بقلم/ ذيو بول شبيت.
كتب الرفيق مدينق ودا منيل (مشكوراً) محللاً أسباب تأييد غالبية أهل الجنوب لما جاء في إتفاقية نيفاشا و بصفة خاصة إتفاقيات تقسيم السلطة و الثروة. و في تحليله لتلك الأسباب، تطرق بالتحليل المنطقي لردود الأفعال التي جاءت في كتابات المؤيدين و بعض المعارضين أو (المتخوفين – كما أسماهم) من أبناء ما يعرف بالشمال السوداني، و عدد قليل من الجنوبيين الذين (إذا صح التعبير) لم يجاهروا بمعارضتهم حتى الآن.
في الحقيقة، و للأمانة أنا أتفق مع الأخ مدينق في كل ما ذهب إليه في تحليله، إلا إنني أظنه قد نسى ان يذكر السبب الأساسي من تأييد أبناء الجنوب لتلك الإتفاقيات (قسمة السلطة و الثروة). هذا لإنه تعامل معها بمعزل عن إتفاقية نيفاشا للسلام الشامل. فإذا نظرت إلى إتفاقية نيفاشا للسلام (بالجملة)، فستجد أن تأييد أبناء الجنوب لها لم تكن فقط للخمسين في المائة من عائدات النفط، و التي هي أصلاً أقل بكثير من حقهم المشروع، و لأ حتى لمقعد النائب الأول لرئيس السودان و الذي لن يغير أي شئ في منظور حزب الأخوان المسلمين الحاكم و الذي يتخذ من شريعة المسلمين أساساً للحكم في الشمال على الأقل، بل سيظل هذا المنصب صورياً و سيصبح ديكورياً أكثر من أي وقت مضت. على سبيل المثال، لن يكون في مقدور سلفا تحديد أو توقيع أي إتفاقٌ ينص على حق تقرير مصير إقليم دارفور كما فعل الجلابى علي عثمان مع الحركة، أو حتى تعيين رئيس وفد المحاداثات (من جانب الحكومة التي ينوب عنها) للتفاوض مع جبهة الشرق. و لن يقبل علي عثمان أو حتى الترابي (العامل فيهو معارض) أن يعتلي سلفا كرسي رئاسة الجمهورية إذا مات عمر البشير في حادث سقوط الطائرة الرئاسية لسؤ الأحوال الجوية في البحر الأحمر (بمشيئة الشيطان و الإبليس أبوهم) و إذا قبلوا بذلك، فسيكون بشروط أن يعلن سلفا إسلامه و عروبته، و يغير إسمه إلي سليمان بدلاً من سلفا، الخير بدلاً من كير و محي الدين علاوةً عن ميارديت! فأي صورية و ديكورية أكثر من هذه التي تحمله هذا المقعد الشؤوم!
في رأيي المتواضع، أرى أن الجنوبيين أيدوا الإتفاق لسبب واحد لأ غير! حق تقرير المصير و إمكانبة الإستقلال بعد ستة سنوات. هذا هو أهم بند في الإتفاقية؛ فعندما إحتدم الصراع حول تقسيم السلطة و الثروة، و تحديداً عندما رفضت حكومة الجبهة التصور التي تقدمت بها الحركة الشعبية لتحرير السودان حول تقسيم بترول الجنوب، إستأذن القائد الشهيد د/ جون قرنق الوسطاء مهلةً لمدة أسبوع للمزيد من التشاور مع قيادة و قاعدة الحركة في الجنوب؛ وفي إجتماع في رومبيك، فوضت مجلس التحرير الوطني القائد العام د/ جون بقبول أي نسبة حتى ال 25% التي إقترحتها الجبهة الإسلامية طالما إنهم وافقوا على حق تقرير المصير بمراقبة الأمم المتحدة. وقالت جميع أعضاء المجلس، و محافظي المقاطعات والسلاطين الذين حضروا الجلسة نيابةً عن شعب الجنوب بالحرف الواحد، إننا لأ نرغب في المشاركة في حكومة الجلابة بأي صورة خلال الفترة الإنتقالية إلى أن تنقضي و نستقل نهائياً منهم. و فوضت المجلس القيادة لتقديم أي تناذلات مقابل عودة مقاطعة أبيي (المحررة) و جبال النوبة و الإنقسنا للسودان الجديد، لذلك رأيت كيف أن ملف أبيي كاد أن يفشل الإتفاق. هذا هو السبب الرئيسي وراء تأييدنا للإتفاقية! إستقلال السودان الجديد من السودان القديم!!! أما النفط، فقد ظل الجلابة يسرقونه منذ عشرة سنين، وهنا أتفق معك أن ال 50% من جملة العائدات تعتبر مكسباً كبيراً. فتذكر تصريحات القائد العام سلفا بخصوص تعنت الجبهة الإسلامية و إصرارها على إيلولة وزارة الطاقة و التعدين!!!
أما بخصوص القلة المتخوفين من الجنوبيين و غالبية الشماليين، فالسبب واضح لأ غبار عليه! فبالنسبه (للقله) الجنوبيين و معظمهم من أصول غير جنوبيه أو هي مجموعات مرتزقة شاركوا بصورة مباشرة في جهاد الجبهة ضد الجنوب كالمدعو فرتاك و مليشياته، فسبب خوفهم يرجع لمصالهم! فالسلطة (الثانوية) التي إعتادوا عليها في أيامهم مع الجبهة الإسلامية عمرها قد إنقضت، فإذا جاءوا بقبليتهم الوقحة، فلدينا من أبناء راجا ما يكفي لحكم السودان الجديد ككل من كوادر تربت على الوطنية و روح الثورة. أما الشماليين من الجلابة المستعمرين، فرفضهم للإتفاقيه تجئ من باب حقدهم و سؤ نيتهم علينا وهذا ليس بجديد من جيراننا المستعربين. فهذه ثقافتهم، وهي ديدنهم فلأ تجعل أمرهم من همومك.
و أخيراً، فإنها واجبنا جميعاً أن نوجه أقلامنا لتوعية أهلنا من مخاطر الوحدة المزعومة! و علينا أن نقول لهم أن إختياركم للإستقلال لهو شيئٌ عظيم جداً و أن ذلك سيكون جزاءونا لفقد مليونين شهيد على رأسهم القائد المناضل د/ جون قرنق دي مبيور. عاشت السودان الجديد حراً مستقلاً، و عاش المناضلين الأحرار من أمثال ألبينو أكون إبراهيم، بيونق دينق بيونق و الرفيق مدينق ودا منيل صائنين و رادعين لدعاية الجلابة و مخططاتهم ضد إرادة شعب السودان الجديد المهمشة..... سودان جديد وييي.