شهدت قاعة اجتماعات مركز ويك في لندن، يوم السبت الموافق 17 سبتمبر، أكبر حشد للسودانيين في بريطانيا. وقد ضم الاجتماع كل الأحزاب السودانية ما عدا الحزب الاتحادي الديمقراطي الذي اعتذر لأسباب فنية، أما المؤتمر الشعبي فإنه لم يشارك ولم يعتذر، وبالطبع فإن حزب النظام الحاكم لم يدعى ولم يشارك، كذلك شاركت منظمات المجتمع المدني وشخصيات وطنية مرموقة من الجنسين. وكان الحدث تجسيدا رائعا للتضامن حول المشكل السوداني بدءا بقضية شرق السودان تجاوبا مع نداء لندن من أجل السلام والتنمية والعدالة في شرق السودان الذي اطلقته الأحزاب السودانية ومنظمات المجتمع المدني وشخصيات قومية ووطنية.
لقد جاء هذا الاجتماع التاريخي نتيجة لمجهودات جبارة من نخبة من السودانيين الوطنيين الذين آلوا على أنفسهم رفعة الوطن كله انطلاقا من الشرق. وكان من بين منظمي الاجتماع كل من البروفسير الفاضل شبيكه والدكتور أبو آمنه والدكتورة ندى مصطفى وكمال الطاهر وحسين المليك وأحمد التجاني، الذي سخر كل نفيس وغالي لتحقيق نجاح الحدث، وعائشة حميده وجمال أبوآمنه ومحمد عمر واحمد عبدالله وعدد من الشباب والشابات والشيوخ الذين لم تسعفنا الذاكرة في تذكر أسمائهم، على أن الدور الأكبر في انجاح هذا الحدث الهام كان من نصيب الأستاذ محمد الزين المستشار القانوني المرموق، الباسق كنخيل أهلنا في الشمال، ابن جزيرة ناوا الأصيل، سليل أصحاب التاريخ الحافل بالنضال ضد الظلم والجبروت منذ عهد فرعون الذي طغى، هذا الشاب الرائع واصل العمل ليل نهار دون كلل أو ملل من أجل انجاح الملتقى، وبذل كل ما لديه من جهد بدني وفكري، هذا الشاب الوطني الغيور، الذي يتمتع بمشاعر قومية جياشة استوعبت كل قضايا السودان، استطاع بدبلوماسيته جمع كل السودانيين الذين تركوا اختلافاتهم وراء ظهورهم ليلبوا النداء، كما كان لكاريزميته دورا هاما في إدارة الاجتماع بصورة سلسة. كما أسهم في هذا العمل الكبير أيضا كل الذين شاركوا من ممثلي الأحزاب السياسية ومنظمات المجتمع المدني الذين تقلدوا لهذا العمل حسا وطنيا كبيرا بحجم الوطن، وكان لوجود كل فصائل المناضلين من أبناء دارفور الجريحة بالرغم من معاناتهم المستمرة من قتل واغتصاب ونزوح، وجلوسهم جنبا إلى جنب، أبلغ أثر على الحضور إذ أوصلوا رسالة قوية تعبر عن كبر حجم الكارثة في الشرق. وتميز الاجتماع بالحضور المكثف ليس من جانب الرجال فقط بل أيضا من جانب شقائق الرجال اللائي شاركن في الإعداد والمناقشات والحضور. ومنهن غير اللائي سبق ذكرهن، الأستاذة زهرة، حرم المناضل المعروف الأستاذ جلال اسماعيل، الذي شرف الاجتماع أيضا، وكذلك الصحفية شادية حسن حامد وأميرة قرني وأميرة أحمد وماجدة الخليفة عوض خوجلي، والدكتورة سلمى من حركة العدل والمساواة، وغيرهن ممن لم تسعفنا الذاكرة لتذكرهن. كما حضر الاجتماع عدد كبير من المثقفين والمفكرين والمهتمين بالشأن السوداني الذين تابعوا ما تناوله المتحدثون وأدلوا بارائهم في كل ما جاء في كلمات المتحدثين.
وقد جسد الشعار الذي اطلقه من أفرد جناحيه ليضما كل أرجاء الوطن، سعادة السفير فاروق عبد الرحمن "الشرق أولاً والسودان دائما"، المعاني الكبيرة التي اجتمع حولها الحضور والرؤيا القومية لتناول قضايا الوطن، كيف لا والرجل يحمل قلبا مفعما بالقومية ونفسا كريمة لا تقبل الهوان لاي من أبناء السودان أيا كان، وقد لاقى هذا الشعار الذي جاء من موسوعة في العمل الدبلوماسي والوطني، وجد ترحيبا حارا من الحضور حيث أنه يعبر عن حس قومي مناهض للنهج العنصري الذي يتبناه النظام الحاكم.
بدأ الاجتماع بعرض سينمائي للمؤتمر التأسيسي لجبهة شرق السودان في الاراضي المحررة الذي عقد في ، 27مارس 2005م، والذي اشتمل علي كلمات القائد موسي محمد أحمد رئيس جبهة شرق السودان( مؤتمر البجا) حيث أكد على صلابة موقفهم وتمسكهم بقضاياهم العادلة وضرورة توحيد الصف الوطني لهزيمة نظام الجبهة الذي أذل الإنسان السوداني الشيء الذي لم يحدث في كل العهود التي سبقته، أما القائد مبروك مبارك سليم الامين العام لجبهة الشرق (الاسود الحرة) فقد ذكر بأن السودان لا يحكم الآن بالقانون، بل بواسطة خمسة أشخاص وجهاز أمن قمعي يعمل على تكميم الأفواه والتنكيل بالمعارضين. كما قام الاستاذ صلاح باركوين المحامي بتقديم عرض لتوصيات جبهة الشرق التي أكدت على وحدة السودان، وأن جبهة الشرق هي وعاء جامع لكل القاطنين في الشرق من مختلف الأعراق والأصول، وأن التنظيم قام لنبذ العنصرية البغيضة وأن المواطنة حق للجميع في الشرق كما كفلها دستور التنظيم الذي ينص في أول بنوده بأنه مفتوح لكل السودانيين الذين يؤمنون بالدستور. كما أكد على أن مشكلة الشرق لا يمكن أن تختزل في تعيين ولاة من أبناء الشرق، بل يجب أن ينال أهلنا حقوقهم عن طريق نصوص دستورية تكفل ضمانها، مذكرا بأن نظام الجبهة معروف بنكث العهود وأنه نظام مخاتل ومخادع ويجب أخذ الحذر في التعامل معه. وبالنسبة للتفاوض مع النظام ذكر بأن النظام يسعى لكسب الوقت والمماطلة والتسويف، وأن أي مفاوضات تجرى معه يجب أن تكون تحت اشراف دولي يضمن تنفيذ النظام لبنود الإتفاق واتفاقية نيفاشا هي نموذج مثالي يمكن أن يحتذى به في التفاوض. وطالب النظام بابداء حسن النية بوقف عمليات الاعتقال التي يقوم بها، كما يجب عليه نشر تكوين لجنه محايدة لتقصي الحقائق في مذبحة بورتسودان، بالاضافة إلى نشر التقرير وتقديم المتهمين للمحاكمة. نواصل في الحلقة القادمة ما جاء في كلمات المشاركين والمناقشات. أوهاج محمد أدروب.
[email protected],[email protected] .