الإنقاذ صار مرحاضا كل من خرج منها تنفس الصعداء
شئ ما اختلج في نفسي ودفعني لكتابة هذا المقال وبهذا العنوان. بينما أنا أتصفح بورد في موقع (sudaneseonline.com) بعنوان الطيب مصطفى يفتح النار على وزير المالية , فشدني الموضوع لأنني أكن احتراما خاصا للسيد وزير المالية دون سائر مافية الإنقاذ لأني أقرأ الصدق في وجهه , فعرجت لأقراْ الموضوع وبعد تصفح سطوره وصفحاته وجدته إسم على مسمى والعنوان . الطيب مصطفى الذي مازال عضواً بهيئة شورى المؤتمر الوطني يفتح ناراً كثيفاً من العيار الثقيل وقد يتجاوزه إلى العيار النووي أو الكيماوي الفتاك بغرض حسم معارك إمبراطوريات المافيا داخل نظام الإفلاس المتهالك . كتب الرجل ساردا وواصفا بدقة طوفان الفساد الذي تجري فيه سفينة الإتلاف والإفلاس ,وأظنه وبعد أن ظل شيطانا أخرس طيلة فترة الإستوزار أجرى حسابا دقيقاً لمجريات الأوضاع بالبلاد قرر على إثره قطع العشم في نجاة هذه السفينة التي تجري في الأمواج الفساد المتلاطمة وهي تحمل المسدين علها تبلغ بهم بر الأمان. الناظر إلى مجريات الأحداث وتداعياتها بصورة فاحصة يرى أن سفينة الإفلاس والإتلاف التي كانت محكمة الصنع قد أصابتها الدهر بعواهنه فتصدعت وتشققت وتسربت المياه إلى داخلها وأعي ربانها الإبحار في هذا الطوفان الهادر من الفساد, فالسفينة لا محالة غارق وهالك في ظل هذا الطوفان الذي لا يبقي ولا يذر .
ولعل الرجل اليوم ينظر للأوضاع السياسية والاجتماعية وشأن الحكم بصفة خاصة ليس بعين الوزير والوزارة التي أعمت الكثيرين عن رؤية الحق وأصمت أذان وأبكمت أفواه وأخرست,أللسن , فصار لدينا جيش من الوزراء شياطين خرس .
فالإستوزار في السودان خصماً على حرية الإنسان وكرامته ففي سبيل الحفاظ على الكرسي لابد من التسليم بتمثيل أو القيام بدور الشيطان الأخرس حتى لا تفشى أسرار المافيا مقابل دولارين أو ثلاث دولارات يسد به الوزير رمق عياله ولو كان حراما . فليحمد الله الطيب مصطفى على تحرره من عبودية الدولار وربقة السلطان التي استعبدت الأحرار وأذلت وأهانت الرقاب .
إن الفساد في الإنقاذ لم يكن أمرا جديدا اكتشفه السيد مصطفى لتوه بل هو أمرا قديما قدم نظام الإفلاس ومتجددا مع شروق الشمس وغروبه مواكباً موضات الفساد العالمي , فرائحة الفساد أزكمت الأنوف في وزارة الداخلية و أخرس الألسن وأبكم الأفواه في وزارة الطاقة وأعمى الأعين في ديوان الزكاة وأصم الأذان في وزارة الخارجية فالذين بداخل حرم الوزارة, لهم أعين لا يبصرون بها ولهم أذان لا يسمعون بها ولهم قلوب لا يفقهون بها فهم كالأنعام أو أضل سبيلا . هؤلاء أحاطت بهم خطيئتهم واستوت السيئة والحسنة عندهم فلا تعشمون في خير من هؤلاء. أما الناس خارج الوزارة فقد أصاب حواسهم الخدر جميعا من فرط الروائح النتنة كيف لا ؟ ؟ ونظام الإنقاص والإتلاف لوثت البيئة بجثث 400 ألف من ألأبرياء القتلى في دارفور والشرق والجنوب فرائحة هؤلاء الأبرياء كفيلة بتلويث البيئة جمعاء وفي الخرطوم لوثت البيئة بالظلم الإجتماعي والاضطهاد السياسي والفساد الاقتصادي , وأفسدت المجتمعات بتذكية النعرات العنصرية والقبلية ومزقت النسيج الإجتماعي ,إن الفساد بلغ مبلغا عظيما ورائحته غطت كل مكان وأصابت الناس بداء نقص الحواس والإدراك حتي أختلط للناس الحابل بالنابل فالتبس عليهم الحق بالباطل خاصة الإخوة المستوزرون لا يكادون يدركون أو يحسون إلا بعد خروجهم من هذه الدائرة النتنة التي صارت مرحاضا عاما ملئت بجثث الأبرياء وروث فساد الوزراء , فكل من خرج منها تنفس الصعداء.
آدم عبد الرحمن الصبي
المملكة العربية السعودية - الرياض
__________________________________________________