![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
توفيق الحاج
أشياء كثيرة لا نلتفت إليها في طريق اللهاث الطويل ، وأشياء جميلة تكون بين
ايدينا وعلى مرمى أنظارنا قد ندوسها بأقدامنا دون ان ندري بسب انهماكنا في
البحث عن تفاهة ما وللأسف لا نحس بطعم اللحظة وفضاءاتها إلا في الوقت الضائع
لمباراة العمر وعندما نقترب بسرعة من صافرة النهاية..!!
وهناك أيضا أشياء أخرى قبيحة تتربص بنا وتزحف بصمت الأفاعي متشابكة من حولنا
كمصائد العنكبوت ونحن اللاهين المطمئنين خلف قناعات ومبادئ ورثناها عن الأجداد
كبنادق صدئة ..
وفجأة تصدمنا الوقائع ونكتشف بعد فوات الأوان اننا نعيش مع مافيا لزجة أخطبوطية
وغير مرئية في الشارع وفي العمل وفي كل مكان للاسف ودون تجن أو مبالغة..!!
مافيا أكثر ذكاء وتخطيطا وحرصا وتصميما على فسدنة كل شيء ممكن وتسميم ما تبقى
لنا من هواء نتنفسه .
مافيا متنوعة..متعددة الوجوه..تنتشر في كل مكان وبكل الالوان تتعدد وسائلها
باتجاه هدف وحيد هو السيطرة والهيمنةوفرض الارادة وعولمة الباطل.!!.
ليس غريبا أن نكتشف وبعد عمر طويل ان المبادئ العظيمة والقيم الجميلة بمفردها
لا تقاتل ولا تنتصر ..وان النفايات الذرية للمصالح مع تحالف اللف والدوران قد
ينجحا في خنق الحق بالاونطة ولو الى حين.
قبل أيام عشت تجربة قاسية مع مافيا قد لا يتصورها أحد لفرط ما تحمل من مسميات
واعتبارات براقة تجعلها قدوة لكل جيل ولكن الاقتراب أكثر من اللوحة كما يقولون
يبين عيوبها ويفضح منها مايخفى .
لقد برزت لى الضحالة والضآلة والابتذال والتهافت وضعف النفس رغم مظهر القوة
والمهابة ورغم أناقة ربطات العنق الملونة وروعة العطر وازدحام الأفواه
بالكلشيهات المعلبة الناعمة ..!!
كانت مشكلتي ولا زالت ..اني تزوجت الصراحة عن حب وآمنت بها منذ وعيت ولا أطيق
فراقها رغم علمي المسبق بالنتائج .وهذا في حد ذاته يغرب "حاملي السلم بالعرض "
من ماركتي والذين يفتقرون الى مواهب ومؤهلات العصر من نفاق ومداهنة ويدخلهم
-شاءوا أم أبوا -في حقول ألغام ودوائر مغلقة وممنوعة لايجوز للدراويش والعامة
مجرد الاقتراب منها.
لا يندم المرء النقي يوما على جرح مرتب أو طعنة خبيثة تصيبه بسبب موقف توجب علي
أخلاقه القديمة أن يقفه ولكن لايتصور ان يعيش الى اللحظة التي يرى فيها الزمان
وهو يدار بكاميرات تلصص بشرية أقوى من طائرات الاواكس..!!فهي تضيف وتحذف وتضخم
وتقزم وترسم الصورة حسب المطلوب وبما يخدم أغراضها ..
وتصل الماسأة الى قمتها الهزلية عندما يتحول المكان الى مزرعة تفريخ لجواسيس
ومرتزقة تحت شعار"كله عينه على كله"..!!
لقد عدنا الى زمن العيون والبصاصين الذين يدسهم الحاكم بأمره في كل مكان كي
يتسمعوا و" يشمشموا " أخبار الرعية المحبطة
وكأنه يخشى أن يستيقظ ذات يوم ليجد نفسه ملفوظا من حب الناس واحترامهم بعد أن
يتبخر عنه بهاء المنصب ورونق الكرسي الدوار..!!
وأمام كل مافيا نقول كما يقول الصابرون.. .. ..
حسبنا الله ونعم الوكيل