علم الهدى أحمد عثمان/ القاهرة
"وفى الليلة الظلماء يفتقد البدر"
يجئ حديثنا هذه المرة عما يجرى فى دهاليز الساحة السياسية السودانية و أروقة حزب الأمة صاحب الأغلبية الكاسحة فى آخر إنتخابات عامة جرت فى السودان إبان فترة الديموقراطية الثالثة والتى إثرها تقلد الحبيب الإمام الصادق المهدى منصب رئيس وزراء السودانى تلك الأثناء ؛إلا أنه كما جرت العادة فى بلادنا وقدر الديموقراطية أن توأد بغير ذنب تكون قد إقترفته ؛ ولأجل ذا لم يكتمل حلم الشعب وتطلعاته المعلقة على تطبيق النظام الديموقراطى فى السودان ؛ وخيبة أمل هذا الشعب التى تجسمت عند حائل السد المنيع الذى أقاموه أعداء الديموقراطية والتى تصطدم به كلما لاحت بوارق الأمل فى تطبيقها على الميدان ؛ وزيادة على ذلك تذهب مكتسبات ومصالح هذا الشعب الطيب جميعها أدراج الرياح .. دونما أن تحظى بأدنى قدر من العناية والإعتبار ..
أوضاع معيبة للغاية ألغت بظلال آثارها السالبة على كافة أرجاء البلاد التى أضحت برمتها مرتعا خصبا للبرغماتية وشعرائهم " الشعراء يتبعهم الغاوون " ولم نجد فى زماننا هذا وفى وسط هذا الزخم المايع من الأحداث المذهلة التى أمست تخيم على السودان اليوم من رجل قلبه على السودان أكثر من " الحبيب الإمام الصادق المهدى " كيف لا وهو كما ألفه الجميع بإطروحاته الأكثر وطنية الماثلة فى طرح الأجندة الوطنية ونبذ الأجندة الأجنبية الخبيثة بشأن حلحة مشكل السودان بإرادة سودانية خالصة تفضى إلى نتيجة مرضية للجميع دونما إفتئات من فئة على حساب أخرى .. والحكمة التى يرى وجاهتها فى إعمال ذلك هى بأن السودانيين هم أدرى من غيرهم بهمومهم وكنه مشاكلهم وهذا عين الصواب والدراية بسايكولوجية إنسان السودان .. بيد أن هذه الحقيقة قد غابت على حفنة من بنى هذا الشعب عن قصد أو جهل ويتضح ذلك جليا من إيثار هؤلاء لخط الأجندة الأجنبية رغم الخبث الاذى تنطوى عليه ومدى خطورة مساسه بوحدة وسيادة وسلام وأمن السودان ..
فلأجل ذا ظل وسيظل الإمام الحبيب الصادق المهدى نبراسا يشع دوما قيما فكرية ؛ وثقافية ؛ وسياسية ولو كره الحانقون فى هذا البلد أو ذاك .. "وبغاث الطير تدفعه بالمخلب الغض والجناح القصير " إلى ذلك يشئ تفرده بسمات القائد المتزن الذى يتحلى بقيم السماحة والأدب الجم وهكذا ألفناه كما غيرنا "كعود الصندل يعطر فأس قاطعه " .. وما إلى ذلك من خصال جميلة لا تحصى .. من عفو اليد واللسان .. والدليل على ذلك لما حول أنصار مذهب الزرائع من هنا ومن هناك إبان فترة الإنقلابات العسكرية فى مسعى لوصمه بالفساد المالى وتجريمه إثر ذلك فلم يجدوا هؤلاء ثقرة فى هذا الرجل الكريم الذى وجدوه يحمل جل معانى الأمانة
