تحليلات اخبارية من السودان
ترحب سودانيزاونلاين بجميع الاراء الحرة و المقالات لنشرها فى هذه الصفحة.ويمكنك لزوارنا الكرام ارسالها الى [email protected] كما نرجو ذكر الاسم الحقيقى و الكامل و مكان الاقامة مدة بقاء المقال فى هذه الصفحة 10 اعوام

بين الضفة والساحل الفصل الثاني عشر –حمد النيل ..امدرمان السوق - بقلم: بقادى الحاج أحمد- جدة

سودانيزاونلاين.كوم
sudaneseonline.com
9/22/2005 6:02 م

ملخص لما نشر:
الفصل الأول: بالروح بالدم نفديك يا سودانا
قدم الراوي مشهد من موكب انتفاضة ابريل1985م،صمود المنتفضون أمام فوهات
البنادق:
" لماذا اعتقل يا ترى؟
سأل الناس لا سبب
حان الوقت ليعرف الناس يعتقلون
من دون سبب"
ثم ما تبع ذلك من تغيير في الحياة ، لم يستغل في تنمية حقيقية، بل خفت صوت
الانتفاضة سريعا وتلاشى، وكأن شيئا لم يحدث.
الفصل الثاني: الله يسلمك..
نزل الراوي من قمة جبل الانتفاضة، يبحث عن آثارها.. واسباب لقمة العيش. ظل
نشاطه موزع بين العمل والدارسة الجامعية، تراوده أشواق العثور علي شريكة
الحياة، في طيف ندى .. أميرة وسمراء.
الفصل الثالث: الضفة الخضراء
وجد الراوي في تتطبيق أحد توصيات المؤتمر الاقتصاد الذي تلي الانتفاضة- اخذ
إجازة بدون مرتب لمدة عامين قابلة لتجديد، وجد فيها ضالة المنشودة، أزمع علي
الرحيل للعمل مؤقتا في الخليج،وجد فرصة عمل في شركة خليجية، اخذ إجازة بدون
مرتب، حمل حقيبة صغيرة، بعد أن ودع الأهل والأحباب والبلد ورحل رغم اغراءات
الابنوسية المكتنزة في الطائرة، ألا انه صمم علي ما هو مقدم علية .
الفصل الرابع: الحرمين..والهجرة
وصل الراوي ومن معه إلى جدة، فالرياض مقر إدارة الشركة، كان نصيبه أن يعمل في
فرع في منطقة المدينة المنورة، التي تشرفت بالمصطفي صلي الله عليه وسلم. واصل
طريقه إلى مكان عمله الجديد ، تراوده أشواق الذهاب إلى البيت العتيق والتعلق
بأستار الكعبة.

الفصل الخامس: الشمس تهمس بالشعاع
بدأت أعراض ال " هوم سيكـنس" تظهر علي الراوي، في صورة أحلام اليقظة، أخذ يتذكر
الأهل والصحاب والأيام والليالي، التي قضاها معهم في ارض الوطن، الذي اصبح
بينهما الآن فضاءات وبحور، مدن تسبح في النور وليالي سرمدية كما الدهور.

