تحليلات اخبارية من السودان
ترحب سودانيزاونلاين بجميع الاراء الحرة و المقالات لنشرها فى هذه الصفحة.ويمكنك لزوارنا الكرام ارسالها الى [email protected] كما نرجو ذكر الاسم الحقيقى و الكامل و مكان الاقامة مدة بقاء المقال فى هذه الصفحة 10 اعوام

الانتاج الثقافي السوداني حبيس الخاطر و جدلية السلطة و المثقف . بقلم:أ / احمد يوسف حمد النيل - الرياض

سودانيزاونلاين.كوم
sudaneseonline.com
10/31/2005 7:02 ص

الانتاج الثقافي السوداني حبيس الخاطر و جدلية السلطة و المثقف .

لا يثاورني شك في درجة احساس الانسان السوداني و ذوقه وانهما من درجة عالية
. بدليل ان السوداني يتذوق كل شي و يمكنه ان يتحدث عن كل شيء . لم اكن يوما كاي
واحد من افذاذ بلادي و لكني امتلك حسا يكفيني و لكنه في بعض الاحيان لا يلبي
طموحي . فلا اشبه نفسي باحد الكتاب العالميين و لكن بلا جدوى لانني ما زلت
يافعا في مجال الاداب والفنون فالاحساس موجود لكن ينقصني الحرية و التجربة
القوية الصامدة . ينقصني تشابك المعرفة و غزارة العلم . و لو ان المناهل
العلمية و الحياة الحرة متوفرة لما كان عدد النقاد المنظرين يفوق عدد الكتاب في
بلادي . لو كثرت المناهل التلقائية و الثقافة الطليقة المتانقة ذات الطابع
الجلالي الذي نحترمه و المليئة بالحس التواق و الحنين الدافيء و المعاني
الوجدانية الراقية . لاصبحت الحياة بثوب ابيض جميل ما يميزه هو سر تلالؤه و
حركته الحريرية .و لاصبحت سرا لايعرفه الا من يحسه او حلما جميلا تعشه لحظة
حدوثه . ثم تمتليء الحياة بالسهولة . لماذا تكون الحياة صعبة و معقدة ؟ اصحاب
الاحاسيس المفرطة يسالون و يستنكرون !! و اصحاب العقول الزائفة و الوصوليون
يجيبون : لان الحياة هي مصالح و زي ما يقول المثل السوداني : " لو غلبك سدها
وسع قدها " . هؤلاء هم الذين قد جلبوا لنا من الثقافة القشرية ما جلبوا و
جلبوا لنا بيزنطية الجدل وسفسطائيته ما بين السلطة و المثقف . اذا اردت ان تعش
حياة جميلة و ناعمة فاسلك طريق الفنون . حتما ان ليس كل من يمشي على ظهر
البسيطة هو بشاعر او فنان و لكنه انسان حساس لا يفوته الاستمتاع بجماليات
المدرك البصري و الاحساس بقيمته وهذا لعمري هو الذوق كله . الكذابون هم الذين
لوثوا قلوب الاطفال و المجرمون هم الذين سرقوا روعة الزمن الفلاني . مرة اخرى
ارجع لسرد علل المثقف الحالي و هشاشته ان كان منتجا او متلقيا لا يفرق لان
العلاقة وطيدة و الانفصام منبوذ بينهما . اذا كان المثقف السوداني يلتحف الثرى
من كثرة اللهاث من الجري وراء احساسه الاعزل كي يثبته و يجعل له كينونة فيسحس
بالراحة و الامان . اصبح المثقف عندا انطباعي قاريء لما قراه الذين سبقوه و
جارى في طريقهم . اخبروني بالله عليكم اين الثقافة و اين المنتجة حاليا ؟
الخرطوم عاصمة الثقافة العربية لهذا العام ؟ هل هي كذلك ام ان المجاملة بين
الاخوان العرب دأبوا ان يعطوا كل عام هذا اللقب لدولة . هذا الاسم الخجول و هذه
التظاهرة الخجولة . اسالكم بالله اخواني ان كان لدينا مائة او مائتين او
ثلاثمائة من الكتاب الذين صدرت لهم كتب هذا العام في اي بقعة كانت ؟ ان كان
الجواب نعم فااتوا بهم . الا يدل على التناقض ان لا يحفلوا بشعر او ادب الكتاب
الذين منعوا من ديارهم عنوة و اقتدارا مثال ذلك " الطيب صالح " الاديب البارع و
الذي طبعت كتبه بعدة لغات كونية و هو الان يرفع اسم السودان عاليا . عندما جاء
هذا الشرف الزائف انا لا اقول ذلك لعدم احترامي للخرطوم او الشعب السوداني . بل
