تحليلات اخبارية من السودان
ترحب سودانيزاونلاين بجميع الاراء الحرة و المقالات لنشرها فى هذه الصفحة.ويمكنك لزوارنا الكرام ارسالها الى [email protected] كما نرجو ذكر الاسم الحقيقى و الكامل و مكان الاقامة مدة بقاء المقال فى هذه الصفحة 10 اعوام

ردا على ندوة اصلاح الديمقراطية فى السودان بقلم يحيى اسماعيل يوسف ( ود العمدة ) صحفي مهاجر

سودانيزاونلاين.كوم
sudaneseonline.com
9/15/2005 3:04 م

تابعت بحرص شديد وقائع الندوة الفكرية التي نقلتها قناة
الجزيرة الفضائية بعنوان إصلاح الديمقراطية في السودان
وشارك في الندوة جمع غفير ضم لفيف من المفكرين والساسة
والعاملين في حقل السياسة من مختلف المدارس الفكرية
والسياسية مع ملاحظة غياب صناع القرار في الأحزاب
السياسية التقليدية.
وكانت المداخلات تنصب جلها في الحديث عن إصلاح
الديمقراطية برؤى متباينة وقد اتفق بعضهم مع رؤية
الأستاذ عوض الكريم موسى مقدم الورقة واختلف البعض الأخر
معه في بعض المحاور التي تناولها في طرحة وهو امر طبيعى
وقبل إن ندلى بدلونا في ذات الموضوع المهم
. .. نشيد أولا بالأسلوب الحضاري والنهج الهادف
باعتماد آلية الحوار لمعالجة أمهات القضايا التي أرقت
مضاجع أهل السودان وخلفتهم عن ركب الأمم ومما لاشك فيه
إن الديمقراطية علاج
.بلادنا شافي لمشكلة الصراع على السلطة في
. ولكن أين هي تلك الديمقراطية التي طبقت في السودان
حتى نبحث عن إصلاحها ؟
إن الديمقراطية كتجربة إنسانية كما عرفها الغرب ظلت
غائبة تماما عن السودان ولم يعرف لها طريقا الا إذا حاول
البعض جبر الفترات الطائفية ونسبها إلى الديمقراطية
ويكونوا بذلك قد ارتكبوا جرما واضحا وخطا فادحا في حق
الديمقراطية لان الديمقراطية ليست احاديثا وخطبا رنانة
وبرلمانات صورية ولافتات كرتونية علقت على محلات كتب
عليها الحزب الفلاني الديمقراطي
فالديمقراطية نظرية قابلة للتطبيق وتقوم على أعمدة
وركائز أولها الأحزاب السياسية القائمة على المؤسسية
والتي تحكمها لوائح تحدد طبيعة العلاقات بين منتسبيها
وتفصل فيها الاختصاصات وتخضع فيها الاختيارات
والتكليفات لإرادة المنتسبين للحزب كما يخضع المقصرين
للمساءلة والمحاسبة وأحيانا الطرد والعزل وقبل هذا
وذاك يجب إن يكون الحزب مدافعا ومحققا لمصالح منتسبيه
كما يتم الانتساب للحزب وفق شروط اولها دفع الاشتراكات
الشهرية لتغطية مصروفات الحزب الادارية والايمان بنهج
الحزب واطروحاته وبرامجه .والعمل وفق الارادة الجمعية
التى ترسم السياسات العامة والبرامج الخاصة التى تستصحب
هموم الناس ومشاكلهم كما تقوم عملية
. الاختيارات وفق قاعدة الرجل المناسب في المكان
المناسب
. .كما إن قيادة الحزب تنتخب انتخابا ديمقراطيا مباشرا
وتحدد مهامة وصلاحياته ولفترة زمنية محددة كما يمكن
إقالته واجبارة على التنحي إذا قصر أو أهمل في أمر من
أمور جماهير الحزب ويخضع لقرارات الحزب .
فهل بناء أحزابنا في السودان يقوم على هذه الركائز
والأعمدة ولنعقد مقارنة علمية بين أحزابنا والأحزاب
العالمية من حيث الشكل والجوهر سنجد إن الفوارق كبيرة
وواضحة من حيث الشكل
. والمحتوى فأحزابنا قامت على خلفيات طائفية دينية إذ
إن الزعيم الراعي بحكم الورثة التاريخية هو المرجعية
التنظيمية والدينية وما يستعصى حله بالسياسة يحله بفتوى
دينية مما أربك وأخر من من عمليات التحول نحو
