![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
الصحفى / سعيد مراد
لن أنسى هذا اليوم ماحييت ، فبعد تقطب الجبين أسى وألما ،
مستوحشا فى الأفق منفردا
وكأنه فى سامر الشهب
هذا الزحــام حياله احتـشــدا
هو عنه ناء جد مغترب
على وطن المليون جرح مربع ، منفطر له القلب ؛
باكى الأحلام محزون المنى
ضاحك الآلام بسام الجراح
فإذا بأساريرى تنفرج ليرف ثغرى بإبتسامة جذلة وأنا أطَّلع على إحدى تقارير حركات الإرهاب المسلحة فى دارفور ، فأضحكنى الجهل ، والجهل يضحك ؛ وسبحان الذى هو أضحك وأبكى ؛ فقد جاءت بهذا التقرير – أو مايسمونه تقريرا – جاءت به إحصائيات لعدد من المغتصبات من النساء بأسمائهن ، وعدد من القتلى من الأطفال بأسمائهم ، وآلاف من القطعان المنهوبة من الإبل والضأن والماعز التىكان لأصحابها فيها جمال حين يريحون وحين يسرحون . وكل هذه الجرائم بأيدى الجيش النظامى للدولة .
فإذا كنا قد صدقنا مايزعمونه من إغتصاب للنساء وقتل للأطفال ( بأيدى جيش نظامى لن يكون من مصلحته إحداث الإنفلات الأمنى ، بل هو خلافا لذلك خاضع لقواعد الضبط والربط ، والتسلسل القيادى والرتبى ، وبالرغم من أن عناصر الميدان والتتبع الدائم لعصابات الإرهابيين لا تسمح له بذلك )...... ، بالرغم من هذا كله ، إذا صدقنا بأن الجيش السودانى قد فعل ذلك فأغتصب النساء وقتل الأطفال ،
فكيف لنا أن نصدق بأن الجيش السودانى ، قد سرق الأبقار والضأن والماعز ... فمالذى سيفعله الجيش بهذه الآلاف المؤلفة من القطعان ؟ أيفرقها على الفقراء من "المهمشين" ، أم يطعم بها مسكينا ويتيما وأسيرا ، وإن قلنا خبأها ، فأين سيخبئ هذه الآلاف المؤلفة من القطعان ، وإن تجاوزنا فصدقنا ذلك ، فكيف سيرعاها ، وهل ينفق عليها ملايين الجنيهات لإطعامها وسقايتها ....؟ أم أنه سيطلقها تسوم من كلأ الأرض ، ويتحول الجنود إلى رعاة .....؟
أنظر كيف ضربوا لك الأكاذيب فضلوا .... ، يترنحون فى ضلالهم وكأنما يتخبطهم الشيطان من المس .
ولقد ذكَّرنى ذلك بقصة شاهد الزور الذى سأله القاضى :
- أرأيت المتهم يسرق الحمار ؟
قال الشاهد الزور :
- نعم يامولانا ، كان يتأبط البرسيم ، وهو يسير أمام الحمار ، حتى إذا تبعه الحمار إلى منزله أغلق عليه الباب .
فضحك القاضى قائلا :
- ياخى .. ياخى نحن نتحدث عن حمار " هدوم " وليس الحمار الذى تظن .
فإذا جلينا عليهم الحق ؛ قالوا بل فعلها " الجنجاويد " . فإن سألناهم من هم الجنجاويد ؟ قالوا القبائل العربية . وحينها نقول إذا فدارفور ليست لكم وحدكم فلم تتحدثون بإسمها ؛ وألا يعنى هذا ان حربكم قبلية فى المقام الأول .
وإذا ألقينا كل هذا خلف ظهورنا ، فلن نجد إلا حقيقة واحدة ؛ هى أنه كلما اندحرت جموع الإرهابيين بأيدى جيش السودان القومى الباسل ، كلما ضربت على عصابات الإرهاب الذلة والمسكنة ، فأطلقوا ألسنتهم بجمل لقنها لهم مجلس الأمن فقالوا :
- إرتكب جيش النظام " فظائع " إنسانية ، بقصد " الإبادة الجماعية " . لـ "عنصرية" مبطنة فى نفوس القبائل العربية . ( مع ملاحظة أنهم فى بعض الأحيان يتحدثون بإسم كل السودانيين بما فيهم العرب ) .
ولا أظن بأن من أسسوا هذه الحركات الإرهابية كانوا فى ذلك الحين يعرفون معنى كلمة "فظائع" ، ولا أركان " جريمة الإبادة الجماعية " .
ثم خرج إلينا مُدَّعُوا التَّثَقُّفِ والفهم منهم من شذاذ الآفاق ، محاولين ربط الحركات الإرهابية - بعد هذا كله – بالديموقراطية وحقوق المواطنة ، .... ألخ من هذا الكلام الجميل الذى لم يخلو منتدى من التشدق به ، ولم نجد حزبا ولا حكومة ( ديكتاتورية أو غير ديكتاتورية ) ولا حتى حركات إرهابية إلا وأستندت إليه وكل فى فلك يسبحون . تماما كما يُقتل العراقيون بإسم التحرير .... ويذبح الدارفوريون بإسم التهميش ... وتحتل الدول بإسم السلام والأمن الدوليين ..... ألخ من هذه المسرحيات سيئة الإخراج والتمثيل .
إلا أنه يعاب على المدعين ذلك أنه لا واقع نشأتهم ، ولا شكل تطورهم ، ولا مضمون أنشطتهم يؤيد مايدعون .
بل أنه يكشف عن تخبطهم الذى أشرنا إليه ، وكأنهم غرقى فى بحر لجى من فوقه موج من فوقه موج من فوقه سحاب ظلمات بعضها خلف بعض إذا أخرج يده لم يكد يراها ومن لم يجعل الله له نورا فما له من نور .