ترحب سودانيزاونلاين بجميع الاراء الحرة و المقالات لنشرها فى هذه الصفحة.ويمكنك لزوارنا الكرام ارسالها الى [email protected] كما نرجو ذكر الاسم الحقيقى و الكامل و مكان الاقامة مدة بقاء المقال فى هذه الصفحة 10 اعوام
أختلف مع الاستاذ/باقام أمون في زعمه بأن حزب المؤتمر الوطني يأكل بيديه الاثنين عوضا عن استخدام الملعقة بقلم سارة عيسي
سودانيزاونلاين.كوم sudaneseonline.com 9/15/2005 9:33 م
تعتبر التصريحات الاعلامية هي احد فنون العمل السياسي ، وهي ترسخ في أدمغة الناس لمدة طويلة ويتم طيها بعد ذلك في كتب التاريخ لتتذكرها الاجيال ، ونحن في السودان لسناء بغرباء عن هذا النوع من الفن ، ولنا معه تجارب ثرة ومواقف عديدة ، والانقاذ هي أول حكومة سودانية مارست هذا السلاح في وجه خصومها ، وأحيانا تتحول هذه التصريحات اذا لم يصاحبها عمل الي مصدر للسخرية والتندر ، وأذكر عند مجئ الانقاذ تصريح اللواء بحري صلاح الدين محمد أحمد كرار والذي كان يترأس اللجنة الاقتصادية للانقاذ حيث قال : لولا مجئ الانقاذ لأرتفع سعر الدولار الي عشرين جنيها ، وفرح الناس بهذا التصريح وأعتبروا أن هذه هي البداية الصحيحة لحكم السودان ، وزعم مؤرخوا الانقاذ أن تاريخ السودان الحقيقي قد بدأ فعليا بعد يونيو 1989 ، وان الاستقلال الذي حققه الازهري والمحجوب كان ناقصا و لم يكن استقلالا حقيقيا لأنه لم يقم علي اسس التأصيل الحضارية ، ولم تمضي الا شهور قليلة حتي هبط سعر الجنيه السوداني الي الحضيض ، ولم يعد سعره مقابل الدولار مهما الا الذين اكتنزوا الثروات من خيرات هذا الشعب ، وجاء عبد الرحيم حمدي من لندن وهو يحمل في راسه العديد من الافكار النيرة من أجل اصلاح الحال والحاق السودان بركب الدول المتحضرة ، ولم يطلب عبد الرحيم مهلة طويلة وأختار أن تكون تجربته الفذة لمدة ثلاث سنوات فقط ، وبدأت صحافة الانقاذ في نثر الكلمات وبعث القوافي حول أسطورة الاقتصاد السوداني الدكتور عبد الرحيم حمدي وبأنه ضحي بالاقامة المريحة في عاصمة الضباب لندن من أجل تطوير الاقتصاد السوداني ، شرع المفكر حمدي في تطبيق برنامجه الذي عرف بالبرنامج الثلاثي للاصلاح الاقتصادي ، مضت الثلاثة سنوات كالبرق وتحطم الحلم الكبير واستطاع حمدي أن يطبق روشتة صندوق النقد الدولي بحذافيرها ، وقد استفاد من سطوة الاجهزة الامنية وطبق سياسة اقتصادية قاسية في حق جميع أهل السودان ، وشبها البعض بأنها امتداد لحكم التركية الخديوية التي اذلت السودانيين في السابق ، لم تتم مرحلة هذه السياسة القاسية علي سنوات عدة حتي لا يحس المواطن بالفارق الكبير بين الامس واليوم ، ونجح حمدي في بيع القطاع العام بسعر رخيص الي رجال أعمال تنظيم الجبهة الاسلامية ، وما نعانيه اليوم من شظف في العيش ونقص في الخدمات هو ثمرة الشجرة التي زرعها العلامة حمدي في جسد الاقتصاد السوداني ، وهذه النتائج السيئة لسياسات حمدي كانت بمثابة علامات نجاح للذين استفادوا من هذا التحول ، فكتبت الاقلام الصحفية عن هذه الثورة وزعموا بأن اليابان قد نجحت في تحقيق الرخاء عن طريق القطاع الخاص ، وهناك ايضا من نشر الادلة والبراهين علي كثرة السرقات ونهب الممتلكات ايام وجود مؤسسات القطاع العام التي تملكها الدولة ، وخلصت السياسة الجديدة الي اختصار عدد اللصوص والحرامية في القطاع العام في شخص لص جعل ذلك القطاع من خواصه ، وهذه كانت بداية العنصرية والتهميش في عهد الانقاذ ، فلم يحتمل رجال الاعمال الجدد من رجال الانقاذ والذين ورثوا مؤسساتنا القومية وجود أهلنا الغبش في ممتلكاتهم ، فشركة سوادتيل والتي ورثت المؤسسة العامة للاتصالات السلكية واللا سلكية أعتمدت علي نظام الطوائف والعرق في التوظيف ، وهناك دوائر في سوادتيل تسيطر عليها أسرة واحدة جلها من الشمال ، ولم يكن الحال بافضل من ذلك في شركة