تحليلات اخبارية من السودان
ترحب سودانيزاونلاين بجميع الاراء الحرة و المقالات لنشرها فى هذه الصفحة.ويمكنك لزوارنا الكرام ارسالها الى [email protected] كما نرجو ذكر الاسم الحقيقى و الكامل و مكان الاقامة مدة بقاء المقال فى هذه الصفحة 10 اعوام

المهمشون في فرنسا يطالبون بالعدل والمساواة بقلم أبو بكر القاضي

سودانيزاونلاين.كوم
sudaneseonline.com
9/11/2005 2:55 م

أبو بكر القاضي ــــ المهمشون في فرنسا يطالبون بالعدل والمساواة

في هذا المقال سوف احاول النفاذ إلى جوهر المشكلة‚‚ دون ان اتجاوز اعراض المشكلة‚ فقد شهدت ضواحي العاصمة الفرنسية باريس في الاسابيع الماضية احداث شغب واسعة‚ ثم انتقلت هذه الاحداث من ضواحي باريس إلى مدن مختلفة في شمال وجنوب فرنسا‚ حتى اصبحت مشكلة قومية عامة وليست مرتبطة بضواحي باريس‚

السبب المباشر لانفجار الأوضاع

يميز علماء التاريخ بين السبب المباشر والاسباب غير المباشرة لوقوع الاحداث الكبيرة‚ ويقولون ان السبب المباشر لا يعني سوى مجرد الشرارة التي اضرمت النار‚ السبب المباشر لاحداث الشغب في ضواحي باريس هي نتاج لرد فعل بسبب وفاة فتاتين واحدة في الخامسة عشرة من عمرها والثانية في السابعة عشرة وذلك بتاريخ 27 اكتوبر 2005 في ضاحية كليش سوبوا‚ وقد حدثت وفاة الفتاتين صعقا بالكهرباء بعد ان سعينا للجوء في محطة محولات‚ الاشكالية الكبرى هي ان الفتاتين حين لجأتا لهذا المكان الخطير كانتا تعتقدان ان الشرطة تطاردهما!! فالقضية حتى في سببها المباشر الذي لا يتجاوز 10% من الاسباب الحقيقية ـ هي قضية حرية ـ وثورة ضد وزارة الداخلية‚

لو ان القضية كانت مرتبطة فقط بالسبب المباشر‚ مقتل الفتاتين ـ لما تجاوزت حدود ضـواحي باريس ولما استمرت كل هذا الزمن حتى عمت مناطق متفرقة من البلاد‚ وهذا ما يدفعنا لتجاوز السبب المباشر والنفاذ إلى لب المشكلة سنتحالف مع المهمشين في كل انحاء العالم‚

السبب الجوهري في كلمة واحدة للمظاهرات والشغب في فرنسا هو «التهميش»‚ ويلزمني في هذا الخصوص ان اربط بين شيئين: التهميش في دار فور والتهميش في فرنسا‚ والثاني ردة فعل الحكومة السودانية والنخبة النيلية بعد مقتل الدكتور جون قرنق وبين ردة الفعل الحكومية والشارع الفرنسي حيال حرق الاماكن وتكسير السيارات‚‚‚ إلخ‚

لقد قامت حركة العدل والمساواة السودانية باصدار الكتاب الأسود الذي يكشف بالارقام والجداول والحقائق الدامغة مسألة اختلال الموازين في قسمة السلطة والثروة في السودان خلال فترة الخمسين سنة الماضية‚ ثم رفعت السلاح في دارفور وشرق السودان من أجل تحقيق العدل والمساواة‚ وقد تضامن العالم الحر مع قضية شعب فور خاصة بعد ان استخدمت حكومة الخرطوم الانقاذية الإسلامية اساليب قمعية (تطهير عرقي‚‚ ابادة جماعية‚‚ اغتصاب‚‚‚ إلخ)‚‚ وقد تكللت الجهود الدولية باصدار قرارات من مجلس الأمن تحت الفصل السابع يحظر الطيران الحكومي وحماية شعب دار فور وتقديم المشتبه بهم للمحاكمة أمام محكمة الجنايات الدولية‚

