تحليلات اخبارية من السودان
ترحب سودانيزاونلاين بجميع الاراء الحرة و المقالات لنشرها فى هذه الصفحة.ويمكنك لزوارنا الكرام ارسالها الى [email protected] كما نرجو ذكر الاسم الحقيقى و الكامل و مكان الاقامة مدة بقاء المقال فى هذه الصفحة 10 اعوام

في ذكرى إمام التنوير محمد عبده بقلم أبو بكر القاضي

سودانيزاونلاين.كوم
sudaneseonline.com
10/2/2005 10:59 م

أبو بكر القاضي - في ذكرى إمام التنوير محمد عبده
النهضة الاوروبية,, أوالغربية عموما قامت على اساس التنوير حيث سطع نور العقل على ظلمات اوروبا في القرن الثامن عشر الميلادي, وحتى لا يتهمنا المتسرعون المتعصبون بالاستبلاب فاننا نقول ان النور والتنوير ثقافة شرقية قبل ان تكون ثقافة غربية, فالحضارة الفارسية السابقة للاسلام كانت حضارة نور والحضارة الإسلامية كانت حضارة نور وقد وصف المولى عز وجل نفسه بالنور (الله نور السموات والأرض),, فالإيمان نور والكفر ظلام,, ورسالة محمد صلى الله عليه وسلم هى ان يخرج الناس من الظلمات إلى النور بإذن الله, ومن يهد الله فهو المهتدى, التنوير,, ماذا يعنى؟ نشر موقع إيلاف بتاريخ 9 يناير 2004 مقالا مطولا بعنوان (ما التنوير؟) للكاتب الفرنسي ميشيل فوكو,, ترجمه عن الفرنسية رشيد بوطيب,, في هذا المقال اورد الكاتب ميشيل الرد الذي تقدم به كانط للسؤال الموجه من دورية المانية (شهرية برلين) في ديسمبر 1784, والسؤال هو (ما التنوير؟),,فكان جواب كانط: (لربما يكون نصا غير مهم, ولكن يبدو لى ان معه دخل إلى تاريخ الفكر, وبشكل سري, سؤال لم تكن الفلسفة الحديثة بقادرة على الاجابة عنه, بل ولم تستطع قط التخلص منه, وها هى الآن, ومنذ قرنين مازالت تكرره, بأشكال مختلفة, فمن هيغل إلى هوركها يمر أو هابر مارس مرورا بـ نيتشه أو ماكسفيبر, لا توجد فلسفه لم تواجهه, بطريقة مباشرة أو غير مباشرة نفس السؤال: ما هو الحدث الذي يسمونه التنوير والذي حدد ولو جزئيا على الأقل من نحن, وبماذا نفكر وما الذي نفعله اليوم؟ انتهى حديث كانط, ارتبط التنوير بالنقد علق الكاتب ميشيل فوكو على رد الفيلسوف كانط قائلا: فهذا النص يصف التنوير كلحظة تسعى فيها الإنسانية إلى استعمال عقلها الخاص دون الخضوع لاية سلطة, لكن هذه اللحظة بالذات هي التي يكون فيها النقد ضروريا, بما أن دور النقد هو ان يحدد الشروط المشروعة لاستعمال العقل من اجل تحديد ما يمكن معرفته وما يمكن فعله وما هو مسموح بتوقعه ان الوهم والاستعمال غير المشروع للعقل هو الذي ولد لنا الدوغمائية والتبعية, وفي المقابل عندما يتم بشكل واضح تحديد الاستعمال المشروع للعقل وفقا لمبادئه فسيكون استقلاله مضمونا, ان النقد بمثابة كتاب يوميات لعقل اصبح راشدا في عصر التنوير, وبالمقابل فإن التنوير هو عصر النقد, هذا ولا يذكر النقد هذه الايام إلا ويذكر الكاتب السوداني الخاتم عدلان الذي رحل عنا في الايام الماضية وقد استكثرت احزابنا الطائفية والدوغمائية ان تنعيه بكلمة في عصر التدفق الاعلامي لا لشيء سوى انه كان ناقدا للاحزاب