بقلم حكمت أنيس [email protected]

لا زال العنف والارهاب والقتل والابادة البشرية والاعتداء علي حقوق الانسان الذي تمارسه سلطة الانقاذ في نمو وازدهار رغم توقيع اتفاقيات السلام ورغم تشكيل حكومة جديدة سموها بالقومية. ان سلطة الانقاذ عندما وقعت علي اتفاقية السلام كانت مرغمة علي ذلك تحت الضغوط الدولية والتهديد المتواصل بفرض مزيد من العقوبات.

الا ان تنفيذ بنود الاتفاقية وجعلها واقعا معاشا لم يتحقق حتي الان. بل بالعكس, فسنامي الارهاب ما زال متواصلا. ففي دار فور لا زالت القري تحرق وجرائم الابادة ترتكب بواسطة قوات الجيش والجنجويد, وفي الجنوب تنشط المليشيات التي تدعمها الانقاذ, وجيش الرب يوالي جرائمه ضد الامنين, وتجمعات الطلاب تمنع من نشاطاتها كما ان صحافة الخرطوم مازالت هي هي, لم يطرأ عليها جديد. والمعاناة مستمرة. كاننا يا بدر لا رحنا ولا جينا.

لقد اتخذت الانقاذ ـ بكل ذكاء ـ من توقيعها علي الاتفاقية سلما تخرج من كل مازق دولي تتعرض له . فعندما تصر بعض الدول علي ارسال قوات فعالة لحماية السلام في دارفور او تقديم مرتكبي الابادة البشرية في دار فور الي المحكمة الدولية تصر الانقاذ بان هذه الخطوات تهدد مشروع السلام وقد تدمره من اساسه. فيحصل التراجع.

بل ان الانقاذ ــ تحت تحت ــ وثقت علاقاتها مع الادارة الامريكية منذ زمن ليس بالقصير. فالتعاون في المجال الامني ليس خافيا علي احد, ورحلات صلاح غوش المكوكية الي البتاقون معروفة , وقد اعترف الامريكان انفسهم بان المعلومات التي قدمتها لهم سلطة الانقاذ تفوق تلك التي خاضوا من اجلها الحروب في افغانستان والعراق. وكيف ولا وصلاح غوش هوكان المسئول عن الامن في اجهزة بن لادن؟
صلاح يتصدر قائمة المتهمين بارتكاب جرآئم الابادة البشرية في دارفور. ولكنه بكل قوة عين واطمئنان يذهب الي الولايت المتحدة.
وللولايات المتحدة طموحاتها في السودان التي لاتخفي , ليس فقط في البترول وانما في الموقع الاستراتيجي الذي عن طريقه يمكن التحكم والتاثير علي مجري الاحداث في افريقيا, كما يشكل اتساع النفوذ الصيني بعبعا لها.

اقد سبق لكولن باول عندما كان وزيرا للخارجية الامريكية ان وصف جرائم دارفور بانها جرائم ابادة بشرية, مما كان يستدعي من المجتمع الدولي اتخاذ اجرآت سريعة ونافذة وحاسمة لايقافها , وهذا لم يحصل , وانما بالعكس , فالادارة تعتقد بان الوضع في تحسن وتدعي حرصها علي الحفاظ علي اتفاقية السلام والخوف من انهيارها كما تهدد به سلطة الانقاذ. كان هذا الموقف واضحا في خطاب زوليك الاخير امام اللجنة الخاصة بالشان السوداني في الكونقرس.
بل ان امريكا ــ هذه الدولة الكبيرة ــ تطلب من القذافي المساعدة الفعالة لتحقبق الامن في دارفور!

بالرغم من تنامي سنامي الارهاب في السودان تمكنت الادارة الامريكية من حجب ملفه عن الاضواء في اروقات الكونقرس ووسائل الاعلام. واستمرت في مغازلاتها مع الانقاذ في السر والعلن.
الا ان المنظمات الانسانية وقوي الضغط السوداء لم يفت عليها ما كان يدور بين الحبيبين , وكان عليها ان تتحرك لجعل ملف الارهاب ملفا ساخنا مرة اخري. واستطاعت ان تقنع الكونغرس الاميركي باتخاذ قرار هذا الاسبوع غير مسبوق في تاريخه يقضي بتأسيس لجنة خاصة بالسودان اطلق عليها مسمى «سودان قوقاز»، واسندت لها مهمة ابقاء ملف السودان مفتوحاً بشكل دائم في اروقة المؤسسة الاميركية.
الا ان سلطة الانقاذ شككت في نية قرار الكونغرس, واعتبرت اللجنة بمثابة «كورس» لترديد الاتهامات الاميركية السابقة ضد السودان. وقالت ـ كالعادة ـ ان تأثيراتها ستكون سالبة على مجمل الأوضاع في السودان. كذا؟ وسارعت بارسال السيد النائب الاول لرئيس الجمهورية ليستجدي بعدم فرض عقوبات صارمة ضدها.
بتجاهلها التام للالتزامات الدولية وقرارات مجاس الامن وتهربها من تنفيذ بنود اتفاقية السلام وتماديها في نشر الارهاب والقتل والابادة تكون سلطة الانقاذ قد وضعت نفسها في محك سيجلب لها من جديد فرض عقوبات ربما يكون منها حظر اصدار البترول وتجميد ارصدة المسئولين ووقف اي استثمار الخ. وسنري, اذ ان الكونقرس سيناقش هذه المواضيع خلال هذا الاسبوع.

في سودان القوقاز سيتنامي سنامي الارهاب والشعب السوداني هو وحده الكفيل بوضع حد نهائي له.