تحليلات اخبارية من السودان
ترحب سودانيزاونلاين بجميع الاراء الحرة و المقالات لنشرها فى هذه الصفحة.ويمكنك لزوارنا الكرام ارسالها الى [email protected] كما نرجو ذكر الاسم الحقيقى و الكامل و مكان الاقامة مدة بقاء المقال فى هذه الصفحة 10 اعوام

من حزب الله الي حزب البعث مرورا بالخاتم-وراق. بقلم: عبد العزيز حسين الصاوي

سودانيزاونلاين.كوم
sudaneseonline.com
10/3/2005 2:04 م

من حزب الله الي حزب البعث مرورا بالخاتم-وراق
عبد العزيز حسين الصاوي
هذه حزمة خواطر .. مقال اسبوعي اخير بمناسبة الانتقال الي الشهري ضمن هذه الاستجابات المتواضعة لدعوة الاضواء في مرحلتها الجديده. هي خواطر مشتتة لان هذا الانتقال يصاحبه انتقال شاق ومعقد من بريطانيا الي ( ماتبقي من السودان ) . علي ان هذا ليس هو السبب الوحيد او الاهم للاقتصار علي الكتابة الشهريه .. قناعة القلم وصاحبه كانت منذ مدة ولاتزال ان معين الافكار لديه قد نضب. وهذا ايضا اعتذار حار للصحفي النابه عبد الواحد ابراهيم الذي اقترح حوارا.
الدنيا العربية، دنيا الحضارة التي قادت الغرب من القرون الوسطي الي عصر التنوير، تنتج الان امضي انواع الممانعة ضد النهضة والتحضر ممثلة في طوابير لاتنتهي من شباب التكفير الانتحاري. هذه الدنيا تعقدت بدرجة لم يعد لانصاف المفكرين والمثقفين قدرة المساهمة في فك طلاسمها الا بعد تردد يدوم الي الابد .. لنأخذ ، علي سبيل المثال، موضوع الساعة عربيا وهو المقاومه وعلاقتها بالاستناره . العلاقة بين تحرير الوطن والارض من جهه وتحرير عقل الفرد وطاقاته الابداعية من جهة اخري. فيما مضي كانت الاولي تقود الي الثانية بسلاسة ومباشره. في السودان وغيره كانت حركة الاستقلال الوطني ضد الاحتلال هي الوجه الاخر لحركة النهضة الاجتماعيه والفنية والادبية والفكرية والعلمية الحديثه لان هذه الحركات كانت تحالفا عريضا مفتوحا للامام. بيد ان حركات التحرير الان ملتزمة بأيدولوجيات محدده وهي الي ذلك ايدولوجيات شموليه والي ذلك شمولية دينيه. الي متي اذن سنؤجل السؤال حول مدي استنارة المقاومة الفلسطينيه ( حماس + الجهاد الخ .. الخ.. ) واللبنانيه ( حزب الله ) والعراقيه ( بن لادن + البعث العراقي الخ ). هل نحرر الوطن لنجعل منه بعد ذلك محرابا نتعبد فيه لخراب طالباني جميل ؟ لعل الامر لن يصل الي هذا الحد ولكن من يملك ان يمنعنا من التساؤل عن مصير نضال استمر منذ ايام قاسم امين ومحمد عبده لتحرير المجتمع من دونية نظرته للمرأه في صلتها الوثيقة بكيفية تفسير النصوص الدينية، اذا لاحظنا ان احد الجوامع بين هذه المقاومات هو الارتداد لاعتبار شعر المرأة وذراعيها عوره ؟ والقول الاعم وراء هذا السؤال هو : هذه المقاومات حركات عقائدية لها فهمها الخاص للدين والديموقراطيه والمرأة والموسيقي ومايأكل المسلم ومايلبس و..