أسئلة كثيرة تجول في خاطر الإنسان في شؤون مختلفة تدور بين العــام والخاص ، وحالما يتصور الإنسان المشهر الرياضية عندنا .. أول تلك الأسئلة التي تتسلل الى المقدمة تتعلق بصراع الديكة فيها .. ويكون السؤال دوما حول هل تستحق الرياضة في كلياتها كل هذا التشاحن وهذه البغضاء والإنفعالات والإنفلاتات والمخاصمات والبلاوي التي تصل الى حـــد الكراهيــة ؟؟ ثم لمصلحة من يحدث كل هـــذا ؟؟ وهل هناك أصلا ما يدعو الى كل ذلك ؟؟
وحتما أجــد أن الإجابة دوما تكون لا .. وأجدني موقنا كذلك على نحو أقرب الى الجزم بأن ذات الإجابة ستكون لدي جميع الناس دونما إستتثناء .. خاصة في بلد مازالت فيه الرياضة عرجاء وعوجاء وربما كسيحة لا ترقى الى مايمارسه الآخرون في أصقاع العالم المتحضر أو على الأقل في محيطنا العربي والأفريقي وما حققوه من مكاسب وبطولات .
إذن لماذا تسيطر علينا حالات الحمية والغلو وتجعلنا في أحايين كثيرة نخرج بعيدا عن أدبيات الرياضة وربما روحها السمحه وشعاراتها ومبادئها النبيلة ؟؟ سؤال منطقي يفرض نفسه على الساحة الرياضية بقوة .. ورغم أن الإجابة كما أسلفنا تكون بديهية ، ورغم أن الجميع متفقون تماما على أن ما يحدث عندنا لا علاقة له البتة بالرياضة إلا أن الواقع لهو أمر محير .. خاصة حينما نجد مثل هذا التراشق والسباب واللعان والطعان يتأتى من أناس كان من المفترض عليهم أن يكونوا قادة التنوير والفكر في المجتمع الرياضي .
فالصحفي مهما كان مجاله هو رجل يحمل فكرا متقدما ويؤدي رسالة نبيلة تجاه أمته .. بل يسهم في رصد التاريخ وتحديد إتجاهاته وقديما قيل إذا أردت أن تقرأ تاريخ أمة فأرجع الى صحافتها لقرأة ماضيها .. لكن مانشاهده اليوم على تراب الواقع والذي سيصبح غدا جزءا من تاريخنا لهو مؤسف حقا .. بل هـــو شأن يدعــــو للحــــزن والرثاء .
تراشق وتلاسن وسباب وطعان لم يراعى فيه الدين ولا التقاليد ولا الأعراف المهنية .. ولا أدري لمصلحة من يحدث كل هذا ؟؟ هل يحــدث هــذا من باب المناصرة الرياضية والحمية لنادي تجاه نادي آخر ؟؟ وأي نادي في السودان يستحق كل هـــذا ؟؟ وأي نادي هو هذا الذي يجعلني أسب أخا وزميلا ومسلما في شهر كهــــذا ؟؟
لقد درجنا دوما على ترديد ( أن الرياضة إخاء ومودة وتنافس شريف ) .. بل ظلت الرياضة مضربا للأمثال بحيث يقال للشخص الذي ينفعل أكثر مما ينبغي بأن تكون روحه رياضية .. مما يعني أن يتقبل الآخر بروح طيبة وطوية سمحة .. لكننا وللأسف الشديد قد أفرغنا الرياضة من محتواها حتى أضحت الرياضة هوَية وقبيلة وحــزبا .. واصبحنا نحشد لها كل الأسلحة ، التقليدية وغير التقليدية وبصفة خاصة تلك الأسلحة المحرمة والفتاكة بل أصبحت الرياضة سببا للشقاق والإقتتال وإثارة النعرات والإنفعالات ..
ويبفى السؤال لماذا يحدث كل هـذا ؟؟ هل يحدث ذلك لغفلة منا ؟؟ أم لعدم إدراكنا السليم لماهية الرياضة ؟؟ أنا شخصيا لا أعتقد أن رياضيا حقيقيا يمكن أن يصل الى هـذا الحــد مهما كانت الأسباب ومهما كانت المبرارت .. لأن الرياضة تجعل الأنسان يرتقى فوق هذه الصغاير ويغض الطرف عن هــذا الإسفاف الذي يحدث .
كانت ومازالت الرياضة منهجا يتشوق اليه التربويون ويحاولون جاهدين بكل طاقاتهم لوضعها في صلب المناهج الدراسية بإعتبارها تشكل لونا من التربية والسلوك الراقي بل السلوك المثالى الذي ينشده التربويون بغية إغراء الحواس وكبح جماح الرغبات وتهذيب النفس لتعلم هذه الغايات السامية .
