زهير السراج
[email protected]
* هاتفني أول أمس الأخ الفريق سيد الحسين شاكراً على النقد الهادف الذي تحتاج إليه الشرطة، أو أية جهة أخرى من الدولة، لتتبين أخطاءها، وتعمل على تصحيح مسارها. وقال انه وجه شرطة ولاية الخرطوم باجراء تحقيق في موضوع «ضابط الحارة الثامنة»، ووعد بافادتي بنتيجة التحقيق لاحقاً.
* ثم جاءتني رسالة رقيقة من الأخ المقدم أبو عبيدة بالمكتب الصحفي للشرطة، تحتوى على دعوة لادارة حوار حول الموضوع مع الأخ اللواء عادل سيد أحمد الناطق الرسمي باسم الشرطة، فاتصلت بالأخ اللواء، وشكرته على الدعوة، وترك لي مشكوراً تحديد موعدها.
* وفي حقيقة الامر فان هذه ليست المرة الأولى ولا العاشرة التي تستجيب فيها قيادة الشرطة على أعلى مستوى، بشكل ايجابي ومتحضر لما يكتب عن الشرطة في هذا المكان وغيره، بل ان الاستجابة تتعدى الموضوعات الخاصة بالشرطة، إلى موضوعات أخرى مثل الحالات الانسانية وغيرها.
* وفي نفس الاطار فان وزارة الداخلية على كافة مستوياتها تدير حواراً مستمراً مع الصحافيين والمثقفين، حول كثير من الموضوعات، ولم يخل منشط واحد للشرطة أو وزارة الداخلية من حضور صحفي مميز، ليس بغرض الدعاية والاعلان، وانما لتبادل الآراء ووجهات النظر. وقد شاركت أكثر من مرة كمحاضر وكمناقش وكمستمع في منتديات مختلفة للشرطة.
* يقودني هذا للقول بأن الشرطة، على مستوى القيادات العليا والوسيطة، تتميز بمستوى مهني رفيع، وتتمتع بفهم متحضر لدور اجهزة الاعلام والصحافة في قيادة المجتمع.. وهو أول الطريق للنجاح في عالم أصبح فيه للاعلام والصحافة دور لا يستهان به في صناعة الحضارة الانسانية.
* غير اننا لابد أن نعترف أن العمل الشرطي يشوبه الكثير من القصور، بسبب ضعف الامكانات، وقلة الخبرة، وعدم التدريب الكافي للقوات اثناء فترة الخدمة. وتوجد الكثير من الاخطاء على المستويات الدنيا، وهنالك الكثير من التجاوزات.. ليست واحدة أو اثنتين.. بل مئات التجاوزات التي تتسبب في تشويه صورة الشرطة في نظر المجتمع، وتضع حاجزاً كثيفاً بينها وبين المواطنين، وما لم تعمل وزارة الداخلية وقيادة الشرطة على معالجة هذا القصور وتوفير التدريب المناسب لقوات الشرطة، خاصة على مستوى صغار الضباط والافراد، في المجالات المهنية والقانونية وحقوق الانسان وكيفية التعامل مع الجمهور.. فان الوضع سيظل سيئاً، مهما كان مستوى القيادة رفيعاً ومتميزاً.
* إن وجود قيادة ممتازة ليس كافياً البتة، لخلق جهاز شرطة مؤهلاً تأهيلاً عالياً، وواعياً بطبيعة عمله والدور المطلوب منه.. والكيفية التي يمارس بها هذا الدور.. إذا لم ينسحب هذا الامتياز على الكوادر الميدانية، التي تتعامل بشكل يومي مع الجمهور.. ولن ينسحب هذا الامتياز، إلا بالتدريب المستمر، وخلق الظروف المثلى للعمل، وتوفير الامكانات، وتحسين الاوضاع المعيشية لقوات الشرطة، خاصة صغار الضباط وضباط الصف والجنود.
* إن الصحافيين يتلقون في اليوم مئات الشكاوى من المواطنين عن تجاوزات قوات الشرطة، وبعضها تجاوزات خطيرة، وانتهاكات كبيرة.. منها ما يمكن نشره، كقصة «ضابط الحارة الثامنة» بمدينة الثورة بأم درمان، ومنها ما لا يمكن نشره.. ولدي قصص كثيرة، احتفظ بها في الوقت الحالي، إلى أن يحين موعد لقائي مع الأخ اللواء عادل سيد أحمد.. لأضعها بين يديه.. قبل أن اخرج بها للرأي العام، وفي رأيي ان مثل هذه القصص والروايات، لابد أن تخرج «للرأي العام».. حتى نستلهم منها الدروس والعبر.. ونبذل قصارى جهدنا كي لا تتكرر مرة أخرى.
* لقد اعجبني المصطلح الذي سمعته من الأخ الفريق الحسين بأن الشرطة ستعمل على «تقويم» ضابط الحارة الثامنة اذا ثبت لها ارتكابه لاخطاء، فـ «التقويم» بالفعل هو المعالجة المطلوبة للأفراد وصغار الضباط قليلي الخبرة بالعمل الشرطي. وليت ادارة الشرطة تعمل على تأسيس ادارة للتقويم -إن لم تكن موجودة- تهتم بتقويم اداء قوات الشرطة، أفراداً وجماعات. ولاشك أن مثل هذه الادارة سيكون لها مردود ايجابي على أداء الشرطة، وتطوير طريقة تعاملها مع الجمهور في المستقبل القريب.