تحليلات اخبارية من السودان
ترحب سودانيزاونلاين بجميع الاراء الحرة و المقالات لنشرها فى هذه الصفحة.ويمكنك لزوارنا الكرام ارسالها الى [email protected] كما نرجو ذكر الاسم الحقيقى و الكامل و مكان الاقامة مدة بقاء المقال فى هذه الصفحة 10 اعوام

لماذا تُغيَّب أشواق السودانيين عن كل ميزانية؟ وزارة المالية العزف المنفرد الأبدي!!!!! (2_2) بقلم: مصعب احمد الأمين

سودانيزاونلاين.كوم
sudaneseonline.com
10/4/2005 10:35 م

الاشتراكية لم تنتهِ في السودان بعد......

لماذا تُغيَّب أشواق السودانيين عن كل ميزانية؟ وزارة المالية العزف المنفرد الأبدي!!!!! (2_2)

مصعب احمد الأمين [email protected]

قلنا في الجزء الثاني أن السياسات الاقتصادية في السودان مرت بعدة ادوار و إن ابلغها أثرا علي التخطيط الاقتصادي, كان هو الفكر الاشتراكي. و قلنا أنه حتى بعد انتهاء الفترة الاشتراكية من حقبة مايو مازلت الاشتراكية تتبدي في حياتنا الاقتصادية حتى يومنا هذا.

و اليوم نواصل الحديث لنجيب علي سؤال العنوان لماذا تُغيَّب أشواق السودانيين عن كل ميزانية؟

كما أسلفنا و نتيجة للتوصيف الاشتراكي للسلع و الخدمات , بنيت أسوار عالية بين أي إصلاح محتمل للاقتصاد , خاصة إذا نظرنا للأشخاص الذين مروا علي وزارة المال و التخطيط. فندر بينهم من يحمل نظرية أو قل حتى نظرة متكاملة لما يجب أن يكون عليه شكل الاقتصاد السوداني . جراء ذلك اتسمت مشاريع الإصلاح الاقتصادي بالمعالجات الجزئية لبعض مضاعفات الازدواج الذي بسطنا القول فيه في المقال السابق.

و أهم جانب في تقديري من أوجه الأزمة , هو الجانب الذي يتعلق بزيادة الأجور و تركيز الأسعار. إذ ظلت النقابات و الحكومات في حالة خلاف دائم حول تحديد الحد الأدنى للأجور. كأنما هو القضية الفعلية لمعالجة تشوهات الاقتصاد.

لكن من المنظور الذي قدمناه , نخلص إلي أن كثيرا من العنت و الضيق الذي نمر به و الذي يعرف الصغير و الكبير تداعياته اليومية , نري انه في قسمه الأكبر مفتعل . أو من باب لزوم ما يلزم!! فكثير من الشقاء الواقع علي الناس ليس مصدره كله تدني الأجور: و لكن تدخل الدولة السافر في رفع أسعار السلع عن مستواها العالمي ( أي في حدود المقبول لجهة فرض الجمارك و الضرائب) . فأصبح المواطن السوداني يدفع قيمة هذه الجمارك مما أنهك دخله الضعيف أصلا. إذ المفترض أن تكون المقدرة الحقيقية علي الشراء للمواطن : هي عين ما يساويه مدخوله مخصوما منه الأعباء الجمركية و الضريبية الهائلة. فمثلا يمكن أن نتتبع القدرة الفعلية للشراء وفق مقارنة بسيطة تفترض متوسط الدخل في السودان قياسا علي قدرتها الشرائية في أسواق قريبة منا لا تقع عليها نفس الأعباء الجمركية و الضرائبية . سوف لن نجد صعوبة في معرفة أن القسم الأكبر من معاناتنا هو في الواقع من صنع الحكومات التي تعاقبت بعد نهاية الفترة الاشتراكية( أنا أشبهها بشجرة المسكيت التي لم نستطع نزعها من جسم التخطيط الاقتصادي في السودان ).

