المبدأ الاخلاقي للنضال هو الانتصار
للمظلومين ورد الظالم عن غيه وغيبوبته دون إلحاق الاذى بأنسابه فهذا أدعي
لتعرية النظام وتفنيد إدعاءاته ورميه للمهمشين بداء العنصرية والقبلية التي
يريد أن يتنصل منها ولكن هيهات!!
وهذا لا يتأتى إلا بالسعى لمنع النظام من التحوصل داخل الأصول النيلية فلا بد
من تبرئة ساحة أهل النيل الشمالي من أوزار وموبقات النظام وهذه التبرئة يجب
اقرارها من قبل المهمشين المجني عليهم إستناداً علي النضال الضاري وبشتي الطرق
من قبل أحزاب ومنظمات وجماعات وأفراد من أصول شمالية إستنكاراً لأفعال الانقاذ
في حق اخوانهم في الوطن شرقاً وغرباً وجنوباً. مع العلم ان مثل هذه التبرئة
النبيلة لا تنتقص من حقوق المهمشين شيئاً وبل تسمو بهم اخلاقياً وتكسبهم مدداً
معتبراً جداً من الأخوة الشمالين من فرسان الكلمة والقلم والفكر!! فهم ليسوا
أقل أخلاصاً من منظمات حقوق الانسان الدولية التي إضطرتنا الانقاذ أن نبث إليها
آلامنا وأحزاننا!!
وأخيراً ننبه الاخوة المهمشين اذا كانوا علي يقين بان الاسلام برئ من ممارسات
النظام فلا بد ان يراعو بأن الغالبية الساحقة من مسلمي الأصول النيلية لا ذنب
لهم في مجازر ومقاصل الانقاذ!! وبل نشهد أنهم لم يقصروا في اتقاء الفتنة التي
لا تصيبن الذين ظلموا منهم خاصة!! بما إستطاعوا إليه سبيلاً رغم ضيق ذات الحرية
كغيرهم من السودانيين. فهلا راعى فيهم الاخرون بأنه لا تزر وازرة وزر أخري!!!؟
الاستاذ/ أبو فاطمة أحمد أونور محمود
[email protected]