تحليلات اخبارية من السودان
ترحب سودانيزاونلاين بجميع الاراء الحرة و المقالات لنشرها فى هذه الصفحة.ويمكنك لزوارنا الكرام ارسالها الى [email protected] كما نرجو ذكر الاسم الحقيقى و الكامل و مكان الاقامة مدة بقاء المقال فى هذه الصفحة 10 اعوام

تجربة الخصخصة والاستثمار من المؤسسات الى النيابات(١-٣) بقلم د/عمر عبد العزيز المؤيد-رجل أعمال سوداني

سودانيزاونلاين.كوم
sudaneseonline.com
9/28/2005 9:33 م

ظلت سياسات الخصخصة والتحرير الاقتصادي منذ تطبيقها في أوائل التسعينيات محل أخذ ورد بين مؤيد داعم ومعارض ناقم, ورغم ما كان على هذه السياسات من مآخذ ونقاط فان حكومة الانقاذ الشمولية في ذلك الحين لم تلتفت الى أصوات المعارضين لنهجها الاقتصادي بحسبان أن سياسة التحريرالمترافقة مع تعويم سعر صرف الجنيه ستكون هي الحل الوحيد والأنجع للمشاكل الاقتصادية التي تعاني منها البلاد. ولا نجافي حقيقة في هذا الصدد اذا ذكرنا أن سياسات التحرير الاقتصادية تلك كانت من القسوة والحدة بمكان جعل منها موضع سخط واستغراب فئات عديدة من أبناء الشعب الذين اكتوا بنار الغلاء الفاحش الناتج من تهاوي القوة الشرائية لما يملكونه من أوراق نقدية. وأنهكوا بمعدل التضخم القياسي الذي أكل أي زيادة أو فائض قد يستطيعون توفيره.

وقد ربما يصبح من الأجدى النظر الى سياسة التحريرالاقتصادي التي اتبعت في السودان من عدة جوانب قبل اصدار حكم نافذ عليها سواء بالنجاح أم الفشل.

فلدى الاقتصاديين يكون لأي سياسة متبعة بعدها الاجتماعي كما بعدها الاقتصادي وتأثيرها الملموس سواء بالسالب أو الموجب على الفرد, والفرد في هذه الحالة بطبيعة الحال هو المواطن السوداني البسيط. و يعتبر البعد الاجتماعي والتأثير الاقتصادي على الأفراد من الدوال الاقتصادية المهمة التي تبنى عليها السياسات والخطط الاقتصادية الممنهجة, وعند الذهاب الى اسقاط هاتين الدالتين على الوضع السوداني فانه من نافلة القول التصريح وبجدارة أنهما قد تم اسقاطهما نهائيا من حسابات واضعي سياسةالخصخصةو التحرير الاقتصادي وتعويم سعر صرف العملة. ومن هنا يمكن أن يظهر لنا حجم العيوب والسقطات التي نتجت في الأساس عن قصور في التخطيط, يستغرب كل اقتصادي أن يصدر عن مجموعة من الخبراء والمختصين.

ولأجعل الصورة أكثر قربا فلنأخذ مثالا بما اعتدنا على سماعه منذ فترة ليست بالقصيرة عن نمو الناتج القومي الاجمالي بنسبة معينة في المائة, فذلك قد يكون صحيحا ولكن في نفس الوقت سنجد مثلا وبدون شك أن قيمة النقد في يد المواطن قد انخفضت بنسبة مقدرة من قيمتها في نفس تلك الفترة التي ازداد فيها الناتج المحلي القومي, وبذلك يتحقق ما ذهبنا اليه في أن السياسات الاقتصادية ما دام أنها لم تراع الوضع العام للمواطنين فستظل وبلا شك عرجاء وعقيمة غير ذات جدوى وليست ذات فائدة قد تعود على المواطن والذي هو هدف التنمية الأول. وقد رافق سياسات التحرير الاقتصادي تلك عملية خصخصة واسعة لمؤسسات الدولة, حيث تم بيع العديد منها للقطاع الخاص في خطوة أمل منها القائمون على أمر البلاد كما نظن الى زيادة فعالية تلك المؤسسات وربحيتها. ولكن ومن ناحية عملية وبنظرة اقتصادية فاحصة ومتخصصة سنجد أن عملية الخصخصة المرافقة كانت احدى أسوأ عمليات الخصخصة التي حدثت على صعيد المنطقة وقد ربما العالم أيضا. وباختصار شديد وغير مخل نجد أن السلطة في الخرطوم قد قامت فقط بتسييل ما بين يديها من أصول ثابتة وجامدة من أجل الحصول على النقد اللازم لتسيير أمورها في وقت كان فيه النقد الأجنبي نادرا وعزيز الحصول عليه في ظل مقاطعة اقتصادية شبه تامة من قبل دول العالم للحكومة السودانية التي قامت مرة أخرى باسقاط أحد أهم بنود نجاح أي خطة اقتصادية مكتملة. حيث أن العلاقات الخارجية للسلطة في الخرطوم امتازت بالتدهور الشديد مع العالم الخارجي. وعلينا أن نذكر هنا أنه و في سنواتها الأولى قطعت الانقاذ علاقتها ما خمسة دول كان من أبرزها المملكة المتحدة. وقد أضحت البلاد في ذلك العهد عرضة لضغط دولي كثيف ومقاطعة اقتصادية واسعة بتأثير من دول عالمية كبرى. أما من الأمثلة على الأثر السالب لسياسة الانقاذ الخارجية فنذكر وعلى سبيل المثال لا الحصر أنه قد تم تجميد نصيب السودان وفق اتفاقية لومي والذي يقدر بمئات الملايين من الدولارات, أيضا توقف الدعم الاقتصادي الخارجي تماما ونهائيا نتيجة لتلك السياسات التي انتهجتها السلطة في الخرطوم وذلك في وقت كانت البلاد فيه أحوج ماتكون لذلك الدعم. وهنا يبرز موقف النظام المخزي تجاه العدوان الذي تعرضت له الكويت الشقيقة. ونذكر هنا أن دولة الكويت تحملت وعلى نفقتها مشروع خطوط الكهرباء ذات الضغط العالي الذي يحيط بالعاصمة الخرطوم, ونذكر أيضا أن دولة الكويت هي احدى أهم المساهمين في مشروع سكر كنانة.

