ترحب سودانيزاونلاين بجميع الاراء الحرة و المقالات لنشرها فى هذه الصفحة.ويمكنك لزوارنا الكرام ارسالها الى [email protected] كما نرجو ذكر الاسم الحقيقى و الكامل و مكان الاقامة مدة بقاء المقال فى هذه الصفحة 10 اعوام
ماذا نريد ؟ وأين تتجه مفاوضات أبوجا !! التعجيل .... أم التأجيل بقلم عبدالفتاح محمد إبراهيم عثمان
سودانيزاونلاين.كوم sudaneseonline.com 9/12/2005 5:22 م
بسم الله الرحمن الرحيم
تناول قضية مفاوضات أبوجا وما تسفر عنها من نتائج - تعتبر ذات أهمية قصوى - بإعتبارها الجسر الذي من خلاله يتم العبور للوصول إلي تسوية سياسية للأزمة المستفحلة في إقليم دارفور . فالقارئ الحصيف والمتابع الدقيق للإستعدادات التي يقوم بها الإتحاد الإفريقي بغية إلتئام مباحثات جديدة بأبوجا بين حركتي العدل والمساواة وتحرير السودان من جانب مع نظام الخرطوم من الجانب الآخر - يتضح له بجلاء حجم المأساة التي يعيشها شعب دارفور جراء ممارسات النظام وجلاوزته ، والتي أودت بحياة الكثيرين وشردت العشرات ونزحت المئات من المسنين والكواهل والأطفال - هذا بالإضافة إلى من فقدوا قراهم وفقدوا أبسط مقومات الحياة من مأكل ومشرب ومأوى ( يفترشون الأرض ويلتهفون السماء ويشاقون العناء ) كل ذلك ليس بمنأى عن الإتحاد الإفريقي ولا المجتمع الدولي - مما حدا بهما إلى ممارسة الضغط على الأطراف لتدارك الأزمة التي ليس لها مثيل في المعمورة . تمرحلت ومرت مفاوضات أبوجا بمخاض ومراحل عديدة - حتى توجت في نوفمبر الماضي بتوقيع لإعلان المبادئ التي من المأمول ان تتفاوض حولها الطراف الموقعة عليها - وكان من المفترض أن تلتئم الجولة السادسة للمفاوضات في 24 أغسطس 2005م للتفاكر في قسمة السلطة والثروة والترتيبات المنية - إلا أن هنالك ثمة معوقات وعقبات كانت أمام إلتئامها - فتم تأجيلها إلى أواسط سبتمبر 2005م - ولا تزال ذات المسوقات التي أدت لتأجيها في المرة الفائتة - بدأت تطل برأسها من جديد - ما يفرق بين هذه المرة وسابقتها هو أن في هذه الأثناء برزت أصوات تنادي بضرورة التعجيل بدلاً عن التأجيل - هذه الأصوات تمثل ثلثي أطراف التفاوض ، أما الطرف الثالث ينادي بتأجيلها بغية ترتيب أوضاعه الداخلية . فتبادرت إلى الذهن أسئلة كثيرة ومثيرة - إلى أين تتجه مفاوضات أبوجا ؟ التأجيل أم التعجيل ؟ ؟ . من المأمول أن تتجه صوب التسوية السياسية بإعتبارها مدخل للتوصل إلى سلام إجتماعي ومن ثم مدخل لإنهاء أزمات أبعاد الأزمة على المستوى السياسي والإقتصادي والإنمائي والثقافي والتاريخي . هذه الآمال يجب أن تضعها وتصنعها أطراف التفاوض - في أبوجا - فهل هذه الأطراف تستطيع أن تبلور هذه الآمال المنبثقة من تطلعات شعب دارفور بصفة خاصة وشعب السودان عامة ؟ أم أن هنالك إتجاهات أخرى ربما تتجه نحوها المفاوضات ؟ ** دعاة التعجيل يرون ضرورة تدارك الأزمة بحيث أن الأوضاع الإنسانية لا تنتظر كثيراً ، ويرون أن النتائج التي سيجنى ثمارها من التعجيل هي إحلال التفاؤل محل الإحباط .. ونهضة همة الشعب بعد رقاد ..