الديمقراطية
. وقد تكون النوايا حسنه ولكن ليس بالنوايا وحدها تبنى
الديمقراطية
. وكنت أتوقع إن ينصب الحديث في البحث عن الديمقراطية
وليس إصلاحها لان الديمقراطية ظلت غائبة
. ولنتفق أولا على إن الديمقراطية هي الحل الشافي لكل
مواجعنا السياسية ومن ثم نبحث عن مواعينها ومعيناتها
. وان الديمقراطية لا تختلف مفهوما وتطبيقا عن الشورى
الإسلامية عملا بقولة تعالى
( وأمرهم شورى بينهم )
حتى نخرج من دائرة الجدل البيزنطي الذي ظل دائرا لأكثر
من نصف قرن بين الإسلاميين واليساريين ولم يحسم بعد
فإصلاح مواعين الديمقراطية ومكنزماتها أمر ضروري يفرضه
الواقع
.وعملية الإصلاح ممكنة
بفعل ثورة المعلومات التي قربت المسافات بين الشعوب
والأمم والتي حولت العالم بأسره إلى قرية صغيرة
كما إن مفهوم الدولة الوطنية ذات الحدود المغلقة وما
يسمى في علم السياسة بالشان الداخلى للدول
أصبح جزء من الماضي فمنظمات المجتمع المدني أصبحت قوة
ضاربة لها
تأثيراتها المباشرة في الحكومات والقرارات الدولية
النافذة
وهى منظمات عابرة للقارات و الحدود وهى دون شك ثمرة طيبة
من ثمار الديمقراطية لمحاصرة الأنظمة الدكتاتورية
والشمولية التي تعتدي اعتداءا سافرا على حقوق الإنسان
الطبيعية .
ونشيد مرة أخرى بمبادرة المؤتمر الوطني الجريئة
والهادفة لإخضاع أمهات القضايا للحوار ولكن هنالك قضايا
أخرى من الأهمية بمكان يجب إن يفرد لها مساحات من
الاهتمام وبعيدا عن أساليب الغمز واللمز سندخل في
القضايا الملحة وهى :-
مشكلة الفقر واتساع دائرته واستحواذ فئة قليلة على
ثروات البلاد *
*مشكلة الحرب الأهلية في السودان أسبابها ومسبباتها
والبحث عن الحلول الجذرية لها ليتفرغ أهل السودان إلى
التنمية والبناء للحاق بركب الأمم
*مشكلة الفوارق الاجتماعية بين أبناء الوطن الواحد
والتي انطلقت من ثقافة استعلاء عرقي وأدت إلى جمله من
المفاهيم والتصنيفات الخاطئه التي تحط من قدر المنتمين
لتلك القبائل والأعراق والتي لم يسلم منها إلا نفر قليل
وأدت إلى ردود أفعال عطلت من عملية الانصهار والتصاهر في
بوتقة الوحدة الوطنية بل أصبحت من المهددات وبما إننا
اتخذنا منهج الشفافية والوضوح لابد إن نتطرق لبعض هذه
المصطلحات أملين إن يتم قبرها وطمرها غير مأسوفا عليها
واستبدالها بثقافة جمع تحترم التعدد والتنوع وتؤسس
لتعايش على أسس سليمة ومعافيه من أمراض التعصب الديني
والعرقي والمصطلحات هي
: ( عبد - حر - ود عرب - ود سرية -فرخ - نوباوى - غرباوى
- جنوبي - شمالي - جلابي - مندكورو الخ... - زرقة وعرب
كما يجب إفراد مساحة مقدرة في مناهجنا التعليمية لمادة
أساسية وإلزامية هي مادة التربية الوطنية
*قضية الصراع على السلطة بين المؤسسة الطائفية والعسكرية
لان هاتان المؤسستان هما حجر الزاوية في الصراع منذ فجر
الاستقلال وحتى يومنا وتلك اللعبة التي استمرأها الجميع
هي
( عسكر وطائفية )
*قضية سيطرة المركز على الهامش وحرمان الأطراف من حظوظ
التنمية المتوازية والتي أدت إلى موجات من النزوح البشرى
من الريف إلى أطراف المدن والعيش في بيئات متدنية
الخدمات بفعل غياب التخطيط والمتغيرات الطبيعية والتي
تتعامل معهم السلطات الإدارية بوحشية في مساكنهم
العشوائية وتنظر إليهم مجتمعات الحضر نظرة دونية وجعلت
منهم مادة للطرفة والتندر . كما إن المؤسسات الرسمية
