تحليلات اخبارية من السودان
ترحب سودانيزاونلاين بجميع الاراء الحرة و المقالات لنشرها فى هذه الصفحة.ويمكنك لزوارنا الكرام ارسالها الى [email protected] كما نرجو ذكر الاسم الحقيقى و الكامل و مكان الاقامة مدة بقاء المقال فى هذه الصفحة 10 اعوام

الاشتراكية لم تنتهِ في السودان بعد.....لماذا تُغيَّب أشواق السودانيين عن كل ميزانية؟ وزارة المالية العزف المنفرد الأبدي!!!!! (1_2). بقلم:مصعب احمد الأمين

سودانيزاونلاين.كوم
sudaneseonline.com
10/3/2005 2:00 م

الاشتراكية لم تنتهِ في السودان بعد......

لماذا تُغيَّب أشواق السودانيين عن كل ميزانية؟ وزارة المالية العزف المنفرد الأبدي!!!!! (1_2)

مصعب احمد الأمين [email protected]

يتحدث الناس دوما عن سودانٍ زاهٍ ولت أيامه و انقضت دون رجعة و كأنما أُعطي عيناَ حارة!!! وبالمناسبة هل هو بالفعل أعطي عين ؟!!!

مما يشاع عن أهلنا الرباطاب أنهم قوم ذوو أعينٍ حاراتٍ!! و الطرائف في ذلك دارجة في النكتة السودانية منذ زمن بعيد!! فهل للرباطاب (عين) في ذلك ؟ ربما !! فالفنان المبدع عمر الرباطابي قد غني للسودان الأغنية الشهيرة التي سارت بذكرها الركبان غير أن أبيات الشاهد في الاشتباه ( بطق السودان بالعين ) هي في قوله ( طبعا دون أن يقول ما شاء الله تبارك الله) : في شرقك عروس الرمال و في غربك آية الجمال و جنوبك و اسع مجال يا حلاة رطبك في الشمال !!! و أول ما أصيب بالعين هو رطب الشمال و أتت بقية الأقاليم كأنها تريد أن تَصدُق في مواعيدها !! و الصدق شرٌ إذا لقاك في الكُرب العِظام!!!!!

كتبتُ في الشهر الماضي مقالا بعنوان (فدرالية أم كونفدرالية : ولع الحكومة بتسمية الأشياء بغير أسمائها) . أما أنا فمولع بتسمية الأشياء بأسمائها. فهل السودان دولة اشتراكية؟! دستور السودان لا يقول ذلك و لكن حقيقة ممارسة الدولة منذ انقلاب النميري علي الشيوعيين مرورا بالفترة الانتقالية التي تلت ذلك و بشكل أوضح في أيام الإنقاذ الأولي و إلي حد كبير جدا حتى أيامنا هذه تلحظ الروح الاشتراكية في التخطيط الاقتصادي و حتى النقد الاقتصادي لا يخرج عن الايدولوجيا الاشتراكية في التعاطي مع الشأن الاقتصادي!

لمزيد من الإيضاح فبرغم عدم تبني الدولة للمنهج الاشتراكي كما أسلفنا إلا أنها من خلال أدوات الدولة الاقتصادية ما زالت تمارس هذه الأيدلوجية روحا و نصا. فالمعروف ي جميع دول العالم الاشتراكي السابق هو تصنيفها للسلع و الخدمات بأصناف رأسمالية لا تجوِّز للاشتراكي امتلاكها في المجتمع الاشتراكي و مجرد التفكير في اغتنائها أو محاولة إدخالها يعتبر جريمة ضد الدولة و المنهج الاشتراكي . و نظرت الاشتراكية بالريبة لكل مظهر رفاهي يمكن أن يخالف نمط الحياة للمجتمع البوليتاري.