الكهرباء ، وقلدت مؤسسات القطاع الخاص مثل بنك الشمال نفس الاسلوب في التعيين والتوظيف ، ولم يحظي أهلنا النوبة والشلك والدينكا والفور والزغاوة حتي بوظيفة ساعي أو مراسلة أو بواب لهذه المؤسسات المزدهرة والتي تناطح السحاب في العلو الشاهق ، ولا استثني أهلي في الشرق من هذا التهميش وكنت اشاهدهم وهم يبيعون ( المساويك ) و ( الخناجر ) بالقرب من فندق أراك المهجور ، وأمتهنت نساء غرب السودان بيع الفول والتسالي من أجل كسب العيش الشريف فطالبتهم شرطة المتعافي بالملف الضريبي وترخيص البلدية وشهادة الصحة ورسم خدمات السوق ودمغة الشهيد والجريح والتبرع لترعتي الرهد وكنانة ، هذا هو حال المهمشين الذين أمتلأ بهم هذا البلد ، طبقة أوغلت في العلو وطبقة انحطت وألفت العيش في الحضيض ، والان جاءنا الزبير أحمد والذي اعتبره البعض بأنه فارس الاقتصاد الوطني ومحقق النمو والتنمية ، وقد سمعته يطلب من أهلنا في البطانة بأن يطلقوا الحمير والدواب لأن وسيلة ترحالهم الجديدة سوف تكون الطائرات ، ولم تمضي ايضا شهور علي هذا التصريح الخيالي حتي انعدم وقود الطائرات في السودان وهناك أربعة مليون مشرد ينتظرهم قدر الموت الاكيد في اي لحظة بسبب عدم توفر وسائل النقل من أجل امدادهم بالمواد الاغاثية . ورموز الانقاذ مشغولة الان بالتلاسن بين عراب الشمال الطيب مصطفي وسامويلسون الاقتصاد الحر الزبير طه حول مكتسبات سوادتيل من موباتيل ، الصراع موجه نحو المال والكسب السريع وليس موجها للعمل الانساني واغاثة الملهوف الذي يتضور جوعا ويرتجف جسده من البرد ، هكذا علمنا رجال الانقاذ نبلهم ومبادئهم طوال كل هذه السنين لا هم الا هم المال ولا غاية الا في المال ، ولا يعلم الناس أن الزبير احمد كان يرسب في كل مواد مادة الاقتصاد في ايام دراسته الجامعية ، وحديث الدكتور الزبير أحمد في المؤتمرات الاقتصادية تعلم اسلوبه في الشارع والسوق ولم يكن ناتج عن تراكم خبرة تعليمية ، فهناك رجال تحركهم الحاسة الاقتصادية ولا يحتاجون الي من يدرسهم العرض والطلب لتحديد السعر مثل الشيخ/بابكر حامد ود الجبل ، وهولاء يفتخرون بخبرتهم ويعتبرونها تساوي كلية في الاقتصاد ، ودكتور الزبير هو أحد خريجي مدرسة ود الجبل والتي تدرس شطارة السوق بالممارسة وليس في قاعة المحاضرات والمذاكرة . وهناك من يزعم أن ازمة انعدام وقود الطائرات هي أزمة مفتعلة لأن المتضرر هو أبناء الغرب والجنوب والذين ينتظرون بحرقة وصول المساعدات الغذائية ، ولو حدتث هذه الكارثة في الشمال لزأرت الاسود ولزمجرت في وجه النظام ولكتبت الاقلام عن نظريات المؤامرة ولخرجت المليشيات الي العلن وهي تطلق الاعيرة النارية في الهواء ، ولكن هولاء الضعفاء لا يغيثهم غير برنامج الامم المتحدة للغذاء وقد أوضح مدير هذا البرنامج عن عجزه في توفير كامل الحصة الغذائية للمتضررين بسبب انعدام وسائل النقل الجوي ، وتجاهلت الحكومة تبعات هذه الازمة ولم تحتاط لها منذ البداية هي تعلم مسبقا أن فصل الخريف سوف يعطل حركة سير ناقلات الشحن البرية ، وهناك اتهام لحزب المؤتمر الوطني بأنه يمارس سياسة ( اخنق فطس ) لأهل الغرب والجنوب ، فهو في سعيه للحصول علي وزارة النفط يحاول أن يضفي اهمية لمنشأت النفط التي تقع في الشمال بحيث يساوم الحركة علي هذه الاهمية ، ولا ننسي أن تسرب بسيط في أنابيب النفط يجعل الدولة تعلن الاستنفار والطوارئ من أجل اصلاحه وحياة أربعة ملايين أنسان علي المحك ولا أحد يهتم بأمرهم وكأنهم غرباء حلوا بليل علي أرض هذا الوطن . وقد وصف الاستاذ/باقوم حزب المؤتمر في تهافته علي وزارة النفط بأنه يريد أن يأكل بكلتا يديه بعد أن رمي بملعقته في الارض ، وفات علي الاستاذ/باقام أمون أن حزب المؤتمر الوطني كان يأكل من ورائهم ويسرق اللحمة السمينة من القدر حتي لا تكون من حظ الضيوف . سارة عيسي