ترحب سودانيزاونلاين بجميع الاراء الحرة و المقالات لنشرها فى هذه الصفحة.ويمكنك لزوارنا الكرام ارسالها الى [email protected] كما نرجو ذكر الاسم الحقيقى و الكامل و مكان الاقامة مدة بقاء المقال فى هذه الصفحة 10 اعوام
مطلوب عاصمة جديدة للبحر الاحمر بقلم الاستاذ / ابوفاطمة احمد اونور محمود
سودانيزاونلاين.كوم sudaneseonline.com 9/21/2005 6:28 م
مطلوب عاصمة جديدة للبحر الاحمر نعتبر كثير من حواضر الولايات من صنع الاستعمار واحدثها مدينة حلفا الجديدة نتيجة مقايضة ما بين بحيرة السد العالي وارض حلفا القديمة ومن اشهر المدن المصنوعة في السودان ميناء بورتسودان الذي اكمل قرنه الاول في هذه السنة وبلغ من الترهل السكاني والبيئي ما فيه الكفاية ولم تعد صالحة كعاصمة مثالية لولاية البحر الاحمر وذلك من عدة نواحي منها بعدها عن المركز الهندسي لخارطة الولاية الطرفية مما يصعب من مهمة تقصير الظل الاداري المنشود الذي اوجدت الفدراية لتصبح الحكومات في متناول حاجة المواطن البسيط ويكفي ادراك ان متوسط بعدها من حدودها 400 كلم مع كل من ولاية كسلا ونهر النيل والشمالية مما جعل تلك الاطراف وكثيرة من الاعماق نسياً منسيا فإضطر سكانها للهجرة والزحف نحو الميناء الاسير بين البحر والجبال لانهم وجدوا انفسهم بعيدين عن حكوماتهم الولائية والبعيد عن العين بعيد من القلب !! حتي صارت معظم مساحات الولاية يغلب عليها التصحر البشري والخدمي الذي يتكدس في مدينة بورتسودان حيث تتركز فرص العمل بالميناء التي انشأت لغرض العمليات اللوجستية للصادر والوارد وما يتبعها من شركات تخليص ومخازن وبعض الصناعات الاولية والتحويلية وغيرها من الشئون الوظيفية والعمالية مما صرف انتباه الحكومات الولائية عن اي مصادر تنموية واستثمارية حقيقية وجادة عن عرض الولاية الواسعة لانها استمرأة سيولة العائدات الجمركية والضريبية السهلة فصارت المدينة القبلة الوحيدة للاسترزاق والسكن من قبل مواطني الولاية الذين كانو يحترفون بعض المهن مثل الصيد والزراعة وتربية الحيوان فاصيبة كلها بالشلل بسبب الجفاف وسوء الادارات وضعف الخدمات ! وماذالت بورتسودان تستقبل الالاف من النازحين ولكن بكرم وترحاب جهنمي شعاره هل من مزيد !؟ لتسحق الجميع في نار وقودها العطش والفقر والعطالة وضربات الشمس وصيف لافح وشتاء ممطر دون ثمر الا الباعوض وخمج اسراب الذباب مع بلل التربة المالحة وملل الطقس العالي الرطوبة والبنايات الخشبية البالية وغير الامنة صحة ومساحة مع العلم ان التربة الساحلية لا تقبل من البناء الا الخشب او البناء المسلح الذي لا يتيسر الا للقليل من البشر ! ثم ان المدينة لا تطاق خلال الفترة التي تسود فيها الرياح الجنوبية الغربية نسبة للضغط الجوي العالي الناتج من فرق الارتفاع الكبير بين المناطق الجبلية المجاورة والميناء التي تقع علي خط الكنتور صفر (مستوي سطح البحر) مما يجعل الرياح تهب هابطة بسرعة علي الساحل بوبال الحرور والسموم الجاف لحاولي اربعة شهور تصبح فيها المدينة مجرد هيكل حضري مهجور لا يقوي علي البقاء فيه الا المضطرون من العمال وفقراء المواطنين الذين لا يطيقون مصاريف المصايف الباهظة التكلفة ! ومن الناحية الجغرافية نجد مدينة بورتسودان مهددة بالفناء عند اي لحظة بنسبة خطورة اكبر بكثير من مدن السودان الاخري لوقوعها علي الساحل ومن هذه الكوارث التي لا تبقي ولا تذر الاعاصير الساحلية الخاطفة والمصحوبة بالامواج المرتفعة والامطار والسيول المندفعة بسرعة هائلة من الانحدارات الحادة للتلال المطلة علي المدينة وخاصة في ظل ظروف المناخ الكوني المضطرب والمتقلب المزاج بسبب ارتفاع درجات حرارة الغلاف الارضي ! وانعكاسات اشراطه الكارثية التي نشاهدها يومياً في مختلف بقاع الارض اقوي دليل علي ذلك ! وكذلك (لا قدر الله) عند حدوث اي زلزال ولو بدرجات متوسطة قد يؤدي الي انبعاث موجات السونامي الكاسرة التي تدمر ومن ثم تسحب معها المدينة ومن فيها الي عرض ولجة البحر خلال دقائق معدودة ! فيصبح حالها كمصير السواحل الاندونيسية او مدينة نيو اورليانز الامريكية ! وعليه اذا لم تخطط الحكومة الولائية وفق اسوء احتمال ستجد نفسها تجازف بوضع اكثر من نصف سكان الولاية علي شفا جرف هار ! بوضعها لمعظم البيض في سلة واحدة ! وفي احسن احوالها ستظل الحكومة الولائة