لذلك أرى أنه مهما رفع الحد الأدنى للأجور أو ارتفعت قيمة الدينار السوداني أمام العملات الأخرى , ستمتص الجمارك و الضرائب ( اكبر مسبب فعلي لغلاء الأسعار و الندرة في السودان) كل قوة مرجوة من ارتفاع القوة الشرائية للعملة السودانية. لذلك لا يهتم الناس لرفع الحد الأدنى للأجور أو ارتفاع معدل تبديل العملة الوطنية أما العملات الأجنبية , بقدر اهتمامهم بزيادة قدرتها الشرائية الفعلية . لذلك بدل التركيز علي رفع سعر العملة في الفترة المقبلة , وبدلا عن زيادة الأجور , يكفي أن ترفع الحكومة يدها عن التدخل في تحديد السعر بفرض جمارك و ضرائب لا لزوم لها في ظل نظام تنافسي حر لا تلتزم الدولة فيه بتوفير النقد الأجنبي لتمويل السلع. تاركة ذلك لقوي السوق و التي لديها المقدرة علي استقطاب النقد الأجنبي دون الضغط علي احتياطي النقد الأجنبي لدي الحكومة.

لذلك أري أن الدولة تضيع كثيرا من الوقت و الجهد في المحاولات الجزئية لرفع المعاناة التي صنعتها هي في الأساس . و كذلك رأينا كيف مشروعات مكافحة الفقر لم تجدي نفعا كثيرا و لم يري لها احد أثرا لأننا ببساطة بين أكثر الدول في العالم التي تعاني من انخفاض مقدرة عملتها الشرائية. فلتبدأ الدولة أولا برفع العبء الذي فرضته أولا. ثم تتجه بعد ذلك في مشروعات الرفاه و مكافحة الفقر.

و يكفي أن نذكر لمن يجهلون حجم الرساميل السودانية المهاجرة , أنها قدرت ب 60 مليار دولار و ذلك سنة 1986م ( أعلن ذلك السيد الصادق المهدي آنذاك أيام رئاسته للحكومة السودانية, و إن لم تخني الذاكرة كان ذلك عقب أو إبان المؤتمر الاقتصادي) . كم هو يا تري حجمها الآن في ظل تطور مستمر استمر لعشرين سنة؟ و كم هي الأموال الفعلية التي هاجرت بعد ذلك التاريخ؟

إذن بوضع الأمور في نصابها و بكفّ يدها الدولة عن التدخل و بالنظر لتقلبات السياسة العالمية , يمكن أن يصب ذلك كله في عودة رأس المال السوداني المهاجر. و من ثم يجئ استقطاب المال الأجنبي في المقام الثاني.

يعجب المرء من كثرة فرض الحكومة للضرائب و الجمارك و من ذلك الضرائب التي تثقل كاهل المغتربين السودانيين و التي تحول بين عودة الكثيرين حتى لزيارة ذويهم . و يمكن أن تفهم هذه المعاناة بشكل جيد إذا نظرنا فقط للجارة مصر . فهي تحفظ لعامليها في الخارج وظائفهم و حتى ترقياتهم مع رصفائهم. و كذلك الديوان المسمي ديوان الزكاة و الذي هو ليس إلا مصيدة من مصائد جباية المال في أحوال ليست بالقليلة من غير وجه حق كما كتبنا في مقال سابق لم يرد عليه الديوان مع انه نشر في مواقع بعضها حكومي أو محسوب على الحكومة . و سأزود القارئ بالجزء المتعلق بالزكاة دون تغيير:(( ديوان الزكـــاة و الحكم بغيــر ما أنزل الله:

نقول و لا نخشى في الله لومة لائم , إن منهج ديوان الزكاة في جبايتها لزكوات المغتربين تنافي الشرع و تفارقه من عدة وجوه:

أولا : تقدير الزكاة حسب الدخل من قبل الديوان لا يجوز. لأن الصرف هو ما يحدد الدخل الذي تجب زكاته . فمن لم يتوفر علي أي دخل سقطت عنه الزكاة . بل قد تجب له الزكاة كحال الكثيرين الذين يمرون بإعسار أثناء رجوعهم لبلادهم أو حتى في مهجرهم .

