مصعب أحمد الأمين [email protected]
درجت حكومة البشير منذ أيام الحاضر الغائب ثعلب السودان بلا منازع حسن الترابي بتسمية الأشياء بغير مسمياتها . و هذا هو عين الإستحمار الذي مارسته الحكومة و في العلن!!! فمنذ أن تفتقت عبقريتها ببدعة الفجوة الغذائية مقابل الاسم التوصيفي الدقيق ( و أقصد بالدقيق الذي يفهمه الناس علي ما هو عليه) و هو المجاعة. و التي هي إعلان عن نقص حاد لا يمكن سده بمكون ذاتيّ للمنطقة المنكوبة . و ما أكثر نكباتنا و مناطقنا المنكوبة!! و علي طريقة( ما تشمت الناس علي يالهجروك علي ) أو الشينة منكورة!! جري أول تحريف علني لمسمي المجاعة !! ( و بعودة الحياة الديمقراطية و عودة حقوق الإنسان نطمح أن تكون هناك أيضا عودة لحقوق الكلمات) و منهج القرآن يسند ما ذهبنا إليه إذ ينعِي علي اليهود قولهم (راعِنا) و استبدلها للمسلمين بلفظة (أنظِرنا) حتى لا يشيع مصطلح أهل الكفر كما نفعل في زماننا هذا من غير وعي لما نتداو له. و هذا ميدان له فرسانه. و ما أمر الإرهاب ببعيد حتى غدا كمرادف للفظة إسلام ( الإسلام الذي أضحي توني بلير( احد سفاحي الألفية الجديدة) احد مفتيّ الإسلام الأمريكي الحديث!!!!! و ربما ابتدأ ذلك في عصرنا الحديث يهود عليها لعائن الله تتري بتسمية (الفدائيين) بالمخربين و (المغتصبات) بالمستوطنات . و سار الحمقى و المغفلين من كتاب و حكام المسلمين في مجاراتهم . و أخيرا ركزوا في وعي الشعوب الإسلامية بالطَرْق المستمر لمصطلحات يهود , إن جحافل المجاهدين المباركة من كتائب الأقصى و حماس و الجهاد بأنهم إرهابيين . و ذلك معلوم لكل المسلمين و لكننا نتبرك بتأكيد كشفه و مقابلة البرمجة العصبية الجائرة بإعادة البرمجة العصبية لأهل الحق. هذا , و التنبيه لمخالفة اليهود و النصارى ركن أصيل في مشروع البرمجة العصبية الإسلامية _ إن جازت التسمية_ و هذا ما يشبه ما نسميه في أيامنا هذه بالإسهام الحضاري( الحضارة ليست ترجمة حضارات الأمم و لا استنساخها) لذلك أري أن ضعف المشروع الحضاري الذي قدمته الإنقاذ ( أنا احترم الكثير من مفرداته و تطبيقاته) غير أني أري أن عنصر ضعفه الأساسي ناجم عن التهجين الذي مارسه مفكرو الحركة الإسلامية ( المدرسة التجديدية) فأصبح كثير من إنتاج هؤلاء المفكرين كالمنبت لا ظهرا ابقي و لا أرضا قطع . و تلك مراجعة لها ميدانها و مقامها.
فمن التسميات التي سمت الأشياء بغير أسمائها و أقامت الأرض و لم تقعدها , مسمي التوالي السياسي الذي كان هدفه في الأصل قد جاء في سياق بسط التعددية و التداول السلمي و ظاهره كان من قبله العذاب !!! إذ رمي الترابي لقطع الطريق أمام القوي السياسية فارضا عليها قبول المشاركة في ظل تبعية للمؤتمر الوطني أو إقصاء نفسها . و لكن لا يحيق المكر السيئ أو مكر السيئ (و الوجهان جائزان و متقاربان) إلا بأهله فلا وجد الترابي فرصة في التوالي ولا التنظيم السياسي (اللفظة المفترض أن تستخدم أصلا) إلا بحبل ممن عمِد إلي إقصائهم من المشاركة!! فما أكثر العبر و ما اقل المعتبرين!!!