الفصل السادس: مدينة صغيرة علي الساحل
استلم الراوي العمل في فرع المدينة التي ترقد في حضن البحر، مدينة صغيرة، تسير
الحياة فيها بنمطية، وكذلك دوامات العمل- دوامة الدوامات- دوام صباحي ودوام
مسائي في تتابع، تباعد بينهم عطلة نهاية الأسبوع، حيث الاسترخاء ومواصلة
الدوامات من جديد.
الفصل السابع : وطن اخضر
يبعث الراوي رسالة إلى صديقة وزميل العمل السابق/ غابريل ماجوك، يحدثه فيها عن
المنطقة وعمله الجديد في الغربة، حيث يذكر أن الغربة: " تعطى الواحد فينا
الفرصة ليتأمل نفسه ويراها من بعيد.. فرصة للتفكير واستعادة الذكريات وأعادة
اكتشاف النفس.".
الفصل الثامن: مجتمع الرحلة
يتذكر الراوي رحلة الباص إلى الأبيض في الخريف، فيتنفس دعاش الوطن.. يا وطن مثل
عسل النحل، ريحك طيب،وطعمك عذب، وحلاوتك صادفة، بين الاوطان اخضر طويل وقيافه.
الفصل التاسع:عزيزتي سمراء
بين تداعيات إجازة زميل الراوي حمد النيل، وطلعات نهاية الأسبوع علي الساحل،
يرسل رسالة إلى خطيبه سمراء يقول في ختامها:" انا جاى باذن الله ليك، ياوطن
اخضر وغالي، ونيل طامح يلالي، فوقو الطير والوزين..".
الفصل العاشر: باركوها ياجماعة..
يروي الراوي حادثة د. محمد علي مع زميله الهندي وملابساتها، ويذكر حادثة شجار
حدثت له مع كمساري الباص في أمد رمان.
الفصل الحادي عشر: حكاية ماديبا- نلسون مانديلا- نشر الفصل مقدما إلى روح
المناضل د. جون قرنق.
الفصل الثاني عشر
حمد النيل ..امدرمان السوق

