تناقلت أوساط عديدة خلال اليومين المنصرمين أنباء تحضير لمعارك فاصلة بين جناحي حركة التحرير المتنازعين حول السيادة علي الحركة..ومما عزز مخاوفنا عدم تنازل طرف أركو الي أي خيار سلمي يؤدي الي توحيد الحركة..علي الرغم من مناشدة أطراف عديدة الي الجناحين التحلي بالصبر.. ويبدو لنا أن جناح عبد الواحد يجنح الي السلم كما كان دائما وبعقلانية النظرة البعيدة للأمور وهذا فال حسن..
وما نخشاه هو أن يحدث ما يتنبأ به الكثيرين..وان حدث سيكون كارثة وتعميق للجرح..علي مستوي الأفراد والقبيلة او القبائل..وسينعكس ذلك حتما لا سمح الله وان حدث علي الصابرين المترقبين الي العودة للديار من المسنين والآخرين الذين أنهكهم الصبر في المعسكرات...
كم فتي وفتاة كل يحلم بالعودة الي الديار وان كانت قد خربها الدهر ودمرتها أيادي بعض أبناء الجلدة في الوطن..ليتم زفاف اجل..وفرح تأخر بسبب الكارثة..وغدر الآخرين..وكم من شيخ يشتهي أن يستظل بشجرة وارفة كانت تزين مداخل الديار..لينعم بفنجان القهوة..وأمامه الجبنة ..تلك الآنية التي ان اجتمع الأحباب حولها تدل علي الرخاء والهدوء والسلام والطمأنينة..وكم من مزارع يشتهي أن يفلح أرضه..حتى ينهكه الشقاء فيها ليسترخي وهو يفترشها ليتناول ما يجود له البيت من طعام تحمله شريكة العمر او ابن او بنت بارة به..وما أسعده بهذا كله وعشيرته من حوله..
وما اجمل سمر الليالي في الأمسيات علي الرمال البيضاء المنبسطة بحنان تحت جنبات أبناءها الذين يبعثون فيها بالحياة عندما تسخن حلقات الطنبور..والهوهايا.. ما اجمل المنظر والفرح يتصبب عرقا من أعناق الفتية...
أخال المنظر أمامي في المعسكرات ينفطر له الفؤاد..وإذا بشيخ كان من علية قومه.. أراه يوسد خده كفه المرتشعة من عناء الانتظار ومادا ببصره الي ما لا نهاية..متعجبا في حال معشوقته وأمه الكبرى دار فور عله يراها تتراءى له في نهاية النفق الطويل.. وبجانبه صبية فيهم من ولد علي ارض المعسكر ولم يتحسس جسده تراب ارض أجداده التي كان يفترض أن يولد فيها..
كل ذلك الشريط السينمائي المحزن.. أخاله لم يحرك ساكنا في من يتنازعون باسم كل هؤلاء الذين يعانون..ولم تهتز مشاعرهم الي ما يتمناه هؤلاء الذين أصبحت عناوينهم معسكرات لم يولدوا فيها وبعضهم لم تطأ قدمه أرضها يوما..باعتبارها صحراءهم او أرضا بورا لا تهمهم..وهاهي تصبح وطنا لهم قسريا..ومفاتيحها في أيدي أبناءهم الأبطال..وان أرادوا لهم العودة لهموا الي بلوغها.. ولكنهم وللآسف خيبوا آمالهم..
أولا بعدم التواجد بينهم وتلمس حاجاتهم واحتياجاتهم وان كان بالسؤال فقط..
ثانيا الكثيرين من هؤلاء الأبناء الأبطال يعملون علي إطالة مكوثهم ولمدة أطول في هذه المعسكرات حتى تتحقق آمالهم الشخصية ولا يهمهم عواقب ذلك علي الأهل..
ثالثا لم يحاول البعض من هؤلاء وليس الكل التضحية لصالح الأهل ..وان كان في الواقع يضحي الجميع بالروح والنفيس الغالي..
وأسال الجميع..؟؟؟ هل يعجبكم الحال الآن والذي آل إليه الأهل..
ألا توقظ فيكم تحذيرات المنظمات والمجتمع الدولي الضمائر عندما ترد تقارير بوشوك حدوث كارثة او مجاعة وتؤكد تلك التقارير بأن هناك بعض الاخوة المسلحين يعملون علي عرقلة جهود الإغاثة..؟؟ ومن من ولمن؟؟ الي أهلهم هؤلاء الصابرين..
واكرر التساؤل .. بالله عليكم ..قولوا لي.. كيف تهنأ للواحد فيكم لقمة عيش او وجبة دسمة والأهل يربطون الحجارة علي بطونهم.. والأطفال ينامون عندما يتعبهم البكاء من الجوع..والمريض يصبح جسده جثة هامدة من كثرة الأنين..