والإعلام اليوم قد أصبح أداة من أدوات التوجيه العام .. بل أصبح الإعلام اليوم واحدا من أخطر الوسائل أثرا على حياة الناس .. لذا فقد كان حري بالإعلام أن يرتقى الى هذا الدور التربوي العظيم حتى يتمكن من أداء رسالته الإجتماعية المنوطة به على نحــو سليـــم ... ومن خلال معايير تربوية متفق عليها تحقق الأهداف الإجتماعية والتربوية العامة .
ولعل الرياضة بإعتبارها لونا من العشق الجماهيري الكبير مدعومة بآليات الإعلام الكبيرة ومحطات التلفزة الكبيرة التي تتكالب وتتنافس في إحتكار ساحاتها تجعل القضية التربوية أكثر تعقيدا وأكثر خطورة .. وهنا يأتي دور الإعلام بأدواته المتمثلة في ( الإنتقاء والتعليم والتوجيه ) لتوجه الجماهير المختلفة عبر المسافات بل عبر الحدود السياسية ومخترقة كل الحواجز والأطر لنشر ثقافة رياضية تقــوم على المنافسة الرياضية الشريفة وإحترام الآخر .
يحدث كل ذلك عبر التطور الهائل في وسائل ووسائط الإتصال بينما نحن مازلنا في المربع الأول يستعدى بعضنا الآخر ويخرج بعضنا البعض من الملة والجماعة حتى إستشكل الأمر علي الناس وأصبحت الرياضة شأنا يماثل السياسة بتناحرها وفجورها وشرورها .
وإنتقل هذا الصراع الإعلامي الى عامة الناس فأصبحوا أحزابا وشيعا .. وغابت السمات الطيبة للرياضة وأصبح الحسد لغة عامة بين الجماهير .. بل أصبحت البغضاء قابعة حيث الإخاء وأصبح التشاحن حيث المودة والسباب حيث لين الجانب .. وأصبح الإنتماء الضيق أعلى وأغلى من الوطن .. فما عادت الرياضة سموا وماعاد أهلها هم أهلها .. بل أصبح الإعلام خاصة المكتوب منه ، الموالي وغير الموالي في حاجة ماسة الى إعادة صياغة وغربلة من جديد .
ويعود السؤال من جديد .. ترى لمصلحة من يحــدث هذا ؟؟ وما السبب وراء كل هذا ؟؟ ولعل الإجابة هي أننا محاطون بإعلاميون لا علاقة لهم بالرياضة .. أعلاميون متطفلون قادمون في زمان الغفلة .. هؤلاء الذين رموا بقيم الرياضة حول ظهورهم وحولوا الساحة الرياضية الى مكبات ومزابل للقمامة والأوساخ .. بل لوثوا المفردات النقية وفرغوا الشعارات التقية والقيم النبيلة من مضامينا وجلسوا في قارعة الطريق يتباكون مع الناس ..
بالله ما الذي يضيرني لو أن النادي المنافس لي قد شيد ملعبا جميلا ؟؟ ما الذي يضيرني لو أنه شيد مظلة تقي الناس والعباد من الشمس وزين بها المحفل ؟؟ .. ماذا لو إنتصر علىَ منافسي عشرات المرات ؟؟ وما المهانة في ذلك ؟؟ فبمثل ما إنتصر عليَ اليوم فقد أنتصر أنا عليه في الغد .. ثم كيف لي أن أفرح شماتة لمجرد أن منافسي قد إنهزم أمام فريق أجنبي ؟؟ وهل من اللائق أن أتهكم عليه بهذه الهزيمة التي هي في الأصل والحقيقة هزيمة لي في مستواها العام ؟؟ .
والله إنها لمأساة حقيقية يقودها الإعلام ووقود ووقودها الآنام .. وللأسف فقد أصبح الإعلام يشكل بهذا الغث وجدان هذه الأمة .. حتى أضحت واقعا إعتاده الناس وإنفعلوا به وأصبحت الرياضة حلقة للرقص ، الإعـــلام فيها يضرب الطـــبول ويترنح الناس على إيقـــــاعه .
ولهؤلاء نقول هذا زمانك يا مهازل فأمرحي !!! وكفى ..
--------------------------
ملء السنابل تنحني بتواضـع ....... والفارغات رؤوسهن شـوامخ
----------------------------
كلمــــات متقاطعـــــة :-
• أحر التعازي لأهل المريخ وهـم أهــل إبتلاء ووبلاء .. ومع كل لبنة لهم فــداء من خــيارهم ... والرياضيون موعودون إن شــاء الله برؤية ظليلة تزَين المشهد وترسم لحن الختـــام .. .. و ( هاردلك ) الكأس .
• التحية لأهل الهــلال وهــم يبدأون مشوار صرحهم الجــديد وبتكلفــة تقـــدر بــ ( 5 ) مـــلايين دورلار من خلال مؤسسات كبيرة مشهــود لها بالقــــدرة والكفــاءة .. والتهنئة لهم بالكأس ..
• أصحى يابريش !!!
صلاح محمد عبدالدائم ( شكوكو )
[email protected]