تحليلات اخبارية من السودان
ترحب سودانيزاونلاين بجميع الاراء الحرة و المقالات لنشرها فى هذه الصفحة.ويمكنك لزوارنا الكرام ارسالها الى [email protected] كما نرجو ذكر الاسم الحقيقى و الكامل و مكان الاقامة مدة بقاء المقال فى هذه الصفحة 10 اعوام

مؤتمر حركة التحرير الحل السلمي : بين صراع الزعامة .. وفوضى الميدان ..؟!!بقلم محمد منصور

سودانيزاونلاين.كوم
sudaneseonline.com
10/2/2005 10:41 م

حزمة البيانات ( المحيرة) التي نشرت على مواقع الإنتنرت بخصوص صراعات الزعامة فى دارفور ومفاوضات السلام والخروقات والهجمات المتبادلة بين الأطراف ، بمعدل بيانين إلى ثلاثة كل يوم ، تعبر فى الحقيقة عن مدى الفوضى وحالة الاشتباك التي آلت إليها الأوضاع فى دارفور من جهة وحركة تحرير السودان المنفلتة إلى القتال حاليا بكل ثقلها الميدانى وتأثيرها , من جهة أخرى . كما تعبر أيضا عن وضعية الاضطراب السياسي السائدة على بقية الأطراف فى الأزمة الدارفورية بالرغم من التئام فصيلين كبيرين لمناقشة قضايا السلطة والثروة وترتيبات الأمن فى المفاوضات مع الحكومة .

هذه الفوضى تحكى فصلا جديدا من مأساة هذه الـ (دارفور)! ففي الوقت الذي ارتفعت فيه نداءات السكان فى المنطقة بضرورة إنهاء معاناتهم وجلوس الفرقاء على مائدة التفاوض ضمن هذه الجولة (السادسة). فان بعض القادة فى حركة التحرير "جناح الأمانة العامة" كانوا يقولون برأى آخر ، يتزعمهم فى هذا الاتجاه : الأمين العام للحركة (المشاكس) منى اركوى مناوى بحكم طموحاته فى القيادة ولاعتلاء سدة الرئاسة.

تصعيد الميدان

وللأسف فان المعركة الضارية ، التي يقودها منى اركوى داخل حركة تحرير السودان المتمردة ، ويرفع لها شعارا " إقامة المؤتمر العام" ، تعنى أصلا التمهيد لاحتلال منصب الرئاسة ، والانقلاب بصورة سافرة وغير موفقة على السيد عبد الواحد نور السياسي والعضو السابق بالحزب الشيوعي السوداني والرئيس الحالي للحركة المشاركة فى مفاوضات السلام.

وبذا تظل هذه المعركة خصما أساسيا على مسيرة السلام ككل فى المنطقة المضطربة. من جهة ان الحركة - جناح اركوى المعروف بـ " الأمانة العامة" قاطع محادثات السلام الجارية بالعاصمة النيجيرية أبوجا , وتوجه عمليا إلى خيار توسيع نطاق العمليات الميدانية وتصعيد العمل العسكري فى الميدان (جنوب دارفور) , على خلفية الاعتقاد ان إقامة الجولة الحالية من المحادثات (تهميشا) لأمرين هما المؤتمر العام وترتيب أوضاع الحركة الداخلية ، فهاجمت الحركة مؤخرا بلدة شعيرية لتستولى عليها ، مخلفة الخراب والدمار و80 قتيلا فى ذلك الهجوم ، وشعيرية هذه البلدة إحدى المراكز الرئيسية والمهمة فى المنطقة الجنوبية من دارفور!

هذه مجرد محاولة لتقريب واقع الأمر ، والمستجدات على الساحة ، حيث لن يجد المتتبع للأوضاع فى الإقليم صعوبة في الحصول على معلومات تفصيلية، على شاكلة البيانات ا لمذكورة والتقارير المنشورة من قبل الإتحاد الإفريقي وممثلى الأطراف كافة فى البعثة الإفريقية .كما ان التناقضات الكثيفة التي تعيشها الحركات المتمردة هذه الأيام تجعل التصريح الواحد لإحدى الجهات (مصادر) خصبة للمعلومة نفسها.

