لندن - خالد الاعيسر [email protected]
المتأمل في قراءة الواقع السياسي ومستقبل الأحزاب في السودان يلاحظ أن بعض قيادات المعارضة وبعد كل هذه السنوات لاتزال توجهها إزدواجية في المعايير تغلّب مصالحها الخاصة على مصالح الشعب وقضايا الحريات والديمقراطية والوحدة. هذا التأمل يقود لطرح عدد من الأسئلة.. هل كان هدف هؤلاء المعارضين طوال كل هذه السنوات هو الحصول على وزارة واحدة وولاية أو ولايتين (بعد أن كانت لهم أكثر من وزارة وولاية!)..
أم أن بقاءهم في صفوف المعارضة أملته المصالح الاقليمية والدولية في إبقائهم بالخارج للضغط على الحكومة وصولاً لإتفاق نيفاشا؟.. وهل تغيرت المصالح الاقليمية والدولية بعد توقيع الإتفاق فسقطت ورقة المعارضة السودانية؟.. وهل أصبح السودان اليوم بلداً جديداً ينعم بالحرية والديمقراطية والوحدة ليعيد قادة المعارضة ترتيب أجندتهم السياسية؟..
الإجابة على هذه الأسئلة تقودنا الى فتح ملفات من الصعوبة غلقها!.
لكن البعض من قوى المعارضة يُبرر الهرولة الى الخرطوم ويربطها بالظروف التي نشأت بعد توقيع اتفاق نيفاشا، ويدعي أنها لربما تسهم في تحوّل السودان الى روضة للحرية وواحة للديمقراطية، وكذلك الظروف والأوضاع الاقتصادية التي ستنشأ في المستقبل نتيجة الاستقرار، وأن الضرورات تدفع بهم للمشاركة في الحكومة الانتقالية، وأن هذه المشاركة ستشكل آلية تُمرر من خلالها آراء غالبية السودانيين وصولاً للإنتخابات المقبلة، ويراهن أصحاب هذا الرآي على الحركة الشعبية باعتبارها صمام الأمان القوي، ووجودها ضمن التشكيلة القادمة يضمن مساحة للحرية لن يستطيع شركائهم في حزب المؤتمر الوطني إخضاعها لتأثير مؤسسات وأجهزة حزبهم وخاصة الأمنية التي ظلت طوال 16 عاماً تضمن المصلحة لشريحة ضيقة من أتباعه. دعاة الهرولة يخاطرون بالعواقب التي يمكن أن تنجم عن هذا النهج، فالمؤكد أن هذه القوى وأحزابها لن تجد ترحيباً شعبياً بسبب أهدافها واجندتها التي تتستر تحت غطاء الحريات وحقوق الانسان وهي شعارات هلامية أكثر من كونها قضايا مصيرية، هذا بالاضافة الى أنها لاتمتلك وسائل التنفيذ التي بحوزة الحكومة (على أقل تقدير خلال السنوات الأربع القادمة)، وبذلك فإن تأثيرها على مجريات الأمور خاصة السياسية والاقتصادية المتعلقة بالمواطن سيكون ضئيلاً اذا ما قورن بالمصالح الذاتية لقياداتها، فضلاً عن منحها قيادات حزب المؤتمر الوطني قوة وشرعيه أكثر من أي وقت، بتقديمها صكاً مجانياً للبقاء في السلطة بدعاوى محاربة الطائفية. السؤال.. ماذا يمكن أن يقدم هؤلاء للشعب السوداني؟، سيما وأن تجاربهم في الماضي زاخرة بالاخفاقات!..