تحليلات اخبارية من السودان
ترحب سودانيزاونلاين بجميع الاراء الحرة و المقالات لنشرها فى هذه الصفحة.ويمكنك لزوارنا الكرام ارسالها الى [email protected] كما نرجو ذكر الاسم الحقيقى و الكامل و مكان الاقامة مدة بقاء المقال فى هذه الصفحة 10 اعوام

تفاحة نيوتن وشحنة التفاح( جرأة وفساد .........ماشاء الله): بقلم: د/ عمر المؤيد / لندن

سودانيزاونلاين.كوم
sudaneseonline.com
9/1/2005 3:32 م

تفاحة نيوتن وشحنة التفاح( جرأة وفساد .........ماشاء الله):

منذ أن قام نظام الانقاذ بدا واضحا فقدانه للرؤيا الاقتصادية التي يجب عليه انتهاجها لانقاذ البلاد من وهدتها الاقتصادية التي دخلت فيها, كانت بوادر هذه الأزمة قد بدأت خلال فترة حكم الديكتاتور جعفر نميري التي عمرت في السلطة ستة عشر عاما تضخمت فيها ديون السودان الخارجية إلى 10 مليار دولار وامتدت واستفحلت مع فشل حكومات الديمقراطية الثالثة والتي كانت الجبهة القومية الاسلامية احداها في ايجاد حل لها. ومنذ اللحظة الأولى بدا واضحا اعتماد السلطة الجديدة على الشعارات البراقة التي لا تسمن ولاتغني من جوع, ويتذكر الجميع مقولة رئيس النظام عندما قال بأنهم أتوا الى السلطة حتى لايصبح سعر الدولار مساو لعشرين جنيها.و لكنه الآن وللأسف أكثر من مئة ضعف ذلك الرقم . ويتذكر الجميع أيضا تلك الشعارات الجاذبة التي كانت تعلق على لافتات في قارعة الطرقات (نأكل مما نزرع ونلبس ممانصنع) (من لايملك قوته لايملك قراره), غير أنه وبمرور الزمن اتضح حتى لأصحاب هذه الشعارات أنها جوفاء خاوية فارغة, وغير قابلة للتحقيق و خصوصا في ظل السياسات الخارجية الرعناء التي اتبعت والتي قامت على استعداء جميع الدول بلااستثناء. سياسات خارجية كان بطلها هو عراب النظام وشيخه حسن الترابي , الذي ظن غرورا وكبرا أنه هو الخليفة المنقذ لشعوب الأرض. فأورد بذلك قومه دار البوار. وأصبح المواطن يعيش معاناة إنسانية حقيقية عندما رفعت الدولة يدها من مسؤولياتها، مؤكدا هنا أن مسؤولية كل دولة تتمثل في تقديم خدمات الصحة والتعليم.

وفي سياق متصل مع المعاناة أعلنت الحكومة أنها سوف توقف الحرب وتحقق الأمن والاستقرار ولكنها فعلت نقيض ما أعلنت فقد انتشرت الحرب في الجنوب والشرق والغرب وأصبح ضحايا الحرب أكثر من 2 مليون شخص وزادت المعاناة الإنسانية وأصبح السودان أكثر المناطق في العالم معاناة حسب رؤية المجتمع الدولي والإقليمي والمحلي كما أعلنت حكومة الإنقاذ أنها تسعى لتوحيد أهل السودان ولكنها سعت لتفريقهم، وأصبحت تعاملهم حسب الولاء السياسي لا حسب المؤهلات والخبرة، كما انعدمت المساواة والعدل وانتشر الفساد والمحسوبة والتعدي على المال العام، وامتدت هذه التفرقة فشملت حتى أولئك الذين قاموا بالانقلاب فانشطروا إلى شطرين مؤتمر وطني ومؤتمر شعبي، أي أنها فتتت وحدة السودان كما أعلنت في بيانها الأول أنها سوف تسعى إلى تحقيق علاقات حسن جوار وإقامة علاقات دبلوماسية رفيعة ولكنها في باكورة حكمها قطعت علاقتها مع خمسة دول مرة واحدة وأصبحت تواجه تهمة الرق وانتهاك حقوق الإنسان والإرهاب من كثير من دول العالم خاصة أمريكا والدول العربية،

وشيئا فشيئا بدا واضحا أيضا أن هناك سمتين رئيسيتين تميزان الاداء الاقتصادي للطغمة الحاكمة ألا وهما الفساد والرغبة العارمة في احتكار السوق لتجارهم ورعيتهم دون غيرهم من فئات الشعب. ضرب الفساد أطنابه على كل قطاعات النشاط التجاري والاقتصادي , وفرد الاحتكار أجنحته مانعا التجار والصناع من غير المنتسبين لتيار الجبهة من ممارسة العمل, وبدا واضحا أن الوضع الاقتصادي يسير الى كارثة مرعبة, وفي خضم تلك الأحداث ظهر على المسرح الاقتصادي السيد عبدالرحيم حمدي , الرجل الذي يستعيذ بالله من سياساته كل سوداني عندما يسمع اسمه , ظهر هذا الرجل على المسرح الاقتصادي السوداني وظهرت معه نظرية الاقتصاد الحر وتعويم سعر الجنيه. وبدأت مسرحية مملة هزيلة عرفت بالخصخصة , حيث تم بيع الاغلبية الساحقة من مؤسسات الدولة للقطاع الخاص متمثلا في رجال الأعمال السودانيين والاجانب.