و السؤال هو كيف حافظت الدولة السودانية علي النمط الاشتراكي بدون وعي ؟ لو تناولنا السودان بعد انتقاله للمعسكر الأمريكي في أيام النميري لدرجة ترحيل الفلاشا و اندفاعه مع توصيات صندوق النقد الدولي, لكنه لم يتراجع عن تلك التوصيفات الاشتراكية للسلع و الخدمات . فنشأ عن ذلك أفظع نظام جمركي ضرائبي اقعد اقتصاد البلد و ضربه في مقاتل . فمن عملية التأميم و التي أفضت إلي هجرة الرساميل الوليدة للشركات الأجنبية و حتى الوطنية مروراً العملية التي عرفت ب (أبني و عمِّر) . صعودا إلي تجفيف مظاهر لحياة الاستثمارية و جعلها حكرا علي الدولة. هذه الفترة و تلك الفلسفة ظلت المحور الذي انبنت عليه السياسات الاقتصادية حتى بعد انقلاب نميري علي الاشتراكية كما ذكرنا . و تعمقت هذه السياسات بشكل أكبر حيث تبناها الإعلام و صارت محاكمات الإعلام علي الأداء الاقتصادي لحكومات مبنيٌ في روحه و أدواته بتلك النظرية. و أسوا ما في الأمر هو ذلك الازدواج اللعين الذي جمع بين النظرية الغربية في السياسة لدي المثقف السوداني و القيم الشيوعية في التخطيط الاقتصادي و مسئولية الدولة عن توفير كل احتياجات المواطن . و لعل ذلك كان اكبر فخ وقعت فيه حكومات الصادق في الفترة الانتقالية الأخيرة . فالأولي في نظري آن ذلك بدلا من محاربة صور نميري و ما عرف بالحرب علي السدنة , كان الأولي بسط الحريات الاقتصادية و التي هي لحمة و سداة النظام الليبرالي . فكان حري بالحكومة في تلك الفترة فتح الباب علي مصراعيه لحرية تداول النقد الأجنبي و التخلص الفوري من الاستيراد و التصدير بنظام الصفقات المتكافئة ( nil values ) و النظام الجمركي القائم علي التصنيف الاشتراكي للسلع . لذلك سميت ذلك الازدواج في بداية حديثي (باللعين) لأن الفلسفة الاشتراكية غير قابلة من الناحية المنهجية للإعارة أو الاستعارة. فالدولة حين تقوم بالتصدير و الاستيراد في النظام الاشتراكي فهي ( علي الأقل من الناحية النظرية) هي ترد فائض المعاملات لخزينة العامة. هذا عكس ما يحدث عندما تمنح الدولة الصفقات للتجار في شكل الرخص المعروفة . فهي بذلك تسرق المواطن لصالح المحاسيب . و تجلي ذلك عندما أطيح بوزير التجارة أبي حريرة , و الذي وصف الصادق ببرود ثورته علي الفساد في وزارة التجارة : ( بأنه شم في الجو شطة فعطس) . الأمر الذي حدا بوزير التربية في الفترة الانتقالية أن يكتب في صحيفة ناطقة بالانجليزية مقاله الشهير عن مرض (الشيدز )!!! فلمن نسي أجواء تلك الفترة المشحونة بالصراعات و الإخفاقات و بمناسبة صراع المؤتمر و الحركة علي الطاقة ( و هي من القطاع الإنتاجي فهل هذه نقلة نوعية علي خدمة الشعب!! ما في شئ بيضحك!!!) , فان تلك الفترة كانت الوزارة صاحبة العظمة و التيه و الدلال هي وزارة التجارة و لمعرفة دلالة ذلك نقول إن البلعبل هو أسفل الجلعبط و المعني واضح!!!!

إذن ما أحاول إثباته هو استحالة تلقيح الاشتراكية بالرأسمالية و العكس . و أي محاولة من هذا القبيل تضرب المنهج المتبع في كلا المنهجين . و على طريقة كبلنج رائد الفكر الاستعماري : الشرق شرق و الغرب غرب و لن يلتقيا!! نقول كذلك الرأسمالية و الاشتراكية كل منهما يعمل في بيئة متكاملة توصفها النظرية و محاولة الاستفادة من منهجية أي واحدة في الأخرى , فانه فقط يفيد منها ذوو السلطة في غياب المنافسة كما في حالة الفترة الديمقراطية و في سحق حزب الجبهة لمنافسيه في السوق بأدوات الاشتراكية بقائمة المحظورات مما سمي بالسلع الكمالية . بل و أكثر من ذلك إضافة سلع أخري و زيادة الجمارك و الضرائب علي الموجود أصلا ( و في أحسن الأحوال استطاع المواطن التغلب علي هذه المنهجية بالتهريب أو بما عرف بالسوق السوداء) . فمثلا أريد من احد أن يقنعني : كيف إن الاسمنت سلعة كمالية فيكون سعرها للمواطن السوداني ما يقارب الخمس و عشرين ألف و تباع لمواطن في السعودية بما يعادل الثمانية آلاف ؟ و السكر يباع في السودان بألف و أربعمائة جنيه (للرطل) و في السعودية (الكيلو) ما يعادل الألف و مائتين؟ و من أعطي نفسه حق تصنيف السلع لكمالية و غير كمالية ؟ و من طالب الدولة أصلا بتوفير الضروري أو الكمالي من السلع ؟ و هل الدولة( بقالة) عليها توفير البضائع للزبائن؟ لكنها جرثومة الاشتراكية في جسد الحكم في السودان تستخدم تربة اقتصاد لا اشتراكي!! و هنا مكمن الفساد و الإذلال كما حاولت إثباته في هذا الجزء الأول من المقال.



للمزيد من االمقالات

للمزيد من هذه الاخبار للمزيد من هذه البيانات و المنشورات
الأخبار المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع


| اغانى سودانية | آراء حرة و مقالات | ارشيف الاخبار لعام 2004 | المنبر العام| دليل الخريجين | | مكتبة الراحل على المك | مواضيع توثيقية و متميزة | أرشيف المنبر العام للنصف الاول من عام 2005

الصفحة الرئيسية| دليل الاحباب |English Forum| مكتبة الاستاذ محمود محمد طه | مكتبة الراحل المقيم الاستاذ الخاتم عدلان | مواقع سودانية| اخر الاخبار| مكتبة الراحل مصطفى سيد احمد


Copyright 2000-2004
SudaneseOnline.Com All rights reserved