من حيث فكرها وبرامجها وقد طال نقده الحركة الشعبية عندما ابرمت اتفاقيات السلام وتحولت من معارضة الى سلطة فالنقد هو التنوير, النقد كان دأب إمام التنوير الشيخ محمد عبده كما سنبين هنا أدناه, التنوير والحداثة واختتم مدخلي للحديث عن امام التنوير بالربط بين التنوير والحداثة حيث يقول الكاتب ميشيل فوكو أعلم انه يتم الحديث دائما عن الحداثة كحقبة تاريخية أو في كل الحالات كمجموعة من المميزات التي تطبع حقبة تاريخية ما, انه يتم وضعها في يومية حيث تتقدمها حقبة ما قبل الحداثة) الساذجة والقديمة, وتتبعها حقبة ما بعد الحداثة) الغامضة والمخيفة, ويتم التساؤل بعد ذلك لمعرفة هل الحداثة هي ما يتبع عصر التنوير وتطوره ام هي تلك التي تحقق قطيعة وتحولا عن المبادئ الأساسية للقرن الـ 18؟ الإمام محمد عبده ,, إمام التنوير يتزامن مقالي مع الندوة التي تنظمها هيئة دار الكتب والوثائق القومية المصرية تحيي فيها الذكرى المئوية لإمام التنوير الشيخ محمد عبده عنوان الندوة «الإصلاح في فكر الإمام محمد عبده» ومحاور الندوة هي: أ- مفهوم الامة بين الديني والقومي, ب- الدور المؤسسي للاصلاح في حياة محمد عبده, ج- محمد عبده بين ترشيد الحاكم تنوير الرعية, ومعلوم ان الندوة تقام بمناسبة الذكرى المئوية لوفاة الشيخ الذي ولد عام 1845 في قرية مصرية وتوفي عام 1905, الامام محمد عبده هو تلميذ الشيخ المستنير جمال الدين الافغاني موعظ الشرق وقد جمع بينهما عامل مهم جدا هو معرفتهما العميقة بالثورة الفرنسية وبالثقافة الغربية عموما واللغة الفرنسية اضافة الى معرفتهما الجيدة بالفكر الاسلامي الامر الذي مكنهما من ان يكونا مدرسة الاصالة والمعاصرة وقد انتجت مدرسة الافغاني -محمد عبده مدرسة المنار - رشيد رضا هذا التراكم الثقافي والفكري لهؤلاء المستنيرين هو الذي انتج الحراك الاجتماعي في مصر في النصف الاول من القرن العشرين - مدرسة سعد زغلول,, والوفد,, الخ وللمفارقة فقد جاءنا جمال الدين الافغاني ومن قبل الامام البخاري فاحدثا ثورة فكرية وبالمقابل ذهب الشيخ بن لادن الى افغانستان «ومعه العرب الافغان» فاحدث ثورة ظلامية فغير العرب مجرى التاريخ للمرة الثانية في المرة الاولى نور العرب العالم بنور القرآن واقاموا حضارة اسلامية كانت قنطرة بين الحضارة اليونانية القديمة والفارسية والرومانية وبين الحداثة الاوروبية اما الثورة الظلامية الثانية فقد دخل فيها العرب التاريخ من الباب الخلفي وقد أكدنا نظرية صدام الحضارات ولم تشفع لنا اطروحات مدرسة الوسطية والاعتدال وبكل اسف ارتبط الارهاب بالاسلام خاصة بعد احداث الأنفاق في بريطانيا في شهر يوليو المنصرم, محمد عبده ,, ضد الجمود الفكري لقد اكتسب الامام محمد عبده اهميته من خلال دوره كمجدد للفقه الاسلامي والفكر الاسلامي وصفة المجدد هي من أعلى الدرجات التي يرقى إليها المفكر الاسلامي, فالتنوير هو مشروع اصلاح يستند الى تجديد الفكر وكسر قشرة الجمود وقد وظف الامام محمد عبده الفرص الذهبية التي اتيحت له في عمره القصير (60 سنة) لتنوير الناس من خلال الدين الذي كان عائقا في أوروبا بصورة خاصة للتقدم وللحداثة الامر الذي حدا بالحداثة الاوروبية ان تخرج الدين من الدولة والمؤسسات شبه الرسمية, صحيح لم يخرج الدين عن الحياة في اوروبا ولكنه لم يعد قائدا للحياة, لقد تولى الامام محمد عبده منصب مفتي البلاد عام 1889م ثم عُين في نفس العام عضوا في هيئة كبار العلماء وكذلك عضوا في مجلس شورى القوانين من خلال هذه المواقع الثلاثة تمكن الامام المستنير محمد عبده من توصيل رسالته, دعوة الامام الى تحرير الفكر من قيد التقليد تحت هذا العنوان يقول د, كمال الدين عبدالغني المرسى في كتابه (الامام محمد عبده واثره في تجديد الفقه والفكر الاسلامي) ص93 انه باستقراء السيرة الذاتية للامام محمد عبده ومن خلال ما تركه لنا من آثاره العلمية يتبين لنا انه كان يؤمن بأن نهضة الأمة لا تتحقق الا بالرجوع الى الدين والى الفقه القويم الذي ينهض بشؤون الناس وينظم لهم حياتهم على اساس الفهم الواعي للشريعة والمنهاج الاسلامي البعيد عن الترهات وعن التقليد الاعمى والجمود العقيم,, فشريعة الاسلام صالحة لكل عصر ومصر,, وانه من الضروري للنهضة الحديثة ان يرافقها نوع من التقنين للظواهر الجديدة والانظمة الحديثة والقيم وانماط السلوك الجديدة ولا يكون ذلك الا بالاهتمام بعلوم الوسائل لفهم علوم المقاصد, وتجدر الاشارة الى ان اساتذة التنوير (الافغاني/محمد عبده/رشيد رضا) هم الذين لفتوا انظار اهل الشرق الى كتاب الموافقات للامام الشاطبي الذي بسط فيه مشروعه المتكامل لمدرسة المقاصد, يقول د, كمال الدين المرسى في كتابه آنف الذكر ان الخطة التي ارتضاها الشيخ محمد عبده للارتقاء بحال الفقه والفقهاء أنه يتعين عليه أن يصلح الأرض الثقافية أولا فينظف عقول الناس من شوائب الجهالة ويطهر نفوسهم من الزيغ ويطرح على افئدتهم نوازع الفساد وهنا تنمو بذور الثقافة وتعود الحياة كما يجب أن تكون والخطوات التنفيذية التي اتخذها الإمام هي: 1 - كسر حاجز الجمود الفكري, 2- تنمية اللغة لعربية للرقي بأذهان الناس ولسانهم, 3- تفهم القرآن وتوطئة للفقه الاسلامي للناس عن طريق التفسير, سوف نتناول بإذن الله يوم الاربعاء القادم أفكار الإمام حول التمييز بين ما للحكومة من حق الطاعة على الشعب وما للشعب من حق العدالة على الحكومة,



للمزيد من االمقالات

للمزيد من هذه الاخبار للمزيد من هذه البيانات و المنشورات
الأخبار المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع


| اغانى سودانية | آراء حرة و مقالات | ارشيف الاخبار لعام 2004 | المنبر العام| دليل الخريجين | | مكتبة الراحل على المك | مواضيع توثيقية و متميزة | أرشيف المنبر العام للنصف الاول من عام 2005

الصفحة الرئيسية| دليل الاحباب |English Forum| مكتبة الاستاذ محمود محمد طه | مكتبة الراحل المقيم الاستاذ الخاتم عدلان | مواقع سودانية| اخر الاخبار| مكتبة الراحل مصطفى سيد احمد


Copyright 2000-2004
SudaneseOnline.Com All rights reserved