وتحرير الشعب من أسره الذي طال .. وإعتبار أن كل خطوة في طريق الحرية .. هي خطوة .. إلى عصر النهضة وبناء الحضارة - والنقلة الحادبة من عهد الظلام إلى عهد التنوير عقب تحقيق الديمقراطية وتوريث السلطة على المشاع ، وأن يجري تداولها بحرية بين المواطنين على قدم المساواة - فحينما يسوس الشعب حكامه ، ويحاسبهم على أفعالهم ويغيرهم ، فإن ذلك يبشر بفجر الحرية الذي ينير الطريق إلى الأمل والعمل والتقدم ومصافي النماء والإزدهار . ** أما دعاة التأجيل فيرون حتمية التأني - لإصلاح مؤسساتهم الداخلية - حتى يذهبوا إلى التفاوض وهم على اهبة الإستعداد وأكثر جاهزية ، وهؤلاء لا يعيرون أدنى إهتمام للعجلة بإعتبار أن التغيير لن يتأتى من الوهلة الأولى ، بل ويمر بمراحل واحدة تلو الأخرى . مقارنة ما بين دعاة التعجيل والتأجيل - يتضح للقاصي والداني المفارقات من حيث المسوق والمبرر - فإذا أجرينا إستعراض الحوار الدائر بين الإتجاهين _ وهما يحاولان أن يعالجا توجه مفاوضات أبوجا - وإستجلاء إمكانية الإستفادة من مسوقاتهما في تشخيص وعلاج الإتجاه - بما لا يدع مجالاً للشك - أن مبررات التأجيل غير واقعية وفاقدة للموضوعية ولا هي معبرة عن رأي الغالبية وتعتبر ضرباً من التخبط العشوائي الذي قد يصيب مرة ولكنه بالضرورة يخيب مرات . هذا المقال ، ماهو إلا إسهام بالرأي .. في هذه القضية الشائكة .. وهي قضية عبور الجسر لتحرير شعبنا من براثن الطغيان ، فلم ينال شعب في التاريخ حريته قط من أسر الطغيان ، إلا وهي مخضبة بدماء الشهداء !! فياترى أين نحن في كلتا الحالتين من النازحين واللاجئين الذين تكتظ وتضيق بهم المعسكرات ؟ وأين نحن من المواطنين الكادحين والغلابة الذين لا حول لهم ولا قوة بعد مجئ فصل الخريف وعقب هذه المجاعة التي بدأت تطل برأسها على إقليم دارفور ؟ أين نحن مع التأجيل .... أم مع التعجيل ...؟ مجريات الأحداث تمر سراعاً _ ويجب ان نضع حداً للمعاناة ويجب أن تدع الحرب أوزارها ، حتى ينعم شعبنا بالإستقرار والأمن ولن تتاتى الطمأنينة طالما هنالك حرب ، متى ينعم شعبنا بهذا الإطمئنان على نفسه وماله وبيته وعرضه ؟ - النظام غير حريص على تحقيق السلام البتة ، يمارس سياسات المراوغة والمماطلة والتسويف ، والمجتمع الدولي والإتحاد الإفريقي يضغطان على الأطراف كافة للجلوس في تفاوض ، فكيف لأحد الحركات أن تتطالب بتأجيل الفاوضات لمبررات واهية وتترك السانحة مواتية للنظام ليدعي أنه حريص على تحقيق السلام ونحن غير آبهين بمعاناة اهلنا ؟ وغير جادون ولا راغبون أصلاً ؟ هل النظام صادق في إدعاءه هذا ؟ وأننا غير آبهين بمعاناة أهلنا الذين ندعي أننا حملنا السلاح من أجلهم ؟ أم مالكم كيف تنظرون وماذا تقولون ؟ المؤشرات الماثلة أمامنا - تشير إلى تعجيل المفاوضات - لأن اليأس بدأ يدب ، والغيرة تنزاح ، والواقع متطلب لذلك ، والمأساة يجب ان تتدارك بأسرع ما تيسر ،والمجتمع الدولي يريد العجالة ونحن كذلك ، وهذا الرأي يمثل رأي السواد الأعظم من أبناء دارفور إذن لماذا لا نستجيب لهذا النداء ونكف عن التأجيل قليلاً ولو إلى حين ؟ فالحكومة على الرغم من إدعاءاتها المتكررة بالسعي لتوفير الأمن في معسكرات النزوح واللجوء الآن تمارس في ذات الأساليب وتتمادى في نهجها القمعي بغرض اللتسويف والتسويق للأكاذيب والأباطيل والأفاعيل بغية شرخ الثورة ، ونحن في أمس الحوجة لوضع حداً فاصلاً لمعاناة أهلنا ، فلماذا لا نترك الترتيبات الداخلية عقب المفاوضات - وحينها يمكننا أن نتفاكر ونتحاور فيما نشاء وأينما وكيفما نشاء ،،، لماذا لا نستجيب للوضع الإنساني المزري والمتردي المنزلق من السيئ إلى الأسوأ ؟ ولنا أن نسأل أنفسنا هل نريد مضاعفة المعاناة أم نريد إنهائها ؟ وهل نحن محتاجون حقاً لهذه الترتيبات التي من أجلها يمكن أن تبقى المأساة على حالها دونما التعجيل لتداركها ؟ وهل المواطنون الذين نناضل من أجلهم يرون كما نري أن في تقديم التأجيل على التعجيل مصلحة عليا سيجنون ثمارها ولو بعد حين ؟ أم أن التأجيل ما هو إلا ريتوريكا مستترة وراء ترميز تضليلي جديد ( مؤتمر ) لتحقيق مآرب شخصية أو مطامع ذاتية أو خلق وجود أو إثبات ذات أو منافع قبلية . فلو كان في عروقكم دم ينبض ، وفي رؤوسكم أعصاب تتأثر ، فتبعث فيكم النخوة والحمية لما رضيتم بهذا الذل ولا طالبتم بهذا التأجيل - لتقعدوا على الرمضاء وأنتم تضحكون وأطفالنا يبكون.. وتتناوبهم أيدى الطغاة وأنتم كقطع الصخر الملقاة في الفلاة ، لا صوت لكم ولا حس . فإن مفتاح التقدم وسر التحضر هو نبذ التخلف ، وإرساء القيم الديمقراطية ، وإقرار العدالة الإجتماعية ، والإعتراف بالحقوق المدنية . إذن لماذا تريدون تأخير هذه القيم ؟ فالحياة في صيرورتها سجالاً بين الناس ، وعجلة التاريخ في دورانها ستظل تسجل أحداث حياتهم ، إلى أن يحقق النضال الإنساني غايته ، ويصل مجتمعنا إلى - يوبيا - الإعترالف المتبادل والمساواة الكاملة بين أفراده .. آنئذ .. نشعر بخاتمة المطاف والإتكاءة على الرصيف ويستمتع شعبنا بمباهج الحياة ، فلما نأخر هذه الآمال ؟. ستة خمسون عاماً مضت من الإستبداد السياسسي والقهر الإجتماعي عايشناها ، لم نذق فيها طعم الحرية قط - وعشنا في بلدنا غرباء ، بينما ظل كهنة السلطة ، حلفاء الغزاة وصناع الطغاة ، يزيفون وعي شعبنا ويسرقون آماله وأحلامه ، توقفت مسيرة شعبنا الحضارية ، وتبدد إبداعهم الإنساني ، وتوالت عليهم المصائب من حيث لا يحتسبوا وعاشوا أسرى تخلفهم الإقتصادي والإجتماعي . وبمرور الزمن وإستمرار الحكم وغواية السلطة وإستكانة شعبنا - المسلوب الإرادة _ منذ الإستقلال المزيف والمُدعى - ظلت تؤول السلطة من نظام إلى نظام وكأنها تورث جيلاً عقب جيل وهكذا دواليك السلطة والثروة ظلت دولة بين جماعات الصفوة المترفة والنخبة المستبدة . فلماذا لا نضع حداً عاجلاً لهذه المعاناة ؟ والآن السودان يمر بمنعطف خطير وجديد في سفره ، لماذا لا نشارك في وضع لبناته الأساسية على أسس جديدة ؟ ولماذا لا نساهم ونشارك في تأسيسه من جديد كيف ما يترااى لنا ؟ أم أننا نرضى أن نستظل تحت ظل مظلة دونما أن نشارك في بنائه أو وضع حجر أساس بنيانها ؟ آخيراً أعتقد أننا لكيما نؤكد للعالم أجمع وللشعب السوداني بصفة خاصة صدق نضالنا وتوجهنا من أجل القيم التي بشرنا بها يجب ألا نتوانى ولو لثمة لحظة واحدة من تحقيق آمالهم وأشواقهم وتطلعاتهم المشروعة - ويجب أن نقرأ الواقع جيداً قبيل الشروع في أية خطوة نخطوها ، لتقديم المصلحة العامة والعليا على المصلحة الخاصة والدنيا ، شعبنا لا يريد التأجيل البتة ، بل يريد التعجيل فلماذا لا نستعجل لتلبية رغبته ؟ من حقنا كشعب سوداني وكشعب دارفور أن نستشرق غداً جديداً مفعم بالأمل ، ويحدنا في ذلك قوة إرادتكم ومتانة عزيمتكم على المضي قدماً لتحقيق ما بشرتمونا به من عدل ومساواة وحرية وديمقراطية وفيدرالية وتنمية متوازنة لنا ولغيرنا . هذا الإستشراق لن يتأتى إلا بالتعجيل للمفاوضات والدخول إليها بقوة - بقوة القضية التي تحملونها - أمانة - في أعناقكم للوصول إلى عبور الجسر ومن ثم تحقيق السلام الذي يضمن لشعبنا حقه في السلطة والثروة ويأتي بالحرية والعدل للجميع ويقر الحقوق المدنية والدستورية على أساس المواطنة ويلبي طموحات شعبنا . مع ودي ونلتقي