يا وطن، مثل عسل النحل، ريحك طيب،وطعمك عذب،وحلاوتك صادقة ،بين الأوطان؛اخضر
طويل وقيافة.
*
كنا أنا و"محمد" في السوق ، سوق أمد رمان المحطة الوسطى ذات عصرية. شمس الشتاء
تداعب الوجوه السمراء والبشرة الناعمة لذوات الكواعب بأشعتها المائلة وتجعلها
اكثر تألقا ونضارة، تواصل الشمس إلقاء اللون الذهبي علي واجهات المتاجر
والبضائع المعروضة وعلي الأرض فتضفي لمساتها الفنيه عليها.
كانت المحطة الوسطى وقتها مقسمة إلى قسمين الجزء الخلفي مخصص لمواقف التاكسي
الذاهبة إلى الخرطوم أو بحري أو إلى داخل أمد رمان - ود درو والثورة..
أما الموقف الأمامي فهو مخصص لباصات شركة المواصلات- أبو رجيلة، ومثلما لموقف
التاكسي نظام ولافتات توجه الركاب إلى حيث يودون الذهاب، كذلك لموقف الباصات
أرصفة مخصصة للباصات المتجهه إلى الخرطوم عن طريق شارع الموردة، أو عن طريق
شارع الأربعين والمتجهة إلى الثورة عن طريق شارع النص، الشنقيطي أو
الوادي.الطراحين عند موقف التاكسي يقفون عند رؤوس المسارات ينادون بالصوت
العالي بأسماء المناطق وعدد الركاب المطلوب: الخرطوم نفر، بحري نفرين ، أمد
رمان.. وهكذا.
أما في الموقف الآخر المفتشون يوجهون الباصات من خلف مكاتبهم أو يخرجوا ليعدوا
لها سريعا!
يفصل بين الموقفين رصيف كبير عليه سور من حديد المواسير ، مقسم الرصيف من
ناحية موقف الباصات إلى حارات صغيرة يفرش عليها بائعي الكتب القديمة كتبهم،
أمامهم تجلس بائعات الفول السوداني- المدمس.
يشكل منظر الكتب المفروشة علي الأرض بنظام خلفية عرض ممتازة للمحطة الوسطى،
كنا نقضى الأوقات الطويلة في التـنقيب والبحث بين الكتب. كان هناك جميع أنواع
الكتب؛ الكتب المدرسية لمختلف المراحل، الكتب الأكاديمية المراجع، القواميس،
الروايات، دواوين الشعر المجلات والألغاز وغيرها.. بأسعار منخفضة جدا.
إذا تأخر وصول الباص أو كان الزحام عليه شديدا فان الانتظار في هذا السوق
المصغر لن يكون مملا أبدا، بل مسليا ومحببا إلى النفس بالفرجة التي يوفرها
والكنوز التي كنا نعثر عليها من الكتب.
حول المحطة الوسطى مجموعة من متاجرالاقمشة الصيدليات وكافيتريات المرطبات
وغيرها. من الناحية الشرقية الشمالية يوجد شارع الجلود ومنتجاتها، يليه شارع
الأحذية، بجواره شارع الذهب والمشغولات الفضية والخزفية وغيرها من الأناتيك،إلى
الغرب منه شارع العنا قريب-السرائر الخشبية- القطن والمراتب. شارع الأواني
المنزلية والقماش يلي شارع الذهب، ثم الأدوات الكهربائية تتراص متاجرها في أقصى
شمال السوق، وإذا كان شارع الذهب من الشرق وشارع العنا قريب والقطن من الجنوب،
في شبه المربع - تقع داخله –معدة المدينة "الملجة"- سوق الخضار واللحمة؛ مقسم
من ناحية الجنوب إلى الشمال: زنك الخضار والفواكه والبصل والزيوت بأنواعها،زنك
اللحوم الحمراء بأنواعها وفي مؤخرته السمك والكرشة،زنك البهارات؛ الكزبرة
والثوم ، ثم زنك الدواجن- دجاج وحـمام يجاوره زنك بائعات الطواقي القفاف
والمشغولات اليدوية.
عند زنك البهارات الاستقبال يكون حارا ،لا تترك الزائر أو الزائرة إلا بعد
العطس وذرف الدموع وتوابعها، تجد أيضا في الزنك الذي يجاوره؛اللون والطعم
والرائحة في الخضار والفاكة وأطيب اللحوم السودانيه. في "الملجة" تجد
الجزارين من علي ترابيزهم ينادون بأصواتهم العالية بأسعار كيلو اللحمة وكذلك
بائعي الخضار من علي مسطبتهم وعرباتهم التي يدفعونها أمامهم والبائعيين
المتجولين للمرطبات والماء المثلج، والصبية بمعروضاتهم علي الأيدي ؛ الأكياس
والليمون ..؛ الكل هنا ينادى بأسعار بضاعته يضفون علي المكان ضجيجا .. حيوية
ونشاط.
*
وقتها كنا في المدرسة الثانوية، كنا نعتد بلغتـنا الأنجلزيه كثيرا، نتمني أن
نجربها مع السياح الأجانب الذين كنا نقابلهم في سوق هذه المدينة الشعبية، لكن
غزة النفس كانت تمنعنا من التطفل. خاصة السياح يفضلون اكشاف الأماكن بأنفسهم؛
مزودين بالخرائط والمرشدين في بعض الأحيان.
كما قدمت كنا أنا و"محمد" في السوق، في المحطة الوسطى، لاحظنا عدد من السياح-
خواجات يقفون علي الرصيف الأول الخاص ببصات الثورة ، وكلما جاء باص اندفعوا
إليه مع الركاب يرددون:
" كارتوم – كارتوم".
عند سماع الثورة بالنص.. الثورة بالنص.
يعودون إدراجهم.
كنا الأقرب لهم، "محمد" دلهم إلى الرصيف الصحيح لبصات الخرطوم.
- باص الخرطوم علي الرصيف الثالث، قالها بلغة إنجليزي سليمة.
- شكرونا وذهبوا إلى الرصيف الثالث.
وصلنا نحن مابداناه سابقا- التـنقيب في الكتب.
أنـتـزعنا من ما كنا فيه صوت أحد السياح ينادى:
- يا سيد .. يا سيد
محاولا لفت أنتباه "محمد" وهو متجه إلينا بلهفة يتبعة الآخرون كأنه وجد كنزا
هم أيضا.
قابلناهم بابتسامة وترحيب فرحين بالمحادثة المقبلة التي انتظرناها طويلا..
- قلت لهم أي مساعده يمكن أن نقدمها لكم.
- رد الذي كان ينادى بإنجليزية مكسرة كان يلفظ الكلمات .. لا ليس الكلمات بل
الحروف بصعوبة شديد.
وضح انه غير ناطق بالإنجليزية وهو الوحيد بين المجموعة الذي علي معرفة بذلك
القدر من الإنجليزية.
خاب أملنا في الظفر بمحادثة مع الأجانب نتباهي بها أمام زملائنا عندما نقص
عليهم جولتـنا مع الخواجات.
لم نستطيع تميز أي كلمة من الكلمات التي كان يرددها بلكنة ليست هي
الفرنسية.. كانت فيها الشينات والهاءات كثيره .
قبل أن نسلم ونقول: "وقف حمار الشيخ في العقبة" أعملنا الاجتهاد؛ مجموعة من
السياح في مدينة كامدرمان جذورها متعمقة في تاريخ السودان، أكيد يبحثون عن
مناطق اثرية.أخذنا نعدد لهم معالـم المدينة:
· قبة الإمام المهدى.
· متحف بيت الخليفة عبد الله التعايشى.
· بوابة عبد القيوم.
· الطابية.
· المجلس البلدي.
· شارع الأناتيك والمشغولات الجلدية والخزفية في السوق.
كانت الإجابة دائما النفي.
بعد جهد تبينا كلمة – رقص ... إذن
- الفنون الشعبية.
- لا
- المسرح القومي.
- لا
- الإذاعة والتلفزيون.
- لا

