تحليلات اخبارية من السودان
ترحب سودانيزاونلاين بجميع الاراء الحرة و المقالات لنشرها فى هذه الصفحة.ويمكنك لزوارنا الكرام ارسالها الى [email protected] كما نرجو ذكر الاسم الحقيقى و الكامل و مكان الاقامة مدة بقاء المقال فى هذه الصفحة 10 اعوام

مارتي أهيتساري‚‚ رجل شمس منتصف الليل بقلم هاشم كرار – جريدة الوطن – الدوحة / قطر

سودانيزاونلاين.كوم
sudaneseonline.com
9/20/2005 3:46 م

!مارتي اهيتساري‚ احد انبياء سلام المناطق الدموية جدا في العالم‚
تعرفه ناميبيا‚ والذي لا يعرف ناميبيا‚ لا يعرف كيف ان الدم يمكن ان يسيل غزيرا جدا‚‚ والذي لا يعرف ناميبيا‚ لا يمكن ان يعرف عظمة هذا الفنلندي الذي يظلع خفيفا في مشيته‚
مشى‚ مثابرا جدا‚ في حقول الدم الشائكة في ذلك البلد الافريقي‚ الذي ظل يمشي فيه لوقت طويل شيطان الحرب‚
القضية كانت شائكة‚
والمهمة كانت محفوفة بمخاطر‚ وصعاب‚ وتعقيدات‚ ومضاعفات تجاوزت الحدود‚ لكنه اهيتساري‚
خبرته الطويلة في المنظمات الدولية‚ اكسبته صبرا‚ وعزيمة‚ وقدرة فذة على ادارة المفاوضات الشائكة‚‚
و‚‚‚ حين كف الرصاص في ناميبيا عن خطف الارواح‚ وسكنت المدافع الثقيلة‚ دقت الطبول في أحراش ناميبيا: اهيتساري‚‚ اهيتساري‚‚ اهيتساري‚‚ رقصت أكثر من امرأة بالصدر والساق والقدم اشعل أكثر من رجل غليونه وتعانق أكثر من اثنين بعد طول فراق وحملت عروس و‚‚ مشى الرجل البدين بحد ما الى فنلندا بابتسامة وثمة رهق وضمير مرتاح !
الاسكندنافيون ليسوا شعوبا مسالمة فقط‚ إنها شعوب تعرف كيف تنتصر للانسان ذلك الذي ينتصر للآخر وليس هنالك أروع من الانتصار للآخر الذي هو بين الموت والحياة‚
الفنلنديون وبالطبع ليسوا استثناء من بين كل شعوب اسكندنافيا‚ انحنوا للرجل أول ما هبط بسلام في ناميبيا في مطار هلسنكي وانحنوا له وهو يترشح لانتخابات الرئاسة ‚‚ وملأوا الصناديق حين جاء يوم التصويت بالانحناءات و‚‚ حين أعلن عن فوز الرجل لم تصفق فنلندا فحسب‚‚ صفقت ناميبيا وصفق أنصار السلام في كل مكان وصفقت كل القلوب في الكرة الأرضية تلك التي لا يأتيها الجحود من بطين أيمن ولا بطين أيسر‚
الرؤساء العظام حين يتركون الرئاسة يتحولون عادة الى مؤسسة «خيرية» وليس هنالك من خدمة للخير أجمل من المؤسسة تلك التي تمشي بالسلام‚ في حقول الحروب‚‚ وتمشي بالحياة في أودية الموت‚
اهيتساري‚ العظيم جدا‚ استحال إلى مؤسسة للسلام‚
لا‚لا العمر الذي تقدم به سنوات‚ كان يمكن أن يؤخره عن الفعل الجميل‚‚ لا ‚‚ ولا مشيته التي لم يعد يظلع فيها إلا كثيرا‚ لا‚ ولا حبه الوفير لاسرته‚ وللقراءة‚ وللمشي برجلين متقافلتين في شوارع هلسنكي والشمس في منتصف الليل!
من مؤسسة اهيتساري للسلام‚ خرج سلام اتشيه‚ جميلا جدا كحلم امرأة بكر‚‚ خرج يصفق بجناحين في لون ضميره‚ ذلك الذي في لون فنلندا حين يبسط الجليد نفوذه‚ حتى على هامات الشجر!
سلام اتشيه‚ دخل الآن حيز الوجود الجميل: فتحت اندونيسيا سجونها‚ وخرج آلاف «المتمردين» ينظرون لضوء الشمس‚ بعد طول ظلمة‚ عانقوا الأخ والأخت والأم والزوجة‚ والحبيبة التي كانت تحلم بخاتم‚ وقبلوا الارض التي انجبت كل أولئك وأنجبتهم‚
ليس ذلك فحسب‚
قبّل آلاف المتمردين كلاشنكوفاتهم القبلة الأخيرة‚ ولوحوا لها «باي‚‚ باي» وهي قد تكدست في شاحنات‚ راحت تسير بها من حيث لا حرب‚ ولا قتال في اتشيه‚
كان القلم‚ لايزال بين اصبعين من أصابع اهيتساري‚ حين تم كل ذلك‚ وضع القلم الذي وقع به في هلسنكي‚ الاتفاق الذي جعل اندونيسيا كلها تتنفس الصعداء‚
ابتسم هو‚‚
أخذا نفسا عميقا جدا‚ و‚‚ وراح يظلع في مشيته في شوارع هلسنكي‚
حيوا معي نبي السلام هذا‚‚
حيوا معي مارتي اهيتساري!


للمزيد من االمقالات

للمزيد من هذه الاخبار للمزيد من هذه البيانات و المنشورات
الأخبار المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع


| اغانى سودانية | آراء حرة و مقالات | ارشيف الاخبار لعام 2004 | المنبر العام| دليل الخريجين | | مكتبة الراحل على المك | مواضيع توثيقية و متميزة | أرشيف المنبر العام للنصف الاول من عام 2005

الصفحة الرئيسية| دليل الاحباب |English Forum| مكتبة الاستاذ محمود محمد طه | مكتبة الراحل المقيم الاستاذ الخاتم عدلان | مواقع سودانية| اخر الاخبار| مكتبة الراحل مصطفى سيد احمد


Copyright 2000-2004
SudaneseOnline.Com All rights reserved