السودان كقطر و ككينونة له الاف الدرر في دواخلنا اينما حللنا و لكن اقصد هنا
الذين يديرون اصابع اللعبة في الخرطوم . الم يكن ذلك كلعب الاطفال ان تطرد احدا
من بيتك ثم تاتيه بلا اعتذار ان يقيم لك حفل بحكم انه فنان و انت محتاج له .
لكن الطيب صالح و غيره كثيرون طردوا من بيتهم بسبب سو المعاملة و سو السمعة .
ايعقل ذلك ان تطلب منهم العودة حتى يشرفوا وجهك لا وجه السودان في المحافل
الدولية . وهم قد علموا ذلك لكنهم جاءوا من اجل السودان من اجل الحب للوطن من
اجل الوفاء للاهل للارض . و هؤلاء غير محتاجين لتلميع لكنهم قد لمعوا اسم
السودان بانتاجاتهم العالمية . انا كسوداني لدي احساس يتغلب علي في ان اكتب و
لكنني اجده حبيس الخاطر لانني لم اعد اقتنع بثقافتي المتواضعة و لم احفل
بالرجوع الى بلدي الا ليحفل بي اهلي و اسرتي الصغيرة . لم اعد ارنو الى
السودان كمحطة ثقافية كاي عاصمة اخرى . اسم الخرطوم في حد ذاته له رنين في باقة
العواصم العربية لكن ذلك الرنين لم يبقى الا حنينا نشتاق اليه و نقتات من
حشايانا عندما نبكي عليه . و اصبحت نستولوجية الذاكرة تذكرنا بالاندلس المجد
الرائع و لكنها الان هي " اسبانيا" هي تلك الدولة الراقية . هل هي دولة مسروقة
من العرب؟ اذا كان هذا صحيح اذا لماذا لا نقول ان الخرطوم قد سرقت من افكار
الانجليز و رغم قصر اقامتهم في بلادنا ؟ لماذا لا نسرق الاداب الانسانية
العالمية و خاصة الاداب الانجليزية و التي اكثر الشعوب العربية و عيا لها هي
بلادي و شباب بلادي المشتتون في اصقاع الارض و اقاصيها . انا في كتابتي هذي لا
اتذلل لاحد ما بيده السلطه ان يعيد شباب السودان الى وطنهم و لكن اريد منهم ان
يرفعوا ايديهم عن الثقافة السودانية و ليدعوا العطب للشباب السوداني ليصلحه .
ما دفعني لكتابة هذا الموضوع هو انني بالصدفة فتحت قناة السودان الفضائية و
تابعت برنامج اسمه " سهرة الاحد " في الحقيقة انا لا اريد ان اتحدث عن البرنامج
في حد ذاته و انما عن المحوى و المضمون لما يعنية البرنامج و بما يحمله من
تداعيات للثقافة السودانية في طريقة السلوك الذي لا يليق بمثقفي السودان من هرج
و مرج من ادارة الحوار وادبيات الحوار و ان ينتحي الحوار في نهاية الامر الى
حوادث شخصية و اتهامات شخصية . وقف فيه بعض الشباب امام الشيوخ المحترمين
مندفعين و بهم كبرياء . وانا اعتقد ان تضخيم الذات لم ياتي الا من فراغ الساحة
الثقافية من محتويات الثقافة و حوافذها و معيناتها . ان ماجرى في التلفزيون
السوداني في سهرة الاحد السابع و العشرون من رمضان لهو كفيل بان يجعلنا ان نقول
" الطشاش في بلد العمي شوف " و كما ذكر احد الممثلين ان الناقد الادبي و الفني
في السودان لم يملك قط ادوات النقد الحقيقية او بعض الكلمات الفنية . ايضا
كما اضيف انه ليس هنالك مواعين نقد حقيقية كالصحافة الناقدة المتخصصة . بل هو
نقد دكاكيني للذين يسترزقون من العمل الصحفي ان ضاقت بهم ابواب الوزارات . عجبا
ان اسمع هذا الكلام اذ ان المجال الاعلامي في السودان و في نظر المتسلطين ما هو
الا عمل
يكثر فيه الابواغ من اجل ايصال رسائلهم القاتلة والفاتكة بالمجتمع . فالثقافة
اليوم اصبحت طبق من ذهب و لكن في مكان عالي لا يلمسه الا التابعون . ان التحكم
في ذاكرة الشباب و الاطفال لهو جريمة كبرى و خاصة لو كانت من قبل حزب ما او
جماعة ما . لان التحكم فيهم صغارا يجعل ذاكرتهم في المستقبل موالية لمن تحكم
فيهم. فتصبح ثقافتهم ثقافة الشوارع الثقافة المقنعة كما انهم لا ينجبون الا
