ترحب سودانيزاونلاين بجميع الاراء الحرة و المقالات لنشرها فى هذه الصفحة.ويمكنك لزوارنا الكرام ارسالها الى [email protected] كما نرجو ذكر الاسم الحقيقى و الكامل و مكان الاقامة مدة بقاء المقال فى هذه الصفحة 10 اعوام
شرق السودان أولاُ والسودان دائماً (الحلقة الثالثة) المركز وقضايا التهميش -- بقلم بقلم أوهاج محمد أدروب
سودانيزاونلاين.كوم sudaneseonline.com 9/25/2005 6:07 م [email protected] تحدثنا في الحلقتين الماضيتين عما دار في اجتماع نداء لندن للتضامن مع شرق السودان ونواصل في هذه الحلقة التي خصصناها لمشاركة النوبيين الذين حضر منهم عدد غير قليل، منهم على سبيل المثال وليس الحصر الدكتور محمد هاشم من الرابطة النوبية وحمزة شمت ورامي إدريس ومجدي بالإضافة إلى الأستاذ محمد جلال هاشم الذي نستعرض هنا ورقته. أدار فقرة البرنامج الخاصة بموضوع المركز وقضايا التهميش البروفسير الفاضل شبيكة الذي أضفى ببلاغة وحكمة أهلنا الرباطاب سلاسة ورونقا على موضوع مثير للجدل كان يمكن أن يكون مملا بدونه، ولا شك أن البروفسير بقامته السامقة قد تمكن من التمتع برؤية بانورامية لكل أرجاء السودان انعكست في فؤاده حبا للوطن بكل أعراقه وأصقاعه، كما شبعته هذه الرؤية بروح قومية في طرح ومعالجة قضايا الوطن بشمولية تضمن سلاما مستداما، كذلك يسرت مصداقيته التي عرف بها اقناع الناس بالمشاركة والحضور. والجدير بالذكر أنه بتخطيطه الدقيق وبعلمه وكريم خصاله، وصلاته الطيبة مع جميع السودانيين استطاع جمع الأضداد في هذا الاجتماع وتحويله من حلم إلى حقيقة فاق فيها عدد الحضور كل التوقعات، حيث امتلأت القاعة بما رحبت حتى ارتفعت حرارتها برغم برودة الطقس، ووقف عدد غير قليل من الحضور في الخارج وفتحوا الأبواب والنوافذ على مصراعيها لسماع المتحدثين. لقد كان البروفسير، بفكره الثاقب وعقله الراشد صمام الأمان لحماس الشباب الجامح ليخرج الاجتماع في صورته البهية تلك دون أن يعكر صفوه حتى ذلك الصوت النشاز. تحدث الأستاذ محمد جلال هاشم، من المؤتمر النوبي، عن مفهوم المركز والهامش وتحديات العمل المشترك، وقد تميزت المقدمة التاريخية للورقة التي قدمها بالمنهجية وطغى عليها الجانب الأكاديمي وكثرة المراجع، وشكل تقديمه الجاد لما جاء عن التهميش عنصر جذب للحاضرين. بدأ الأستاذ محمد جلال محاضرته بخلفية تاريخية للسودان واعتبره غابة من الهويات الثقافية، بالرغم من هذا فهناك الوشائج والأواصر. وقسم السودان، بصورة أساسية، إلى مجموعتين ثقافيتين، هما المجموعة النيلية - الصحراوية، والمجموعة النيجر- كردفانية، واستنكر الزعم بعروبة هؤلاء وأفرقة أولئك على أساس عرقي حيث أن عهد الانثروبولوجيا العرقية قد انتهى، وأن المعيار العلمي والمادي اليوم هو الدالة الثقافية واللغوية. وأرجع تاريخ مؤسسة الدولة في السودان إلى تسعة آلاف عام تمكنت فيه من الحفاظ على وحدتها الوطنية من خلال اعترافها بالتنوع العرقي (الوحدة في التنوع). وذكر أن عهد المركزية والانصهار بدأ مع الحكم التركي. وعن الثقافة العربية/ الإسلامية فإنه اعتبرها حصان طروادة، استخدمتها الدولة في آليات التمركز والتهميش، ولتسويغ القهر والاضطهاد السياسي بمسوغات دينية. وأن الإسلاموعروبية كأيديولوجيا للدولة السودانية ظهرت مع قيام دولة الفونج. وعن مفهوم التهميش، ذكر أن مصطلحي المركز والهامش تولدا داخل أروقة الفكر الماركسي. وقال بأن السودان والصومال وموريتانيا وجيبوتي هي بمثابة الهامش للدول العربية العاربة. وأرجع التهميش إلى قرون. وأن عمليات التمركز والتهميش ليست مرتبطة بعرق أو جهة. وأن المركز يتكون من صفوة متباينة الأعراق والثقافات، متلاقية في الأهداف المتمثلة في الاستحواذ على الثروة والسلطة. وأنه يجب عدم احتساب هؤلاء الانتهازيين على المجموعات العرقية التي ينتمون إليها. ونبه إلى أن البجه والنوبة مهددان في تراثهما وهويتهما من حيث احتمال زوال لغتيهما. وقال أنه بالرغم من العدد الكبير للنوبيين الذين تولوا مناصب رؤساء ووزراء، إلا أن بلاد النوبة لم تنل أي حظ من التنمية واستأثرت تلك الصفوة النوبية بكل المكاسب وأنجبت أجيالا من المبتعدين عن أهلهم ثقافة وموطنا. وما استفاد منه النوبيون من ذلك العدد الكبير من الرؤساء والوزراء يساوي ما استفاد منه البجه من ذلك العدد القليل من الوزراء، وهو العدم، ولو انعكست الآية، لما تغيرحال أي منهما تهميشا تنمويا وثقافيا. (البجه يطالبون بحقوق دستورية وليس مناصب تلبي المصالح الشخصية لمن يتولونها، وبالرغم من هذا فإن وجود البجه في مراكز دستورية هو تجسيد للسيادة - أوهاج). وصنف الأستاذ محمد جلال هاشم التهميش إلى تنموي وثقافي، ففي نظره أن التهميش التنموي والاقتصادي هو تهميش بسيط، أما التهميش المركب فهو الذي يجمع بين الحرمان التنموي والثقافي متمثلا في توجهات الدولة الايديولوجية لمحق الهويات غير العربية وقتل لغاتها وثقافاتها. وقال بأن الصفوة المهيمنة تقسم السودانيين إلى مجموعات خطية لتقاتل بعضها وتنعم هي بالسلطة. وأشعل الاضطهاد الحروب في كل أرجاء السودان، ولن يتوقف حتى يتم تفكيك ماكينة التمركز والتهميش. وشن المتحدث هجوما شديدا على الكتاب الأسود ووصفه بأنه رؤية مقلوبة. وقال بأن البجه لم ينالوا حظا من التعليم بصورته الشائهة للهوية هذه، لذا فإنهم لم يخسروا الكثير، فبينما البجه الآن على بكرة أبيهم يطالبون برفع التهميش عنهم نضالا مدنيا وعسكريا، نجد النوبيين منقسمين على أنفسهم. وفي نهاية حديثه قال بأن جبهات الشرق والغرب هي رأس الرمح ودعا إلى ضرورة توحيد قوى الهامش في جبهة عريضة تعمل على تفكيك ماكينة المركز والهامش وبناء سودان جديد يعتمد العدل والمساواة في التعامل مع مواطنيه.