ولكن و للحقيقة فان مابدأه عبدالرحيم حمدي كان له ماقبله من ارهاصات, في بداياتها الأولى تم التلاعب من قبل الانقاذ على الشعب السوداني وتسويق وشرعنة مصطلح السوق الأسود والاحتكارات تحت مسميات أخرى, فعلى سبيل المثال تم تبديل كلمة السوق الأسود بكلمة التجاري , فحيث لا تجد الصنف الذي ترغب في شرائه في السوق العادي فانك يمكن أن تجده متوافرا في السوق التجاري و بسعر تجاري , وليست مبالغة القول بأن هذه الظاهرة امتدت لتصل حتى الى رغيف الخبز فأصبح هناك الخبز التجاري

في منتصف التسعينات حاول النظام في الداخل إظهار السودان كدولة بترولية جديدة لطمأنة المواطنين وتهدئة روعهم اثر الانتكاسات الاقتصادية الضخمة التي شهدتها البلاد , ولكن الحقيقة التي يجب أن تذكر هي أن السياسات الخارجية الغريبة فرضت على البلاد استجداء الشركات التي يمكن لها العمل في مجال استخراج البترول خصوصا وأن تلك الشركات كانت ستكون عرضة لعقوبات دولية محتملة ولذلك فقد كان من البداهة أن تقدم سلطة الانقاذ العديد من التنازلات لجلب الشركات التي ستغامر وتستثمر في البلاد وفي مناطق غير مستقرة . والتنازلات المقدمة في مثل هكذا مواضع ستكون تنازلات عن حصص مالية مقدرة ومعلومة .

وعدت الإنقاذ برفع المعاناة عن أهل السودان ولكن بعد مرور مايزيد على عقد ونيف ازدادت المعاناة وتزايدت الجبايات والأتاوات بدءا من دمغة جريح وشهيد ورهد وكنانة وفضائية ورسوم قدوم ورسوم مغادرة وضرائب وزكاة وعبور وصادر ووارد ورسوم محليات وترخيص ودعم دفاع شعبي ودعم قوات مسلحة بل حتى الزكاة تم التلاعب بأنصبتها (عياذا بالله) ، وانتشر الفقر والعطالة حيث وصلت نسبتها العاطلين عن العمل الى مايقارب 55% من اجمالي القوة العاملة السودانية، وانعدمت الخدمات والمشاريع التنموية، وللحقيقة فقد حاول النظام في السنوات الأخيرة إصلاح ذلك الخطأ. ولكن كان ذلك على حساب المواطن، فالخطأ عند هؤلاء القوم لايصحح الا بخطأ مثله وفي كلا الحالتين يدفع المواطن المغلوب على أمره ثمن الأخطاء .

وكما وعد رأس النظام أفراد الشعب بأن الدولار لن يصل الى عشرين جنيها فقد وعدهم أيضا بأن الرفاهية وبحبوحة العيش ورغده يهرولان في الطريق مسرعين ليحضنا الشعب السوداني, لقد سمعنا من قبل بأحلام ظلوت ولكننا لم نسمع بوعو ظلوت من قبل.

وعلى أي حال إذا لم يتحقق الحل السياسي الشامل فان الحديث عن الرفاهية سيعد ضربا من الخيال.

بينما يستعد البرلمان الجديد للانعقاد , يجد المواطن أنه لايملك كبير أمل في هذا البرلمان طالما أن نسبة أعضاء السلطة فيه تعد مقدرة جدا, وللحقيقة فقد تعد هذه هي المرة الأخيرة التي ينعم فيها وصوليو الاسلام السياسي في السودان بمثل هذه الأغلبية, ففي المستقبل يبدو أنهم لن ينعموا بها وحتى في أحلامهم.

غير أنه مادام هناك أعضاء من غير تنظيم الجبهة الاسلاماوية فانه من الأجدى مخاطبتهم والتحدث اليهم فيما يختص بالفساد وخطره الداهم على البلاد واقتصادها. ولنأخذ قضية شحنة التفاح التي كانت مثارة قبل أيام خلت في الخرطوم.