غير أنه من الواجب الاشارة الى عامل آخر من العوامل التي قادت الى أن تكون نتيجة الخصخصة كارثية على الوطن والشعب, ألا وهو منطق التمكين , وهو سياسة انتهجتها الانقاذ بغرض السماح لأفرادها من التجار ورجال الأعمال من السيطرة على المفاصل الاقتصادية للبلاد بشكل يتيح لها فرض الهيمنة المطلقة على جميع أوجه الحياة سياسة واقتصادا واجتماعا....الخ.

اذا اخواتي القارئات الكريمات واخواني القراء الكرام , نحن نتحدث عن عوامل محددة ومعينة أصابت وستصيب مستقبلا في مقتل أي مشروع نهضة اقتصادية.

١- لم تراع الانقاذ الانعاكسات السلبية لعملية الخصخصة على حياة المواطن.

٢- تم اتباع السياسة الاقتصادية الفاشلة بسياسة خارجية أشد فشلا , وهذه الأخير استعدت جميع الأطراف التي

كان يمكن لها أن تساعد في أي نهضة اقتصادية, أو على الأقل يمكن أن تكف آذاها عن اللبلاد.

٣- تسييل الأصول العامة التي هي ملك للشعب والمتمثلة في مؤسسات القطاع العام, من أجل هدف آني غير

ذي جدوى كبيرة وهو الحصول على النقد الأجنبي.

٤- احدى العوامل المباشرة التي أدت الى فشل سياسة الخصخصة هو تطبيق مبدأ التمكين الذي يسمح لأفراد

التنظيم دون سواهم بالسيطرة على المؤسسات الخاصة. وهو الشيء الذي كان عاملا هاما في تفشي الفساد

واستشرائه بشكل أضحى فيه أمرا شبه اعتيادي داخل مؤسسات الدولة, وهذه نقطة سنتطرق اليها لاحقا .

وهناك عامل آخر ومهم لابد من اضافته في هذا السياق , ألا وهو غياب النظرة الاقتصادية بعيدة الأمد, والتخبط الشديد في توجيه دفة الاقتصاد نحو التنمية.ونستشهد هنا بعبارة السيد الرئيس المشير البشير اثر الانقلاب مباشرة حيث قال أنهم جاءوا الى السلطة لكي لايصبح الدولار مساوٍ لعشرين جنيها. ونذكر أيضا عملية جمع العملة الشهيرة التي لم ولن يعرف مغزاها الى هذه اللحظة. أما مايعرف بالدينار فهذه قصة أخرى تجدر الاشارة اليها هاهنا, ففي خطوة غير مفهومة تم استنساخ ما يعرف بالدينار السوداني ليكون بديلا للعملة الوطنية (الجنيه) وسوي الدينار الواحد بالعشرة جنيهات سودانية, وتم تقسيم الدينار السوداني الى مائة قرش.

كل تلك الاجراءات كانت اجراءات فارغة وتافهة وغير ذات جدوى على الاطلاق.

ونواصل لنقول أنه نظرا لغياب النظرة الاقتصادية القويمة والمتزنة , فقد بدأ النظام في منتصف التسعينيات وفي أثناء ركوبه لموجة الخصخصة, بدأ حملة لجلب الاستثمارات الى البلاد. ولكن حتى سعي النظام لاجتذاب الاستثمارات كان غير ذي فعالية كبيرة بحيث أن سياسة جذب الاستثمارات بدت وكأنها أقرب الى الاستجداء والمسألة منها الى التعامل مع المستثمرين والرأسماليين وأرباب الأموال بمنطق الند للند. وأرجو من القراء الكرام أن يضعوا هذه النقطة نصب أعينهم لأننا سنعود اليها لاحقا.

نواصل في مقال قادم باذن الله , الحديث كتابة عن الخصخصة وقوانيين الاستثمار في السودان وعن الثغرات التي أدت الى فشل هذه السياسة .

متعكم الله بالصحة

د/عمر عبد العزيز المؤيد

رجل أعمال سوداني .


للمزيد من االمقالات

للمزيد من هذه الاخبار للمزيد من هذه البيانات و المنشورات
الأخبار المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع


| اغانى سودانية | آراء حرة و مقالات | ارشيف الاخبار لعام 2004 | المنبر العام| دليل الخريجين | | مكتبة الراحل على المك | مواضيع توثيقية و متميزة | أرشيف المنبر العام للنصف الاول من عام 2005

الصفحة الرئيسية| دليل الاحباب |English Forum| مكتبة الاستاذ محمود محمد طه | مكتبة الراحل المقيم الاستاذ الخاتم عدلان | مواقع سودانية| اخر الاخبار| مكتبة الراحل مصطفى سيد احمد


Copyright 2000-2004
SudaneseOnline.Com All rights reserved