تلازم الشعبين:
قيل:"كشعب لبناني يهمنا جدا الشعب السوري وهو شعب شقيق (...)، نحن الى جانب الشعب السوري حتى النهاية وعلاقتنا يجب أن تكون مميزة دائما مع الشعب السوري(...)"، هذا ما صرح به الشيخ سعد ولد الحريري بعد صدور تقرير ميليس، في حين قال حليفه جنبلاط بيك أن العقوبات يجب أن لا تطال "الشعب السوري" إنما فقط "المسؤولين عن إغتيال الحريري". عند سماعي هذه التصريحات، وللوهلة الأولى، كان انطباعي أنه ربما يكون هذا الكلام في غاية الأهمية إذا ما قيس على ما سبقه من عنصرية تجاه الشعب السوري وحتى تجاه كل ما هو سوري من جانب بوطة ألـ "14" أذار، وتنادى إلى مخيلتي أن بلغت العنصرية والعنجهية اللبنانية ضروبا من العبث والغرور "وشوفة الحال" ما لم تبلغه التلمودية اليهودية ومنظري ديباجة "الدم الأزرق" أو "شعب الله المختار". إن مخيلتي على حق، ولم تحدث إرهاصاتها وانطباعي على دفعة واحدة، فلماذا لم نسمع تصريحا واحدا للشيخ أو حتى للتقدمي عن الضحايا السوريين الذين أحرقت خيمهم وأمتعتهم المتواضعة قبل وقبيل وأثناء وبعد إنسحاب الجيش السوري ومخابراتها من لبنان؟! إن الكلام عن "التفريق" بين "الشعب السوري" والسلطة في سوريا، تحديدا في هذا الوقت، لهو "تفرقة" في قمة الغباء، وهو كصب الزيت على النار، بل قل أكثر من ذلك، إنها فتنة مكشوفة لإظهار أن السلطة لا تمثل الشعب في سوريا وأن المطلوب هو إسقاط النظام من الداخل، وإخضاع سوريا حتى الخنوع، إذ كيف ستقع العقوبات على مجموعة محددة من الأشخاص دون المساس بسيادة الشعب المتبقي الذي تحبونه "مع علاقات مميزة"، أريد المزيد من الإيضاحات!!! لن أطيل، ولكن في كل الأحوال، شكرا أيها الشيخ والبيك على التواضع والطلاق مع العنصرية. إن الشعب السوري يكن لكم بالفائض من المحبة التقدمية المتأخرة، ومبروك على النقلة، وحكمة القول تقول:"النصيحة بجمل". ولكن، مم تشكو الحمير في هذا الزمن الأعمى؟! لست أدري:"صم، بكم، عمي، وهم لا يفقهون"؟!!
بحصة جورج:
ردا على سؤال لصحافية من محطة "العربية" سألته ما إذا كانت الولايات المتحدة تستعد لمواجهة مع سورية، قال بوش "أّمل كثيرا أن يكون لا". وأضاف "أعتقد أن أحد الأشياء التي فهمتها سورية هو أنها إذا لم ترضخ للمطالب الدولية فإن هذا الأمر سيقودها إلى العزلة". وفي المقابلة التي وزعها البيت الابيض، أكد بوش أن "أحدا لا يريد المواجهة، ولكن من جهة أخرى، يجب أن يكون هناك ضغط جدي كي يفهم الزعيم أنه، أولا، لا يمكنهم ايواء مجموعات إرهابية تدمر عملية السلام بين إسرائيل وفلسطين، ثانيا، يتوجب عليهم أن يتوقفوا عن التدخل في لبنان، وثالثا، يجب أن يتوقفوا عن السماح بانتقال القتلة الذين يذهبون الى العراق لقتل أناس يريدون الديمقراطية". وقال الرئيس الاميركي أيضا "يجب على الحكومة السورية أن تأخذ مطالب العالم الحر بجدية تامة". ككاتب، لم يعجبني كلام الرئيس، وإذا جاز لي السؤال على أساس أنني صاحب صفة ومصلحة ويحق لي التساؤل والمساءلة على قاعدة أنني (لبناني) وقد أصبحت من العالم الحر سأدلي بما يلي: ما هي العلاقة بين تقرير ميليس وإسرائيل؟ وما هي العلاقة بين المجموعات التي يزعم بوش بأنها إرهابية وتدمر عملية السلام بين "إسرائيل" وفلسطين بتقرير المدعو ميليس؟ وما هو الرابط بين القتلة الذين يذهبون للعراق من داخل الأراضي السورية بتقرير ميليس، أوليس هناك قتلة يأتون أيضا من داخل الكويت والسعودية وتركيا؟ وأسأل بأن هل كان جورج بوش نفسه ملتزما قناعات العالم الحر إبان إسقاط نظام صدام حسين، تحت ذرائع إعتذر عنها وزير خارجيته بعد إنتهاء مهامه، وقال بأنه كان يعرف أن هذه الذرائع لا أساس لها من الصحة وأنه عمل والرئيس بوش على تضخيمها من أجل ضرورات الحرب!!! إن كلام الرئيس الأمريكي عن سورية:"لا أحدا يريد المواجة" غير صحيح، إن المواجهة أصبحت حتمية وأوانها سيأتي بعد الإنتخابات العراقية التي "زور" دستورها الطائفي و"مرر" بصفقة كوردية - شيعية على حساب بقية أهل العراق. لسورية، اليوم نقول لك، أن العالم الحر ينبع بقرار من الشعب الحر والقيادة الحرة والسلطة الحكيمة التى تسمن الشعب حتى لا يفقر من جوع، وفي أوقات المحن كما قال الأديب سعيد تقي الدين:"كل مواطن خفير".
عميل وأوصياء:
لقد عرض علي بعض الأوصياء على لبنان عبر طرف ثالث بأن أكون عميلا لهم مقابل بعض الدولارات. كان الأمر على سبيل النكتة والمزاح، وقد فكرت بالأمر مليا نتيجة الوضع الإقتصادي الضاغط على أساس أن الشغل لم يعد "ماشيا" والبلد لم يعد "ماشيا"، وقلت في قرارة نفسي: لماذا أنا؟! ألم يعد هناك من أناس يتسللون من خلالها إلى أجهزة السلطة والدولة غيري؟! سأصبح عميلا؟ سأصبح متورطا؟ سأصبح متأمرا على أمن الدولة؟ أنا خائن، لا بأس، وخارج عن القانون... أقر للأطراف الثالثة والثانية والأولى، وللمرة الأولى في حياتي، بأني سأحاول إحتراف الخيانة والمهانة والقتل والسرقة، سأحاول إحتراف الجبن والخنوع والظلم والتلوي، سأحاول إحتراف الإلتواء والإستقواء واللهاث والتلون، سأجيد المتاجرة في أقرب فرصة ممكنة، أو في أول دورة للخيانة الوطنية، ومن دون بدل مادي أو أتعاب خيانة.. ولكن، قبل كل شيء أخر أريد إعادة السؤال على الزملاء الذين سألقي لهم بثيابي القديمة، وللأوصياء الذين يحاولون تجنيدي في موسم الخيانة:"هل بقي هناك من وطن ليستحق الخيانة"؟! الخيانة لم تعد أمرا مجديا، فتشوا لي عن وظيفة أخرى، فتشوا لي عن وطني حتى أخونه في وضح النهار، على رؤوس الأشهاد والشهداء والجرحى والأسرى والمعوقين!!! أنا خائن حتى الرمق الأخير، أنا خائن إلى يوم الدين!!!
أرجوكم بأن تتقبلوا خيانتي.. أمين.
نضال القادري
شبكة المعلومات السورية
[email protected]