لقد اكتشف الفيزيائي الانكليزي الشهير نيوتن قانون الجاذبية الأرضية عن طريق تفاحة واحدة سقطت على رأسه من شجرة !!! ذلك القانون الذي غير وجه العالم . واليوم نجد أن شحنة تفاح كاملة محتجزة ولاتسمح لها سلطات الجمارك بالدخول الى السوق من غير سبب منطقي وقانوني. كما اكتشف نيوتن قانون الجاذبية عن طريق تفاحة فان الشعب كل الشعب يستطيع أن يثبت فرضيته التي ذهب اليها من فساد و عفن الطبقة الحاكمة في الخرطوم

وأدعو الجميع الى العودة الى مقال الأستاذ عثمان ميرغني عن قضية التفاح المحجوز في الجمارك, وفي تلك القصة يجب علينا أن نلاحظ شيئين اثنين, أولهما أن الأوامر صدرت الى مدير الجمارك شفاهة وليست كتابة , والسؤال هو, لماذا؟؟ لماذا تصدر الأوامر شفاهة , هل خاف الذي اصدر الأوامر من أن يكتبها لتصبح دليلا ضده؟ وثاني ماينبغي علينا ملاحظته هو أن وزارة التجارة الخارجية ووزيرها عبد الحميد موسى أوضحوا أنهم لامشكلة لديهم مع هذا التقاح ؟؟ ان الأمر واضح جدا , وللأسف قد يكون مثيرا للريبة والدهشة. ان وزارة التجارة الخارجية هي الجهة الوحيدة المخول لها النظر والفصل في هذا الشأن. فلماذا يرفض السيد مدير الجمارك تحديد اسم الشخص الذي أصدر الأوامر بمنع ادخال الشحنة. ان هذا الشخص الذي أصدر الأوامر مفتتيء على السلطة وتجب محاسبته.

ان ما تم في قضية التفاح يشبه الى حد كبير ما كان يتم على مدى الستة عشر عاما الماضية , حيث يفتح باب الاستيراد لسلعة معينة لفترة يستطيع خلالها تجار الجبهة ادخال سلعتهم ومن ثم يقفل الباب في وجه باقي التجار. ان هناك تجارا بعينهم احتكروا استيراد الفاكهة والخضر من دول الانتاج, وبذلك فانه من غير المباح لغيرهم أن يلجوا الى هذا السوق , والعديد من هؤلاء التجار هم اما اقارب لمتنفذين أو على صلة قوية بهم بحيث يستطيع هؤلاء التجار المحتكرين لمجال تجارة الخضر والفاكهة أن يستغلوا هذه العلاقة لعرقلة أعمال غيرهم. أن ماتم في قضية التفاح يشبه ما تم في قضية طريق الانقاذ الغربي.

غير أن أكثر مايثير الدهشة والطرافة كانت قوة عين رجل القانون والنظام الذي استضافته احدى القنوات المحلية والذي أخذ يوجه الاساءات الى الضيف المقابل له بطريقة تثير الاشمئزاز, ان دلت فانما تدل على صحة ماذهبنا اليه.

ان كان هناك من عدو وخطر على البلاد وأمنها ووحدتها فهم الفسدة والمفسدون , مستحلي الحرام وأهل الرشى آكلة قوت الشعب, خلال الستة عشر عاما الماضية توافرت الكثير من المعلومات عن عدد كبير منهم والبعض الآخر حامت حوله الشبهات ولذلك فان من أولى الأوليات في المرحلة المقبلة ستكون مكافحة هؤلاء القوم وجلبهم الى سوح العدالة والقضاء.

ان المتهمين في قضايا الفساد والجرائم ضد الوطن والمواطنين شرقا وغربا شمالا وجنوبا ووسطا ستتم ملاحقتهم باذن الله داخليا وقد ربما خارجيا أيضا, فهم لن يفلتوا باذن الله. هناك أسماء بعينها هي مطلوبة ,مطلوبة الى العدالة. وعلى السادة نواب الحركة الشعبية والشرفاء الآخرين أن يطالبوا بفتح ملفات الفساد, وتطبيق قانون من أين لك هذا؟

لقد درج النظام في السودان , على اطلاق عبارة :( نحن مستهدفين ), على مدى تسعينيات القرن الماضى .وحتى الان. لم يحاول أحد من أفراده أن يسأل نفسه لماذا نحن مستهدفين ؟ ولندع جانبا قصة المشروع الحضاري والمسيرة القاصدة فهذه أمور أكل الدهر عليها وشرب , فالأمر أصبح أكبر منذ لك بكثير, أكبر من امكانيات النظام وعنترياته. فليتعظ كل أفراد النظام قبل أن يأتي يوم يقول أحدهم فيه للآخر : انج سعد فقد هلك سعيد.

متعكم الله بالصحة

د/ عمر المؤيد / لندن

--------------------------------------------------------------------------------

للمزيد من االمقالات

للمزيد من هذه الاخبار للمزيد من هذه البيانات و المنشورات
الأخبار المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع


| اغانى سودانية | آراء حرة و مقالات | ارشيف الاخبار لعام 2004 | المنبر العام| دليل الخريجين | | مكتبة الراحل على المك | مواضيع توثيقية و متميزة | أرشيف المنبر العام للنصف الاول من عام 2005

الصفحة الرئيسية| دليل الاحباب |English Forum| مكتبة الاستاذ محمود محمد طه | مكتبة الراحل المقيم الاستاذ الخاتم عدلان | مواقع سودانية| اخر الاخبار| مكتبة الراحل مصطفى سيد احمد


Copyright 2000-2004
SudaneseOnline.Com All rights reserved