زهير السراج
[email protected]
* فجأة، وبدون مقدمات، وبدون أسباب، وجد مواطن سوداني وابنه واسرته أنفسهم مادة صحافية واعلامية، تلوكها ألسنة الناس في مجالس الأنس والسمر، وتضيف اليها الكثير من الخيال لتصبح اكثر تشويقاً وإثارة.. بعد ان وجهت وزارة الخارجية السودانية الى الابن تهمة الضلوع في تفجيرات لندن، ثم زعمت انها كانت وراء تبرئته واطلاق سراحه، لتخلق لنفسها بطولات وهمية زائفة لا وجود لها على ارض الواقع، وتوهم الناس بانها تقوم بعملها خير قيام، وتتحمل مسؤولياتها تجاه المواطنين السودانيين في الخارج، بينما مئات منهم، حقوقهم منتهكة بسبب جواز السفر الذي يحملونه، وعشرات يقبعون في سجون بعض الدول، بدون اسباب، ووزارة الخارجية السودانية تتفرج عليهم، ولا ترفع حتى ايديها تدعو الله ان ينقذهم من محنتهم!!
* ولتداري وزارة الخارجية سوءتها، وتقاعسها عن اطلاق سراح سامي الحاج المعتقل بجزيرة جوانتنامو، ووليد التوم المعتقل باحد السجون في دولة اريتريا، وغيرهما.. اتهمت شاباً سودانياً صغيراً في السن بتهمة الضلوع في تفجيرات لندن، ثم ادعت انها سعت للحصول على براءته واطلاق سراحه، ونجحت في ذلك، وملأت الدنيا بالتصريحات الكاذبة، ولم يهمها ما سببته من جزع وهلع وازعاج للابن البرئ وابيه وأسرته، خاصة ان الأب شخصية معروفة لكل السودانيين وقنصل فخري لاحدى الدول الاوربية بالسودان منذ وقت طويل.. ولكُم ان تتخيلوا عدد المحادثات الهاتفية «فقط» التي اضطر الأب للرد عليها نافياً التهمة التي وجهتها الخارجية السودانية لابنه، وسارداً القصة الحقيقية التي تجاهلتها وزارة الخارجية السودانية، وألفت قصة مزيفة ترضى به خيالها المريض..!!
* والقصة باختصار شديد.. ان «منذر نصر الدين شلقامي»، الطالب بطب الاسنان باحدى الجامعات السودانية، سافر الى لندن برفقة ابن خالته الذي يدرس هناك.. لقضاء جزء من الاجازة الصيفية، وكان ذلك بعد حوالي ثلاثة اسابيع من تفجيرات لندن.
* ومن لندن توجها الى مدينة برايتون لزيارة صديق يقيم مع زمليين له في شقة بالايجار.
* واثناء وجدوهم في الشقة في يوم 31/7/2005م داهمتهم الشرطة، وقبضتهم الخمسة، ووضعت الشقة بما فيها تحت الحجز، ومن بينها اشياء تخص منذر وابن خالته.. عبارة عن ملابس وكاميرتين، وجهاز تسجيل وجهازي موبايل، وهي لا تزال ضمن المحجوزات حتى الآن!
* سبب مداهمة شرطة اسكتلنديارد للشقة والقبض على السودانيين الخمسة، ان احد الثلاثة الذين يقيمون بها، تربطه علاقة صداقة بالمواطن الاثيوبي الذي قُبض عليه في ايطاليا، ووجهت اليه تهمة الاشتراك في تفجيرات لندن. وكان السوداني قد أقل بعربته المواطن الاثيوبي الى محطة ووترلو للسكة الحديد، التي تحرك منها الى المطار، مغادراً الى ايطاليا.
* بعد التحري والتحقيق احتجزت الشرطة البريطانية الشبان الثلاثة المقيمين بالشقة، بشبهة التستر على المتهم الاثيوبي، واطلقت سراح منذر وابن خالته، بعد اقل من ثمانٍ واربعين ساعة، بعد ان ثبت لها ان وجودهما في الشقة لم يكن سوى محض مصادفة، وليس لهما ادنى علاقة بموضوع الاتهام، ولم توجه لهما اية تهمة، كما زعمت الخارجية السودانية، لا ضلوع في تفجيرات، ولا تستر ولا اي شيء البتة..!!
* غير ان الشرطة البريطانية لدواعي التحقيق، احتجزت عربة ابن خالة منذر، ضمن مجموعة عربات كانت تقف في نفس الشارع التي توجد به الشقة اثناء مداهمتها، وفي داخل العربة كان يوجد جوازا سفر منذر وابن خالته، وظلت العربة محجوزة حتى 17/8.
* في 9/8/2005م ذهب الدكتور نصر الدين الى وزارة الخارجية السودانية بالخرطوم، واخطرها بما حدث.. ووجدها (آخر من «لا» يعلم) بقصة ابنه، واخذ منها خطاباً الى السفير السوداني بلندن، لمساعدته في استرداد جوازي السفر.. ثم سافر الى هناك، وقابل السفير الذي حوَّله الى القنصل ولم يبخل الاخير بما له من امكانيات في الاتصال بشرطة اسكتلنديارد لاسترداد الجوازين.. ولكن الشرطة انكرت وجودهما بحوزتها. وبعد محاولات قام بها القنصل السوداني والمحامية التي كانت السلطات البريطانية قد كلفتها بالدفاع عنهما، واكتمال التحري، أُطلق سراح العربة، وعثر على الجوازين بداخلها، وعاد منذر وابن خالته الى السودان في يوم 19/8/2005م. وانتهت القصة بدون ان يعلم بها احد، واستأنف منذر واسرته حياتهم الطبيعية.
* غير أن دون كيشوت، لا يمكن ان يعيش بدون ان يخلق له بطولات وهمية، ويحارب طواحين الهواء، فخرج على الناس - في هيئة وزارة خارجية سودانية، بعد اكثر من شهر من اطلاق سراح منذر وابن خالته، ليدعي ان جهوده قد اثمرت عن تبرئة الشابين من تهمة الضلوع في تفجيرات لندن التي لم توجههما لهما الشرطة البريطانية، واطلاق سراحهما واسترجاع متعلقاتهما الشخصية... لتُرفع له القبعات اعجاباً واحتراماً.. ويقولوا «هذه هي وزارة الخارجية ولا بلاش»..! وللعلم يا أيها البطل المبجل دون كيشوت، فإن متعلقات الشابين لا تزال رهن الاحتجاز داخل الشقة حتى الآن..!
* بالاضافة لذلك هنالك - كما تعلم - ثلاثة شبان سودانيين محتجزون هناك.. وسامي الحاج في جوانتنامو.. ووليد التوم في اريتريا.. فأين سيفك الخشبي؟!