و.. ومن واجبنا ان نشير الي خطورة هذه الافكار بأصابعنا العشره قبل ان نمنحها تأييدنا... حزب الله اللبناني، اكثر هذه المقاومات العربية بروزا من حيث الانجاز التحريري، هو الحركة التي بدأت هذه المهمة بالتصفية، العنفية احيانا، للمقاومات اللبنانية الوطنية والشيوعية كما انها تبني علي ارض جنوب لبنان وضاحية بيروت الجنوبيه مجتمعا وراءه عقيدة " ولاية الفقيه " التي هي النسخة الخمينية لعقيدة ظل الله علي الارض التي حكمت اوروبا القرن الخامس عشر وماقبله. الشيخ حسن نصر الله، هذه الكريزما التي تمشي علي رجلين، هو النقيض الفكري للمرجع اللبناني الشيعي المتفتح الشيخ حسن فضل الله بالضبط حول هذه النقطه... محمد خاتمي حاول التململ علي هذه العقيده ولكن قبضة تلاميذ الخميني وخلفاؤه علي عقول الناس التي تركها لهم المثقفون الايرانيون خوفا من شعارات " لاصوت يعلو فوق صوت المعركة ضد الاستكبار " هزمته فتراجع وتراجع و..
الخاتم ووراق
هذه نوعية القضايا التي تصيب القلم بالتردد ولكن من دواعي ذلك الاخري المصادفة الحزينة التي جعلته يحل في موقع الثلاثاء الاسبوعي محل مقال الخاتم عدلان اثر توقفه - المؤقت دون شك - عن الكتابه. الخاتم هو واحد من اسماء قليلة يستطيع المرء ان يسبقها بلقب مفكر دون مجاملة او مبالغه. اما وقد وضعتني الاقدار امام قراء الاضواء في موضع مقارنة انا خاسر فيها بالتأكيد فأنني مصمم علي ( تقليل ) هذه الخسارة بعرض خاطرة ذات صلة بكيفية تعظيم دور الخاتم عدلان.
الحاج وراق هو الاسم الثاني الذي يقف علي نفس المستوي. كلاهما مفكران سياسيان من الدرجة الرفيعه يستندان الي ثقافة متنوعه وعميقه وتجارب عملية ثرة ومرشحان لدور قيادي في عملية استرداد العقل السوداني من دياجير ظلام الغيبيات التي توغل فيها خلال ربع القرن الاخير تقريبا. بلدنا اصبح مقفرا تماما من الاستنارة كعقلية واسلوب حياة واية ذلك ان ( القوي الحديثة ) اضحت العمود الفقري للحزب الذي شنق منافسيه في وضح النهار ويهدد ماتبقي منهم بمادة الردة في القانون الجنائي.. ارض المدينة السودانية والمتعلمين في اعلي مستوياتهم لم تعد صالحة لاستزراع احزاب حديثه مثل حركة حق التي يستهلك خلاف هذين الرجلين حولها جزء من اهتماماتهما هو، قل او كثر، خسارة كبري في بلد يحتاج الي انصرافهما الكامل للعمل الفكري والثقافي الحر كما يحتاج التائه جرعة ماء تنقذه من الموت عطشا. فليتركا لنا نحن ارباع المفكرين وانصاف المثقفين مهمة العمل الحزبي التقليدي والحديث تأسيسا واصلاحا في هذاالمناخ غير الملائم لنموه قبل ان تقطع عملية تقليب التربة وحراثتها اشواطا بوسائل عديده من بينها استعادة الحيوية الفكرية واحياء العقل النقدي بتفرغ كلي للخاتم ووراق ومن في مستواهما.
لعل الحاج وراق دهش من هذا الذي شرع يستفسر منه عن ظروف الانتاج الكتابي لديه في اول لقاء بينهما.. حكيت له عن مؤنس الرزاز ، الروائي الاردني المشهور، الذي كان قال لي ان بعض رجال الاعمال المستنيرين من رعاة الثقافة والفنون يهيئون له فيلا في منتجع نمساوي عندما تختمر في ذهنه فكرة روايه. متي نتقدم كمجتمع مدني افرادا وجماعات لنرفع عن مبدعينا القياديين عبء مطالب الحياة اليوميه فنخدم بذلك انفسنا قبل ان نخدمهم؟
اندماج البعثيين