فاتكا جبارا بالمجتمع . لان المثقف الذي كسب ثقافته عن وعي و ادراك مع اصالة
الضمير تتوفر لدية الشفافية الكاملة . الم يكن الادباء اشبه بالرسل ؟ يرون ما
لا يرى الناس و تسبق احاسيسهم اعمارهم و عقولهم فيتنبؤن بما في جعبة المجتمع
من ابداع و ثقافة . هذا غير انهم يعطرون حياة الناس بعالم من الفراديس . الم
يكن الفنان المرهف هو الذي يشتم رائحة الفردوس ان كانت في الحياة الدنيا او في
الاخرة و هو الذي يجلب انفاس الرياحين في شعره و رسمه وقصه ؟ ان الفردوس بلا
اشجار شيء حزين و بلا غدير شيء مبكي و بلا انسان شيء مفجع . الان بعدما ان
تلمسنا سويا من خلال هذا السرد المتنوع نريد ان نتلمس الصدق حتى تصبح ارضنا
البلقع خضراء سندسية . و حتى لا تفر عنا ملائكة الوحي الالهامي دعونا ان نكون
صادقين محبين لوطننا نغير على اخوتنا . كلنا يخطا فليعترف الذي جعل الثقافة
عندنا حبيسة الخاطر و البال و لا يكون جزاه الا السماح ولنجعله حقبة مظلمة من
مراحل الهزيمة التي اجتاحت اجسادنا و عقولنا حتى اصبحنا كسالى و نعمل بلا يقين
و دوافع فطرية .
و هنالك شيء اخر جعلني اعقد المقارنة هو عندما شاهدت حلقة من مسلسل " نزار
قباني" اجتاحني الشعور بالغضب و اكلتني نار الغيرة على هذا العمل المتكامل و
الحوار الوثيق و الموضوع الثر الغني
هذا العمل السوري يدل على قوة الانتاج الثقافي ؟ و لماذا كان هذا العمل هكذا ؟
تضافرت عدة شواهد جعلت من العمل قوي : البيئة التي يستقى منها العمل ليست فقيرة
بيئة انجبت مثل نزار قباني و غيرة من ادباء سوريا . و رغم ان كل الدول العربية
تتشابه و لا تنفك من عقدة السلطة و الجلاد و لكن بعض السوريين هاجروا حفاظا على
حريتهم في بلاد المهجر فكان ادب المهجر الذي اغلب شعراؤه و ادباؤه من بلاد
الشام . لم اكن طماعا لا اريد من الكتاب السودانيين ان يهاجروا لان الهجرة في
حد ذاتها في السودان مشكلة . لكن اريد من الكتاب ان يفرك كل واحد دواخله كي
تتطاير من ثناياه شظايا روحه المهيضة الكسيحة . و ليدخل من جديد مشفي الامراض
الروحية ليجدد نشاطه ثم يطير كطائر شريد ينعم بالحرية ويشتم رائحة الفردوس لان
الذي يمنع من تصاوير الفردوس و جلب اخيلتها قد منع من الحق الطبيعي و هو التوق
الي الفردوس بنظرة اعتبار و فكرة مسبقة و علم يقين . فالذي يقال له انت اديب و
شاعر او حتى متذوق ثم يوضع في كنبة الاحتياط للاعبي كرة القدم لهو سخف .
فالمثقف حبس نفسه و ارتضى عندما بهر بهذا المنصب في بلد فيه الناس يبيعون القلم
بارخص الاثمان و المثقف الذي يقول الحق ما له إلا رصاصة تستقر في ذهنه اما فاق
منها و ذهب في الطريق المستقيم و اما مات ولم تبكي عليه الا طيور الاشباح . و
راح صاحبنا في خبر كان ،،، وانتهى الجدل بين السلطة و المثقف.


بقلم :

للمزيد من االمقالات

للمزيد من هذه الاخبار للمزيد من هذه البيانات و المنشورات
الأخبار المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع


| اغانى سودانية | آراء حرة و مقالات | ارشيف الاخبار لعام 2004 | المنبر العام| دليل الخريجين | | مكتبة الراحل على المك | مواضيع توثيقية و متميزة | أرشيف المنبر العام للنصف الاول من عام 2005

الصفحة الرئيسية| دليل الاحباب |English Forum| مكتبة الاستاذ محمود محمد طه | مكتبة الراحل المقيم الاستاذ الخاتم عدلان | مواقع سودانية| اخر الاخبار| مكتبة الراحل مصطفى سيد احمد


Copyright 2000-2004
SudaneseOnline.Com All rights reserved