و عودا علي موضوع العنوان تعود بنا الذاكرة للخيارات التي طرحها جون قرنق كتصورات لبقاء شئ مما يعرف بالسودان ذي المليون ميلا ( و ميل هذه عربية و ذلك مشرب آخر لا نقصده الآن) فنجد أن قرنق قد طرح فكرة الكونفدرالية كصيغة للتعايش بين النقيضين كما صوره دعاة الأفرقة و العلمنة من جهلة أبناء المسلمين ! اللفظة التي يستخدمونها كما شرّحت المقدمة بسبب تلبيس المصطلح! و لا فض فوه الشيخ ذي الست و تسعين سنة شيخ الهدية, أمد الله بقاؤه و هو يدلي بشهادة عصر مختصرة و هو يقول لدكتور زهير في برامج تلفزيوني : يا ولدي لم اعرف من حارب الإسلام أكثر مما فعله أبناؤه. أو كما قال. المهم ثابر قرنق علي مشروعه الكونفدرالي تسنده مراكز بحث صليبية عديدة , و لكن بخطة ذكية نفذت من لدن هوس أهل الحكم عندنا باللفظ و شغفهم به دون المبني !! و هكذا تم تمرير مشروع الكونفدرالية (إلا باستثناءات لا يرفضها مصطلح الكونفدرالية ) تحت مسمي الفدرالية . و لعل آخر معارك قرنق في التفاوض كانت حول الرئاسة المتناوبة . و التي هي الصورة الأكثر صراحة في الكونفدرالية. و بالمناسبة هي ليست إسهام قرنق في اتفاقية السلام و لكن هي مشروع أمريكا في المنطقة الذي تكرس في العراق . فماذا يعني ذلك ؟ ذلك يعني أن الكونفدرالية المغلفة بديباجة الفدرالية و التي انخدع بها مفوض الحكومة و هو يظن انه قد جاء بعز الدهر, هي ما تم بيعه للسودان . و بدوره أي مفاوض الحكومة طفِق يروج للمستهلك السوداني سلعة أمريكية لا تلبي أي مواصفة عالمية في صناعة الكونفدرالية أو الفدرالية. و من شان ذلك أن يجعل من فترة السنوات الست تمرينا آمنا علي الحكم و حضانة مجانية لكادر البناء للدولة التي سوف تستوي سوقها!! و لكن بلغة الشطرنج هذه النقلة ما هي إلا بمثابة (double check ) ترمي لقطع الطريق أمام الوحدة باقراها لقسمة مختلة , لاحظوا أنا لا استخدم قسمة جائرة لأن العرب تقول يداك اوكتا و فوك نفخ , و إياك اعني و اسمعي يا جارة!! إذ أنها كرست السلطة بين المؤتمر و الجنوب و لا أقول الحركة في هذا المقام!! و بالتالي لم تترك حتى أدني حيز مناورة أو ما تقدمه لأبناء الأقاليم الأخرى( و كلمة ولاية نفسها ما هي إلا تحريف لكلمة إقليم و التي هي أدق لأننا حتى الآن لم نري نفسنا و فق التقسيم الترابوي_العلي حاجوي. و هل نحن بحاجة ل26 ولاية و نحن لا نكاد نبلغ 35 مليون!! و أمريكا التي يبلغ تعدادها 350 مليون بمعادلة الحكم عندنا يجب أن تكون 260 ولاية و مجلس شيوخها 520. أما الهند فلابد أنها تحتاج لواحد غيغا(بلغة الكمبيوتر) من أعضاء مجلس الشيوخ وحده بلغة الكمبيوتر و لا تطلبوا مني حساب أعضاء مجلسها النيابي!! ) . و لعل هذا ما اعتمدته مستويات الحكم في الإقليم الجنوبي !! فمع أن موقفي من تمرد دارفور كان سالبا إلا أنني اعتقد أني قد بدأت أتفهم مطالبهم العادلة و لا أجد أفضل من فضيلة المراجعة للذات و الآخر. انتو معاي في كده؟! علي كيفكم!! إذن مأزق السودان أصبح هو إما الكونفدرالية لكل أقاليم السودان ,وهذا ما قصده السيناريو الصهيوامريكي , أو التضحية الكبيرة من قبل الحكومة و في هذا فكرة المؤتمر الجامع التي ظل يبشر بها الأمام الصادق لا يبدو كما تحاول الحكومة و الحركة إيهامنا بأنها قد فات أوانها( expired) بل علي النقيض لم تكن ملحة في يوم من الأيام كإلحاحها الآن . واكرر السؤال علي الحكومة ماذا بقي من القسمة لأهل الشرق و دارفور أن يفاوضوا عليه ؟ ماذا بقي؟ اقترح علي ثوار دارفور و الشرق أن يأتوا بجلابيبهم مكوية و متعطرين و يسمعوا طرح الحكومة !! فعلا هي أخذت كل شئ !! و هم ليس هناك ما يقدموه فمالهم و مالنا و طموح ربيب الترابي الثعلب الصاعد؟ و أنا كشمالي لازم أن أوضح بجلاء أن ذلك الطموح ليس هو لخدمة أهل الشمال!! فهم ليسوا من أخذوه ولا طلبوه في الأصل. و بالمناسبة راسلني من اعتقدوا أني انفصاليا و ذلك من الشماليين و الجنوبيين و الأخيرين لم يقصروا في شتمي و شتم ربعي !! و لكل من غاظه ما كتبت و ودّ لو يشتمني أقول له قد كُفيت. فقد قام بها أقوام من حملة الدكتوراه حتى حملة قدح المونة!!! و للشماليين الذين ربما أرادوا تنصيبي من منظري الانفصال و من دعاته أقول أنا لا اعدوا أن أكون مساهما بالتحليل في راهن السودان و ماضيه!! سوي أنني لا اخشي أن ( افحط ) أو أقود في أي مطب !! فالعبور لابد له من مطبات!!
أخيراهجمة مرتدة:
أطالب حركة التحرير أن تبعد الكاتب الرسمي باسمها اقصد الناطق الذي ما فتئ يتكلم ثم لا يقول شيئا !!أو أن تقوم الحكومة بتعيين الشاعر مصطفي سند المحسوب علي الحكومة أكيد,و الذي لا يستطيع فهمه إلا نفسه !!! و ربما المحجوب!! أن يلعب ضده man-to-man و ربما ينتج عن ذلك بيان برمائي مشترك !! و لكن خارج النص!!