بعد المقدمة أعلاه أود أن أعود الى الموضوع الرئيسي وهو تمسك الحكومة بوزارة الطاقة وتمسك جمهور الحزب الحاكم بوزيرها على نسق (عايزين الجاز) وهذا أمر يؤكد عدم وجود المؤسسية في أجهزة الدولة وأن الأمر مرتبط بالأشخاص أكثر من الفريق وهذا ربما يؤكد لنا وجود خلل في التركيبة الادارية للوزارة يجعل الحزب الحاكم يتمسك بها كون الوزير هو الذي يمسك بمفاتيح العمل فيها. فمع تقديرنا لكل ما قام به الوزير الموقر من جهود لدفع عجلة الصناعة النفطية في السودان نعتقد بأنه كان يعمل ضمن فريق من الخبراء والاختصاصين الذين أهلتهم الوزارة بل وأهملهم الشعب السوداني الذي صبر صبرا لم يضاهيه فيه شعب آخر حيث دفع من دمه قبل ماله على الرغم من أنه لم يسعد حتى الآن من هذا الدفق البترولي الذي يختلف عليه الشريكين. فاذا كان الحزب الحاكم واثق من مؤسسية العمل في وزارة النفط وواثق من شفافية ووضوح العقود التي تم الدخول فيها مع شركاء السودان في هذه الصناعة فلا يضيره أبدا أن يتولى ادارتها أي مواطن سوداني لأن شغله لهذا المنصب الرفيع يفترض أن يكون محكوما بقوانين ورقابة صارمة تحول دون تصرفه حسب أهواءه الشخصية أو الحزبية. وعلى العكس تماما فان تولي شخصية جنوبية لهذه الوزارة سيكشف لنا مقدرة الحركة على التعامل مع مكتسبات الشعب فاذا مضت على نفس النهج وزادت من هذه المكتسبات فسيدعمها الجميع أما اذا حاولت التلاعب والعمل لتنفيذ أجندة خاصة فان نهايتها ستكون حتمية.
لقد سئم المواطن السوداني تأخر اعلان الحكومة الجديدة التي طالما وعد بها بل لم يشعر بلذة السلام التي كان يفترض أن يصاحبها تغيير في السياسات والقيادات التى كان يرجو أن تعمل على رفاهيته وازالة تعاسته وما يكابده من ضنك مقيم. فقد ضحت الانقاذ بثاني أكبر المناصب أهمية وهو منصب النائب الأول لرئيس الجمهورية وكانت مثالا رائعا احترمه الناس جميعا في الداخل والخارج. الا أن اصرارها على وزارة الطاقة الآن يبعث في النفوس شكوكا وأسئلة حيرى نخشى أن عدم الاجابة عليها ربما يقود الى فض الشراكة واندلاع حرب أخرى.
والله من وراء القصد.
محمد محي الدين هيبه