وفى معيتنا كثر، ونحن معهم، ظللنا نحذر، ومنذ وقت ليس قريبا ، من مغبة المواجهات ونشوء الإصطراعات داخل جماعات البيت الدارفورى الواحد، ومن بروز الاختلافات فى الهيئات السياسية والاجتماعية التي يفترض لها ان تضع الحل . لكن المؤسف أن هذا الوضع اخذ يتصاعد يوما بعد يوم ، فيما ستتعمق الأزمة الإنسانية والأمنية في المنطقة. فوفقا لما أعلنته وكالات العون الإنساني والأمم المتحدة وشركاء السلام الآخرين في الإقليم كالإتحاد الإفريقي : من المتوقع ان تتزايد أعداد النازحين أضعافا مضاعفة نتاج الخروقات والتجاوزات على اتفاق وقف إطلاق النار، وفى القتال الأخير على منطقة شعيرية مثلا حذر متحدث دولي باسم الأمم المتحدة رفض الكشف عن اسمه (مصدر الجزيرة+ وكالات أخرى) من تدهور الحالة الإنسانية في البلدة إذا ما استمرت العمليات العسكرية في شعيرية، خاصة مع وجود كميات محدودة من الغذاء والمياه والرعاية الصحية, وبعد إجبار منظمات الإغاثة على الخروج من المدينة عقب الاستيلاء عليها. !

إذن فسكان دارفور ان لم يعانوا نتاج المليشيات العربية والجيش الحكومي الذي يقصف بالطائرات ويضرب بيد من حديد بحثا عن المسلحين ، فسيمت هؤلاء الفقراء المعدمين بهذه اليد الغاشمة ، والآن دعونا نتنبأ بان يد جيش تحرير السودان بمليشياته المنفلتة ستكمل الناقصة! ان صراعات أبناء الإقليم الداخلية على زعامة الحركات - حقيقة- تفوق كل تصور.

لقاء قائد ثوري

حرب البيانات صعدت فى هذه الظروف وبرزت على السطح بين الأمانة العامة ومكتب رئيس " التحرير" عبد الواحد محمد نور. ومن قبل ما حصل وأريقت الدماء والأحبار بين ذات الحركة وحركة العدل والمساواة التي يتزعمها خليل إبراهيم ( ابن الجبهة الإسلامية القومية وزعيمها الترابي) . وطالما لم تخف بعد اليوم ذاك صراعات الدارفوريين على (الدشمان) في مهاجرية أو سانيا دليبة اودونكى دريسة، فلن يجد إعلام الأمن السوداني صعوبة في اختراق جدارين محكمة ، وفك شفرات طالما هنالك داخل الثورة الوليدة ، طالعنا أناس بـ (أنا) لا تقدير معها للمشقة والعنت بين من حملوا السلاح.

ذات مرة التقيت بأحد قادة الحركة الذي قال لي : الشيء المحير .. والسؤال الذي يطرح نفسه: ما الذي استجد (ايجابيا)على واقع الإقليم كي يتجاذب القادة مراكز القيادة ؟ وأضاف ان الشرعية التي يعرفها هي الشرعية الثورية. وان تثمن كل قطرة من الدم (سُكبت) على هذا الطريق .. (باهظ التكاليف). . وان يبقى على العهد مع زمرة الأرواح التي سمت دون ان تبدل أو ترجف في أوصالها شعرة،

لقد كان الرجل هو ذاته احد دعاة التجديد والثورة ، تجديد المفهوم والإرادة الغلابة ، والثورة على القديم الذي مزقته الصراعات وألهبت جوارحه المعارك . قلت لنفسي بعد ان استمعت إليه : لن نبالغ بطلب أناس تهبهم لنا السماء ، فبين ظهرانينا من هم كفؤ لتحمل تبعات النضال وإيصاله المدى ، تماما مثلما فعل أخوة لنا - من قبل- في الجنوب ، هؤلاء الذين رفعنا الأسنة في قبالتهم سنينا ثم عدنا إلى ديارنا لدرء فتنة الجنجويد !