أخيرا هتف "محمد" ياخي ديل عاوزين – حمد النيل- ساحات مقابر حمد النيل حيث
حلقات الذكر وحلقات المصارعة. عندما ذكرنا النوبة والدراوايش والذكر، سمعنا
من محدثنا والآخرين اليااات؛ ياه.. ياه .. ياه
طبعا بعد قليل من الشرح الإيضاحي. وصفنا لهم كيف يصلوا إلى ساحات حمد النيل.
شكرونا للمرة الثانية وذهبوا.
تنفسنا الصعداء.
- ياه دى زنقه بت كلب دى.
بدأت التعليق.
- رد "محمد" صحيح عصرونا في البداية ولكن "جضمناهم" في النهاية.
- قلت :الخواجة دا أكل الكلام أكل وطلع زيتو. دا لسانه عاوز... تلفتـنا حولنا
سريع ، لـم يسمع كلامنا أحد ..
- نحن بنفتش في الكلمات الأنجليزيه ومفتاح الموضوع كلمة اصلها ما إنجليزي
(dervish) درويش
- لكن الخواجة عجنها عجن.
- قال:"محمد" سبيك من دى قول ماطروقه في الاستخدام –الأنجلزيه- عندنا.. لكن
شفت الكلمة الساهله (dancing) شفت كيف كان بينطقها؟
سكتـنا لبرهة ثم هتف "محمد" كالملسوع : شوف الخواجات الملاعين ديل بشبهو الذكر
بالرقص.. دا ما رقص دا ذكر لله والتقرب إليه.
صحيح أن صوفية - طقوس الرقص – تذهب إلى التخلص من مادية الجسد من خلال التعالي
والتسامي، لكنه ليس مثل الذكر.. الذكر شيء تاني خالص.
عقبت: أمكن الخواجات ديل عارفين المعني دا لكن اللغة ماساعدتهم في التعبير عنه
يمكن ماشين إلى هناك عشان المعاني البنتحدث عنها دى.
عموما ديل خواجات ولغتهم تعبانه ...
نعمل ليهم شنو..
هنا ضحكنا بزهو .. وتغيرت طريقتنا في الكلام والمشى..
*
اصبح بيني والوطن الذكريات التي اسامرها ليالي الطوال، اصبحت بيننا فضاءات
وبحور، ومدن تسبح في النور، وليالي سرمديه كما الدهور.
[email protected]

للمزيد من االمقالات

للمزيد من هذه الاخبار للمزيد من هذه البيانات و المنشورات
الأخبار المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع


| اغانى سودانية | آراء حرة و مقالات | ارشيف الاخبار لعام 2004 | المنبر العام| دليل الخريجين | | مكتبة الراحل على المك | مواضيع توثيقية و متميزة | أرشيف المنبر العام للنصف الاول من عام 2005

الصفحة الرئيسية| دليل الاحباب |English Forum| مكتبة الاستاذ محمود محمد طه | مكتبة الراحل المقيم الاستاذ الخاتم عدلان | مواقع سودانية| اخر الاخبار| مكتبة الراحل مصطفى سيد احمد


Copyright 2000-2004
SudaneseOnline.Com All rights reserved