تتجاهل المطالب العادلة في استيعاب أبناء تلك المناطق في
إدارة مناطقهم وتتعامل معهم بعقلية الوصاية على حقوق
القاصرين
.وتقوم بإيفاد المحسوبين لإدارة تلك المناطق مما ينعكس
سلبا على تطلعات أبناء الريف في النهوض بمناطقهم وحق
أهلهم في الحياة الكريمة
.مما دفع بهم إلى تكوين حركات مقاومة اضطرت إلى حمل
السلاح لمواجهة الدولة
.والحكومة والأحزاب الطائفية سيان في تلك السياسات
والنظرات الاقصائية المنطلقة من تصدير النواب والحكام
إلى الهامش
. *كما إن القسمة العادلة للثروة أصبح من الضرورات
الملحة لان الثروة هي العصب المحرك لأسباب الصراعات في
العالم بأسرة ناهيك عن الدول
*قضية الحرب والسلام والتي أفرزت واقعا يصعب تجاهله
انعكس سلبا على مكونات النسيج الاجتماعي وأصبح من
المهددات الكبرى لوحدة الوطن كما أنها شأن عام يهم كل
أهل السودان
إن التجارب السياسية السودانية الثرة والتي جربت فيها كل
أنماط الحكم عدا الديمقراطية يمكن إن تكون معينا لحكم
راشد وعادل يعالج كل أسباب الصراعات ويعود بالأمور إلى
نصابها ويبعدنا عن تلك المصائب التي صنعناها بأنفسنا
ودعونا من تلك المبررات الواهية التي تربط الأسباب
بالمستعمر والفترات الاستعمارية
. أو تخضع كل الأمور لنظرية المؤامرة والعدو الخارجي
الذي يتربص بنا دائما
. لقد رحل المستعمر منذ خمس عقود ونيف ماذا فعل ساستنا
مقارنة بالدول التي استقلت فى نفس تاريخنا أو حتى تلك
التي نالت استقلالها بعدنا ؟أين نحن من تلك الدول والأمم
؟؟
... التي قطعت شوطا مقدرا في النهوض والتنمية وتحولت من
خانة الاستهلاك إلى الإنتاج والمساهمة مع الأسرة الدولية
. ولم تعد محصورة في هموم المعاش من مأكل ومسكن وملبس
. بل أصبحت تفكر في ولوج عالم الفضاء بعد إن استفادت من
ثرواتها الظاهرة والكامنة فى باطن الأرض
. إن التوهم مرض عضال يجب التخلص منه ومجابهته بالعلم
بدلا عن التمائم والتعاويذ التي لا تجدي نفعا مع الواقع
ولغة الأرقام التي لا تكذب .
كما يجب إن نعترف بالأخطاء التي ارتكبت في الماضي لبناء
حاضر ووطن يسعنا جميعا
. وأول تلك الأخطاء توهمنا بأننا قد مارسنا ديمقراطية
ونبحث عن إصلاحها لان ما مارسناه كان شيء أخر لا علاقة
له بالديمقراطية غير الاسم لان التجارب منذ فجر
الاستقلال كانت طائفية تحكمت فيها طائفتا الأنصار
والختمية عبر تنافس محموم اختلطت فيه السياسة بالقداسة
وارتهنت فبها البلاد وضاعت مصالح العباد ووضع كهذا مرشح
للانهيار ويحفز المغامرين إلى الانقضاض على السلطة بحجة
معالجة الفوضى
. وكل الانقلابات العسكرية أتت نتيجة مباشرة لفوضى
الطائفية
.وكل الانتفاضات الشعبية أتت نتاج لتردى الأوضاع وفشل
العسكر في الإدارة مما يدفعهم للاستعانة بالقوة
الانتهازية من المدنيين من منتسبى تلك الأحزاب والطوائف
. والذين يصبح جل همهم عقد الصفقات واخذ العمولات وجمع
الأموال بطرق غير مشروعة .وممارسة اللعب تحت الطاولة مما
يفسد الحياة السياسية ويدفع الشعب للانتفاضة
. فالسياسة تعتمد على النقد البناء ووضوح الرؤية
. وعمليات الإصلاح من الضرورة بمكان والاعتماد
والمراهنة على تلك الو لاءات العقائدية السابقة رهان
خاسر لان الجيل الذي كان يعمل بإشارة الزعيم قد انقرض أو
أصبح في خبر كان.. والمحك الاساسى هو البناء الديمقراطي
للأحزاب على شاكلة الأحزاب العالمية والحزب الذي يولى