ان تراجيديا النزاعات ، واطر الفوضى العارمة والراهنة طفت على السطح منذ زمن سابق للجولة ، داخل الحركة إياها ، تحرير السودان ، وتولى كبر هذه التراجيديا الرجلان ، بينما أخرجها ونصب لها المسرح نظام الخرطوم بأمنه القوى وميزانيته المفتوحة مد الأفق! في الجولة الماضية ، دخل المناضلون واثقون وموحدون في الرؤى على اختلاف قليل في "التاكتيكات" والمناورة المشروعة لتحصيل اكبر قدر من المكاسب . وأفلحت مواقف الدارفوريين في حركتيهما ( العدل وتحرير السودان) ، على ما يبدو لنا كمراقبين ، في بعثرة تنظيم المفاوض الحكومي . ولكن الصدمة ، أين كانت الصدمة؟ عندما أعلن بعض الميدانيين بقيادة المدعو جمعة محمد حقار في بيان، وزع على الجهات كلها في مقر المحادثات فى مايو الماضي ، أعلن فيه حقار وجماعته عدم التقيد بأي اتفاقيات تفرزها المفاوضات مع الجانب الحكومي، وهى الكلمة (عدم التقيد هذه) التي تصلح لإماتتنا في دارفور مئات المرات في اليوم الواحد ، من كثرة ما شنفت آذاننا بها ، سواء هنا آو هناك ، الأمر أصبح سيان. ولكن الحق ، فان حركة العدل أثبتت إنها أكثر نضجا،حيث تفتن في معالجة توتراتها ببراعة فائقة وتحسد عليها . على عكس ما عليه الحال مع حركة تحرير السودان.

المعركة الداخلية .. لماذا؟

وبالرغم من انقضاء تلك الجولة ، ومرور الأيام والأشهر ، فان أحدا لم يفلح في التطرق إلى معالجة تلك التفلتات ، بل ان البعض سعى إلى حيازة مواقف أكثر خطرا على الثورة والحركات في دارفور. لن نقول هذا من فراق ، لأن ما أبدته الأمانة العام بقيادة اركوى في بيانها الأول (طلبها تأجيل جولة المحادثات المقرر لها في 24 أغسطس) كان في حقيقته : أولا : تطويرا لملابسات ما حدث في الجولة السابقة واستيعابا مرفوضا لواقع عدم شرعيته لمجموعات المتفلتين إياهم (جمعة حقار وصحبه) . وثانيا كان الطلب ينطوي على نوايا انقلابية سيئة ، من المحتمل ستعصف بالاستقرار نهائيا داخل الحركة. الترتيب للمؤتمر العام في الحقيقة هو الخطوة التالية بعد استيعاب ( حقار) ، وتصعيد اركوى إلى منصب الرئاسة.

ان من المؤسف ان تصعد المواجهات إلى هذه الدرجة ، مما يعد معه العمل الثوري جريمة في حد ذاتها ، وعليه فمن الواجب توقيف هذه العادات السيئة في حدود المعقول ، إذا أخذنا في الاعتبار طموحات القادة الميدانيين والسياسيين ، وهم في الأصل بشر تحكمهم تلك الطبيعة والنزعة ، في الترقي والصعود . لكن ما يجب العلم به واستيعابه جيدا : ان لا يتم هذا الصعود على حساب النضال الثوري والبطولة الفذة التي تبدت خلال المعركة مع النظام، وبالأحرى ان ندع مجالا لغول الانتهازية بعيدا عن تقدير حساب التضحيات.

في بيان الأمانة العامة الذي طالب بتأجيل المفاوضات لإتاحة الفرصة للحركة بترتيب أوضاعها الداخلية ، التفافات عديدة على القضية ككل ، إذ ان الداعمين لهذا الاتجاه ، من دون تسميات ، يأخذون في خاطرهم على الانتصارات الكبيرة التي حققها السياسيون بزعامة عبد الواحد نور ، ومن ذلك المد الإعلامي والاهتمام الدوليين ،وهو ما اغرق في بحر الحيرة مخططات الخرطوم لرسم خارطة جديدة لإقليم اجتماعيا وسياسيا بتسييد وتغليب " العنصر" العربي ، حليفهم الإستراتيجي . فضلا عن وضع ذات المجتمع الدولي ومنظماته وهيئاته السياسية والإدارية أمام الحقيقة المجردة والتي تتمثل في الظلم الفادح الواقع على الدارفوريين .

