بدأت الولايات المتحدة التنقيب عن الموارد النفطية السودانية فى منتصف سبعينات القرن العشرين.و انفقت شركة شيفرون النفطية الامريكية 12 مليار دولار امريكى فى اكتشاف حقول نفطية بالجنوبے,و تتوقع مراكزها البحثية ان يفوق احتياطى السودان من النفط اجمالى احتياطى النفط لايران والسعودية جميعا.و وفقا لتقديرات الخبراء فى تلك المراكز فان احتياطى النفط السودانى يتجاوز 180 مليار برميل ويحتل المركز الثانى بعد السعودية فى العالم حسب تقرير مديرية المعلومات الامريكية حول الطاقة الذي اكد ان احتياطى النفط المستكشف فى السودان ارتفع من 660 مليون الى 12 مليار برميل. ورغم كل ذلك ادى تدهور العلاقات السياسية بين البلدين لانسحاب جميع الشركات النفطية الامريكية من السودان.
و يرى المحللون ان الزيارة غير العادية التى قامت بهافى 21 يوليو الماضى وزيرة الخارجيه الأمريكيةكوندا ليزا رايس للسودان حيث اجتمعت مع الرئيس عمر حسن البشير والنائب الاول للرئيس السودانى ورئيس حكومة جنوب السودان الراحل قرنق س, ان هذه الزيارة اظهرت ان الولايات المتحدة ترغب بالحاح فى تقوية علاقاتها مع السودان بهدف ازالة عراقيل عودة الشركات النفطية الامريكية الكبيرة اليه من جديد.
ومنذ مدة وجيزة, حدثت تطورات مدهشة فى العلاقات الأميركية- السودانية, حيث أصبح التنسيق والتعاون الأمنى والمخابراتى ظاهرة تثير الاهتمام و النفط يعد سببا رئيسيا فى الامر بجانب حرب امريكا المعلنة على الارهاب .
فعبر انبوب نفطى بطول 1600 كيلو متر, بدأ نفط الجنوب بالوصول الى ميناء بورسودان على البحر الاحمر, ومنه لاسواق العالم , و الصين هى التى سمحت لحكومة الخرطوم بالحصول على منتج الذهب الاسود من جنوب البلاد. عقب افلاحها في النصف الثانى من عقد التسعينات بالدخول الى القطاع النفطى السوداني. من خلال شركتها النفطية الوطنية: China National Petrolium Corporation :CNPC و باتت الصين تسيطر على جزء لا بأس به من السوق السودانية. فهى المساهمة التى تمثل الاغلبية فى المجموعة التى تتولى ادارة النفط, بالاضافة الى بعض الامتيازات فى الجنوب, والسيطرة كذلك على مناطق امتياز اكبر رحابة.. بحيث اصبح يتوجب على كل راغب بالدخول الى سوق النفط فى البلاد, الخضوع للتفحص من قبل الصينيين, وهو معطى الامر الواقع, الذى يتسبب بمزيد من الازعاج للشركات الامريكية الغائبة تماما عن الوليمة طوعا فى المبتدأ وبسبب العقوبات الأحادية الجانب التى فرضتها واشنطن على السودان قبل ما يزيد على عشرة اعوام, كرد على ''الدعم المفتوح'' الذى قدمته الخرطوم للراديكالية الاسلامية الدولية. ولكن , بطبيعة الحال , لا يمكن لواشنطن أن تترك الصينيين ''يلعبون '' كما يحلو لهم , ويتحدونها, خاصة والأمر يتعلق باكتشافات نفطية جديدة. فقد اعلنت الخرطوم عن خطط طموحة لتوسيع انتاجها النفطى لتصل به فى نهاية شهر نوفمبر المقبل إلى 500 الف برميل فى اليوم الواحد.وعند منتصف العام القادم الى ألف600 برميل فهل سيكون ذلك بمثابة مقدمة لصراع صينى - امريكي؟ خاصة وان الشركات الامريكية تتطلع الى الحصول على نفط دارفور الذى تعتمد عليه بالاساس الخطط التوسعية الحكومية, بعد ان كانت قد استثنيت من الامتيازات التى منحت فى الجنوب, و الذهب الاسود متوفر بكثرة, على ما يقال فى دارفور و جاء التأكيد على ذلك من خلال اعلان وزير الطاقة عن بدء اعمال الحفر الهادفة الى استخراج النفط من باطن الارض فى اقليم دارفور.وتشير التقارير التى تتداول فى اوساط دبلوماسية محدودة الى ان المجتمع الدولى يميل الى ضرورة تفكيك السيطره الصينية على سوق النفط فى السودان وقطعا ان ذلك لن يتم الا بتولى ملف الوزارة- التى باتت الامتحان الاخطر لعملية السلام الوليدة- شخص غير وزيرها الحالى وبالاحرى ان تؤول ادارة شؤون النفط الى الحركه الشعبية فى حين تحرص الصين على استمراره حتى تضمن عدم تأثر مصالحها الحالية ان لم تشهد تطورا مع تطور القطاع ، ولكن قيادات الفريق الاقتصادى للحركه الشعبية ترى ان الامر اعمق من ذلك وان كانت لاتنفى كلية تاثير صراع المصالح الدولى على الملف ويقول احد هم ان الاختلاف بدأ منذ الايام الاولى لوصول قرنق الى الخرطوم حول طريقة البيع حيث كانت الحكومه تتبع نظاماً يسمى( الكول) بمعنى البيع الوقتى فى حين طالبت الحركه ان يتم البيع على طريقة العطاءات وهذا ماتم الان بتولى احدى الشركات المعروفة دوليا لهذه المهمة ايضا هناك خلاف مكتوم حول الكميات المنتجة من نفط الجنوب حيث قالت الحكومة ان 75 % من النفط المنتج حاليا هو من حقول تقع فى الجنوب فى الوقت الذى ترى فيه الحركة ان المنتج من الجنوب يبلغ 90% وتم تشكيل لجنة مشتركة لتزور الحقول المنتجة كافة وتقف عليها وتحددها بالاسم وتوقف عمل هذه اللجنة بسبب وفاة فرنق وتوقع احد قيادات الحركة الاقتصادية ان تستأنف اللجنة عملها فيغضون الايام المقبلات ويمضى الى ان قطاع النفط اذا لم يحسن التعامل معه سيكون سببا فى انهيار العملية السلمية مؤكدا انه ليس بعيدا عن الصراعات الاستخبارية العالمية.
وبنظرة تستبطن الواقع الدولي وطبيعة الصراعات التي يشهدها العالم علي مصادر الثروات فإن بعض المحللين يرون أن علي الدولة السودانية أن تتيح مواطئ أقدام للشركات الأمريكية في الكيكة النفطية لإصابة عدة أهداف بإطلاقة واحدة، تشجيع التقارب السوداني الأمريكي وتفكيك السيطرة الآسيوية علي إستثمارات النفط، و«فش غبينة» شيفرون التي خرجت وتركــت المنتوج في زجاجات عرض البترول علي عهد الرئيس الأسبق جعفر النميري، ويرون أن المدخل لهذا يتمثل في التخلي عن الوزارة المهددة للسلام، لأن في علاقاتها الدولية ما يسهم في فض الإشتباك الدولي الخفي.