مكشوفة العورة الخدمية علي الدوام ليس من تقصير وتراخي منها ولكن ببساطة لان معدل الهجرة والنزوح نحو المدينة اكبر من معدل زيادة الخدمات فيمتص كل فضائل وكرائم ومجهود الانجازات مهما زادت لان المدينة تجاوزت مرحلة التشبع السكاني واختنقت سعتها الخدمية وفق معطياتها المساحية والتضاريسية والطبيعية ! مما قد يصرفها عن رسالتها الاساسية !! وقد يضطر المواطن علي الصراخ الاعتراضي ضد الحكومة مردداً (ان سعيكم منكوراً!) لانه يجد نصيبه من خارج القسمة الخدمي في اضمحلال دائم نتيجة التزايد المستمر للمقسوم عليهم من موجات النازحين ! لذلك يكمن الحل الناجع في تطبيق شعار الراحل جون قرنق الداعي لنقل المدينة الي الريف وليس العكس كما هو الان ! وعليه نري ان تتبع ولاية البحر الاحمر نفس النهج الثوري الذي اتخذته ولاية سنار منذ بضع سنين بتحويل عاصمتها من مدينة سنار الفونج والعراقة جنوباً الي مدينة سنجة الاقرب لفيافي منطقة الانقسنا في جنوب الولاية حيث الظروف المتماثلة والمتطابقة مع بجا الشرق وذلك لازالة اسباب التمرد وكنس دواعي التهميش والاقتراب الحقيقي من موقع الجرح لذلك لابد ان تتطابق الحلول عندما تتطابق الاعراض ! بين ولايتي البحر الاحمر وسنار وعليه لا اعتقد اننا قد ابتعدنا من الحق اذا طالبنا بترحيل عاصمة ولاية البحر الاحمر من الميناء المخنوق الي قلب الولاية حقيقة ومجازاً وتاريخاً ومناخاً الي حيث مدينة سنكات العريقة ذات الطقس الربيعي صيفاً والضباب اللندني شتاءً وهي تتوسط عروسي الشرق اركويت وجبيت كانهما يحلقان بها فوق قمم الجبال كجناحي الطاؤوس ! ولا ننسي ان معظم مواطنوا بورتسودان وسواكن يظلون ثلث عمرهم في هذه المناطق هروباً من الطقس الساحلي الطارد . فيجب ان تفكر حكومة والولاية بصورة جادة وثورية بنقل التخطيط والتتنفيذ الحكومي الي تلك البقاع لتنهض بالريف من الورق الي ارض الواقع المعاش بتواجد الحكومة وكل وزاراتها الولائية والتي علي الاقل ستوفر الطاقة الكهربائية العالية التكلفة لمكيفات الفريون ! وتستبدلها بنسائم الاراك الطبيعية ! وكما ان العاصمة المقترحة تمر بها كل الطرق المؤبدة والسكك الحديدة والاتصالات والبترول وكوابل الكهرباء وخطوط المياه المقترحة من ولاية نهر النيل . وللاسف ظلت سنكات عاصمة لمنظمات الاغاثة الاجنبية لفترة غير قصيرة تنطلق منها الي الفيافي الجائعة وعليه فمن باب اولي ان تظل بها الحكومة الولائية المؤلفة من ابنائها لتكون عاصمة تنموية وسيادية لعلاج المشاكل المزمنة اقتصادياً واجتماعياً عن كثب لتحويل سلوك الاتكال الاعاشي والاغاثي الي سلوك انتاجي وابداعي واخلاقي عبر الموارد الذاتية مثل معادن جبيت وذهب ارياب واسمنت دورديب ومشروع طوكر الزراعي وتطوير صناعة السياحة والمصايف باركويت وسنكات وصناعة المصائد والملاحات وتجارة الحدودة مع مصر واريتريا بالاضافة لعائدات المواني الحالية مع اقامة مشروع المواني الجافة في مدينة هيا ذات الاحداثي الاستراتيجي الانسب لوقوعها عند تقاطع الطرق القومية شمالاً ووسطاً وشرقاً لتستفيد من تلك الميزة من ريع جمارك الحاويات المكدسة في الميناء . فكل هذه وغيرها موارد ضخمة وجديرة باحياء الحواضر المحتضرة وصناعة حواضر اخري جديدة ليست اقل جاذبية من بورتسودان التي يجب ان تتفرغ للغرض الذي انشأت من اجله فضلاً علي ان تجفيف الساحل من الحواضر السكنية المأهولة يوفر مساحات ساحلية واسعة يستفاد منها في انشاء مواني متخصصة واخري مستأجرة للدول القارية (العديمة السواحل) في افريقيا وانشاء مناطق حرة وخاصة في ظل العولمة الاقتصادية المتصاعدة مما يجعل مناطق الساحل غير الصالحة للاسكان ذات ريع استثماري مجدي يصب في خزينة الولاية لتبني بها حواضر جديدة وشديدة في المناطق المرتفعة ذات القيمة المناخية والاستيطانية اللطيفة ! فهلا سارع السيد محمد طاهر ايلا والي الولاية باجراء جراحة الفصل بين عاصمته الادارية والتجارية !؟ وكما نذكره بان بناء المدن غالباً ما يكون عند منعطفات التاريخ ونحن الان عند المنعطف التاريخي بين السودان القديم والجديد ! فهلا اعاد للتاريخ امجاده ودخل اليه من اوسع ابوابه واعلي قلاعه بان يجعل من نفسه وحكومته رأس الرمح في الانطلاق العملي والثوري لغيير رذيلة ترييف المدن الي فضيلة تمدين الريف !؟ الاستاذ / ابوفاطمة احمد اونور محمود