درجت على قراءة المقالات و المنشورات و الآراء التي ترد على مواقع سودانيز أون لاين و سودانايل الألكترونية و كلما لمحت اسم الكاتب متبوعا بدولة أو عاصمة غربية , أستبشر خيرا و أهرع لقراءة المقال بلهفة و شوق يدفعني إلى ذلك ثقتي أو قل شعوري بأنّ الكاتب حتما سيتحفنا بأفكار و رؤى إصلاحية مستمدة من دول متقدمة علما و حضارة و مدنية. و لكن و بكل أسف حفنة فقط هم من تحقق فيهم الظن و كانوا على مستوى المسؤلية.
و لعله مما استفزني غاية الاستفزاز هو تحرش و تطاول غالبية أولئك الكتبة على مساكنيهم من أبناء القبائل العربية – شركاء التهميش- في كردفان و دار فور. تلك الأقلام تنفث أفكارا مظلمة تنم عن رؤى أصحابها الظلامية و مقترحاتهم الظالمة. تلك الترهات يفوح منها الحقد و الازدراء و روح التشفي في نبرة عنصرية بغيضة.
و لطالما قلبت الأمر مليا و تمعنته جاهدا أن أظفر بتعليل لذلك الخطاب الجامح الشرس أو تفسير لتلك النوايا الخبيثة الهدامة. فلاحظت أن معظم أولئك العدوانيين أنصاف متعلمين نبتوا و ترعرعوا في أدغال و أصقاع الهامش حيث البؤس المستشري و الفقر المدقع – و هو واقع غالبا ما يترك شروخ و نتوءات في النفس البشرية لا يتخطاها إلا الشجعان ذوي السجية السمحة. فكيف بمن أتبع نفسه هواها و استكان لنفير البوم و نعيق الغربان و سعى في خراب الأوطان و تشليع الديار؟
أظنهم في واقعهم الجديد و الذي هو أشد بؤسا من هامش الوطن –جنا تعرفو- عاشوا في ظلمات ثلاث.. أو قل ظلمات بعضها فوق بعض. فمرة يسترجعون مرارات و عذابات ظلم المركز للهامش, و مرة يسرحون مع الأسرة المشتتة في أطراف العاصمة و قلقهم عليها من حملات و كشات قساة القلب من مأجوري و منتفعي النظام, و تارة يتفكرون في واقعهم الجديد و الذي هو أشد بؤسا و مهانة...ألا وهو بيئة العمل في المراحيض العامة أو النوم فيها, واقع العمل في محارق الموتى و الخمارات و دور الدعارة حيث التعامل مع شتى صنوف و ضروب السوائل البشرية القذرة. ماذا يصدر ممن يتعاملون مع منحرفي و شواذ قاع المجتمعات الغربية؟ ماذا بربكم يرجى من مشوهي النفوس المهمشين و شاغلي مهن قاع المجتمع الغربي غير السوداوية و العدوانية؟
نحن –أبناء القبائل العربية- تجرعنا حتى الثمالة من كأس ظلم المركز و تهميشه. نحن شركاء في المعاناة, شركاء في المنطقة و النشأة. عانينا الأمرين من استغلال و تضييع الحقوق. ألا يشفع لنا كل هذا عندكم؟ هل تريدوننا أن نتجرد عن أصلنا العربي فنعيش في إنعدام وزن حقيقي؟ لو لم نكن عربا قولوا لنا ماذا نكون؟ قليل من الإنصاف يا كتبة مهمشي الزرقه و النوبة.

للمزيد من االمقالات