لقد ادركنا في دارفور اهمية تحالف المهمشين على مستوى القُطر السوداني‚ وعلى المستوى الاقليمي والدولي‚ ويأتي مقالي هذا في إطار التواصل العالمي مع قضايا المهمشين في كل مكان‚

الموضوع الآخر هو المقارنة بين ردة فعل حكومة السودان وابناء النخبة النيلية في الخرطوم تجاه الجنوبيين الذين قاموا بتحطيم السيارات والمحلات التجارية فيما يعرف بيوم الاثنين الاسود بعد ان تأكد نبأ وفاة د‚جون قرنق‚ بكل اسف كانت ردة الفعل الشمالية في يوم الثلاثاء الأكثر سوادا سيئة‚ حيث تم استنفار الشارع في العاصمة المثلثة عبر مكبرات الصوت من المساجد التي تنادي بالجهاد‚ وقد طالب بعض الشماليين بالانفصال المبكر للجنوب‚‚ وقالوا عرض نسائنا أولى من الوحدة‚

بالمقابل في فرنسا فقد زادت الخسائر المادية عن نظيرتها في احداث الاثنين الاسود رغم ذلك لم تقع فتنة عرقية أو طائفية رغم ان الاشخاص الذين يثيرون الشغب مسلمون وعرب وافارقة من حيث الجذور‚ ولكنهم اصبحوا فرنسيين‚ ومطالبهم هي ان تعاملهم الدولة‚ بالمساواة باعتبارهم فرنسيين‚

مظاهر التهميش في فرنسا

1- الأحياء خارج باريس هي من صنع الحكومة الفرنسية في ستينيات القرن الماضي بهدف تخفيف الزحام ومشاكل السكن بالعاصمة باريس وقد نتج عن هذا الحل الاقتصادي لمشكلة الزحام مشكلة اجتماعية اخرى هي ان مدن الضواحي هذه اصبحت سكنا للاقليات العرقية التي استوطنت فرنسا واخذت الجنسية الفرنسية‚ وقد تعمقت المشاكل الاجتماعية بسبب البطالة وتحولت هذه المناطق إلى بؤر لكافة المشاكل الاجتماعية من مشاكل المخدرات والعنف وغيرها‚‚ وقد تراكمت هذه المشاكل خلال ثلاثة اجيال متتالية الأمر الذي حول هذه المناطق إلى قنابل موقوتة قابلة للانفجار عند توافر الظرف المناسب‚ وقد لفت الانظار إلى هذه المشكلة الاجتماعية الخطيرة الصحفي جوناثان فيني في كتابه (على حافة الهاوية) الذي نشره حوالي عام 1998‚ ولكن السلطات الفرنسية لم تأخذ هذه المشكلة مأخذ الجد بل انشغلت بقشور القضية مثل قضية الحجاب التي سقطت تلقائيا بعد احداث تفجيرات مترو الانفاق في بريطانيا في مارس عام 2005 والتي تسبب فيها بريطانيون من الجيل الثاني من ابناء المسلمين الذين استقبلتهم بريطانيا وتعطفت عليهم بالجنسية البريطانية‚‚ وتباهت لندن بانها مدينة القوميات المختلفة المتسامحة‚ لقد سقطت قضية الحجاب في أوروبا عموما لان المتحجبة اصبحت مستهدفة من قبل المتطرفين‚ بالطبع هذا شيء يؤسف له لان حق ارتداء الحجاب هو حق شخصي مرتبط بحقوق الانسان‚ شاهدنا ان الحكومة الفرنسية انشغلت بالقضايا الثانوية مثل الحجاب وتركت القضية الجوهرية وهي «التهميش» والبطالة ومعاملة الجيل الثاني والثالث من المواطنين الفرنسيين من اصول عربية وافريقية وخلفية اسلامية معاملة مختلفة عن الانسان الفرنسي‚ القضية هي اذن قضية اخلاقية مبدئية‚‚ انها نكوص عن قيم الثورة الفرنسية نفسها الداعية للاخاء والعدل والمساواة‚

2 ـ أنا لست ممن يحمل الحكومة الفرنسية وحدها مسؤولية عدم الاندماج وعزلة المجتمعات العربية الاسلامية بل اعتقد ان المجتمعات الاسلامية العربية مسؤولة او مشاركة بنسبة25% وذلك حسب البيان التالي:

أ ـ يجب ان يفهم المهمشون الذين هاجروا الى فرنسا انهم لم يذهبوا دعاة للاسلام هناك وانما دفعتهم للهجرة الى اوروبا عوامل اقتصادية وسياسية واجتماعية‚‚ وان فرنسا حين منحتهم الجنسية الفرنسية انما منحتهم الجنسية بعد اداء القسم للولاء للدستور الفرنسي العلماني وللوطن الفرنسي والمطلوب منهم دستورا وقانونا الاندماج في هذا المجتمع الفرنسي بكل مؤسساته الرسمية ومؤسسات المجتمع المدني‚

ب ـ علينا ان نتذكر ان الفقه الاسلامي الموروث يمنع المرأة المسلمة من الزواج بغير المسلم وهذا يعني ان 50% من ابناء الجالية العربية الاسلامية ممنوعة من المصاهرة والانصهار في المجتمع الفرنسي المسيحي بالفهم الموروث للشريعة الاسلامية‚ اذكر في هذا الخصوص ان د‚ حسن الترابي قد ذهب الى اميركا قبل حوالي 25 سنة فسألته اميركية مسيحية متزوجة ولها اطفال قائلة: اذا انا اقتنعت ودخلت الاسلام هل تأمرني الشريعة الاسلامية ان اطلق زوجي المسيحي وأخرب بيتي لمجرد انني قررت اعتناق الاسلام؟ فأجابها د‚ الترابي ان تبقى مع زوجها اذا أسلمت‚ وبعد 25 سنة من فتوى الترابي ايد الدكتور يوسف القرضاوي هذه الفتوى علنا على قناة الجزيرة الفضائية في برنامج الشريعة والحياة‚

اذن ما تحتاح اليه اوروبا اليوم هو فقه اسلامي يمكن من المصاهرة و الاندماج ينطلق من الموروث الفكري الاسلامي المستنير عند ابن رشد الحفيد وموافقات الامام الشاطبي وفكر روجيه غارودي ومحمد اركون‚ لان فقه الناس مرتبط بحاجات الناس ومصالحهم‚

3ـ اننا نحذر الحكومة الفرنسية من انتهاج الحلول الامنية على طريقة الحكومة السودانية في معالجة قضية دارفور‚ ان وصف الثوار باللصوص او الرعاع لن يحل المشكلة وإنما يقع في إطار الحلول الاستبدادية القمعية التي تعرضت لها ثورات الزنج والبنط والمهمشين في جنوب العراق وغيرها عبر تاريخ الدولة الإسلامية‚ على الحكومة الفرنسية ان تواجه المشكلة من بعدها الاقتصادي والاجتماعي وتطرح برنامجا واضح المعالم يقنع هؤلاء المحرومين وعليها ان تتسلح بقيم وشعارات الثورة الفرنسية‚

إننا إذ نؤازر وندعم ونؤيد ثورة المهمشين في فرنسا والتي نأمل أن تنتج فكرا أعظم من الوجودية ومن اليسار الجديد‚ ندعو اخواننا وحلفاءنا المهمشين الى نبذ العنف والتخريب وندعو إلى ثورة نظيفة اليد ترفع شعارات قوية يمكن ترجمتها الى برامج عمل تحقق العدل والمساواة‚


للمزيد من االمقالات

للمزيد من هذه الاخبار للمزيد من هذه البيانات و المنشورات
الأخبار المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع


| اغانى سودانية | آراء حرة و مقالات | ارشيف الاخبار لعام 2004 | المنبر العام| دليل الخريجين | | مكتبة الراحل على المك | مواضيع توثيقية و متميزة | أرشيف المنبر العام للنصف الاول من عام 2005

الصفحة الرئيسية| دليل الاحباب |English Forum| مكتبة الاستاذ محمود محمد طه | مكتبة الراحل المقيم الاستاذ الخاتم عدلان | مواقع سودانية| اخر الاخبار| مكتبة الراحل مصطفى سيد احمد


Copyright 2000-2004
SudaneseOnline.Com All rights reserved