التى حاد عن جادتها كثير من قادتنا الذين تعاقبوا على حكم السودان " والحق يقال " .. ولم تتأتى كل هذه القيم الجميلة التى أذكت شخصية هذا القائد الفذ " الإمام الحبيب الصادق المهدى " من فراغ وإنما كان معينها الذى رفدها هو تلك التنشئة الدينية وعائلة المهدى العريقة التى إنحدر منها " والإنسان ابن بيئته " وهذا كان كاف بتشكيل ملامح طموحاته السامية وتوجهاته السلمية الرامية إلى صون وحماية حقوق الإنسان من كرامته ؛ حريته ؛ نفسه ؛ سلامه ؛ أمنه ؛ عرضه وممتلكاته .. علاوة على ذلك تجلت وطنيته فى مساعيه الحثيثة فى إرساء دعائم نظام للحكم فى السودان مؤسس على نسق من الديموقراطية والقومية والتعددية فى السودان .. وفى سبيل تحقيق ذلك لم يدخر هذا القائد الهمام وسعا متكبدا شتى ضروب المشاق .. وبحكم قدرته الفائقة فى تطويع دفة الأحداث فى حال كان حاكما أو محكوما .. بإتجاه إصلاح نظام الحكم فى السودان وقد خطت مساعيه فى هذا الشأن خطوات غير مسبوقة إلى درجة أن ألقت بظلال تأثيرها إلى ما وراء الحدود .. وأثارت مخاوف الكثيرين هناك من الذين تكى أنظمتهم أنظمتنا المعنية ذات الصبغة الشمولية .. وكنت دعوته الإصلاح الديموقراطى مبكرة وذكره فى كثير من المنابر بأن الحيث عن إحلال السلام بمنأى عن الديموقراطية أمر لا يرجى من ورائه طائل .. وهى نفس وجهة النظر التى أصبحت تستند إليها دول عظمى فى قامة أميريكا وتبنيها لهذه النظرة وتقدمها بشروع " الإصلاح الديموقراطي فى الشرق الأوسط " والفارق فقط يشئ فى أن تطبيق الإصلاح هنا إن لم يتم باللين فإلى العنف سبيلا وآليات هذا العنف هذه لم تكن بأيدى الشعب وإنما بأيدى " ماما أميريكا "
كل هذه الأفكار النبيلة التى كانت فيها حياة للأمة إن روعيت المسئولية بشأنها وحسن التقدير وطابت النوايا .. كان يحملها " الحبيب الإمام الصادق المهدى " فى جعبة أفكاره .. وتختلج بها دواخله .. إلا أنه هذا القائد الفذ وتحليه بقدر هائل من الديموقراطية أو المثالية إلى ما وراء حدود المألوف .. إلى التى جعلت حفنة من تلامذته بأن سولت لهم أنفسهم بالخروج عليه فى رأد الضحى " كم علمته نظم القوافى .. فلما نظم قافية هجانى " هذا هو الحال الذى آلت إليه الأوضاع فى أروغة حزب هو صاحب أكبر أغلبية فى إنتخابات عامة جرت فى ظل آخر نظام ديموقراطى فى السودانى .. وكل ذلك جراء سياسات هؤلاء الذين أطلقت عليهم الأخت الكريمة رباح الصادق : " المنشقين .. الإنسلاخيين .. .. .. يين " الذين على حين غرة تمولوا ..
فليس الزعامة بإمتلاك المال أو بقهر الرجال وإنما " الزعامة " نعمة يختص بها الله من يشاء من عباده .. أناس شيمتهم الإخلاص والصلاح وتجد خطاهم مسددة بكل فلاح .. أحبهم الله .. وحبب قلوب النلس فيهم ..
فلأجل ذا تفرقت بهؤلاء الإنسلاخيين السبل جراء عدم تمتعهم بالحس القيادى الذى يكفل لهم الإستقرار والإستمرار ربقة دعواهم الإصلاحية المزعومة التى خلناها حقيقة يوم من الآيام .. وإنما كانت بمثابة " كلمة حق أريد بها كل باطل " وما كنا للباطل لناصرين .. وفى هذه الأثناء يجئ دور القائد المبدع " الحبيب الإمام الصادق المهدى " إبتغاء تجلى براعته فى إنقاذ ما يمكن إنقاذه بشأن الحزب .. أما بخصوص السودان فلا نستغنى عن دوره المقدر فى نصرة قضايا المهمشين بطول السودان وعرضه ودعم كافة الآليات ذات الكفاءة لأجل أن يعم الإنصاف عموم هؤلاء ..