غلطة الشاطر بالف , وغلطة الدكتور مصطفى عثمان وزير خارجية السودان كلفته منصبه الرفيع , وكما ان للحروب ضحايا , وضحية الحرب الاهلية فى الجنوب كان السودان كله , فان للسلام لعنة, وأول ضحاياها هوالدكتور مصطفى الذى سيترك منصبه لوزير جنوبى من حركة قرنق.
خسارة الدكتور مصطفى الشخصية للمنصب الرفيع لا تساوى بأ ية حال خسارة العلاقات المصرية - السودانية لهذا الزوول الشاطر وابتعاده عن هذا الملف الحيوى الذى حرثه وخضره بحسن الجوار فى وقت كان غيره يزرعه بالشوك.
ساهم وجود الدكتور مصطفى فى الخارجية السودانية فى تنقية مياه العلا قات بين شمال وجنوب الوادى
وبذ كاء ونشاط دبلوماسى بنى على مانسجه بصبر وأناة الراحل البروفيسور احمد عبد الحليم سفير السودان فى مصر, حتى صار مابيننا مثل مياه النيل يجرى رقراقا .
وأذكر ان الدكتور مصطفى صحب نائب الرئيس الفريق الزبيرمحمد صالح فى اول زيارة لمصر بعد محاولة اغتيال الرئيس فى اديس ابابا , وكانت زيارة شائكة خاصة وان الغضب المصرى كان عاتيا , كانت زيارة لساعات ولم يتمكن الدكتور من اصطحاب اى ملابس اضافية للتعجل وضيق الوقت , ومع دخول الطائرة الأجواء المصرية وفى توتر الاستعداد للهبوط وبحركة مفاجئة حاول الزبير اصلاح العمامة فاطاح ذيلها بالقهوة الساخنة على ملابس الدكتور مصطفى وسط دهشة رجال المراسم الذين يعرفون ان الوزير ليس بحوزته اى ملابس اضافية وان برنامج الزيارة محدد من باب الطائرة الى القصر الجمهورى والعودة مباشرة دون ان تلامس اقدام الوفد ارض مصر .
مرت لحظات عصيبة وطاقم الضيافة يسابق لحظات الهبوط فى غسيل ومكواة ملابس الوزير التى لم تجف تماما , لكنها جفت كلية عندما روى الزبير - وكان مبارك يحبه - حادثة دلق القهوة على ملابس مصطفى , وان هذا سبب تأخيرالطائرة قليلا فى الاجواء المصرية, فضحك الرئيس وقال دلق القهوة خير , وأضطر الدكتور مصطفى لشراء ملابس جديدة لان الزيارة امتدت اسبوعا فى الاسكندرية بناء على رغبة مبارك فى اكرام الزبير .
لعل الدكتور مصطفى كان المسئول السودانى الوحيد الذى كان يزور القاهرة بانتظام رغم القطيعة ولهذا سبب مثير فخاله استشهد اثناء اقامة حائط الصواريخ فى العام 1968 , وصار قبره فى جزيرة" شد وان " وكان يصطحب والدته الى القاهرة كلما حلت ذكراه .
لم يختلف السودانيون على شخص - بعد الترابى - سوى على الدكتور مصطفى , فالمعارضة تراه ابو الكلام ولا يشاركه فى هذا الوصف سوى الصادق المهدى رئيس حزب الامة , فكلا هما قادر على حلحلة اعتى المسائل بالكلام , والحكومة تراه ذو فعالية خاصة وقادر على القفز من فوق اسوار تعقيدات العلاقات الدولية , اما انا فكنت ومازلت اراه مثل اى زوول نشيط له اخطاؤه التى تدخل فى باب غلطة الشاطر, فكما كان نجاحا فى حلحلة الملف المصرى – السودانى , فانه كان ولازال مسئولا عن تعقيد الملف السودانى - الاريترى, و كما كلفه غاليا ابتعاده عن معية النائب الاول الشيخ على عثمان طه فى نيفاشا حيث جرى طبخ اتفاق السلام ,فان ذكاءه خانه فى اعلانه معارضة الجناح النافذ فى السلطة ( جناح الشيخ على ) الامر الذى رشحه للخروج كما خرج قبله الدكتور غازى صلاح الدين وزيرالاعلام ايضا بلعنة السلام التى يمسك بها كالسيف النائب الاول.
حمدى رزق
[email protected]
كاتب مصرى