نؤمن بأن الجميع ضحي ويضحي من أجل القضية .. ولكن القضية الكبرى هؤلاء البشر.. ثروة دار فور الكبرى والتي بدونها لا حكم ولا حاكم او محكوم..ولا حتى وطن يحكم..
ونؤمن بأن في أي قوم هناك شواذ..ولكننا لا نؤمن بأن يقتل الابن أباه ولا الشقيق شقيقه ولا القبيلة تدفع أبناءها الي التهلكة حتى لا يتبق منهم من يرد العداء يوما.. ومن الطبيعة البشرية في الحياة ..المحافظة علي العنصر البشري والإكثار من النوع والحفاظ علي الموروث.. وموروث دار فور هو أهلها أجمعين..والحفاظ عليهم واجب يمليه الضمير الإنساني قبل الواجب الوطني او الانتماء العشائري او الإقليمي أو خلافه..
فما هو رأي الاخ المناضل أركو..اذا حدث اشتباك بين جناحه وجناح الأستاذ عبد الواحد في الميدان..؟؟
هل تري أن الموضوع سيقتصر علي الميدان فقط؟؟
كلا وألف لا .. بل الأسوأ سيحدث والكارثة الكبرى ستستهري أوصالها في المجتمع الدارفور بأكمله..
لان المعسكرات ستشتعل عندما يشتعل الميدان..بين الاخوة..وأبناء البلد الواحد.. كما المعسكرات جامعة لشتى القبائل.. فهل يا تري سيقفون مكتوفي الأيدي؟؟
أشك في ذلك.. وستبدأ حرب المعسكرات اذا بدأت حرب الميدان..وهنا سينتج الأسوأ.. وهو الشرخ الاجتماعي القبلي وبالموروث والعرف السائد..سيثأر الجميع من الجميع.. وجر يا شكل..الي مدي لا يعلمه إلا الله.. وهذا ما نخشاه ونحذر منه وبشدة .. وننادي الجميع الي التعقل..والنظر الي ما هو أيعد من أقدامهم.. وأن يتحسس الكل ما سنفجر من تحته من بركان حممه الكراهية والتناحر ..
فأنصح الجميع الي التعقل .. والتحلي بروح المسئولية..وأخذ المواضيع في غاية الجدية.. والتنازل..والنزول عند رغبة الجماهير التي تتلهف الي نهاية المعادلة الصعبة التي وضعوا فيها رغما عن أنوفهم.. ودون أرادتهم..
فأناشد الاخ المناضل أركو.. الي أن يراعي ظروف الأهل الضعفاء..والمشردين عن الديار منذ سنوات..
وأرجو الاخ الأستاذ عبد الواحد أن يتحلى بالصبر والحكمة التي عهدناها عنده دائما.. والعمل علي لأم الجراح..ومعالجة الأمور بحكمة..والتضحية من أجل دار فور..التي أخش أن تذبح بأيدي أبطالها..والتي تنظر عودتهم منتصرين..حاملين لها ورود السلام..وأزهار الرخاء وثوب زفاف عودة الجميع..الذين تدخر لهم الزغاريد..
وأرجو أن يخيب ظن الذين يراقبون الوضع بعين الحسود .. ودوا خلهم تتمنى أن تحترق دار فور بنيران أبطالها.. وأرجو أن يضع الجميع ذلك في الحسيان.. وان يعلموا بأن هناك من يتربصون لدار فور ويتمنوا أن تهلك بأيدي أبطالها.. لا سمح الله.. ونسأل الله السلامة لها من كل شر..انه سميع مجيب الدعاء..
فأكرر وأكرر النداء واستعطف الحادبين علي أمر دار فور القضية أن لا ينام لهم جفن ولا يهدأ لهم خاطر .. حتى يدفعوا الشر عن الوطن الأم دار فور الكبرى..
وأخص بالنداء الدكتور خليل ..وعميد النضال الدار فوري الأستاذ المخضرم أحمد دريج والأستاذ عبد الواحد.والوفد المفاوض وجميع الاخوة في آليات التحرك..وكل من قلبه علي دار فور وأهلها الشرفاء الصابرين..أن يعملوا جاهدين علي إزالة أسباب الفتنة التي تنام علي بركان من البارود وتحتها نهر من الدم يكاد أن يتفجر.. والضحية أهلنا الطيبين الذين هم مأواهم المعسكرات التي لا تقي حرا ولا بردا ..ولا تغني او تسمن من جوع..
اللهم هل بلغت فأشهد..
ودمتم
خضر عمر - بريطانيا