ان ثلة من أبناء الحركة تظن أنها أصبحت مؤهلة إلى السطو على تلك النتائج الباهرة والجهود الجبارة من قبل رئيس الحركة ، وأنها كفؤا بسرقة النضالات . وهو ما استدعى تقديم الدرس جيدا في البيان من قبل رئيس الحركة ونائبه السيد خميس أبكر والذي أوضحت فيه معايير الانضمام أساسا للنضال والتحرير على أسس موضوعية وعقلانية بكل الأمانة.

المؤتمر..يعمق المعاناة

ان محور ارتكاز موقف الأمانة العامة بزعامة منى اركوى ، والتي تناهض بشكل غير موفق شرعية وأحقية مكتب رئيس الحركة وأجهزته المدربة ، في قيادة الحركة ، المحور وهو : المطالبة بعقد المؤتمر العام الداخلي ، واشتراط هذا المؤتمر وربطه بحضور جولة المفاوضات الحالية ، لأمر مضر جدا بسمعة الحركة !.. وأما الحيثيات القائمة لإسناد ما ندعيه فهي ان المؤتمر في حد ذاته شأن داخلي ، لا يجب المساس عبره بالشأن العام ، المتعلق بتحقيق تطلعات إنسان دارفور ووقف الحرب بتحصيل استحقاقاته من براثن النظام . أما الأمر الآخر : ان الحركة ليست بحاجة إلى مؤتمر تقوم له القيامة وتطلب لأجله مساعدات المجتمع الدولي أيا كانت ، وهو (مؤتمر) واحد كان من الممكن ان يرتب له ببساطة لولا ان وراءه كارثة،ستؤثر قطعا بتأخير وتقليل فرص الحل للمشكلة !وكان من الأفضل للحركة شحذها للمجتمع الدولي من اجل إغاثة 2 مليون نازحا ونازحة تقطعت بأغلبهم السبل، وضاقت بهم الأرض بما رحبت ، أو ليس هذه في حد ذاتها قضية !

الإصرار على عقد المؤتمر العام وتصعيد العمل العسكري فى آن كلها أوراق للضغط والإثارة ولفت النظر بالقدرة على تعميق المعاناة مما يؤخر الوصول إلى اى اتفاقيات عادلة وشاملة فى الجولة الحالية من المفاوضات ,ان المؤتمر فى حد ذاته من المؤكد ستتمخض عنه أوضاعا مأساوية لا يتصورها أي من الأطراف آو الداعين لعقده فى ظروف دقيقة بنيات تضمر الانقلاب وهو ما لا يقبل به الجناح الآخر المساند للرئيس فنحصل على المزيد من عمق الهوة والثقة بين القيادة والجنود

وإذا علمنا ان الجناح الذي دعا لعقد هذا الاجتماع الداخلي استخدم كل وسيلة مشروعة وغير مشروعة حد التصفيات الشخصية لبعض القادة الميدانيين الذين حاولوا الهرب واللحاق بمحادثات السلام فى أبوجا , ونهب ممتلكات المواطنين وقطع الطرق على شاحنات الإغاثة فان هذا يعنى عودة الأمور إلى المربع الأول وحينها عليك يا دنيا السلام.

للمزيد من االمقالات

للمزيد من هذه الاخبار للمزيد من هذه البيانات و المنشورات
الأخبار المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع


| اغانى سودانية | آراء حرة و مقالات | ارشيف الاخبار لعام 2004 | المنبر العام| دليل الخريجين | | مكتبة الراحل على المك | مواضيع توثيقية و متميزة | أرشيف المنبر العام للنصف الاول من عام 2005

الصفحة الرئيسية| دليل الاحباب |English Forum| مكتبة الاستاذ محمود محمد طه | مكتبة الراحل المقيم الاستاذ الخاتم عدلان | مواقع سودانية| اخر الاخبار| مكتبة الراحل مصطفى سيد احمد


Copyright 2000-2004
SudaneseOnline.Com All rights reserved