ثانيا: معلوم لكل ذي بصيرة إن المغتربين ما أخرجهم _ شيبهم و شبابهم _ إلا الفقر و عدم القدرة علي شراء دار و بناءها أو إحصان فرج لعدم القدرة علي الزواج . و معلوم أن الإنفاق علي هذه الأشياء مما يهلك المال و لا يبقي من النصاب كما يحسبه الديوان. إذن نقول أما استحلال الفرج في الشريعة فهو بالصَداق و ليس الزكاة!! و أما دار السكن فلا زكاة عليها فمن أين يأتون بهذه التقديرات.

ثالثا : ابتلي أهل السودان _ سوادهم الأعظم _ بالفقر و يعمد المغتربون إلي الإنفاق علي من تجب عليهم نفقته كالوالد و من يعول و علاجهم و هذا يأخذ بكثير من دخلهم فهل هناك زكاة علي من انفق علي و والديه.

رابعا: غير أن هناك من الميسورين ممن تتراكم ادخاراتهم .و بالتالي معرفة هذه الأموال و زكاتها ليست بتقدير الديوان بل بإقرارهم هم . فهل يبغي الديوان فتنة هؤلاء !!! أرجو ألا يأخذ الديون من كلامي إلا النقطة الرابعة!!

خامسا : إن هذا الأمر دين فلا مصلحة بلد و لا ضرورة تسوغ الانحراف عن الثابت من القرآن و السنة ابتغاء تكثير مال الديوان . فاله اغني الأغنياء و لكن شرع الزكاة طُهرة و ليس كما يريد الديوان سخرة.

ختاما فإني كتبت ما اعرف عن زكاة المغتربين مما خبرته طوال سبع سنوات الله يشهد أني لم ابلغ نصاب زكاة و مع ذلك غصب مني الديوان باسم الزكاة ما إن اضطرت مرة أن استدين لتسديده . فوالله والله لا نسامح في ذلك أحدا ممن شرَّع في دين الله ما لم يأذن به أو حتى ممن قبض . و نقول لهم عند الله تجتمع الخصوم. ))

و تعجب أكثر إذا وقفت علي مقولة للإمام علي رضي الله عنه في رسالة لحد عماله في الأمصار: يقول له موصيا: " و ليكن نظرك لعمارة الأرض ابلغ من نظرك لخراجها " و نختم به للتأمل _في أيام رمضان العطرات_ في نظرة اقتصادية أرساها الدين الإسلامي الحنيف منذ ما يزيد علي الأربعمائة عام. و نحن كمسلمين ملزمين بها بعد تحقيق نسبتها للإمام علي رضي الله عنه , لأن الرسول عليه الصلاة و السلام يقول عليكم بسنتي و سنة الخلفاء الراشدين المهدين من بعدي, عَضُّو( أيها المسلمين فالخطاب لنا بصيغة الأمر) عليها بالنواجذ .

و ختاما أعتقد أن الميزانية ستكون بعيدة عن أشواق السودانيين : طالما سيطرت النظرة المحاسبية الصرفة في التخطيط الاقتصادي . و ستستمر وزارة المالية في عزفها المنفرد لمقطوعة سمجة تأبي أن تنتهي. و حتى تتعلم الحكومة فن الاستماع و مهارة المقارنة و تعرف فضيلة الرجوع لحق و تؤمن بجدوى بناء قاعدة بيانات للفقر و تفتح صدرها لنقد و حتى القاسي منه سنراوح مكاننا في انتظار ( قودو) كما في مسرحية صمويل بكيت ( Waiting for Godo ) . تقبل الله منا و منكم الصيام و القيام.



للمزيد من االمقالات

للمزيد من هذه الاخبار للمزيد من هذه البيانات و المنشورات
الأخبار المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع


| اغانى سودانية | آراء حرة و مقالات | ارشيف الاخبار لعام 2004 | المنبر العام| دليل الخريجين | | مكتبة الراحل على المك | مواضيع توثيقية و متميزة | أرشيف المنبر العام للنصف الاول من عام 2005

الصفحة الرئيسية| دليل الاحباب |English Forum| مكتبة الاستاذ محمود محمد طه | مكتبة الراحل المقيم الاستاذ الخاتم عدلان | مواقع سودانية| اخر الاخبار| مكتبة الراحل مصطفى سيد احمد


Copyright 2000-2004
SudaneseOnline.Com All rights reserved