من حق الحزب الشيوعي، اهم حركة سياسية حديثه في تاريخ السودان بعد الاستقلال، ان يفخر بأنه اجتذب شخصيات مثل وراق وعدلان واتاح لهما بيئة نمت فيها مواهبهما حتي تجاوزت نطاقه، في تقديرهما...اهم حركة سياسيه ظهرت للوجود بعد ثورة اكتوبر 64 هي حزب البعث العربي الاشتراكي، حسب رؤيتي. هي حركة حديثة ولكنها لم تتمكن من غرس جذورها في اوساط النخبه المثقفه كما فعل الحزب الشيوعي رغم تصاعد دورها السياسي النضالي حتي اواسط الثمانينيات لذلك لم ينجب حزب البعث مفكرا واحدا بالمعني الدقيق للكلمه. امام البعث دروب طويلة وشاقه للوصول الي هذا الهدف بالاضافة الي تلك التي تواجه كافة حركات الحداثة والاصلاح وهي عدم ملاءمة المناخ العام، تتمثل في ان تعقيدات تجربته تتجاوزالسودان وتتجاوز قضايا الاقتصاد والمجتمع الي مجال ذي حساسية زائدة سودانيا هو الهوية الثقافيه.
في كتابات الاستاذين فتحي محمد الحسن ومحمد ابراهيم ادم في " الاضواء " ارهاصات مبشره. الاول له تحسسات عميقه ودربة بحثيه والثاني له دأب ومتابعة يعز نظيرها لدي البعثيين.. مبشيل يوسف عفلق رجل عذب.. مزيج من التواضع والوداعه حتي اذا جردناه من اي صفة اخري. خلال عدة ايام بمنزله في باريس قيل وفاته بقليل ضمن محاولة منظمه لاقتاعه بكتابة مذكراته، كان يقول مازحا " نحن حزب شفهي ". ويبدو ان البعثيين اخذوا عنه هذه الصفة التي اضيف اليها عند السودانيين منهم طبعنا المشافهي الاصيل مما اضر بتطور الحزب كثبرا وكان احد الاسباب الرئيسية في ماأعتبره بعضنا ضرورة اصلاح شامل للبعث ودولته وادي ، ضمن اشياء اخري، الي ارباك مراقبي الساحة السياسية في السودان. قبل الاندماج الاخير بين فصيلين كانت هناك اربعة احزاب تحمل اسم البعث. الان هناك ثلاثه وفي التصنيف العام اثنان احدهما بقيادة الاستاذ علي الريح و الاخر بقيادة الاستاذ التجاني مصطفي لهما مرجعية قوميه، اي تشكيل قيادي فوق قيادات الاقطار مقره سوريا او العراق، واخر بقيادة الاخ جادين يعتبر تفسه مستقلا عن اي مرجعية من هذا النوع. من هنا فأن الاندماج خطوة ايجابيه علي قلتها من حركة وعدت تاريخ السودان بانعطاف نحو المستقبل. الان وقد ثبت بالتجربة السودانية والعربية والافريقية والعالميه ان التحليق نحو هذه الافاق لاسبيل اليه الا بجناحي الاستنارة والديموقراطيه، فأن البعثيين مدعوون الي تنافس شريف في هذا المجال هو الذي سيحدد ايهما الاجدر بالبقاء قي ذاكرة التاريخ الايجابي.



للمزيد من االمقالات

للمزيد من هذه الاخبار للمزيد من هذه البيانات و المنشورات
الأخبار المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع


| اغانى سودانية | آراء حرة و مقالات | ارشيف الاخبار لعام 2004 | المنبر العام| دليل الخريجين | | مكتبة الراحل على المك | مواضيع توثيقية و متميزة | أرشيف المنبر العام للنصف الاول من عام 2005

الصفحة الرئيسية| دليل الاحباب |English Forum| مكتبة الاستاذ محمود محمد طه | مكتبة الراحل المقيم الاستاذ الخاتم عدلان | مواقع سودانية| اخر الاخبار| مكتبة الراحل مصطفى سيد احمد


Copyright 2000-2004
SudaneseOnline.Com All rights reserved