اهتماما لمشاكل منتسبيه ويبحث عن سبل حلها ويفرد مساحة
كبيرة لإشراك أبناء الهامش في هياكله التنظيمية ويعمل
على تقديم الخدمات لمنتسبيه سيكسب ثقة الناس
. ويجعل حظة الأوفر في حكم البلاد .
وهو أمر ظل غائبا في كل الأحزاب
والحزب الذى ينتهج مثل هذا الأسلوب سيتدافع الناس إليه
وستكون النتيجة تقليص عدد الأحزاب وتجويد العمل الحزبي
بالأسلوب العلمي
.ويقود إلى تنافس حقيقي لان القضية الجوهرية التي تدفع
الناس إلى تكوين أحزاب هي البحث عن حلول لمشاكلهم
. كما إن هنالك قضايا مهمة في عمليات البناء يجب إن
تراعيها الأحزاب وأولها الخصائص والمكونات للنسيج
الاجتماعي من تباين وتعدد في الأعراق والثقافات والأديان
ليكون الحزب وعاءا جامعا لألوان الطيف السوداني مع
الابتعاد عن التطرف الديني والعنصري مما يوصد الباب أمام
بروز وقيام أحزاب من منطلقات دينية أو عنصرية
. كما ننوه إلى ضرورة اعتماد أسلوب الحوار الجاد
والاعتراف بالأخر والذي هو شريك أصيل في كل شيء
.وان اعتماد منطق التبعية في القسمة الحالية للسلطة أمر
يتناقض مع الواقع ويجافى طبائع الأشياء إذ كيف يستقيم في
ظل اختلاط أرقام السياسة مثلا التعامل بعقلية تبعية
المنطقة الفلانية لنفوذ الحزب الفلاني وتلك للحزب
العلانى من أين استقيتم تلك المعلومات التي بنيتم عليها
حساباتكم . ولمصلحة من تتم مثل هذه التصنيفات المعلبة ؟
ولماذا يحرم أبناء مناطق بعينها كانت تتبع مثلا لحزب
الأمة أو الاتحاديين في فترة تاريخية معينه نتيجة
لارتباط عقائدي بطائفة الأنصار أو الختمية ومن قال إن
تلك المناطق لا زالت على ذاك الولاء
. وما هي مبررات الاستمرار في نفس الولاء السابق إذا
كانت نتيجته الإهمال والحرمان من التنمية . وكيف يستقيم
عقلا إن يعاقب قوم على انتماء تاريخي ويفرض عليهم السير
في نفس الطريق الذي لم يجنوا منه غير الشوك والماسي وما
هى تلك الضمانات بالاستمرارية والديمومة لاستمرارية تلك
المعايير والمسالك هل نفهم من ذلك ان اولئك القوم مغضوب
عليهم ومكتوب عليهم ان يدفعوا والى الابد ضريبة مواقفهم
التاريخية ويحاسب ورثتهم من الذكور والاناث على نفس
المنوال
الحكومات الراشدة لا تعمل بهذا الأسلوب الغير عادل
. وهل نفهم ان هنالك قوم كتبت عليهم المعاناة تحت ظل
كل الحكومات حتى تلك التي تكون تحت سيطرة زعيم طائفتهم
. إن كثير من الأمور تحتاج إلى مراجعات وإعادة حسابات
إذا كنا جادين في تجاوز العقبات
.كما إن الديمقراطية لا تتجود إلا بمزيدا من الصبر على
الديمقراطية
اللهم اهدنا إلى الطريق القويم

يحيى اسماعيل يوسف ( ود العمدة ) صحفي مهاجر


للمزيد من االمقالات

للمزيد من هذه الاخبار للمزيد من هذه البيانات و المنشورات
الأخبار المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع


| اغانى سودانية | آراء حرة و مقالات | ارشيف الاخبار لعام 2004 | المنبر العام| دليل الخريجين | | مكتبة الراحل على المك | مواضيع توثيقية و متميزة | أرشيف المنبر العام للنصف الاول من عام 2005

الصفحة الرئيسية| دليل الاحباب |English Forum| مكتبة الاستاذ محمود محمد طه | مكتبة الراحل المقيم الاستاذ الخاتم عدلان | مواقع سودانية| اخر الاخبار| مكتبة الراحل مصطفى سيد احمد


Copyright 2000-2004
SudaneseOnline.Com All rights reserved