* تسعى بعض الجهات الى استغلال موت ضابطين من القوات الافريقية المرابطة في دارفور بمرض الايدز، الى الحد الاقصى، واثارة الكثير من الضجيج حول الموضوع، لاعطاء صورة زائفة وغير حقيقية للسودان، وتصويره كأنه بلد خالٍ من الايدز، وانه مهدد بدخول هذا المرض اليه، بواسطة القوات الافريقية، وذلك في محاولة يائسة وغبية لمواصلة سياسة التعتيم والتكتم التي تمارسها الحكومة منذ سنوات طويلة تجاه موضوع الايدز، الذي ارتفعت نسبة الاصابة به في السودان، وتجاوزت الثلاثة في المائة منذ وقت طويل، واكثر من ذلك بكثير وسط المترددين على عيادات الامراض التناسلية، والمواطنين المقيمين في مناطق النزوح، والمتشردين وسائقي الشاحنات السفرية، وكل الذين تتشابه ظروفهم مع هؤلاء مثل الجنود في مناطق العمليات بالجنوب، والذين عادوا من مناطق العمليات، والمواطنين الذين يقيمون في مناطق التماس مع دول شرق ووسط افريقيا.
* واذا افترضنا أن عدد سكان السودان ثلاثون مليون نسمة، فإن حوالي تسعمائة الف مصابون بالمرض او حاملون للفيروس، يتوزعون في انحاء السودان المختلفة.
* وقد جاء في تقرير للأمم المتحدة منذ عدة اعوام قبل ظهور مشكلة دارفور بفترة طويلة وتواجد قوات افريقية بها، ان السودان احدى الدول المرشحة - بحكم اتساع حدودها، ووجودها في منطقة افريقيا جنوب الصحراء، الاكثر تأثراً بالمرض، بالاضافة الى انتشار الفقر والجهل والحرب الاهلية والهجرات والنزوح، وغياب الخطط والسياسات لمكافحة المرض ورفع درجة الوعي لدى المواطنين، وانتهاج سياسة التعتيم والتكتم خوفاً على الصورة الزائفة لدولة المشروع الحضاري، وخداع النفس، قبل خداع الآخرين، بعفة وطهارة هذه الدولة - لاحتلال مركز متقدم بين الدول الاكثر تأثراً بالايدز، وربما تصل نسبة الاصابة فيه الى «25%».. اي وجود شخص واحد مصاب او حامل للفيروس بين كل اربعة اشخاص.. خلال عشر سنوات من صدور ذلك التقرير في عام 2001م، اي بعد اقل من اربع سنوات من الآن، اذا لم تتخذ الدولة التدابير المطلوبة لمكافحة الايدز.
* واهم هذه التدابير.. رفع درجة الوعي لدى المواطنين بمخاطر الايدز.. وطرق انتقاله وانتشاره، بانتهاج سياسات اعلامية وارشادية واضحة، ليس فيها لبس او غموض، تشترك فيها كل طوائف وفئات المجتمع من كل الفئات العمرية، بمشاركة فاعلة من الاجهزة الرسمية.. اضافة الى توفير اجهزة الفحص والكوادر المؤهلة، واتاحة الحصول على الادوية المضادة للفيروس والعوازل الطبية للذكور التي اثبتت فعاليتها في الحماية من المرض، مجاناً وفي اماكن يسهل الوصول اليها في كل انحاء القطر.
* وللاسف، وبعد انقضاء اكثر من اربع سنوات على صدور ذلك التقرير، لم تفعل الحكومة الا اقل القليل، ولا تزال مترددة حتى هذه اللحظة في نوع الاستراتيجية التي يجب أن تتبعها لمكافحة المرض، وفضلت ان تستمر في فرض سياسة التعتيم التي لن تتمخض الا عن المزيد من تدهور الاوضاع وارتفاع نسبة الاصابة بالمرض!!
* وكانت النتيجة الحتمية أن تتدهور الاوضاع، وترتفع نسبة الاصابة الى اكثر من ثلاثة في المائة، بدلاً عن 6،1% كما كانت قبل اربعة اعوام.
* ولا تزال الحكومة سادرة في غيها وضلالها وتكتمها، بل تريد ان تخدع الناس وتوهمهم بأن ضابطين فقط ماتا بالايدز، من جملة 5470 ضابطاً افريقيا ينتشرون في دارفور منذ اكثر من اربعة عشر عاماً، هما سبب البلاء وانتشار الداء، وذلك بدلاً عن الاعتراف بالوضع المتردي، واتخاذ التدابير المناسبة التي تحمي البلاد والعباد..!!
* ولكن لن تخدع الحكومة إلا نفسها، وستصحو من غفوتها ذات يوم.. وتجد ان الأشخاص الوحيدين الذين لم يقتلهم المرض، أو يستشري في أجسامهم في السودان، هم ضباط الاتحاد الافريقي المفترى عليهم!!


للمزيد من االمقالات